قانون دور العبادة الموحد .. هل هو محاولة لدفع الإسلاميين للعنف؟!
13 رجب 1432
مجدي داود

تتوالى الأخبار عن قانون دور العبادة الموحد الذى يعده مجلس الوزراء ومن المتوقع أن يصدر القانون من المجلس العسكرى الذى له الحق فى إصدار هذا القانون طبقا للإعلان الدستورى الحالى, هذا القانون الذى يثار حوله لغط شديد بعد أن تسربت بعض الأخبار عنه.

 

فى البداية إن قانونا مثل هذا لا يجب أن يصدر إطلاقا إلا فى وجود مجلس برلمانى منتخب انتخابا حرا نزيها بحيث يعبر فيه النواب فعلا عن الشعب الذى انتخبهم, لأن هذا القانون من شأنه إذ لم يخرج موافقا لإرادة غالبية الناس أن يثير الكثير من المشاكل الكبيرة التى يصعب بحال من الأحوال السيطرة عليها أو معالجتها بسهولة بعد ذلك, إن أى قانون يتعلق بالعقيدة يجب أن يدرس دراسة متأنية وتدرس ردود أفعاله جيدا وتوضع كل الإحتمالات أمام أعين المشرع حتى يكون على بينة ودراية من مخاطر ما سوف يقدم عليه, وحتى يستطيع أن يقوم بعمل قانون يناسب طبيعة من سيطبق عليهم هذا القانون.

 

 

إن مسودة هذا القانون التى نشرتها عدة صحف من بينها صحف قومية ولم يتم نفى ما جاء بها وكذلك ما تردد عن شروط أخرى تم إضافتها لهذه المسودة لهى أمر خطير ينذر بكارثة حقيقية, فكيف نكون فى بلد يمثل المسلمين ما نسبته 95% أو يزيد من إجمالى السكان فيه ثم يتم التضييق على بناء المساجد وتكون حرية بناء المسجد مقيدة بقيود شديدة يصعب تواجدها إلا قليلا جدا فى حين أنه من السهل أن تتوفر هذه الشروط والقيود وبكل سهولة للنصارى الذين يشكلون حوالى 5% أو أقل من الشعب المصرى.

 

 

إن الشرع الإسلامى الحنيف لم يشترط شروطا معينة لبناء المساجد, فليس للمساجد تصميم معين ولا مساحة معينة, بل قد تكون مساحة المسجد 10م2 فقط, لم يشترط الإسلام أن تكون مساحة المسجد 1000م2 ولا أن تكون المسافة بين كل مسجد وآخر 1000م, وإن معظم المساجد يتم بنائها على مراحل وعبر جمع التبرعات من عوام الناس المحبين للخير, فكيف يتم مساواة ذلك بالكنائس ذات التصميم المعين والتى يتم تمويلها بأموال ضخمة لا نعرف من أين تأتى ولا إلى أين تذهب؟!

 

لكن هل القائمون على هذا القانون لا يعرفون هذه الأمور؟!

 

 

بالطبع يعرفون كل هذه الأمور, ومع ذلك يصرون على استفزاز الغالبية العظمى من المسلمين وظنى أن هذا مقصود ويهدف إلى استفزاز الحركات والتيارات الإسلامية التى فرضت وجودها على الساحة السياسية المصرية بعد الثورة المباركة, من أجل دفعهم إلى القيام بتصرفات غير منضبطة وغير مسؤولة ودفعهم لاستعمال العنف فيكون ذلك مبررا لكى تنقض عليهم أجهزة الدولة مرة أخرى ويتم تحجيم دورهم لكى يسيطر التيار العلمانى والليبرالى والنصرانى على الساحة السياسية من جديد دون أن يكون هناك منافس قوى وشرس ومتجذر فى الشارع المصرى.

 

 

أنا لا أستطيع أن أفهم الإصرار على الإستجابة لكل ما يريده النصارى والعلمانيون فى هذا الجانب إلا فى هذا السياق, فحينما يكون القائمين على هذا القانون يدركون حجم التوتر فى الشارع فى ظل عمليات الإختطاف والإيذاء التى تتعرض له الأخوات المسلمات على يد النصارى, وفى ظل حالة البلطجة التى تمارسها الكنيسة على الدولة, وفى ظل وجود مجموعة ليست بالقليلة من متطرفى الأقباط الذين يسعون إلى إشعال الشارع المصرى, فإن هذا القانون يشعل النار فى الهشيم وهو سكب للزيت على النار لتزيد اشتعالا.

 

 

إن التيار الإسلامى بكافة فصائله وتنوعاته يبدى اليوم مسؤولية كبيرة وحقيقية تجاه الظروف والأحداث التى تمر بها البلاد, ويعمل فى الشارع من أجل التيسير على الناس فى حياتهم, وهذا لا يروق لأعداء هذا التيار فيريدون تشويه صورتهم بأى شكل كان, وليس أفضل من استفزازهم بقوانين ولوائح لا تتوافق إطلاقا مع طبيعة الشعب المصرى ولا تتوافق مع الشرع الحنيف بل تضيق عليهم فى عبادتهم لله تعالى, فتنبرى مجموعة منهم وتلجأ إلى استخدام العنف فيحدث الصدام مع أجهزة الدولة ويقع ما يخططون له.

 

 

لهذا فعلى التيار الإسلامى أن يكون يقظا مدركا لمخططات هؤلاء القوم, وعليه أن يتخذ قرارا  موحدا فى كيفية التعامل مع هذا القانون فور صدوره, ويجب على الحركات الإسلامية وأهل العلم أن يصدروا توجيهاتهم إلى أتباعهم فى كافة أنحاء البلاد ألا يقوموا بأى تصرف فردى والإلتزام بما يتم الإتفاق عليه ويكون مواجهة هذا القانون من وجهة نظرى عبر سلسلة من المراحل نوجزها فيما يلى:

1.    تشكيل وفد من القوى الإسلامية يضم علماء وسياسيين وقانونيين ويفضل أن يكون من ضمن الوفد علماء من الأزهر الشريف مثل الشيخ نصر فريد واصل أو غيره للقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمناقشته فى مضمون هذا القانون وتقديم عريضة تتضمن اعتراضا رسميا على هذا القانون وتصورهم له.

2.    إذا لم تنجح الخظوة الأولى فيتم اتباع الطرق القانونية ويمكن الطعن بعد دستورية القانون ومخالفته للشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسى للتشريع حسب الإعلان الدستورى الحالى, وكذلك يمكن الدفع بفقدان العدالة والمساواة بين المواطنين وان هذا القانون يضيق على المسلمين حرية ممارسة شعائرهم الدينية وإقامة ما يكفيهم من دور العبادة.

3.    إذا لم تنجح الخطوة الثانية فيتم الإتفاق على تنظيم وقفات احتجاجية بسيطة ثم تزداد تدريجيا ويتم الضغط بها على القائمين بإدارة شؤون البلاد فى المرحلة الحالية حتى يتم التراجع عن هذا القانون وليس قبل ذلك.

هذه هى الطرق المتاحة لنا كتيار إسلامى للعمل من خلالها فى المرحلة المقبلة بشكل لا يحدث تصادم مع اجهزة الدولة ولا يؤدى إلى مجزرة جديدة للتيار الإسلامى يخطط لها العلمانيون.