أنت هنا

القول بالموجَب
25 جمادى الثانية 1432
د. عبد الرحمن بن محمد القرني

القول بالموجَب (1-3)

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد:
فهذا بحث يكشف القناع عن مسألة أصولية مهمة، تتعلق بواحد من الاعتراضات الواردة على استدلال الفقهاء والأصوليين بالأدلة الشرعية، ألا وهو قادح (القول بالموجَب)؛ حيث لم أَرَ في الدراسات الأصولية مَنْ أفرده بالبحث، ولا ريب أن الأدلة الشرعية وطرق الاعتراض على الاستدلال بها، وطرق الجواب عن الاعتراض هي من الأهمية بمكان.
وإن من أهم تلك السؤالات، وأخصّ تلك الاعتراضات، سؤال القول بموجَب الدليل كما صرح بذلك جملةٌ من الأصوليين؛ حيث قال أبو اليسر البزدوي([1]) عن هذا الاعتراض: «سؤالٌ صحيح يتحيَّر فيه المجيب إذا لم يكن هو من عِلْيَة الفقهاء، عالماً بالأصول والفروع» اهـ([2]).
وقال أبو الوفاء ابن عقيل([3]): «القول بموجب العلة أَوْفَى سؤالٍ يَرِدُ على العلة»([4])اهـ. وقال أيضاً حكايةً عن بعضهم: «إنه أَقْطَعُ الأسئلة وأجودها»اهـ([5]).
وقال تاج الدين السبكي([6]): «القول بالموجب من أحسن ما يجيء به المناظر» اهـ([7]).
وقال بدر الدين الزركشي([8]): «هو من أحسن وجوه الاعتراضاتِ، وأكثرُ الاعتراضات الواردة على النصوص ترجع إليه» اهـ([9]).
وقال البَرُّوي([10]) في المستدل الذي يراعي في دليله الفرار من النقض فيقع في القول بالموجب: «وأكثر ما يوقع الناس في هذه الورطة احترازهم عن النقوض ... فيتهدف لسهمٍ أَوْحَى([11]) نفاذاً منه وهو القول بالموجب، وهو كمَنْ فَرَّ من أدنى مطر فوقف تحت ميزاب»اهـ([12]).
وقد سبق آنفاً أهمية السؤالات الواردة على الأدلة على الجملة، والقول بالموجَب واحدٌ منها فيشرف بشرفها ويعظم بأهميتها، وقد أشار لذلك تاج الدين السبكي حيث قال عن الاعتراضات بعد بحثه سؤال القول بالموجب: «ولقد أكثر أئمتنا منها، واستكثروا من أمثلتها، وشعبوا أقسامها؛ حيث كان الزمان مشحوناً بالعلماء، وكانت المناظرات تبلغ بأهلها عنان السماء، ومَنْ نظر كتب إمام الحرمين([13])وأبي إسحاق الشيرازي([14]) وأصحابهما وأصحاب أصحابهما قضى العَجَب من ذلك، ورأى كيف كانت الأئمة!!
على أن أبا المظفر ابن السمعاني ([15])  قال: لا يجوز للفقيه أن يعتمد على جميع هذه الأسئلة ولا يعتقد صحتها؛ فإنها ظواهر أُقْنِعَ بها مَنْ يقنع بظاهر من الكلام، وقَلَّ وقوفه على حقائق المعاني في المسائل([16]).
وأنا أقول: أئمتنا لا ينكرون ذلك، وإنما وضعوها واستكثروا منها لِيُنْتَخَل الصحيح من الفاسد؛ فيلوح لراكب بحار النظر تجنبها، وتنفتح الأبواب لذي الفطنة فيسلكها، ويظهر من حقائق الأمور أبلجها، وينهض في جحافل الأقيسة على أحسن الطرق حججها» اهـ([17]).
*   هذا وقد قسمت البحث إلى أربعة مباحث، أولها في التعريف بالمسألة، وثانيها في حجية القول بالموجب، وثالثها في أقسامه وطرق الجواب عنه، ورابعها في تطبيقات أصولية وفقهية عليه.
وقد التزمت النقل من المصادر الأصلية في البحث، وصفحتُ عن المراجع الحديثة إلا عند الحاجة، كما قمت بعزو الأقوال لأصحابها، وتخريج الأحاديث والآثار، وترجمة الأعلام ، وشرح المحتاج إلى شرح من غريب اللغة والاصطلاح، مع سلوك سبيل الإيجاز في ذلك كله قدر الإمكان.

هذا وإني قد بذلت فيه من الجهد ما الله به عليم، فإن يكن صواباً فهو فضل من الله وحده، وإن كان غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان، وأسأل الله أن يغفر لي ويتجاوز عني وأن ينفع به الباحثين وعموم المسلمين، وأن يصلح نياتنا وأعمالنا ويتقبلها بقبول حسن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحـــث الأول
التعريف بالمسألة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول
معنى (القول بالموجَب) عند الأصوليين
أولاً: المعنــى اللغوي:
*   أمَّا (القول)؛ فالقاف والواو واللام أصلٌ واحد صحيح([18])، مصدر: قلتُ أقولُ قَوْلاً([19]).
وهو واحد (الأقوال)، وجمع الأقوال هو: (أقاويلُ) بالياء، و(أَقَاوِلُ) بحذف الياء([20])، فهو جَمْع الجمع([21]).
ومعناه: النطق([22])، أي الكلام باللسان على الترتيب([23]).
أو هو بعبارة أخرى: كلُّ لفظ نَطَقَ به اللسان تاماً كان أو ناقصاً([24]).
*   فإذا تعدَّى لما بعده بالباء نحو: (قالَ به)؛ صار معناه: رآه رأياً([25])، ومنه قولهم: (فلانٌ يقول بقولِ الشافعي) أي يراه ويعتقده([26]).
وإنما سُميتِْ المذاهب والاعتقادات والآراء قولاً؛ لأنها خافيةٌ في النفس لا تُعْرف إلا بالقول أو ما يقوم مقامه، فكان القول دالَّاً عليها([27]).
قلت: المعنى الثاني لهذه اللفظة هو المراد هنا؛ ولذا تعدتْ إلى ما بعدها بالباء، فقالوا: القول بالموجَب.
*   وأمَّا (الموجَب) فأصل الكلمة: (موجب الدليل)، وعليه: فلقب المسألة هو: (القول بموجب الدليل) يعني دليل المستدل([28])، ثم حذف المضاف إليه وعُوِّض عنه بـ (أل) العهدية في المضاف؛ وذلك طلباً للاختصار، فصار: القَوْل بالموجَب.
وموجَب الشيء: لازِمُه الثابت منه، يقال: وَجَبَ الشيءُ، إذا ثَبَتَ ولَزِمَ([29]).
والموجَب هنا وهو بفتح الجيم: ما أَوْجَبَهُ الدليل واقتضاه، وهذا هو المراد في مسألتنا، وأمَّا بكسر الجيم فهو الدليل المقتضِي للحكم([30]).
فلفظ (الموجِب) بكسر الجيم اسم فاعل، وهو نفس الدليل لأنه السبب، و(الموجَب) بفتح الجيم اسم مفعول، وهو مدلول الدليل ومقتضاه لأنه المسبَّب([31]).
ثم اعلم أن موجَب اللفظ هو المدلول والمعنى الذي يثبت باللفظ ولا يفتقر إلى النية([32])، وهذا هو المقصود في مسألتنا؛ فإنَّ المستدل لم يقصد بدليله المعنى الذي قاله المعترض القائل بالموجَب كما ستراه موضحاً عند الكلام على المعنى الاصطلاحي إن شاء الله تعالى.
ثانياً: المعنى الاصطلاحي:
اعلم أن (القول بالموجَب) اعتراضٌ يَرِدُ على دليل الخصم، وقد عَرَّفه أهل العلم بأصول الفقه بعباراتٍ متقاربة اللفظ متحدة المعنى.
وحاصله أنه: تسليم مقتضى دليل المستدل مع بقاء النزاع([33]).
قال علاء الدين البخاري([34]): وعلى هذا تدل عبارة عامة الأصوليين([35]).
*   ومعنى هذا التعريف: أن يلتزم المعترض بمدلول دليل خصمه وهو ما يلزم من دليله أو تعليله، وذلك على وجهٍ لا يقتضي منه أن يسلم الحكم المقصود([36])، أي كأنَّه يقول له: دليلُكَ ليس وارداً في محل النزاع([37]).
فحاصل هذا الاعتراض: تسليم الدليل مع منع المدلول([38]).
قال أبو إسحاق الشيرازي: «القول بالموجب طريقٌ لإسقاط حجة الخصم ومنعه من الاحتجاج به، وليس بطريقٍ لفساد حجته؛ لأنه لا يدعي فسادها ولا يقدح فيها، وإنما يقول: ولا يلزمني هذا الدليل لأني قائلٌ به» اهـ([39]).
هذا وقد اعترض ابن المُنَيِّر([40]) على هذا التعريف حيث قال: عَرَّف الأصوليون القول بالموجب بأنه: (تسليم مقتضى الدليل مع بقاء النزاع) وهو غير مستقيم؛ لأنه يدخل فيه ما ليس منه وهو بيان غلط المستدل.
