6 صفر 1433

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم أنا شاب في مقتبل العمر، أدرس في الجامعة، ملتزم والحمد لله، ومحافظ على الصلوات، أقرأ في كتاب الله يومياً، وأحفظ منه بعض الشيء.. أُعَلِّم نفسي بنفسي بعض العلوم الدينية، تعرفت على فتاة وأنا في الجامعة، وعبرت لها عن إعجابي بها وأنى أود الارتباط بها حينما أنتهي من دراستي.. في البداية كنا نتحدث هاتفياً، ثم بعد ذلك اتفقنا ألا نتحدث؛ خوفاً من الله، وإرضاءً لله، وهى ملتزمة ومتدينة.. كان يتقدم لخطبتها أشخاص، وكانت ترفض بسببي، ولكن هذا الأمر لم يستمر حيث تقدم لخطبتها شاب، وأجبرها والدها على قبوله بدون إرادتها، وما أن علمتُ ذلك حتى صُدمت، وأصبح هناك ضيق في نفسي، وأصابني الهم والغم، ولكن لأنني أؤمن بقضاء الله وقدره توضأت وصليت ركعتين، وسألت الله أن يجعل في هذا الأمر خيراً لي، ولكني لا أستطيع نسيانها، وبين الحين والآخر أتذكرها فأزداد هماً وحزناً.. فما الحل؟؟

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي السائل:
أشكر لك حرصك على الاستقامة، والمحافظة على الصلوات، وقراءة القرآن، وحرصك على حفظ القرآن وتعلم العلم النافع، وانتهاءك عن الحرام عقب انتباهك من الغفلة؛ إرضاءً لله تعالى.
أبشر فأنت انتهيت عن هذه العلاقة طاعةً لله، وأضمرت تحقيق الزواج بطريق الحلال بإذن الله بعد إنهاء دراستك، ليتك جعلت أسرتك تتقدم لخطبة هذه الأخت لإمساكها ولتتحقق الطمأنينة لك، ولها.
ولكن قدر الله وما شاء فعل، لم يحدث هذا لأمرٍ أراده الله تعالى، فأسرتها أسرة طبيعية تسعى لتزويج بناتها، ومتى سنحت لها الفرصة المناسبة لإحدى البنات وافقت، وهذا ما قامت به هذه الأسرة مع ابنتها، وما فعلته البنت من الموافقة هو الأمر الطبيعي الواجب، لأنها لم تفصح لأهلها عن ما يبرر رفضها، فلن يتكرر الرفض دون مبرر، فاضطرت للموافقة وهذا هو الأمر الواجب عليها فعله.
أما بالنسبة لك – أخي الحبيب – فالذي أراه أنها ليست من نصيبك؛ حيث إنك لم تهتد إلى ما ذكرته سابقاً من إرسال أسرتك لخطبتها من أهلها، وحيث قدر الله بأن جاءها أكثر من خطيب وكان أحدهم مناسباً، مما جعل أسرتها توافق عليه، فهذا من دلائل عدم تقدير الله بأن تكون زوجة لك والله أعلم.
ونحن نؤمن جميعاً بأن الله تعالى أرحم بنا من أنفسنا لأنفسنا فأقواله وأفعاله وأقداره سبحانه أساسها أن رحمتي سبقت غضبي وهو العليم الحكيم، فاعلم أنه لحكمة يعلمها الله أنها غير مناسبة أن تكون لك زوجة.
فالمؤمن الحقيقي – وأحسبك هو – الذي يحسن التعامل مع أقدار الله تعالى كما يحب الله تعالى، ويكون كما ذكر الرسول الكريم في الحديث الثابت عنه: "عجباً لأمر المؤمن، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له".
وأكثر من هذا الدعاء المبارك الذي نصح به الرسول لمن كان في مثل حالك، ووعد أن من دعا به مستيقناً به قلبه، بأن يأجره الله الأجر العظيم على صبره واحتسابه، وأن يخلف عليه بخير مما فاته وهو: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها" فأكثر من ترداده كثيراً، ولا سيما عند تذكر هذا الأمر.
واحرص على مراعاة ما يأتي:
1 – اشغل نفسك جيداً في دراستك، حضوراً للجامعة، ومذاكرة الدروس.
2 – حاول أن تقبل على حياتك الخاصة والعامة بظاهرك وباطنك، وفرغ باطنك لها.
3 – جاهد نفسك في نسيان هذه الأخت، وأحوالها، والأحداث التي مرت معها.
4 – اقطع صلتك بها تماماً، وامسح أرقام هواتفها، وكذلك الإيميل البريدي، واحذف أي كلام، صور، معلومات تذكرك بها مع قطع كل الطرق التي توصل إليها أو تذكرك بها.
5 – الاجتهاد في الأعمال التي تزيد الإيمان، فتزيد محبة الله في القلب وإذا زادت محبة الله في قلبك، أخذت النصيب الأكبر من المحبة، وسلبت المحبة الزائدة للأشياء الأخرى، وعادت إليها، وتلاشت المحبة التي لا وجه لوجودها.
فأوصيك بالإكثار من الصلاة بالخشوع والإقبال على الله فيها، وصلاة الضحى، التطوع، قيام الليل، والإكثار من قراءة القرآن وحضور مجالس العلم، صحبة الأخيار، زيارة المقابر والمرضى فهي ترقق القلب.
6 – وأنصحك وكذلك أوصيك بالدعاء والتضرع إلى الله بأن يصرف عنك تذكرها، وأن يصرف عنك الشيطان ووساوسه، وأن يخلف عليك بخير منها.
7 – السعي من الآن – إن كان الأمر متاحاً – للبحث عن امرأة لخطبتها والزواج منها.
وإني أستبشر لك خيراً ببركة حرصك على إرضائك لله، وبمراعاتك ما ذكرته لك سابقاً، بأن يرزقك الله عما قريب بالزوجة الصالحة التي تقر عينك بها وتعينك على دينك ودنياك وآخرتك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.