محاكمة مبارك بين الجد والهزل
9 شوال 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

حالة من عدم الارتياح بدأت تتسرب لجموع الشعب المصري مع توالي جلسات محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وعدد من معاونيه في قضية قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ..

 

كان الحديث يدور همسا عن مسرحية ما يجري إعدادها خلف الكواليس, ثم مع توالي جلسات المحكمة بدأ الحديث الهامس يقترب من الصراخ خصوصا مع الاحداث التي شهدتها المحكمة في الجلسة الاخيرة والتي سمح فيها الامن لانصار مبارك بالدخول إلى القاعة مع لافتات كبيرة عليها صورته ووضعها امام هيئة المحكمة دون اعتراض منها في حين تم رفض دخول أهالي الشهداء الذين قتلوا في الثورة على أيدي رجال الامن, كما تم استخدام عنف مبالغ فيه ضد أهالي القتلى الذين تجمعوا أمام المحكمة وتعرضوا لاستفزازات مستمرة من أنصار مبارك الذين وصلوا في حافلات إلى مقر المحكمة وكانوا يرتدون "تي شيرتات" موحدة بما يوحي أن جهة ما سعت لتنظيمهم وإرسالهم لتفجير الاوضاع خارج المحكمة والتي شهدت أحداث عنف أدت إلى سقوط أكثر من 10 مصابين وسحل أحد أباء الشهداء من قبل أجهزة الامن, وقد امتدت الاشتباكات إلى داخل المحكمة حيث استفزت صور مبارك التي رفعها أنصاره المحامين عن الشهداء؛ مما أسفر عن وقوع اشتباكات داخل المحكمة أدت إلى رفعها عدة مرات .

 

وقد شهدت المحكمة تراجع عدد من شهود الإثبات عن أقوالهم التي أدلوا بها أمام النيابة مما يشير إلى ضغوط تعرضوا لها لإفساد القضية وهو ما أثار حفيظة أهالي الشهداء والمحامين الذين أعربوا عن دهشتهم, كما جاء تصرف رئيس المحكمة المتحيز لهيئة الدفاع عن مبارك ومعاونيه حيث بدأ بسماع مطالبهم أولا خلافا للتقاليد السائدة في المحاكمات, معرضا عن محامين الشهداء ومتجاهلا مطالبهم تماما, كما لم يستمع لشكواهم بشأن إزالة صور مبارك من القاعة, أضف إلى ذلك المعاملة المميزة التي يلقاها المتهمين حيث ينص القانون على ضرورة وضع الكلبشات في أيديهم حتى دخول قفص الاتهام وهو ما لم يحدف في أيٍ من الجلسات حيث ينزلون من السيارات طلقاء, ويقف علاء مبارك ضاحكا وواضعا يده أمام الكاميرات لمنعها من تصوير والده, كما حيا عدد من الضباط الكبار الذين يتولون حراسة المحكمة, العادلي وعدد من معاونيه في جلسات سابقة بشكل ينم على الاحترام والتودد رغم أنه مسجون في قضية فساد لمدة 12 عاما, كل هذه الامور وغيرها أدت إلى تسرب اليأس إلى نفوس كثير من الناس الذين استبشروا خيرا بتقديم مبارك وأركان حكمه للمحاكمة ..

 

بدأ الكلام يكثر عن محاولة لتبرئة ساحة الرئيس ومعاونيه من دماء الشهداء خصوصا مع وجود ثغرات عديدة في القانون المعمول به حاليا وتمكن عدد من المحامين الذين وكلهم مبارك للدفاع عنه وعلى رأسهم فريد الديب في التلاعب بالادلة واستخدام الثغرات..أيضا جاء موضوع منع البث التليفزيوني ليضفي مزيدا من الريبة على الاجواء حيث ازدادت المخالفات في أول جلسة عقدت بعد منع البث, وهو ما أشار إليه أحد المحامين الذين حضروا الجلسة..بعض المصادر القضائية أشارت إلى أن القضية قد تستمر لسنوات ولكن لو صحت هذه الهواجس فإن القضية ستنتهي سريعا قبل وصول حكومة ورئيس منتخبين, حيث سيقفل تماما باب المجاملات التي تنشأ نتيجة لتغلغل فلول النظام السابق في أجهزة الدولة وعدم حرص حكومة شرف على تطهير الوزارات تماما منهم, كما ان عددا كبيرا من رجال الاعمال الذين ربحوا المليارات في عهد مبارك مستغلين انتشار الفساد ما زالوا طلقاء ويستخدمون هذه الاموال من أجل عدم وصول الثورة لاهدافها التي ستؤدي حتما إلى وضعهم وراء القضبان..

 

أشادت كثير من الصحف واجهزة الإعلام بما أسموه محاكمة أول رئيس عربي على أيدي شعبه, ولكنها لم تلتفت إلى المطب الحاد الذي يمكن أن يسفر عن براءة صورية في ظل محاكمة غير مستوفاة لشروط العدالة تؤدي في النهاية إلى طلب اعتذار من الثوار على ثورتهم! فهل تصدق هذه المخاوف أم تثبت الجلسات القادمة العكس؟