بعد 100 يوم.. ليبيا بين مطرقة القذافي وسندان الناتو
27 جمادى الثانية 1432
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

100 يوم منذ انطلاق الثورة التي خضبت الأرض الليبية بدماء الشهداء. تلك الثورة التي بدأت رافعة "سلمية" شعارا لها، لكن العقيد معمر القذافي أبى إلا أن يخوض الطريق الأصعب للإبعاد عن الحكم. وفيما قامت القوى الدولية "لمساندة" الثوار، اشتكى هؤلاء من عدم جدوى الضربات المحدودة التي توجهها تلك القوات لأهداف ليبية كثيرا ما سقط فيها مدنيون.

 

 

ويوم الأحد أعلنت بريطانيا المشارِكة في قوات الحلف الأطلسي (ناتو)، الذي ينفذ قرارا للأمم المتحدة بفرض حظر جوي فوق ليبيا، أن سلاحها الجوي الملكي سيستخدم قنابل خارقة للتحصينات لتدمير مراكز القيادة الرئيسية للقذافي.

 

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن هو: أين كان هذا السلاح على مدار الأيام المائة التي سُمح فيها لقوات القذافي ومرتزقته بإثخان الليبيين بالجراح؟ وأين كان حين جفت حلوق الثوار للمطالبة بضربات أكثر نجاعة وأكثر جدوى ضد قوات القذافي؟ وأين كانت عندما انقطعت خطوط الإمدادات عن منظمات الإغاثة الإنسانية؟ وأين كان عندما كان القذافي هدفا متاحا معلوم المكان قبل اختفائه في المشافي؟

 

قنابل الـ"بيفواي" المحسنة والموجَّهة بالليزر، كما تقول صحيفة "ميل أون صندي"، والتي يبلغ طول الواحدة منها نحو أربعة أمتار وهي مُصَمّمة لاختراق الخرسانة المسلحة، تعتزم بريطانيا نشرها في غضون أيام مع مقاتلات تايفون وتورنادو البريطانية التي تنطلق من قاعدتها الجوية جيويا ديل كولي في إيطاليا.

 

تلك القنابل كانت جاهزة للاستخدام لدى احتلال القوات البريطانية للعراق عام 2003 بالتحالف مع الولايات المتحدة. وهي قنابل كما تقول الصحيفة "دقيقة بحيث يمكن توجيهها من خلال فتحات التهوية في المبانِي من مسافة تصل إلى نحو 16 كيلومترًا".

 

رغم ذلك كله لم تقدم القوات البريطانية على استخدامها لاستهداف القذافي أو أهم مراكز قواته، واستمرت هي وباقي القوى المتحالفة معها، وعلى رأسها فرنسا، في المماطلة في توجيه ضربة قاصمة وحامسة خلال تلك الحرب التي يكاد المتابع لها يجزم بأن هناك أهدافا أخرى من ورائها. ولا تخفى من تلك الأهداف أطماع الغرب في "البترول والمعادن الأرضية" كما أكد سابقا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

 

لقد جاء الإعلان عن استخدام القنابل الخارقة للتحصينات في ليبيا بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إرسال مروحيات (آباتشي) لمهاجمة المنشآت العسكرية الرئيسية للقذافي. فقد أعلنت بريطانيا الأسبوع الماضي أنها ستُرْسِل في غضون الأيام القليلة المقبلة أربع مروحيات هجومية من طراز آباتشي إلى ليبيا للمشاركة في العمليات الجوية لحلف الأطلسي.

 

لكن على أرض الواقع اكتفت القوات الغربية إلى الآن بمهاجمة مجمع باب العزيزية الذي من المؤكد أن القذافي لا يتواجد به بعد مقتل ابنه في منطقة قريبة منه. ويعزز هذا القول أيضا ما كشفه رؤساء الأجهزة الأمنية البريطانية نفسها من أن القذافي يختبئ في مستشفى لتفادي قنابل مقاتلات منظمة حلف الناتو والثوار الليبيين.

 

لكن يبدو أن الشيء الفعال الوحيد الذي تفعله القوات الأجنبية في ليبيا، هو نشر شبكة من جواسيسها تحت دعوى أنها تراقب القذافي. لكن بالتأكيد هؤلاء الجواسيس وضعوا ليكون لهم دور أكبر في ليبيا ما بعد القذافي. وإنما المماطلة في إنهاء دور القذافي في ليبيا هي لتثبيت أدوار هؤلاء الأشخاص الذين لن يعرف بدقة عددهم ولا مناصبهم رغم الاعتراف الغربي الصريح بوجودهم، وتهافت الصحف الغربية على متابعة تقاريرهم.