وذلك كأنْ يقول المستدل: النية واجبة في الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «في أربعينَ شاةً شاةٌ»([41]).
فيقول المعترض: أقول بموجب دليلك لكنه لا يتناول محل النزاع.
فمثل هذا ينطبق عليه الحدُّ المذكور وليس قولاً بالموجب؛ لأن شرطه أن يظهر عذرٌ للمستدل في الغلط، فكان عليهم أن يُعَرّفوا القول بالموجب بأنه: تسليم مقتضى الدليل مع بقاء النزاع حيث يكون للمستدل عذرٌ معتبر([42]).
قلت: هذا الشرط الذي ادعاه ابن المنير لم يذكره أحد من الأصوليين، ويبعد أن يغفلوا جميعاً عنه، وظاهر كلامهم عدم اشتراطه فلا يُحتاج إلى الاحتراز الذي ذكره في آخر الحد.
بل إن شهاب الدين القرافي([43]) وغيره مَثَّلوا لهذا القادح بنحو ما ذكره ابن المنيِّر مما يدل على جريان (القول بالموجب) في كل دليلٍ غلط فيه صاحبه أو لم يغلط، حيث قال القرافي: «القول بالموجب معناه: التزام صحة مقتضى ما ذكره المستدل سواءٌ كان علةً أو نصاً.
كما لو قال المستدل: الزكاة واجبة في الحليّ؛ لقوله تعالى: ﴿قل هو الله أحد…﴾([44]).
فيقول المعترض: أقول بموجبه؛ لأن موجب هذا اللفظ التوحيد، ولا يلزم من تسليمه وجوب الزكاة في الحلي» اهـ([45]).
ثالثاً: مثـــال القـــول بالموجـــب:
وسأكتفي هنا بمثالٍ واحد ليحصل تصور المسألة، ويأتي في تضاعيف البحث إن شاء الله تعالى أمثلة أخرى كثيرة.
*  اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم الزكاة في مال الصبي، فأوجبها المالكية([46]) والشافعية([47]) والحنابلة([48]) ولم يوجبها الحنفية([49]).
فيقول المستدل الحنفي: الزكاة عبادةٌ فلا تجب على الصبي قياساً على الصلاة والصوم([50]).
فيقول المعترض: أنا أقول بموجَب قياسك وأن الزكاة غير واجبة عليه، وإنما هي واجبة في ماله يخرجها وليُّه([51]).
فأنت ترى أن المعترض لم يطعن في دليل خصمه، بل قال بموجبه ومقتضاه على وجهٍ أخرجه عن محل النزاع، فصار غير مفيد لصاحبه.
تنبيهــات:
وهذه تنبيهات مهمة في هذا الموضع من المسألة:
الأول: جاء في تعريف هذا السؤال([52]) – على ما تقدم – لفظ (دليل)، وهو أعمُّ من أن يكون نصاً أو قياساً أو غير ذلك.
وعليه فيكون هذا القادح وارداً على الاستدلال بعموم الأدلة الشرعية، وبه صَرَّح الأصوليون، حيث قالوا: هذا الاعتراض لا يختص بالقياس وإنما يجري في كل الأدلة([53]).
ولهذا عابوا على فخر الدين الرازي([54]) أَنْ عَرَّف القول بالموجب بقوله: «تسليم ما جعله المستدل موجب العلة مع استبقاء الخلاف» اهـ([55]).
فقال صفي الدين([56]) الهندي([57]) وتاج الدين السبكي([58]) وبدر الدين الزركشي([59]): إنَّ قوله (موجَب العلة) لا يتناول غير القياس، وذلك غلط لأن القول بالموجب واردٌ على سائر الأدلة، فلا يكون التعريف جامعاً.
وقد يعتذر للرازي بأنه عرف (القول بالموجب) في باب القياس، فكأنه أراد تعريف ما يقع في القياس خاصة؛ لمَّا كان هذا القادح من مبطلاته([60]).
الثاني: إن الأصوليين وإن صرحوا بجريان هذا الاعتراض في سائر الأدلة، إلا أنهم لم يذكروه – فيما رأيتُ – إلا في الاستدلال بالكتاب العزيز، والاستدلال بالسنة المشرفة، والاستدلال بالقياس([61]).
هذا ما يتعلق ببحث الأصوليين، وقد استعمله الفقهاء كذلك في الأدلة الثلاثة كثيراً.
فأما قول الصحابي فلم يتعرض لذكره الأصوليون فيما رأيت، وقد استعمله الفقهاء أحياناً في كتب الخلاف.
مثاله: أن يستدل المالكي أو الشافعي أو الحنبلي على أن سجود التلاوة سنة بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أنه تلا آية السجدة على المنبر يوم الجمعة ونزل فسجد، ثم تلاها في الجمعة الثانية ولم يسجد، وقال: أما إنها لم تفرض علينا إلا أن نشاء»([62]) أو كما ورد([63]).
فيجيب الحنفي: أنا أقول بموجب الأثر أنها لم تُفْرَض علينا، لكنها أُوْجِبتْ علينا، وفرق بين الفرض والواجب([64]).
الثالث: يسمي أكثر الفقهاء والأصوليين المتكلم أولاً في المسألة الخلافية وهو الآتي بالدليل (المستدِل)، ويسمون المتكلم ثانياً وهو الطاعن في دليل خصمه (المعترض).
ويسمي الجدليون الأول (المُعَلِّل)، ويسمون الثاني (السائل) ([65]).
والخطب يسير؛ إذْ لا حَجْر في الأسماء بعد الاتفاق على المعنى.
المطلب الثاني: معنى (القول بالموجَب) عند غير الأصوليين
لم يكن هذا المصطلح – أعني القول بالموجب – مقصوراً على استعمال الأصوليين([66])، بل استعمله غيرهم من العلماء في فنون مختلفة، فقد بحثه البيانيون، والنحاة، كما استعمله الباحثون في علم العقيدة، وكذا المفسرون، وإليك بيان ذلك موجزاً.
أولاً: علـــم العقيدة:
استعمل بعضُ مَنْ كتب في علم العقيدة وتعرض لمناقشة الفرق أو المذاهب الكلامية مصطلحَ (القول بالموجب) قادحاً بالمعنى المذكور عند الأصوليين، وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع.
فقد ذكر شيـخ الإسلام ابن تيمـية([67]) أنَّ مَنْ خالف في مسألة مشروعية مخالفة الكافرين في شعارهم وهديهم قد استدل بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ موافقةَ أهل الكتاب فيما لم يُؤمر فيه»([68]).
فأجاب ابن تيمية عن هذا الاستدلال من وجهين ثم قال في الثالث: «الوجه الثالث: أنْ نقول بموجَبه كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه ... والكلام إنما هو في أنَّا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه» اهـ([69]).
ثانياً: علم التفسير:
كما استعمله مَنْ كتب في تفسير القرآن العظيم – عند مناقشة المخالف – بالمعنى المذكور نفسه، وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع.
ففي تفسير قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾([70]) قال بعضهم بأنَّ ورود النار في الآية بالنسبة للمؤمنين إنما هو في الدنيا، وهو ما يجدونه من حَرّ الحُمَّى؛ ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحُمَّى من فَيْحِ جهنم»([71]).
وقد أورد صاحب (أضواء البيان) جواباً لخصومهم القائلين بأن المؤمنين يدخلونها في الآخرة بمقتضى عموم الآية ولكن الله يصرف أذاها عن عباده المتقين؛ حيث قال الشيخ الشنقيطي([72]): «وأجابوا عن الاستدلال بحديث: (الحمى من فيح جهنم) بالقول بموجَبه، قالوا: الحديث حقٌ صحيح ولكنه لا دليل فيه لمحل النزاع؛ لأن السياق([73]) صريحٌ في أن الكلام في النار في الآخرة» اهـ([74]).
*       واستعمله المفسرون أيضاً بالمعنى المذكور عند البيانيين، وذلك عند تفسير الآية وبيان الوجه البلاغي فيها.
ومعنى (القول بالموجب) في علم البلاغة العربية كما سيأتي: هو أن يخاطِب المتكلمُ غيرَه بكلامٍ، فيعمد المخاطَب إلى كلمة من كلام المتكلم فيبني عليها ما يوجب عكس معنى كلام المتكلم.
وهو كما ترى لا يختلف كثيراً عن المعنى الأول([75]).
مثاله: قول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ([76]) فكلمة (الأعز) وقعت في كلام المنافقين كنايةً عن فريقهم، و (الأذل) كناية عن فريق المؤمنين، وأثبتوا لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة، فأثبت الله تعالى في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو الله ورسوله والمؤمنون، فكأنه قيل: صحيح ذلك أن الأعز يُخْرِج الأذل منها، لكن هم الأذل المخرَج، والله ورسوله الأعزُّ المخرِج([77]).
وبهذه الآية مَثَّلَ كثير من الأصوليين لـ (القول بالموجب) ([78])، مما يدل على تشابه حقيقة المعنيين البلاغي والجدلي([79]).
