29 شوال 1433

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- أنا فتاه جامعية أدرس في السنة الثانية بالجامعة- عمري 20 عامًا.. أحب أن أستشيركم بموضوعي لأنني حائرة جدًا وخائفة أن أقدم على خطوة غير صحيحة، أو أنني أتراجع عن خطوة صحيحة!!
يحبني من الجماعة اثنان، ابن خالي وابن خالتي، ابن خالي يكبرني بخمس شهور فقط، وابن خالتي يكبرني بسنة وشهور، ابن خالي يحبني جدًا، ويصرح بهذا الحب؛ فجميع عائلته يعلمون والأقارب كذلك، أما ابن خالي فيلتزم الصمت في ذلك، فهو يعلم بابن خالي، وابن خالي كذلك؟
عندما كنت في الـ16 من عمري، كنت أميل لابن خالي جدًا، لما أراه منه ، بالرغم من أنني كنت اكرهه في صغري، وكان يحبني منذ الطفولة، كنت ابتسم لما كان يفعله من أجلي، وأيضًا أشعر بأنني أميل له، وجلب لي الهدايا مع أخته، وكنت آخذها، ولكنني لم أعطه شيئًا مني لأنني لم أحبه، فقط أميل له.
وتطور هذا الشيء حتى أصبحت في الـ18 من عمري، وهو يكبرني بخمس شهور، لبست الغطوة، لم أعد أراه مثل قبل، وهو أصبح كله أمل أننا لبعض، وأننا نحب بعض، لما رآه من السعادة على وجهي.
بدأنا في المرحلة الجامعية، هو يسبقني بسنه في الدراسة، وكان يرسل لي سلاماته مع أخته، وكنت أقول "الله يسلمه وابتسم"، وصار الأمر هكذا..، وقبل شهر سمع ابن خالتي الذي كان لا يصرح بحبه بأن شخصًا سيتقدم لخطبتي، فأرسل أخته بأنه يريدني، ويريد أن يخطبني، لكنني لم أعطْ أخته جوابًا صريحًا، وكذلك ابن خالي يريد خطبتي!!!
وأنا حائرة في أمري، ابن خالي أم ابن خالتي الذي لا أعرفه جيدًا، ابن خالي يحبني أكثر لما أراه من تصرفات، على عكس ابن خالتي الذي يلتزم الصمت، وفجأة صرح بذلك، ما يجعلني أتردد هو العمر!!، لان ابن خالتي أكبر مني بسنة وشهور، وأميل له أكثر!!
أنا لا أعرف عنه كثيرًا، هل هو محافظ على الصلاة أم لا؟، لأن ذلك يهمني جدًا في الرجل، وابن خالي لا يحافظ على الصلاة، لأنني أعرفه جيدًا، وأخته تقول إنه تغير كثيرًا، وأصبح يصلي، هو إنسان طيب الأخلاق، وما يجعلني أتردد هو فارق العمر، حيث أرى أن شهورًا قليله!!
ما رأيكم بذلك، هل فارق العمر خمس شهور مناسب؟، أم سنة وشهورًا؟!، من أختار؟ ابن خالي أم ابن خالتي؟؟؟ محتارة جدًا، أتمنى الإفادة.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

ابنتي الكريمة:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكِ، وشكر اللهُ لكِ ثقتَكِ بإخوانِكِ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
قرأت رسالتك باهتمام شديد، وأدركت مدى الحيرة التي تعانينها وأنت تقارنين وتفاضلين بين ابن خالك وابن خالتك، وأشفق عليكِ من هذا الصراع الذي تكابدينه، وأود بداية أن أسجل بعض الملاحظات المهمة على الموضوع، لعلها تكشف لنا الصورة، في النقاط التالية:
1) كل البنات في سن الـ16 أو الـ18، وربما قبل ذلك بقليل، يعشن فترة المراهقة، والمراهقة هي مرحلة من مراحل العمر، تبدأ من سن (15 – 18) تقريبًا، مع اختلاف طفيف، من فتاة لأخرى، وهي مرحلة انتقالية بين الطفولة والأنوثة، وبالطبع هي مرحلة مهمة وخطيرة للغاية، لأنها ترسم ملامح وشكل المرحلة التي تليها، وأخطر ما في هذه المرحلة – ابنتي- هي تلك التغيرات الفسيولوجية التي تعتري الفتاة، والتي تهيئ لها أنها قد كبرت ونضجت وأصبحت أنثى، فيما الحقيقة أنها ما زالت "مشروع امرأة".
2) كل ما تمر به الفتاة في هذه المرحلة من عمرها، ليس إلا رغبات وطموحات وأماني، ومن ثم فإنها مرحلة دقيقة وخطيرة، تحتاج فيها الفتاة إلى أم واعية بخطورة المرحلة، وطبيعة التغيرات التي تمر بها ابنتها، فتضمها إليها، وتحتضنها، وتقوم بتوعيتها بما يجب وما لا يجب، وما يحل وما يحرم، وما يجوز وما لا يجوز، وتقدم لها النصائح على طبق من فضة، بكلمات حانية، بعيدة كل البعد عن الأمر والنهي، والصراخ والتعنيف، باختصار فإنها بحاجة إلى "الأم الصديقة"، التي لا تخفي عنها ابنتها أي شيء، وتصارحها بكل شيء، فأمها المرأة الصادقة التي نكشف لها عيوبها قبل أن تخرج على المجتمع.
