يا ليتك لم تذهب ويا ليتك لم تقل
18 شوال 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

في الوقت الذي تحقق فيه الثورة السورية الشعبية ضد نظام الأسد انتصارات متتالية على الأرض في ظل توسع المظاهرات والصمود الأسطوري في وجه مجازر الإبادة ضدهم من قبل قوات النظام ، وفي الوقت الذي بدأ يشعر النظام بأن الثوار لن يتراجعوا للوراء ، وفي لحظة يحاول الحلفاء أن يتنصلوا من الجرائم المرتكبة ضد الشعب السوري ، يطل علينا أمين الجامعة العربية السيد نبيل العربي ويقرر زيارة دمشق لينقل رسالة احتجاج أو اعتراض على الوضع في سوريا .

 

سبعة أشهر والشعب السوري يتعرض للقتل والاعتقال والإذلال على يد مجرمي النظام لم تحرك فيها الجامعة العربية أي ساكن ، ظل الشعب السوري يناديها لأن تحميه مما هو فيه ، ولم تلقَ آذان صاغية من الجامعة العربية حتى توقفت الثورة السورية عن مناداتهم ووكلت كل أمرها لله ، ولم تعد تطالبهم بموقف تجاه ثورتها .

 

في الوقت الذي بدأ الخناق يزداد على النظام السوري بعد أن تخلت تركيا عنها بشكل كامل وبدأ الحليف الاستراتيجي الإيراني في الترنح للإعلام الذي دعا إلى الاستجابة لمطالب الثورة السورية في موقف نادر يحاول فيه الإيرانيون الحفاظ على خط رجعة بعد سقوط النظام ، وهذا بحد ذاته تطور يستنتج منه بأنهم يشعرون بأن الصمود المذهل لهذه الثورة سيحصد في النهاية ويسقط الطاغية .

 

في أجواء ما يجري من أحداث متلاحقة و الارتفاع الحاد في أعداد الشهداء و تلاحق الانشقاقات في صفوف الجيش السوري قد يصل إلى حد التمرد في بعض الأماكن ، طل علينا أمين الجامعة العربية نبيل العربي ابن الثورة المصرية ليعلن بأنه ذاهب إلى سوريا وقد ذهب إلى هناك ليقدم خطوة تنفس صناعي للنظام هناك ، ويبلغه موقف العرب من الانزعاج من منظر الدماء أمام الإعلام فعليه أن يتوقف ويصلح ، وخرج بعدها الأمين العام ليقول بأن الرئيس الدكتاتور سينفذ إصلاحات .

 

عن أي إصلاحات تتحدث يا سيد نبيل العربي ؟ وهل بقي هناك مجال للإصلاح ؟ ولماذا لم تلتقي الشعب السوري الثائر وتستمع لما يريد؟ لقد شكلت زيارتك حلقة نجاة ولو كانت قصيرة ونسفت دماء من قتل ، هل هذا كل ما كنت تريد قوله وتستمع إليه ؟ وهل يمكن تجميع الزجاج بعد تكسريه !

 

لم أكن أفهم لماذا ذهب السيد العربي إلى هناك ، ولماذا تحاول الجامعة أن توفر الغطاء للنظام هناك بعد أن فقد كل شيء ، في الوقت الذي تتقدم فيه الثورة السورية دون تدخل من أحد من الخارج بالرغم من الضريبة الباهظة التي تدفعها ولكنها تحافظ على نظافتها .
الثورة السورية اليوم وصلت إلى مراحل متقدمة جداً ، وإن ما يفعله النظام اليوم من شراسة مضاعفة هو لحظات الموت الأخيرة قبل السقوط ؛ فهو يحاول أن يقدم أشرس ما عنده من قوة في محاولة لتفادي السقوط و الانهيار السريع ، نعم سينهار النظام السوري بطريقة لا يمكن لأحد أن يتوقعها ، وستكون مفاجأة للجميع وهذه هي نتائج الثورات الشعبية ، والتجارب في العالم كثيرة .

 

يا ليتك لم تذهب يا سيد نبيل العربي ويا ليتك لم تقل ما قلت على لسان الأسد وتركت الثورة السورية في حالها حتى تنتصر على طواغيتها وتغير المعادلة العربية ، والتي أتمنى أن تتغير طريقة التفكير العربي معها ، نعم نحن في فلسطين نعول كثيراً على نجاح الثورة السورية بدون أي تداخلات خارجية وبالذات القوة الأمريكية الغربية الظالمة ، وبعيداً عن فلسفة القوى الشيوعية الفاسدة ، فهؤلاء لا يُرجى منهم نصر، وابقوا على أسماء جُمَعِكُم "المتصل بالله" واتركوا أسماء مثل "الحماية الدولية" .