ثالثاً: علــم البلاغة:
استعمل البيانيون مصطلح (القول بالموجَب) وجعلوه في قسم البديع، وذلك في المحسّنات المعنوية([80])، وقد أُولعوا به حتى أفرده بعضهم بالتصنيف([81]).
ومعناه: أن يخاطب المتكلمُ غيره بكلامٍ، فيعمد المخاطَب إلى كلمة من كلام المتكلم فيبني عليها ما يوجب عكس مراد المتكلم([82]).
مثاله: قول الشاعر:
قلتُ ثَقَّلْتُ إذْ أتيتُ مراراً *** قال ثَقَّلتَ كاهليْ بالأياديْ([83])
فكلمة (ثقلتُ) وقعت في كلام المتكلم بمعنى: تثقيل المؤنة بالإتيان مرة بعد أخرى، وحملها المخاطب على معنى تثقيل المِنَن والنِّعَم([84]).
وأنت ترى أن معنى (القول بالموجب) عند البيانيين قريب مما ذكره الأصوليون؛ لأن حقيقته هنا ردّ المتكلم كلام غيره من فحوى لفظه.
وقد أشار بعض الأصوليين إلى استعمال البيانيين لهذا المصطلح؛ حيث قال ابن بدران الدمشقي([85]): «وجعله البيانيون من جملة أنواع البديع» اهـ([86]) وكذلك قال ابن النجار([87])([88]).
كما أشار بهاء الدين السبكي([89]) إلى تقارب المعنيين البلاغي والأصولي، حيث قال: «من البديع المعنوي ما يسمى (القول بالموجَب) وهو قريب من القول بالموجب المذكور في الأصول والجدل» اهـ([90]).
بل بالغ صلاح الدين الصفدي([91])، حيث قال: «اعلم أن القول بالموجب هو وإن كان نوعاً من أنواع البديع؛ فإن أرباب البلاغة أخذوه مسلَّماً من العلماء بأصول الفقه، فهم كالعيال عليهم» اهـ([92]).
قلت: لعل مما يفترقان فيه أن (القول بالموجب) عند أرباب البلاغة يقع قدحاً أو مدحاً، فأما عند الأصوليين فلا يقع إلا قدحاً.
فمثال وقوعه مدحاً ما سبق من قول الشاعر: (قلتُ ثقلتُ ... ) البيت.
ومثال وقوعه قدحاً قول الشاعر:
وقالوا قد صَفَتْ منَّا قلوبٌ *** فقد صدقوا ولكنْ من وِداديْ([93])
رابعاً: علم أصول النحو:
استعمل النحاة مصطلح (القول بالموجَب) كما استعمله الأصوليون؛ ولهذا قالوا في تعريفه: هو أن يسلِّم المعترض للمستدل ما اتخذه موجباً للعلة مع استبقاء الخلاف([94]).
مثاله: أن يستدل البصري على جواز تقديم الحال على عاملها إذا كان فعلاً متصرفاً، نحو: «راكباً جاء زيدٌ» فيقول:
جواز تقديم معمول الفعل المتصرف ثابت في غير الحال، فكذلك يجوز في الحال.
فيقول الكوفي: أنا أقول بموجَبه؛ فإن الحال يجوز تقديمها عندي إذا كان صاحب الحال مضمراً([95]).
المبحث الثاني: حجية القول بالموجب
وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: كون القول بالموجَب قادحاً في الدليل
اعلم أن القول بالموجب اعتراضٌ متوجه وقادح معتبر في الدليل عند الحنفية([96]) والمالكية([97]) والشافعية([98]) والحنابلة([99]).
فهو سؤال صحيح عند أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم، وهو سؤال وارد على الأدلة كلها غير مختص بالقياس كما صرحوا بذلك وتدل عليه كتبهم الفقهية على ما سيأتي في المبحث الأخير إن شاء الله تعالى.
قال الكنكوهي الحنفي([100]): «القول بالموجب لا يختص بالقياس بل يجري في غيره أيضاً»اهـ([101]).
وقال شهاب الدين القرافي المالكي: «القول بالموجب يدخل في العلل والنصوص وجميع ما يُسْتَدل به» اهـ([102]).
وقال عضد الدين الإيجي الشافعي([103]): «القول بالموجب لا يختص بالقياس، بل يجيء في كل دليل» اهـ([104]).
وقال علاء الدين المَرْداوي الحنبلي([105]): «وهو غير مختص بالقياس» اهـ([106]).
*  وإنما كان القول بالموجَب قادحاً؛ لأنه يتبين به أن دليل المستدل ليس وارداً على محل النزاع، وإذا خرج دليل المسألة عن الدلالة عليها لم يكن دليلاً لها باتفاق؛ قال صفي الدين الهندي: «وهو قادح في الدليل؛ لأنه إذا كان تسليم موجَب ما ذكره من الدليل لا يرفع الخلاف عَلِمْنا أن ما ذكره ليس بدليل الحكم الذي رام إثباته أو نفيه» اهـ([107]).
وقال الآمدي([108]): «ومهما توجَّهَ على هذا الوجه كان المستدل منقطعاً؛ لتبيُّن أن ما نَصَبَه من الدليل لم يكن متعلقاً بمحل النزاع» اهـ([109]).
*  هذا وقد ذكر الشيخ محمد بخيت المطيعي([110]) أن بعض الحنفية خَصَّه بالقياس([111])، يعني فلا يكون القول بالموجب قادحاً في غيره من الأدلة.
ولعله أخذ هذا من (مسلَّم الثبوت) وشرحه؛ فإنه لَخَّصَ كلامهما في هذا الموضع من غير إشارة.
حيث قال محب الله بن عبدالشكور([112]): «القول بالموجب، وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع، وحاصله منع الاستلزام حقيقةً فلا يختص بالقياس، ولا بالطَّرْدية كما عليه بعض الحنفية» اهـ([113]).
هذا ولم يُسَمِّيا هؤلاء البعض، ولم أقف في الكتب المطبوعة للحنفية ولا لغير الحنفية مَنْ ذكر أن بعضاً من الحنفية خصَّه بالقياس، نعم خصه بعض الحنفية – حين يَرِد على القياس – بالعلل الطردية دون المؤثرة، وهي مسألة سيأتي بحثها في المطلب الرابع إن شاء الله تعالى.
وقد جاءت عبارة كمال الدين بن الهُمام([114]) أحسن من عبارة ابن عبدالشكور، حيث قال ابن الهمام: «هو تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع في الحكم المقصود؛ فإن القياس حينئذ بالنسبة إليه منتفٍ، فظهر أَنْ لا وجه لتخصيصه القول بالموجب بالطردية» اهـ([115]).
المطلب الثاني
شروط اعتباره قادحاً
شرط أهل العلم بالأصول لتوجّه القول بالموجَب قادحاً في الأدلة شروطاً، أهمها:
الأول: أن يُضيف المعترضُ الحكمَ الذي نُصِب له الدليل إلى مقتضى آخر غير الذي ذكره المستدل([116]).
مثاله: أن يقول الشافعي مثلاً([117]) في مسألة تمكين المرأة العاقلة مجنوناً من الفجور بها: جنون أحد الواطئينِ لا يوجب دَرْءَ الحد عن الموصوف بالعقل كجنون الموطوءة والواطئ عاقلٌ.
فيقول الحنفي: أنا قائلٌ بموجب قياسكَ وعندي أن الجنون لا يدرء الحد، وإنما الداريء للحد خروج وطء المجنون عن كونه زناً، فالمرأة لم تمكِّنْ زانياً([118]).
ففي مثل هذا يتوجه قادح القول بالموجب، فأمَّا مع مجرد إثبات المعترض الحكم من نفيٍ أو إثبات فلا يستقيم إلا أن ينتقل المعترض إلى مذهبه([119]).
الثاني: أن لا يكـون المستـدل قد أتى في دليلـه بما يؤثـر في عـين الحـكم المتنـازع فيه، بل يكـون متعرضاً لنفـي ما يظنّـه موجِباً ومؤثراً عند خصمه والمـؤثرُ غيره، ولو صَرَّحَ المستدل بعين الحكم المتنازع فيه لم يصح القدح في دليله بالقول بالموجَب([120])، بل لا يُتَصور وروده حينئذ([121]).
قال القاضي الماوردي([122]): «وهذا إنما يختص بالحكم إذا كان مجملاً، ويصير النزاع في الحكم مانعاً من العلة أن تكون موجِبة لما ادعاه من الحكم» اهـ([123]).
وقال أبو حامد الغزالي([124]): «ولا يتأتَّى القول بالموجب مع التصريح بالحكم الذي فيه النزاع؛ فإنَّ فيه رفعاً للخلاف، وإنما يتوجه إذا أَجْمَلَ([125]) الحكمَ ... فيقول([126]) بموجَبه في بعض الصور» اهـ([127]).
مثاله: أن يقول الحنبلي مثلاً في وجوب العمرة: العمرة واجبةٌ للأمر بها في قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾([128]) والأمر يقتضي الوجوب.
فيقول المالكي مثلاً: أنا أقول بموجب دليلكَ أن العمرة يجب إتمامها، وإنما النزاع في وجوب إنشائها([129]).