3) كما تحتاج الفتاة في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة من حياتها أن تتقرب إلى الله، وأن تتعرف على خالقها، سبحانه وتعالى، فتحافظ على أداء الصلاة على أوقاتها، وتكثر من الذكر والاستغفار، وتلتزم بقراءة ورد يومي من القرآن (جزءًا أو حزبًا أو ربعًا أو...إلخ) المهم ألا تهجر هذا الكتاب العظيم، لأن قراءته تُهدئ النفس المضطربة، وترضي النفس الغاضبة، وتكبح جموح النفس الثائرة، وتكون سببًا في توبة النفس العاصية.
4) ويجب أن تدرك الفتاة في هذه المرحلة أنها لم تعد طفلة، وإنما فتاة عليها أن تلتزم بما افترضه الله عليها من ارتداء الحجاب، وصوم رمضان، ومعرفة أساسيات دينها، وفقه أحكام العبادات، وهذا لن يتأتى إلا بالتعلم، وسؤال العارفين من محارمك، أبوكِ/ أمكِ/ أخوكِ/ أختكِ/ عمكِ/ خالكِ/ جدكِ/ جدتكِ/.....إلخ.
5) الأصل في الاختيار ياابنتي هو تقوى الله وحسن الخلق ثم يأتي القبول بعد ذلك وتأتي الصفات الأخرى
واعلمي – ابنتي أكرمك الله - أن ما مررتِ به خلال هذه الفترة ليست إلا مشاعر وأحاسيس خاصة بهذه المرحلة، لكنها لا تصلح للقياس عليها في حياتك الجديدة، في مرحلة الجامعة، فما زلت – ابنتي- تدرسين بالجامعة، في السنة الثانية، فأمامك عامان كاملان على الأقل، لذا فإنني أنصحك بالآتي:
1) أخرجي نفسكِ من هذا الصراع، الذي حاصرتي نفسكِ به، ولا تشغلي بالك بالمقارنة والمفاضلة بين ابن خالك وابن خالتك، فكلاهما ما زالا في طور الدراسة مثلك، ولا تعلمين ما أخفى الله لك من الخير.
2) اهتمي بدراستك، وركزي في محاضرات ودروسك، لتتخرجي في الجامعة، فذلك واجب الوقت الآن، والانشغال عن الدراسة قد يؤخر قطار حياتك.
3) امنحي نفسك فرصة أكبر، للاختيار، ولا تتعجلي اتخاذ قرار كهذا في لحظة عمرية، لأنه قرار ليس بالهين، ويحتاج إلى دراسة جيدة، للظروف والأوضاع، ورؤية ثاقبة للمستقبل، كما يحتاج إلى تفكيرٍ متأنٍ، فهوني على نفسك فما زلتِ صغيرة بعدُ على هذا الصراع، ولا تعرضي قلبك لهذا التيار الآن، حرصًا على مستقبلك.
4) وبخصوص فارق السن، فإنني أرى أن فارق الشهور أو العام وبضعة شهور هو فارق قليل جدًا، ولا يسمح باكتساب خبرة، ولا يحدث فارقًا، وأعتبر أن 5 – 7 سنوات هو فارق جيد، يمكن التعويل عليه، وذلك لاحتياج سفينة الزوجية إلى ربان لديه خبرة وحنكة بإدارة شئون الحياة، ومواجهة عقبات وصعوبات الزمن.
5) اجلسي مع أمك، أو أختك الكبيرة، أو عمتك، أو خالتك، ممن لهن خبرة في الحياة، وخبرن التجربة، فيمكنك أن تستأنسي بآرائهن، وتستفيدي من خبراتهن، وتكوني رأيًا حكيمًا.
6) تجنبي أن تحكمي عواطفك ومشاعرك منفردة في اتخاذ مثل هذا القرار المحوري، وتعقلي الأمور جيدًا، واسألي نفسك: هل الوقت مناسب لاتخاذ هذا القرار؟، هل الظروف ملائمة لهذه الخطوة المهمة؟، هل ابن خالي أو ابن خالتي أو فلان مناسب لي كزوج؟، هل هو قادر على قيادة سفينة الحياة والوصول بها إلى بر الأمان؟، هل لديه عمل يتكسب منه ما يكفي لسد احتياجاتنا الحياتية؟، هل هو مستطيع للباءة بما فيها النفقة؟ هل... هل؟.
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يجعل في كلامنا الأثر، وأن يرزقك الرأي السديد، والفهم الرشيد، وأن يهدأ روعكِ، وأن يرزقك الزوج الصالح في المستقبل القريب، وأن يصرف عنكِ كيد الشيطان ومكره.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.