التبجح الصهيوني في سيناء
21 رمضان 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ظلت سيناء المصرية لفترة طويلة وبالتحديد منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد شبه منزوعة السلاح على الجانب المصري حيث لا يسمح لمصر سوى بعدد محدود من قوات حرس الحدود وهو ما أدى إلى حدوث العديد من التجاوزات الصهيونية حيث قتلت عددا من الجنود المصريين بدعاوى واهية وقامت بانتهاكات مستمرة للحدود, وكان آخر هذه الاعتداءات على أراضي مصر الخميس عندما قتلت طائرة صهيونية ضابطا وجنديين مصريين بعد تمشيطها لسيناء بزعم مطاردة عدد من المسلحين الذين قاموا بهجمات بميناء أم الرشراش المصري المحتل والذي سمته "إسرائيل" "إيلات"..

 

كان النظام البائد في مصر منبطحا تماما للكيان الصهيوني وراضخا لمطالبه وهو ما جعلهم ينعون حظهم عند سقوطه لذا كانت ردود افعاله على قتل المصريين وانتهاك الحدود لا تتعدى الشجب والاستنكار أما الآن فالشعب ينتظر من المجلس العسكري ومن حكومة بعد الثورة ردود أفعال قوية للرد على سفك دماء الجنود المصريين الابرياء على أيدي الجيش الصهيوني..إن "إسرائيل" تسعى منذ قيام الثورة للتحرش بمصر حيث سجلت اعتراضها على فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين وهاجمت الثورة واتهمت الجيش المصري بعجزه عن حفظ الامن في سيناء, وليس من المستبعد أن تكون الهجمات التي شهدتها سيناء في الفترة الاخيرة من قبل بعض المسلحين, تمت بتخطيط ودعم صهيوني أو على الأقل برعاية صهيونية ما لإحراج الجيش وتشتيت انتباهه والضغط عليه من أجل التخلي عن المصالحة الفلسطينية واتخاذ مواقف متشددة تجاه الفلسطينيين وخصوصا حركة حماس..

 

محاولات جس نبض الثورة والجيش مستمرة من الجانب الصهيوني  منذ زوال نظام مبارك حيث تعتبر "إسرائيل" أن مصر هي رمانة ميزان أمنها في المنطقة وكلما بقيت بعيدة عن دعم الفلسطينين والدخول في مواجهات معها فهي في أمان ورغم التصريحات التطمينية من جانب الجيش المصري والحكومة بشان احترام المعاهدات مع الكيان الصهيوني, إلا أنه زال يتوجس خيفة خصوصا مع صعود الإسلاميين وتوقع وجودهم بشكل مؤثر في الحكم خلال الفترة القادمة عقب الانتخابات..

 

"إسرائيل" تعلم أن قيادات الجيش المصري لا تريد ولا تسعى في الوقت الحالي على الأقل للدخول في مواجهات معها ولكنها على الجانب الآخر ترى أن  وصول الإسلاميين يمثل خطرا محدقا عليها لذا تسعى لدق أسافين من جهة بين الإسلاميين وبين الجيش كما تسعى لتوتير الاوضاع على الحدود من أجل إبقاء الجيش في السلطة لأكبر وقت ممكن..في الفترة الأخيرة قام الجيش المصري بعمليات على الحدود مع "إسرائيل" واقترب منها كثيرا وقيل أن الجيش ينوي البقاء هناك بكثافة من أجل ضبط الامن مع تزايد الخروقات الامنية من عناصر غير معروفة هويتها على وجه الدقة ففي الوقت الذي يقف الإسلاميون جميعا وراء الجيش من أجل إخراج البلاد من عثرتها تتفجر الاوضاع في سيناء ويتم نسبة الهجمات لإسلاميين "سلفيين" أو من "القاعدة".. فهل من مصلحة هؤلاء القيام بعمليات في هذا الوقت بالتحديد وفي هذه المنطقة خصوصا بهذا الشكل؟ لقد دعا زعيم القاعدة الجديد المصري أيمن الظواهري في آخر تسجيلاته إلى دستور إسلامي في مصر ولم يدع إلى هجمات مسلحة فكيف يمكن أن تفهم هذه الهجمات الضاغطة على الجيش المصري في سيناء؟!..

 

استغل العلمانيون كالمعتاد الاوضاع في سيناء من أجل التأكيد على تصاعد التطرف الإسلامي والمخاوف بشأن وصول الإسلاميين للحكم وجددوا حملتهم للتخويف منهم, وهي لعبة مكشوفة تضر بالوطن وتحرق أصابع اللاعبين لأن عزل الإسلاميين ووضعهم في معسكر الاعداء مرة أخرى سينهي حقيقة الثورة التي قامت من أجل العدالة والحرية واحترام إرادة الشعب....

 

"إسرائيل" ما زالت تبحث عن مبارك جديد في مصر وعندها عدد من الرهانات ولا أعتقد أنها ستقف هي وأمريكا موقف المتفرج عند اختيار البرلمان والرئيس الجديدين ولعل الأوضاع الامنية على الحدود تكون الورقة الاهم في التدخل المراد من قبل الطرفين لتوجيه مسار الاحداث بعد أن فقدا الكثير من الاوراق السياسية في الداخل بعد قيام الثورة.