ففي مثل هذا يتوجه القول بالموجب حيث لم يصرح المستدل بنفس الحكم المتنازع فيه وهو وجوب العمرة ابتداءً، ولا أتى بما يؤثر في عينه، أي لم يكن لما ذكره أثرٌ عند الخصم، بمعنى: أنَّ ما ساقه في دليله لم يكن موجِباً لصورةٍ واحدة هي عين النزاع.
الثالث: أن يبقى الخلاف مع المستدل في محل النزاع([130])؛ حيث يتبين بهذا القادح أن المستدل لم يستدل في موضع الخلاف([131]).
قال إمام الحرمين الجويني: «والغالب في ذلك أن يكون المعلِّل ذاكراً لبعض ما هو علة عند السائل، فيبين المعترض أنه ليس موجِباً على حياله»([132]) اهـ([133]).
مثاله: أن يقول الحنفي في صحة الوضوء بماء الزعفران: ماءٌ خالطه طاهرٌ، والمخالطة لا تمنع صحة الوضوء.
فيقول الشافعي مثلاً: أنا أقول بموجبه أن المخالطة لا تمنع صحة الوضوء، إنما المانع أنه ليس بماءٍ مطلق([134]).
قال إمام الحرمين: «فإن المخالطة لها أثر عند الشافعي، ولكنها بمجردها لا توجب منع الاستعمال» اهـ([135]).
الرابع: أن لا يكون المستدل قد أتى في دليله بما يوجب الحكم في جميع الصور، فلو كان حكم مأخذه عامَّاً فقال المعترض بموجبه في بعض الصور لم يصح([136]).
قال إمام الحرمين الجويني: «وقد يُوهِمُ الخصمُ القولَ بموجب العلة، فإذا هو قائلٌ به في بعض المواضع دون موضع النزاع، فيكون ملبِّساً في القول بموجب العلة» اهـ([137]).
مثاله: أن يقول الحنبلي مثلاً في مسألة سقوط القيام عن المصلي في السفينة: القيام ركن من أركان الصلاة، فلا يكـون لركوب السفينة تأثير في سقوطه، قياساً على الركوع والسجود.
فيقول الحنفي: أنا قائلٌ بموجب دليلك؛ لأن عندنا لا تأثير لركوب السفينة في سقوط القيام إذا كانت السفينة واقفة فإنه لا يجوز له أن يترك القيام، وإنما يجوز إذا كانت سائرة.
فهذا غلط لأن العلة عامَّة توجب الحكم في حال الوقوف والسير جميعاً، فلم يكن المعترض قائلاً بموجبها، وكانت العلة حجة عليه في حال السير([138]).
ومثاله من غير القياس أن يقول الشافعي مثلاً في الاستدلال على قتل المرتدة: يجب قتل المرتدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فاقتلوهُ»([139]) والأمر يقتضي الوجوب.
فيقول الحنفي: أقول بموجب دليلك وأنه يجب قتل المرتدين من الرجال، وإنما نزاعنا في المرأة إذا ارتدت.
فهذا غلط؛ لأن المأخذ من الدليل هو العموم، فلو قال بموجبه للزمه تسليم صورة النزاع، وما قاله المعترض هنا قول بالخصوص لا بالعموم، فلم يكن قائلاً بموجب الدليل([140]).
__________________
([1])   هو أبو اليسر محمد بن محمد البزدوي، فقيه حنفي أصولي، وهو أخو صاحب (أصول البزدوي)، وكان أبو اليسر إمام الحنفية فيما وراء النهر، توفي سنة 493هـ. (تاج التراجم) ص275.
([2])   (معرفة الحجج الشرعية) ص217.
([3])   هو علي بن عقيل البغدادي، فقيه حنبلي أصولي، من كتبه (الفنون) و(عمدة الأدلة) و(التذكرة) توفي سنة 513هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 1/316.
([4])   (الواضح في أصول الفقه) 2/266.
([5])   (الجدل) لابن عقيل، ص443.
([6])   هو عبدالوهاب بن علي بن عبدالكافي السبكي، فقيه شافعي من القضاة، له كتب منها (طبقات الشافعية الكبرى) و(جمع الجوامع) و(الأشباه والنظائر) توفي سنة 771هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/104.
([7])   (الإبهاج) 6/2510 ومثله في (البحر المحيط) 5/299.
([8])   هو محمد بن بهادر الزركشي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (البحر المحيط) في أصول الفقه، و(النكت على البخاري) و(ربيع الغزلان) في الأدب، توفي سنة 794هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/167.
([9])   (البحر المحيط) 5/299.
([10])   هو محمد بن محمد الطُّوسي البروي، فقيه شافعي مناظر، من كتبه (المقترح) في الجدل، و(التعليقة) في الخلاف، توفي سنة 567هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/18.
([11])   أَوْحَى: أي أسرعُ. انظر (تاج العروس) 20/280 – 281، مادة (وَحَى).
([12])   (المقترح في المصطلح) ص362 – 363.
([13])   هو عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني إمام الحرمين، فقيه شافعي أصولي من النظار، له كتب منها (النهاية) في الفقه، و(الأساليب) في الخلاف، و(الغياثي) توفي سنة 478هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/255.
([14])   هو إبراهيم بن علي الشيرازي، فقيه أصولي من أكابر الشافعية، له كتب منها (التنبيه) و(المهذب) كلاهما في الفقه، و(التبصرة) و(اللمع) و(شرح اللمع) كلها في أصول الفقه، توفي سنة 476هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/238.
([15])   هو منصور بن محمد السمعاني، فقيه شافعي أصولي، وكان أول أمره حنفياً، وهو جَدُّ السمعاني صاحب (الأنساب)، من كتبه (القواطع) في أصول الفقه، و(الاصطلام) في الخلاف، و(المنهاج لأهل السنة) توفي سنة 489هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/273.
([16])   قاله السمعاني في كتابه (قواطع الأدلة) 4/354 – 355.
([17])   (رفع الحاجب) 4/475 – 476.
([18])   (معجم مقاييس اللغة) 5/42.
([19])   (جمهرة اللغة) 2/ 976.
([20])   (شمس العلوم) 8/5661.
([21])   (لسان العرب) 11/573.
([22])   (معجم مقاييس اللغة) 5/42.
([23])   (لسان العرب) 11/572 و(تاج العروس) 15/637.
([24])   المصدران السابقان.
([25])   (المعجم الوسيط) 2/767.
([26])   (مفردات ألفاظ القرآن) ص688 و(تاج العروس) 15/637.
([27])   (لسان العرب) 11/572.
([28])   (نهاية السول) 2/900.
([29])   (لسان العرب) 1/793 و(تاج العروس) 2/463.
([30])   (شرح مختصر الروضة) 3/555 و(البحر المحيط) 5/297 و(شرح الكوكب الساطع) 2/289 و(التحبير) للمرداوي 7/3675 و(شرح الكوكب المنير) 4/339.
([31])   (المصباح المنير) ص334 و(رفع النقاب) 5/396.
([32])   (الكليات) ص867.
([33])   (الكافية في الجدل) ص69 و(روضة الناظر) 3/954 و(الإيضاح لقوانين الاصطلاح) ص207 و(الفائق في أصول الفقه) 4/249 و(عَلَم الجذل) ص78 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/176 و(شرح العضد على ابن الحاجب) 2/279 و(أصول الفقه) لابن مفلح 3/1404 و(الإبهاج) 6/2509 و(نهاية السول) 2/900 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 2/317 و(رفع النقاب) 5/396 و(التحبير) للمرداوي 7/3674 و(فواتح الرحموت) 2/356 و(النامي شرح الحسامي) 2/35 وغيرها.
([34])   هو عبدالعزيز بن أحمد البخاري، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (كشف الأسرار عن أصول البزدوي) و(شرح المنتخب الحسامي) و(شرح الهداية في الفقه) توفي سنة 730هـ. (الفوائد البهية) ص94.
([35])   (التحقيق شرح الحسامي) ص238.
([36])   (الإحكام في أصول الأحكام) 4/111.
([37])   (المقترح في المصطلح) ص129 و(شرح العضد) 2/279 و(تيسير التحرير) 4/124.
([38])   (شرح غاية السول) ص417 والمراد بالمدلول: المدلول المقصود للمستدل الذي هو محل النزاع.
([39])   (شرح اللمع) 2/871 بتصرف يسير جداً.
([40])   هو أحمد بن محمد الإسكندري، فقيه مالكي مناظر من تلاميذ ابن الحاجب، له كتب منها (الانتصاف من الكشاف) و(اختصار التهذيب) في الفقه، و(شرح تراجم البخاري) توفي سنة 683هـ. (الديباج المذهب) 1/243.
([41])   الحديث بهذا اللفظ أخرجه أحمد 11307 وابن ماجه 1805 ، 1807 وعبدالرزاق 6796 وابن أبي شيبة 10052 والبيهقي 7254 والدارمي 1661 والحاكم 1/392 وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان، وكذا صححه الألباني. انظر (موارد الظمآن) 3/75 و(التلخيص الحبير) 2/722 و(إرواء الغليل) برقم 792 والحديث قد أخرجه البخاري 1454 بلفظ: «وفي صدقةِ الغنمِ في سائمتها إذا كانت أربعينَ إلى عشرين ومائةٍ: شاةٌ ».
