سوريا.. حصار الصادرات وحظر للواردات
27 شوال 1432
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

يعاني التجار والمواطنون السوريون أسوأ ظروف اقتصادية ظلت تتفاقم منذ بدء الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حتى وصلت أوجها هذه الأيام مع إعلان العقوبات الدولية على سوريا التي شملت حظر التعامل الاقتصادي مع الشركات السورية وحظر صادرات النفط منها، إلى جانب إعلان الحكومة حظر الاستيراد من الخارج للحفاظ على مخزونها من العملات الأجنبية. فالتجار السوريون أكدوا أن صادرات النفط السوري توقفت فعليا بسبب العقوبات. كما عبروا عن مخاوفهم من أن يؤدي ذلك إلى خفض الانتاج، وهو ما سيؤثر عليهم اقتصاديا ولن يضر في الوقت ذاته نظام الرئيس الأسد. وبالرغم من أن كل محاولات الأسد للاتفاف على العقوبات ببيع النفط إلى روسيا أو الصين باءت بالفشل إلى الآن بسبب قلة العروض، إلا أن الواقع يشير إلى أن ضعف الصادرات قد يقلل من قدرة الأسد على الحصول على المال، لكنه لا يهدد قبضته على السلطة، خاصة في وجود مصادر تمويل بديلة أبرزها يأتي من إيران والعراق. وإلى جانب حظر واردات النفط، سرى أمس السبت حظر فرضه الاتحاد الأوروبي على الشركات الأوروبية، لكي لا تقوم باستثمارات جديدة في قطاع النفط السوري. وبذلك تأثر التجار والمتعاملون في مجال النفط بتلك العقوبات بشكل كبير، وهم متضررون بالفعل بسبب الركود الاقتصادي الذي يضرب البلاد في ظل القبضة الأمنية التي يفرضها النظام على الشارع للحد من المظاهرات المناوئة له. وفيما يخص الواردات، فلم يدخر النظام وسعا لفرض المزيد من التضييق الاقتصادي على التجار، ضاربا عرض الحائط بمصالح المواطنين. وفقد أكد رجال أعمال سوريون السبت إن السلطات فرضت حظرا على استيراد معظم السلع المصنعة في الخارج. واستثنى القرار الذي صدر يوم الخميس الماضي المواد الخام والحبوب. القرار أحدث "صدمة" في مجتمع الأعمال بالبلاد، حيث من المتوقع أن يتبعه زيادة كبيرة في معدل التضخم، وأن يؤثر بشكل كبير على ثقة الشركات والمستثمرين، وهم المتأثرين بالفعل جراء الاضطرابات الاجتماعية. لكن النظام الشمولي الذي يحكم سوريا لا يهمه التضخم ولا المستثمرين، لكنه يحاول الإبقاء على احتياطيات العملة الصعبة من أجل تمويل حربه على مواطنيه، المطالبين برحيل الأسد وإسقاط نظامه في إطار الثورة التي بدأت في 15 مارس الماضي. وفي وقت سابق هذا العام كانت احتياطات العملة الأجنبية تبلغ حوالي 18 مليار دولار، لكنها تراجعت، بحسب اقتصاديين ومصرفيين، بسبب قيام البنك المركزي بضخ العملة الصعبة لوقف تراجع سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء. ويبلغ سعر الصرف الرسمي 47.4 ليرة للدولار. لكن الدولار متداول بسعر 51 ليرة وأكثر في السوق السوداء. وعلى مدى خمس سنوات قبل تفجر المظاهرات رفعت السلطات حظرا على النمط السوفيتي كان مفروضا على الاستيراد لكنها فرضت رسوما عالية. غير أن الخطوة لم تخفف الطلب على الواردات ولاسيما السيارات التي بدأت تدخل البلد للمرة الأولى منذ عقود. وقبل عام 2000 كان السوريون يشترون السيارات الخاصة وكثيرا من السلع الفاخرة من خلال شركات تديرها الدولة. وإلى جانب منع الصادرات وحظر الواردات، تراجع الاستثمار الأجنبي في البلاد بدرجة كبيرة كما تراجع قطاع السياحة بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، وهو ما خلف البلاد في حالة من الركود ذاق ويلاتها الشعب السوري الذي يعاني بالفعل من ويلات أشد وطأة.