القوة العسكرية في الصومال
11 رمضان 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

فتح انسحاب حركة الشباب الصومالية من العاصمة مقديشو لأول مرة الباب للحديث عن القوة العسكرية للأطراف المتحاربة في الصومال, والتوقعات المستقبلية لها.

 

حركة الشباب:
برزت حركة الشباب الصومالية على الساحة، في أعقاب الإطاحة بنظام محمد سياد بري عام 1991 ثم عقب الاحتلال الأثيوبي للبلاد في 2006. في هذا الوقت برزت الحركة، التي ترعرعت في ظل اتحاد المحاكم الإسلامية, للقيام بدور المقاومة ضد الاحتلال الأثيوبي. 

 

 وحافظت الحركة على هيئتها حتى عام 2008، حيث ساعد بطش الأثيوبيين بقادة اتحاد المحاكم الإسلامية  وإجبارهم على مغادرة الصومال، فضلا عن الكراهية الجمعية التي تحظى بها إثيوبيا ، على خلق بيئة مناسبة مكنت الحركة من تجنيد آلاف المتطوعين، والسيطرة على المنطقية الجنوبية الوسطى. وقد تمكنت حركة الشباب المعارضة من تكوين مجموعات مسلحة على قدر من التسليح والإعداد النفسي والبدني الجيد, وقد استطاعت السيطرة على معظم أجزاء الصومال وتمكنت من تكبيد قوات الحكومة الانتقالية والقوات الأفريقية الداعمة لها خسائر كبيرة طوال السنوات الماضية إلا أن خلافات داخلية ونقص في التمويل أدى إلى تراجعها في الفترة الأخيرة, يقول عبد القادر عثمان الخبير بشؤون القرن الإفريقي: إن الخلافات السياسية والإدارية التي عمت في داخل الحركة، وخاصة بين الجناح العسكري الذي يقوده أبومنصور روبو والشيخ علي طيري المتحدث باسم الشباب والجناح الذي يتزعمه أمير الحركة أحمد غودني هي التي باتت كفيلة في تراجع الحركة من مقديشو". وأضاف: القوات الإفريقية كانت عامل ضغط عسكري تحمل الحركة على كاهلها، حيث إنها كانت تخوض منذ ثلاث سنوات حرباً شرسة استنزفت القدرات المالية والعسكرية لحركة الشباب.وتابع: إن هناك سياسة استراتيجية ستعتمد عليها الحركة في المرحلة المقبلة في تعاملها العسكري مع الحكومة الانتقالية، وهي تلك المتعلقة بتنفيذ هجمات عسكرية سواء في زرع القنابل على الشوارع الرئيسة وعمليات اغتيال لاستهدف رموز الحكومة الانتقالية. 

 

من الاسباب الاخرى التي أدت إلى تراجع قوة حركة الشباب اغتيال القيادي البارز فيها فضل عبد الله في يونيو الماضي مما أدى إلى نقص التمويل ، حيث كان المسؤول عن التدريب والتمويل في الحركة. ويزيد عبد القادر عثمان:  تبدو الحركة أنها تقف اليوم على أبواب مرحلة جديدة قد تختلف معالمها عن المراحل التي مرت بها سابقاً، حيث إنها انسحبت من مقديشو لأول مرة ولم تنسحب من قبل مهما بلغت القوة العسكرية التي كانت تواجهها، وهو ما يوحي بوجود ضعف عسكري وشلل إداري داخل حركة الشباب. وكان  الشيخ علي محمود راغي المتحدث باسم حركة الشباب قد قال إن هناك خططاً تكتيكية وضعتها الحركة لمواجهة القوات الإفريقية والحكومية في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن الانسحاب يعد جزءاً لخطط عسكرية لإطاحة الحكومة الانتقالية بشكل نهائي.

 

ويركز البعض على أن الحركة أصبحت تعاني من نقص الدعم وشدة الحصار عليها خصوصا بعد اتهامها بالارتباط بتنظيم القاعدة, ويشير هؤلاء إلى أن حركة الشباب كانت تدرس فكرة الانسحاب الجزئي من مقديشو منذ أن بدأت القوات الإفريقية في فبراير الماضي بشن هجماتها العسكرية على حركة الشباب، لبسط نفوذها العسكري.