([42])   (البحر المحيط) 5/298 و(إرشاد الفحول) 2/943 – 944 نقلاً عن ابن المنير.
([43])   هو أحمد بن إدريس القرافي، فقيه أصولي من أكابر المالكية، له كتب منها (شرح المحصول للرازي) و(الذخيرة في الفقه) و(الأجوبة الفاخرة) توفي سنة 684هـ. (الديباج المذهب) 1/236.
([44])   الآية (1) سورة الإخلاص.
([45])   (نفائس الأصول) 8/3446 والمثال موجود أيضاً في (شرح تنقيح الفصول) ص403 و(شرح مختصر الروضة) 3/556 و(نزهة الخاطر) 2/396.
([46])   (الكافي في فقه أهل المدينة) ص88 و(مواهب الجليل) 2/292.
([47])   (روضة الطالبين) 2/3 و(نهاية المحتاج) 3/ 128.
([48])   (شرح منتهى الإرادات) 2/170 و(كشاف القناع) 2/169.
([49])   (فتح القدير) 2/156 و(حاشية رد المحتار) 2/258.
([50])   (المبسوط) 2/163.
([51])   (الحاوي الكبير) 4/116.
([52])   يقال: (سؤال) و(اعتراض) و(قادح) وغير ذلك، والمراد واحدٌ وهو الطعن في الدليل أو الاستدلال.
([53])   (نفائس الأصول) 8/3446 و(شرح العضد) 2/279 و(الإبهاج) 6/2510 و(رفع الحاجب) 4/472 و(البحر المحيط) 5/299 و(تيسير الوصول) 6/13 و(التحبير) للمرداوي 7/3675 و(الترياق النافع) 2/132 وغيرها.
([54])   هو محمد بن عمر بن الحسين الرازي، فقيه شافعي أصولي متكلم، من كتبه (المحصول) و(المعالم في أصول الفقه) و(نهاية العقول) توفي سنة 606هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/65.
([55])   (المحصول) للرازي 5/269.
([56])   هو محمد بن عبدالرحيم الأرموي الهندي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (النهاية) و(الفائق) و(الرسالة السيفية) كلها في أصول الفقه، و(الزبدة) في الكلام، توفي سنة 715هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/227.
([57])   (نهاية الوصول) 8/3459.
([58])   (الإبهاج) 6/2509.
([59])   (البحر المحيط) 5/297.
([60])   (نهاية السول) 2/901.
([61])   وذكر بعض المعاصرين – وفقه الله لكل خير – في كتابٍ له بعنوان (قوادح الاستدلال بالإجماع) جريان القول بالموجب على الاستدلال بالإجماع، وهو اجتهادٌ منه حيث لم أَرَ أحداً سبقه لهذا، وغاية ما ذكره ورود القول بالموجب على سند الإجماع، فحاصل الأمر عائد إلى القول بموجب آيةٍ أو حديث.
([62])   الأثر أخرجه البخاري 1077.
([63])   (شرح التلقين) 2/792 و(البيان) 2/289 و(المغني) 2/365.
([64])   (بدائع الصنائع) 1/180.
([65])   (رسالة الآداب) ص63 و(ضوابط المعرفة) ص456.
([66])   والأصوليون بحثوه في نوعين من مصنفاتهم، الأول في كتب الأصول العامة، والثاني في الكتب التي أفردوها في قوادح الأدلة، وهو الفن المسمى بـ (الجدل الأصولي الفقهي) أو (الجدل على طريقة الفقهاء) أو (الجدل الحَسَن)، وهذه الأسماء لفن الجدل الأصولي تشعر بأن هناك جدلاً آخر على الضد، وهو كذلك واقعٌ، ألا وهو (الجدل على طريقة المتكلمين) أو (الجدل المذموم) أو (الجدل الباطل) أو (الجُسْت) مَوَّه فيه أصحابه على الناس وإن ضمَّنوه أمثلة فقهية ومصطلحات أصولية، وقد بدأه ركن الدين العميدي ت 615هـ في كتابيه (الإرشاد) و(النفائس) ثم كتب فيه الأثير الأبهري ت663هـ كتابه (القوادح الجدلية) ثم البرهان النسفي ت687هـ في كتابيه (التهذيب) و(الفصول في الجدل) وغيرهم ممن سلك طريقتهم، وهذا الكتاب الأخير تصدى لنقضه ابن تيمية في كتابه (تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل)، وانظر للاستزادة في الموضوع (جامع المسائل) 5/396 – 397 و(تنبيه الرجل العاقل) 1/5 – 6  و(المقدمة) لابن خلدون 2/140 – 141 و(كشف الظنون) 1/579 – 580 و(أبجد العلوم) 1/257 – 259.
([67])   هو أحمد بن عبدالحليم الحراني تقي الدين ابن تيمية، فقيه حنبلي مشارك في فنون كثيرة، من كتبه (الإيمان) و(الاستقامة) و(منهاج السنة النبوية) توفي سنة 728هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 4/491.
([68])   الحديث أخرجه البخاري 5917 ومسلم 2336.
([69])   (اقتضاء الصراط المستقيم) ص174.
([70])   من الآية 71 سورة مريم.
([71])   الحديث أخرجه البخاري 5723 ومسلم 2210.
([72])   هو محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، مدرس وفقيه مفسر، من كتبه (أضواء البيان) و(دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب) و(آداب البحث والمناظرة) توفي سنة 1393هـ. (الأعلام) للزركلي 6/45.
([73])   يعني سياق الآيات.
([74])   (أضواء البيان) 4/352.
([75])   وراجع (بديع القرآن) ص314 – 315 و(معترك الأقران) 1/350 و(الإتقان في علوم القرآن) 2/285 و(ما دل عليه القرآن) ص28.
([76])   من الآية 8 سورة المنافقون.
([77])   (معترك الأقران) 1/350 و(الأطول) 2/450.
([78])   انظر (الإبهاج) 6/2510 و(رفع الحاجب) 4/472 و(البحر المحيط) 5/299 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 2/316 و(الضياء اللامع) 2/407 و(شرح الكوكب الساطع) 2/289 و(شرح الكوكب المنير) 4/340 و(مذكرة في أصول الفقه) ص522 وغيرها.
([79])   وإنما قلنا: (تشابه) لأنه ليس في الآية تسليم للدليل، وإنما تسليم للخبر، وانظر (سلم الوصول) 4/224.
([80])   انظر (المطول) ص680.
([81])   منهم صلاح الدين الصفدي؛ حيث أفرده بكتابه (الهَوْل المُعْجَب في القول بالموجَب) وهو مطبوع متداول، كما ساق الصفدي جملة كبيرة من شواهده في الشعر والنثر في كتابه (الغيث المسجم) 1/262 – 268 مع أنه قال في هذا النوع من البديع قبل سوقه تلك الشواهد: «وهذا نوع عزيز الوقوع لا يطيع مَنْ يرومه » اهـ.
([82])   (تحرير التحبير) لابن أبي الإصبع ص599 وزعم ابن حجة الحموي في كتابه (خزانة الأدب) 2/269 أن القول بالموجب يقال له أيضاً (أسلوب الحكيم)، وهذا غلط نَبَّهَ عليه ابن معصوم في (أنوار الربيع) 2/209.
([83])   البيت لابن حجاج كما في (خزانة الأدب) 2/270 – 271 واسمه: الحسين بن أحمد النِّيلي، وذكر العباسي في (معاهد التنصيص) 3/180 أنه ليس في ديوانه وأن البيت منسوب إلى محمد بن إبراهيم الأسدي، وراجع (الوافي بالوفيات) 1/357 و(النجوم الزاهرة) 5/195.
([84])   (المطول) ص681.
([85])   هو عبدالقادر بن أحمد بن مصطفى الدمشقي، فقيه حنبلي أصولي، من كتبه (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد) و(تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر) و(سبيل الرشاد) توفي سنة 1346هـ. (الأعلام) 4/37.
([86])   (نزهة الخاطر) 2/395.
([87])   (شرح الكوكب المنير) 4/341.
([88])   هو محمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفُتُوحي، فقيه حنبلي أصولي، وهو صاحب كتاب (منتهى الإرادات) في الفقه، توفي سنة 972هـ. (السحب الوابلة) 2/854.
([89])   هو أحمد بن علي بن عبدالكافي السبكي، فقيه شافعي من القضاة، وهو أخو تاج الدين صاحب (جمع الجوامع)، من كتبه (شرح التلخيص) في البلاغة، و(شرح الحاوي) في الفقه، توفي سنة 773هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/78.
([90])   (عروس الأفراح) 4/373.
([91])   هو خليل بن أيبك الصفدي، شاعر أديب معدود في الشافعية، من كتبه (الوافي بالوفيات) و(ألحان السواجع) و(جنان الجناس) توفي سنة 764هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/89 و(الدرر الكامنة) 2/87.
