أنت هنا

تحرير محل النزاع في ذبائح الكفار ما يحل منها وما يحرم
2 شعبان 1432
اللجنة العلمية

أجمع أهل العلم على تحريم ذبائح سائر الكفار من عبدة الأوثان والزنادقة والمجوس وغيرهم، وأجمعوا على إباحة ذبائح أهل الكتاب(1) لقوله سبحانه: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) (المائدة: من الآية5)(2)، والطعام اسم لما يؤكل والمراد به هنا الذبائح؛ لأن غيرها يحل منهم ومن غيرهم فلا يكون ثم مزية ولا معنى لتخصيصهم، ولعلهم خُصُّوا بذلك لأنهم أهل كتاب ويعتقدون تحريم الذبح لغير الله ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله(3). وشذ أبو ثور فأباح ذبيحة المجوس(4) لقوله صلى الله عليه وسلم: "سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب" ولأنهم يقرون بالجزية فيباح صيدهم وذبائحهم كاليهود والنصارى واحتج برواية عن سعيد بن المسيب(5).

 

قال بن قدامة: :وهذا قول يخالف الإجماع فلا عبرة به"(6)؛ لأن الله تعالى يقول: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)، فمفهومه تحريم طعام غيرهم من الكفار؛ ولأنهم لا كتاب لهم فلم تحل ذبائحهم كأهل الأوثان؛ ولأن كفرهم مع كونهم غير أهل كتاب يقتضي تحريم ذبائحهم ونسائهم بدليل سائر الكفار من غير أهل الكتاب، ورواية سعيد روي عنه خلافها، والجزية إنما أخذت منهم لأن شبهة الكتاب تقتضي التحريم لدمائهم فلما غُلِّبت في التحريم لدمائهم فيجب أن يغلب عدم الكتاب في تحريم الذبائح والنساء احتياطاً للتحريم في الموضعين؛ ولأن الجزية أخذت لضرورة حقن دمائهم ولا ضرورة في حل ذبائحهم(7).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر: .بداية المجتهد، لابن رشد (2/262)، والإجماع، لابن المنذر، ص (58)، والمجموع، للنووي (9/52-53)، والمغني، لابن قدامة (13/293)، والإفصاح، لابن هبيرة (2/309)، وتفسير ابن كثير (2/27).
(2) وعلى هذا عمل النبي صلى الله عليه وسلم كما في أكله من الشاة المسمومة عند اليهودية ولأنه إذا ثبت حل نسائهم ثبت بالتالي حل طعامهم.
(3) ينظر: تفسر ابن كثير (2/27)، وبدائع الصنائع، للكاساني (5/75).
(4) ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد (2/265)، والمجموع للنووي (9/52)، والمغني، لابن قدامة (13/293).
(5) ينظر: المغني، لابن قدامة (13/293).
(6) المصدر السابق.
(7) المصدر السابق، وبدائع الصنائع، للكاساني (5/75)، وحاشية ابن عابدين (9/428).