 

الحكومة المؤقتة والقوات الداعمة لها:

 

تبلغ القوة العسكرية للحكومة المؤقتة في الوضع الراهن وفقا للمصادر الرسمية قرابة 17 ألف جندي هذا بالإضافة إلى القوة العسكرية الإحتياطية, وهي تفتقد الروح والتدريب الجيد وتعمد على القوات الافريقية المزودة بأحدث الأسلحة الخفيفة والثقيلة والتى  يبلغ قوامها 8,100 جندي موزعين على مراكز عسكرية ومرافق حكومية في مقديشو وتكون هذه القوة بشكل أساسي من جنود من أوغندا وبورندي, وقد دعم الغرب هذه القوات مؤخرا بعدد من الجنود والأسلحة الحديثة والطائرات المقاتلة مستغلين الأمم المتحدة التي جرى نشر هذه القوات تحت غطائها, كذلك تعتمد الحكومة المؤقتة على القوة العسكرية لأهل السنة والجماعة وهي جماعة صوفية موالية للحكومة ومعادية لحركة الشباب، رغم أن العلاقة السياسية بين الحكومة الانتقالية وأهل السنة أصبحت شبه مقطوعة بعد استقالة عمر عبدالرشيد، لكن التنظيم المسلح يعتبر قوة تقف أمام وجه الشباب في كل الأحوال.
مستقبل القوة العسكرية:

 

ليس من الواضح كيف ستسير الامور العسكرية في المستقبل, ولكن المؤكد أن حركة الشباب غيرت من تكتيكها الحربي بعد أن شعرت بتفوق نسبي لقوات الحكومة المؤقتة المدعومة أفريقيًا, وستركز على الهجمات المفاجئة والسريعة بعد أن كانت تعتمد على الهجمات المنظمة, وستستغل في ذلك عدة أمور:

 

1.الضعف النفسي والمعنوي الكامنان في نفسية القوات الحكومية التى لاتتحصن بايديولوجية بناءة أو أهدأف منشودة مرجو تحقيقها، أو بمعنى آخر فقدان “العقيدة العسكرية”.
2.تعاطى معظم القوات الحكومية مخدر القات الذي يستهلك مئات الآلاف من الدولارات، مايفسر أن القوات الحكومية لاتبحث عن نصر عسكري استراتيجي أكثر من بحثها عن مخدر القات.
3.غياب القدرة التنظيمية العسكرية لادارة الشؤون العسكرية خلال الحرب، اضافة إلى غياب خطة تكتيكية عسكرية موحدة لمحو وجود حركة الشباب من مقديشو، ما يسمح للحركة فرصة اعادة صفوفها من جديد.وتوجيه ضربة عسكرية أخري على الحكومة الانتقالية من جديد .

 

كما تعتمد الحركة على نقاط قوتها ومن أهمها:

 

1.الارادة والصمود في وجه القوات الحكومية والافريقية، بالاضافة إلى الاستعداد النفسي للتضحية الكامن في نفوس مقاتلي الحركة، والذين يبدون قدرة فائقة على البقاء في جبهات القتال.
2.استخدام خطة تكتيكية محكمة عند شن الهجوم على القوات الحكومية والأفريقية، والاعتماد على استراتيجية “اضرب واهرب” والتى تستنزف القوة العسكرية الحكومية، بالإضافة إلى استخدام التفجيرات بواسطة السيارات المفخخة والألغام المزروعة في الطرق والشوارع الرئيسية.
3.الترويج الإعلادمي القوي للحركة، حيث تقوم بتوزيع تسجيلات مرئية على أنصارها وموقعها الالكتروني في الشبكة العنكبوتية، بالإضافة إلى بث هذه التسجيلات عبر الإذاعات المحلية الناطقة باسمها في مقديشو، وفي كسمايو، مايكسب الحركة التلاحم الشعبي معها، وخاصة في المناطق التى تسيطر عليها في جنوب الصومال.