([92])   (الهول المعجب) ص62.
([93])   (المطول) ص681 والبيت لابن الرومي، فانظر (ديوانه) 1/525 وقال العباسي: هو لعليّ بن فضالة أو ابن الرومي. انظر (معاهد التنصيص) 3/185 – 186.
([94])   (الإغراب في جدل الإعراب) ص56 و(الاقتراح في علم أصول النحو) ص105.
([95])   (الإغراب في جدل الإعراب) ص57 و(الاقتراح) ص105 و(فيض نشر الانشراح) 2/1014 – 1015.
([96])   انظر (ميزان الأصول) 2/1070 و(المغني) للخبازي ص315 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/176 و(التوضيح) 2/94 و(فتح الغفار) 3/41 و(تيسير التحرير) 4/124 و(فواتح الرحموت) 2/356 وغيرها.
([97])   انظر (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173 و(المحصول في أصوله الفقه) لابن العربي ص140 و(تقريب  الوصول) ص384 و(تحفة المسؤول) 4/210 و(رفع النقاب) 5/396 و(نشر البنود) 2/219 و(نيل السول) ص304 وغيرها.
([98])   انظر (البرهان في أصول الفقه) 2/631 و(قواطع الأدلة) 4/363 و(المحصول) للرازي 5/269 و(الإحكام) 4/111 و(نهاية الوصول) 8/3459 و(نهاية السول) 2/900 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 2/315 وغيرها.
([99])   انظر (العدة في أصول الفقه) 5/1462 و(الواضح) 2/266 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/186 و(شرح مختصر الروضة) 3/555 و(أصول الفقه) لابن مفلح 3/1404 و(شرح غاية السول) ص417 و(شرح الكوكب المنير) 4/339 وغيرها.
([100])   هو فيض الحسن بن علي الهندي، فقيه حنفي أديب، من كتبه (حاشية على تفسير البيضاوي) و(حاشية على تفسير الجلالين) و(شرح المعلقات السبع) توفي سنة 1304هـ. (نزهة الخواطر) 8/366.
([101])   (عمدة الحواشي على أصول الشاشي) ص347.
([102])   (شرح تنقيح الفصول) ص402.
([103])   هو عبدالرحمن بن أحمد الإيجي، فقيه شافعي أصولي من القضاة، له كتب منها (المواقف في علم الكلام) و(الفوائد الغياثية) توفي سنة 756هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/27.
([104])   (شرح العضد على ابن الحاجب) 2/279.
([105])   هو علي بن سليمان المرداوي الصالحي، فقيه حنبلي مصحِّح المذهب ومنقحه، من كتبه (التحرير في أصول الفقه) و(الإنصاف) و(التنقيح المشبع) توفي سنة 885هـ. (المنهج الأحمد) 5/290.
([106])   (التحبير) للمرداوي 7/3675.
([107])   (نهاية الوصول) 8/3459.
([108])   هو علي بن أبي علي بن محمد الآمدي، فقيه شافعي أصولي متكلم، من كتبه (أبكار الأفكار) و(منتهى السول في علم الأصول) و(طريقة في الخلاف) توفي سنة 631هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/79.
([109])   (الإحكام) 4/111.
([110])   هو محمد بخيت بن حسين المطيعي، فقيه حنفي أصولي من القضاة، له كتب منها (إرشاد الأمة إلى أحكام أهل الذمة) و(الكلمات الحسان) و(المرهفات اليمانية) توفي سنة 1354هـ. (الأعلام) 6/50.
([111])   (سلم الوصول) 4/225.
([112])   هو محب الله بن عبدالشكور البهاري، فقيه حنفي، من كتبه (سلم العلوم) في المنطق، و(الجوهر الفرد) و(رسالة في المغالطات) توفي سنة 1119هـ. (نزهة الخواطر) 6/252.
([113])   (مسلم الثبوت) 2/356 ولا يبعد أن يكون قوله: (فلا يختص بالقياس) تفريعاً على قوله: (وحاصله منع الاستلزام حقيقةً) وأن يكون قوله: (كما عليه بعض الحنفية) عائداً إلى قوله: (ولا بالطردية)، فكأنه قال: لما كان حاصل هذا القادح هو منع استلزام الدليل مدلوله؛ لم يختص بالقياس بل يجري في كل دليلٍ. ثم قال: ولما كان في القياس منع استلزام العلة معلولها لم يختص بالعلل الطردية كما توهم بعض الحنفية. فعلى هذا التقرير لا يكون بعضٌ من الحنفية خصَّه بالقدح في القياس لا كما ظنَّ الشيخ المطيعي رحمه الله، ولعل هذا الذي ذكرته هو اللائق بمعنى عبارته؛ فإنه لا وجه لتخصيصه بالقياس، ولم يقل أحد قبله إن بعض الحنفية قال بهذا الاختصاص.
([114])   هو محمد بن عبدالواحد السيواسي السكندري، مُحَدِّث وفقيه حنفي أصولي، من كتبه (فتح القدير) و(التحرير في أصول الفقه) و(زاد الفقير) توفي سنة 861هـ. (الفوائد البهية) ص180.
([115])   (التحرير) لابن الهمام ص499.
([116])   انظر (البرهان) 2/632 و(قواطع الأدلة) 4/363 و(البحر المحيط) 5/300 و(إرشاد الفحول) 2/944.
([117])   إذا أثبتُّ كلمة (مثلاً) بعد مذهبٍ ما فهو إشارة إلى وجود موافق له على الحكم، وإن لم أثبت كلمة (مثلاً) بعد مذهبٍ ما فهو إشارة مني إلى انفراده بالحكم عن باقي المذاهب الأربعة، وهذا في جميع مواضع البحث.
([118])   (البرهان) 2/633 و(قواطع الأدلة) 4/364.
([119])   (قواطع الأدلة) 4/364.
([120])   أي في هذه الحالة المذكورة وهي عدم إتيان المستدل بما يؤثر في عين النزاع، وإلا فقد يصرح المستدل بعين المتنازع فيه ويرد عليه القول بالموجب؛ وذلك حين لا يستلزم دليله المدلول صراحةً، أو حين يذكر الدليل خطأً كما سبق في أول البحث عند مناقشة كلام ابن المنيِّر رحمه الله.
([121])   (البحر المحيط) 5/300 نقلاً عن إِلْكِيا الهراسي الطبري، وانظر (المنتخل) ص442.
([122])   هو علي بن محمد بن حبيب الماوردي، فقيه شافعي من القضاة، له كتب منها (الحاوي) و(الأحكام السلطانية) و(أدب الدين والدنيا) توفي سنة 450هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/230.
([123])   (الحاوي الكبير) للماوردي 6/112.
([124])   هو محمد بن محمد الطوسي الغزالي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (إحياء علوم الدين) و(الوجيز) في الفقه، و(بداية الهداية) توفي سنة 505هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/293.
([125])   يعني المستدل.
([126])   يعني المعترض.
([127])   (المنخول) ص402 – 403 وانظر (البحر المحيط) 5/300.
([128])   من الآية 196 سورة البقرة.
([129])   انظر المثال في (رفع النقاب) 5/399.
([130])   (المنتخل) للغزالي ص440 و(الإحكام) 4/112 و(علم الجذل) ص80 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/183 و(البحر المحيط) 5/300 و(الضياء اللامع) 2/409.
([131])   (قواطع الأدلة) 4/364.
([132])   على حياله: أي وحده على الانفراد.
([133])   (البرهان) 2/632.
([134])   انظر المثال في (البرهان) 2/632 و(قواطع الأدلة) 4/364 و(البحر المحيط) 5/300 و(إرشاد الفحول) 2/944 – 945.
([135])   (البرهان) 2/632.
([136])   (العدة في أصول الفقه) 5/1463 و(الملخص) 2/652 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص174.
([137])   (الكافية في الجدل) ص162.
([138])   (العدة في أصول الفقه) 5/1463 – 1464 و(الملخص) 2/652 – 653 و(المعونة) للشيرازي ص248 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص174 و(الواضح) 2/266 و(الجدل) لابن عقيل ص444 – 445  و(نهاية الوصول) 8/3460.
([139])   الحديث أخرجه البخاري 3017 ، 6922.
([140])   (الواضح) 2/266.

 

***

 

القول بالموجَب (2-3)

المطلب الثالث
الخلاف في ذِكْر سَنَد القول بالموجب
اختلف الأصوليون في وجوب إبداء مُسْتَنَد القول بالموجب على المعترض أو عدم وجوبه، أي أنه هل يجب على المعترض أن يذكر مأخذه هو بعدما رَدَّ مأخذ خصمه؟
وكان خلافهم في المسألة على قولين:
الأول: أنه يجب عليه؛ لكونه أقرب إلى ضبط الكلام وصونه عن الخَبْط؛ وذلك لأننا لو لم نكلفه بذلك لم نأمن أن يورد القول بالموجب عناداً أو قصداً منه لإيقاف كلام خصمه([1])، بخلاف ما إذا كلفناه بذلك فإنه لا يقدم على ذلك خوفاً من ظهور عناده ومكابرته([2])، ويصير هذا من باب قوله صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةُ على المدَّعي»([3]).
