مدرسة القسام في فن التفاوض
3 رجب 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

بين الحين والآخر تطلعنا الصحف أو بعض الأخبار هنا أو هناك , حول تقدم في قضية التبادل بين حركة حماس الاحتلال فيما يخص قضية الجندي جلعاد شاليط المحتجز منذ 2006  لدى المقاومة في قطاع غزة .

 

المفاوضات لم تتوقف منذ اختطاف الجندي الصهيوني فتارة تشهد تقدم , وتارة تراجع , وأخرى تتحدث عن انسحاب الوسيط الألماني , ونحن على أعتاب العام الخامس لاختطاف الجندي من قبل المقاومة , والقضية لم تنجز بعد , رغم كثرة المفاوضات المكوكية التي جرت , وتجري الآن في القاهرة .

 

القضية لم تنجز لأن المفاوض الفلسطيني مازال يقف عند تطلعات شعبه, وأسراه الذين ينتظرون بفارغ الصبر إتمام صفقة التبادل بين كتائب القسام والاحتلال , لم تنجز بعد لأن المفاوض مازال متمسكاً بالإفراج عن الأسرى أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء على حد وصف الاحتلال , القضية لم تنجز بعد لأن شروط المقاومة لم تلبى ولن تنجز إلا بأن يلبي الاحتلال شروط المقاومة الفلسطينية  .

 

لو أردنا أن نستعرض أهم ما جرى خلال فترة الخمس سنوات من أحداث تلت اختطاف الجندي شاليط ,  لوجدنا أن أي فريق يفاوض يمكنه أن يستسلم , نتيجة الضغوط الصعبة التي تعرض لها , ولعل أبرزها كانت محاولة اغتيال مجموعة من القيادات العسكرية الكبيرة في كتائب القسام , وذلك في يوليو 2006 , ثم تلاها الصراع الداخلي , حتى وصلنا إلى مرحلة الحسم العسكري , وبعد ذلك حصار مرير على الشعب الفلسطيني , وكان أشرسها حرب الفرقان على قطاع غزة .

 

كل هذه العوامل لم تؤثر على سير مفاوضات الصفقة, بل كانت تزيد المفاوضين إصراراً ويقيناً بأن الشروط يجب أن تلبى , وألا تراجع عن ثوابت التفاوض,  لأنهم يعلمون بأن هناك الآلاف من أبناء الشعب الذين حرموا أبنائهم  وآبائهم  وأزواجهم وإخوانهم يعلقون أملاً كبيراً عليهم ويثقون بهم . 

 

 نعم إنهم على قدر من المسئولية الكافية , لأنهم لا يبحثون عن VIP من أجل التحرك , أو مناصب دنيوية , بل حملوا أروحهم على أكفهم ,لا يبغون إلا شهادة في سبيل الله , كثرة جراحهم من محاولة الاغتيال لن توقفهم عن تلبية طموح الشعب , ولم توفقه أيضاً عن تطوير وسائل المقاومة , أو محاولة أسر جنود جدد ؛ لتعزيز موقفهم التفاوضي , نعم إنهم قيادة كتائب القسام . 

 

أنها المدرسة التفاوضية لكتائب القسام , تحمل بين أطيافها الفروق الواضحة بين مفاوضين سلطة رام الله ,  الذين لم يستطيعوا أن يفرجوا عن هؤلاء الأسرى خلال فترة تفاوضية بلغت خمسة عشر عاماً,  وكيف سيفكرون بهم , وهم من يصفون أعمالهم تارة بالإرهابية ,  وتارة بالحقارة , ومرة بالعبثية, وعلى المواطن أن يفرق , بين من يتنقل على الحواجز بالــVIP , وبين من يقصف بالــF16 .

 

الأمر لا يتحاج إلى مقارنة كبيرة , ونحن في انتظار أخبار  نتمنى أن تسر قلوبنا جميعاً, في ظل المفاوضات الجارية خلال هذه الأيام ,  مع الحديث عن تقدم كبير في الصفقة , وإن فشلت فكلنا ثقة بأن تنجح في مرات قادمة , لأن مدى العجز الصهيوني والإرباك والإحباط  من الفشل في الوصول إلى الجندي كان واضحاً من تصريحات قادته العسكريين والأمنيين السابقين , وهي خير دليل على صلابة المفاوض القسامي وأن الصفقة ستنجز بإذن الله في الوقت الراهن أو بعد حين .