وهذا اختيار أبي محمد إسماعيل([4]) بن علي البغدادي ([5])، ونسبه أبو محمد ابن الجوزي([6]) إلى الجمهور([7]).
الثاني: أنه لا يجب عليه؛ لأنه قد وَفَّى بشرط القول بالموجب وهو استبقاء النزاع، فلا يكلَّف إبداء مستند قوله؛ لأنه عاقلٌ متديِّن وهو أعرف بمأخذ مذهبه، فيصدَّق فيما يقوله كما يصدَّق في سائر الأخبار.
ثم إنه لا فائدة لتكليفه بذلك؛ لأننا لو أوجبنا عليه إبداء المأخذ فأبداه فإمَّا أن نُمَكِّن المستدل من الاعتراض عليه أو أننا لا نمكنه من ذلك.
فالأول باطل؛ لما فيه من انتشار الكلام وقلب موضوع المناظرة؛ حيث يصير المستدل معترضاً والمعترض مستدلاً، ولا يخفى ما فيه من الخبط.
والثاني باطل أيضاً؛ حيث لا فائدة في إبداء المأخذ حينئذ لأنه إذا علم أنه لا يصح الاعتراض عليه فيما يقول فربما يدعي ما لا يصلح للتعليل، فيعلِّل به ترويجاً لكلامه ثقةً منه بامتناع ورود الاعتراض عليه([8])، وإذا بطل الاحتمالان لم يَبْقَ إلا عدم تكليفه بإبداء مأخذه.
وهذا اختيار أبي حامد الغزالي([9]) والآمدي([10]) وابن الحاجب([11]) ([12]) وتاج الدين السبكي([13]) وابن الهمام([14]) وابن عبدالشكور([15]) وغيرهم، وهو الراجح عند الجدليين([16])، وقال أبو محمد ابن الجوزي: اشترط الجمهور على المعترض إبداء المأخذِ والاصطلاحُ الآن على خلافه([17]).
*   قال نجم الدين الطوفي([18]): «محل القولين إنما هو في المعترض العدل، أما إذا لم يكن عدلاً أو كان معروفاً بحب الانتصار على الخصم حتى بالاسترسال في الكلام فلابد من مطالبته بالمستند؛ لئلا يفضي إلى إفحامِ المستدل بغير حق وتضييعِ فائدة النظر ونشرِ الكلام» اهـ([19]).
فائدة:قال الآمدي وغيره: أكثر وقوع القول بالموجب لأجل الغلط في المآخذ؛ لخفاء المأخذ بخلاف الحكم فإنه ظاهر؛ ولهذا يشترك العوام مع الخواص في معرفة الأحكام دون المآخذ([20]).
وقال تاج الدين السبكي: «فكم من فقيهين يعرفان مذهب الشافعي وأبي حنيفة، ثم إذا سُئلا عن مأخذهما لم يحيرا جواباً ووُجِدا حاملي فقهٍ وليسا بفقيهين، وأكثر أبناء زماننا كذلك فَوَاهاً على الفقه» اهـ([21]).

المطلب الرابع
الخلاف في كونه قادحاً في علة القياس
سبق أن القول بالموجب – باتفاق المذاهب – قادح في الدليل ومنه القياس، وإنما ذكر بعض الأصوليين خلافاً في مسألة أخرى، وهو اعتباره قادحاً في علة القياس، أي أنه هل يُعَدُّ القول بالموجب من مبطلات العلة؟
وكان خلافهم في ذلك على قولين:
الأول: إن القول بالموجب قادح في العلة، وهذا اختيار القاضي([22]) أبي يعلى([23]) وأبي إسحاق الشيرازي([24]) وأبي الوليد الباجي([25])([26]) وإِلْكِيا الطبري([27])([28]) وأبي الخطاب الحنبلي([29])([30]) وفخر الدين الرازي([31]) والآمدي([32]) وصفي الدين الهندي([33]) وغيرهم كثير.
أدلتهم:
1- إن المعترض إذا قال بموجب قياس خصمه كانت العلة في موضع الإجماع، ولا تكون متناولة لموضع الخلاف، فلا يصلح أن تكون علة لأنها حجة على المخالف فيما ينكره لا فيما يقول به([34]).
2- ولأنه إذا كان تسليم موجب قياسه لا يرفع الخلاف؛ عَلِمْنا أن ما ذكره في دليله ليس بدليلٍ للحكم المقصود([35])، يعني: أنه قد تبيَّن بورود القول بالموجب عدم استلزام العلة للمطلوب، وعدم استلزامها قدحٌ فيها([36]).
الثاني: إن القول بالموجب ليس بقادحٍ في العلة، وهذا اختيار إمام الحرمين الجويني([37]) والنقشواني([38])([39]) وتاج الدين السبكي([40]).
أدلتهـــم:
1-     إن العلة إذا جرتْ وحكمها مختلفٌ فيه، فَلَأَنْ تجري وحكمها متفقٌ عليه أَوْلَى([41]).
2-     ولأن القـول بموجب الدليل تسليـمٌ، فكيـف يكـون مفسِداً ومبطِلاً؟! هذا تناقض([42]).
*   وقد أغرب تاج الدين السبكي في التعليل لمذهبه؛ حيث قال: «هذا ما اقتضاه كلام الجدليين وإليهم المرجع في ذلك، وحينئذ لا يتجه عَدُّهُ من مبطلات العلة» اهـ([43]).
ولا يخفى ما فيه؛ فإن هذا بحث أصوليٌّ أصيل، كُتِب فيه منذ عصر متقدم من تاريخ الأمة في العلم والتصنيف، واقتبسه الكاتبون في علم الجدل الأصولي الفقهي؛ قال مُلاَّ جِيْوَنْ([44]) في قوادح القياس: «وهذا البحث هو أساس المناظرة والمحاورة، وقد اقتبس علمُ المناظرة من هذا البحث الأصولي، وجُعِلَ علماً آخر، وتُصُرِّفَ فيه بتغيير بعض القواعد وازديادها» اهـ([45]).
المناقشــــة:
لم أقف على كلام لأصحاب المذهب الثاني في مناقشة مذهب خصومهم، فأما أصحاب المذهب الأول فعلى العكس؛ حيث رَدَّ تقي الدين المُقْتَرَح([46]) على المذهب الثاني فقال: «إن أرادوا بقولهم: (لا يُبْطِل العلة) مطلقاً فمسلَّم؛ فإنها لا تبطل في جميع مجاريها.
وإن أرادوا لا تبطل في محل النزاع فغير صحيح؛ فإنه يلزم من القول بالموجب إبطال العلة في محل النزاع، وهذا هو الذي تصدَّى المعترض له، وهو إبطال علة المستدل في المحل المتنازع فيه، فلم يصح قولهم: (إنه ليس مبطلاً للعلة) إلا على تقدير إرادة أنه لا يبطلها في جميع مجاريها» اهـ([47]).
*   وأجاب الحافظ ولي الدين العراقي([48]) عن دليلهم الثاني وهو أن القول بالموجب تسليمٌ والتسليم ليس بإبطالٍ، وإلا لزم التنافي والتناقض، أجاب بقوله: «وجوابه: أنه لا تنافي في ذلك؛ لأنه ليس المراد تسليم دلالة ذلك الدليل على ما ادعاه المستدل، بل تسليم صحة ذلك الدليل لكن لا على قول المستدل بل على خلافه، فهو مبطل للعلة» اهـ([49]).
فائدة الخلاف:
اختار أبو حامد الغزالي أن الخلاف لفظي؛ حيث قال: «والخلاف عائدٌ إلى العبارة»اهـ([50])، وقـال أيضــاً في كتاب آخـر له: «وفي بطلان العلـة به خـلافٌ
لفظـي» اهـ([51]).
وكذلك فعل الزركشي حيث قال: «والخلاف لفظي» اهـ([52]).
أي: أن الفريقين وإن اختلفا في قدحه في علة القياس، إلا أنهما قائلان بقدحه في نفس القياس، فالنتيجة واحدة وهي ردُّ الدليل.
*    هذا وقد اختلف مذهب الحنفية في هذه المسألة على قولين:
الأول: أن القول بالموجب يقدح في العلل الطردية، ولا يقدح في العلل المؤثرة.
ومعنى العلة الطردية: هو أن تثبت العلة بمسلك لا يقول به الحنفية، بل يقول به غيرهم، كالدوران والإخالة([53]).
والعلة المؤثرة: هي الثابتة بمسلك يقول به الحنفية وإن وافقهم غيرهم، كالنص والإجماع([54]).
وهذا اختيار أبي زيد([55]) الدبوسي([56]) وشمس الأئمة([57]) السرخسي([58])
وفخر الإسلام([59]) البزدوي([60]) ومظفر الدين([61]) بن الساعاتي([62]) وصدر الشريعة([63])([64]) وتابعهم على هذا الأكثرون([65]).
وعَلَّلَ أصحاب هذه الطريقة في كتبهم سبب بحثهم للقول بالموجب بأنه يضطر القائلين بالعلل الطردية إلى تركها والقول بالمؤثرة.
قال مُلَّا جِيْوَنْ الصّدّيقي: «الطردية للشافعية، ونحن ندفعها على وجهٍ يلجئهم إلى القول بالتأثير.
والمؤثرة لنا، وتدفعها الشافعية ثم نجيبهم عن الدفع» اهـ([66]).
الثاني: أن القول بالموجب يقدح في علة القياس بقسميها، ولا يختص بالعلل الطردية، وهذا اختيار علاء الدين([67]) السمرقندي([68]) ومؤيد الدين([69]) القاآني([70]) وسعد الدين([71]) التفتازاني([72]) وكمال الدين بن الهُمام([73]) ومحب الله بن عبدالشكور([74])، وهو ظاهر كلام الشاشي([75])([76]) ومُلَّا خُسْرَو([77])([78]).
وعَلّلوا ذلك بأن القول بالموجب حاصله منع استلزام العلة معلولها وهو الحكم المدَّعَى، وهذا لا اختصاص له بالعلة الطردية، بل هو متصور في كل علة([79]).
 
المطلب الخامس
الخلاف في حصول الانقطاع في القول بالموجب
الانقطاع هو: عجز أحد المتناظرينِ عن نصرة مذهبه([80]).
وسُمِّي المناظر العاجز عن تصحيح قوله: (منقطعاً) لأنه عجز عن بلوغ الغرض المطلوب، مأخوذ من قولهم: «مسافر منقطع» إذا عجز عن السير وبلوغ المقصود([81]).
*   وقد اختلف العلماء فيما إذا أورد المعترض على دليل خصمه المستدل قادح القول بالموجب هل يكون المستدل منقطعاً؟ وإذا فسد القول بالموجب هل ينقطع المعترض؟
وكان خلافهم في الجملة على قولين:
الأول: وهو قول الأكثرين([82])، أن الانقطاع لأحد المتناظرين يحصل بورود القول بالموجب، فينقطع المستدل بتوجيهه، وينقطع المعترض بفساده.
أما الأول فلأنه إذا توجَّهَ صحيحاً انقطع المستدل؛ لأنه يتبيَّن به أن دليله لم يتناول محل النزاع. وأمَّا الثاني فلأنه إذا فسد انقطع المعترض؛ لأنه يتبيَّن بفساده ثبوت دليل المستدل على محل النزاع([83]).
قال علاء الدين البخاري: «هذا الاعتراض لما توجه على المستدل صار منقطعاً عند عامَّة الأصوليين» اهـ([84]).
الثـاني: وهو قول القِرْمِيْسِني([85])، أنه لا يلزم الانقطاع بورود القول بالموجب.
قال الزركشي مشيراً إلى الخلاف وسببه: «وكان الشيخ محيي الدين القِرْمِيْسِني من أئمة الأصول والجدل بالإسكندرية يذهب إلى أنه [أي القول بالموجب] تقدير التسليم وليس بتسليمٍ حقيقةً.
وحقيقته: بيان انحراف الدليل عن محل النزاع، وعلى هذا فلا يلزم منه الانقطاع، بل إن ثبت([86]) انحراف الدليل فقد انقطع المستدل، وإن ثبت أنه غير منحرف لم ينقطع المعترض، بل ينزل على أنه في مسألة النزاع، ويُوْرَد ما يليق به» اهـ([87]).
فائدة الخلاف:
قال الزركشي: «وينبني على هذا الخلاف فرعان:
أحدهما: أنه هل يجب تأخير القول بالموجب عن بقية الأسئلة؟
الثاني: أنه حيث لزم فهل هو انقطاع؟
فإن قلنا بالأول([88]) فإذا سلَّم المعترض ذلك حقيقة وتبيَّن أنه محل النزاع؛ فقد سلَّم المسألة وكان منقطعاً.
وإن قلنا بالثاني أنه عبارة عن انحراف الدليل عن محل النزاع وأنه بَيَّن ذلك بأن سَلَّم مدلول الدليل تقديراً لا تحقيقاً مع بقاء النزاع، فعلى هذا إن لزم ذلك فقد انقطع المستدل، وإن لم يلزمه لم يُحْكَم بانقطاع المعترض، بل له أن يورد بعد ذلك ما شاء من الأسئلة، وهذا هو الذي كان يختاره القِرْمِيْسِني» اهـ([89]).
تنبيهات:
الأول: قال العلامة ابن قيم الجوزية([90]): «تسليم موجَب الدليل لا يستلزم تسليم المُدَّعَى إلا بشرطين:
أحدهما: أن يكون موجبه هو المدعى بعينه أو ملزوم المدعى.
الثاني: أن لا يقوم دليلٌ راجح أو مساوٍ على نقيض المدعَى.
ومع وجود هذا المعارض لا يكون تسليم موجب الدليل الذي قد عورض تسليماً للمدعى؛ إذْ غايته أن يعترف له منازِعُهُ بدلالة دليله على المدعى، وليس في ذلك تعرضٌ للجواب عن المعارض، ولا يتم مدعاه إلا بالأمرين جميعاً» اهـ([91]).
الثاني: كون سؤال القول بالموجب آخر الأسئلة الواردة على القياس هو مختار موفق الدين([92]) بن قدامة([93]) والآمدي([94]) وابن الحاجب([95]) وغيرهم([96]).
وعللوه بأن المعترض قد سلَّم الدال والمدلول، فيكون مقراً بجميع ما يتعلق بالدليل في الجملة وهو الحكم وموجِبه مع بقاء الخلاف، وليس بعد تسليم الحكم وعلته المنازعة في واحدٍ منهما([97]).
وجعل إمام الحرمين الجويني([98]) وأبو حامد الغزالي([99]) وأبو محمد ابن الجوزي([100]) جعلوا (المعارضة) ([101]) آخر الأسئلة، قال أبو الحسن السُّهَيلي([102]): هو مختار أكثر المتقدمين([103]).
وعللوه بأنه إذا سَلِمَ الدليلُ خالياً من القوادح كلها؛ لم يَبْقَ إلا أن يورد عليه المعترض دليلاً غيره، وهو المعبر عنه بالمعارضة([104]).
الثالث: لا يخفى ما في القول بالموجب من قوة القدح في الدليل وانقطاع الخصم به، حتى قيل: إن القول بالموجب أقطعُ الأسئلة وأجودها([105]).
وقد جعله بعضهم أقوى من (النقض) ([106]) على خلافٍ ذكره فخر الدين الرازي؛ حيث قال الرازي: «وهو من القوادح، لكن العلماء اختلفوا فيه وفي النقض، فقال قائلون: إن القول بالموجب أبلغ في كونه قدحاً؛ فإنه يتبين به أنه لم يدل بَعْدُ في المسألة المسؤول عنها، والمنقوضةُ لعيبٍ في محل النزاع وإن كانت فاسدة.
ومنهم مَنْ قال: النقض أبلغ؛ فإنه يتبيّن بالنقض أن الذي أتى به ليس بدلالة رأساً، وما لا يكون دلالة أصلاً لا يكون دلالة في محل النزاع، بخلاف القول بالموجب فإن مُوْرِدَه معترفٌ بكون المذكور علة حكمٍ في الشرع وإن كان حائداً عن الغرض.
ومنهم مَنْ قال: إنهما في مرتبةٍ واحدة؛ لِعُرُوِّ محل النزاع عن إفادةِ علةِ المسؤول فيه الحكمَ المطلوبَ، فلا تقديم لواحدٍ منهما على الآخر» اهـ([107]).

المبحـــث الثالث
أقسام القول بالموجب وطرق الجواب عنه
وفيه مطلبان:
 
المطلـــب الأول
أقسام القول بالموجب الوارد على الاستدلال بالنصوص الشرعية وطرق الجواب عنها
قد سبق أن سؤال القول بالموجب يرد على استدلال المستدل بالدليل الشرعي ولا اختصاص له بالقياس، غير أن الأصوليين بحثوه في ثلاثة أنواع من الأدلة الشرعية، وهي الكتاب العزيز والسنة المشرفة والقياس.
ولما كان ما ذكروه في بحث الكتاب والسنة من أقسام القول بالموجب شيئاً واحداً لا اختلاف فيه بحثتُ ما يتعلق بهذه الأقسام الواردة على الاستدلال بالنص الشرعي في مطلب واحد؛ ولهذا فإن فخر الدين الرازي ذكر الأسئلة الواردة على الاستدلال بالكتاب العزيز وذكر منها القول بالموجب؛ ثم لما جاء إلى الأسئلة الواردة على الاستدلال بالسُّنَّة ذكر بعضها وهي ما لا يتصور وروده على الاستدلال بالآية كالقدح في الإسناد وغير ذلك، ثم ترك الكلام على بقية الأسئلة معتذراً بقوله: «وعلى الجملة: جميع الأسئلة التي ذكرناها على الاستدلال بالكتاب تعود ههنا» اهـ([108]).
*    فينقسم القول بالموجب الوارد على الاستدلال بالآية الكريمة أو الاستدلال بالحديث الشريف إلى قسمين:
القسم الأول:
أن يستدل المستدل من الآية أو الحديث بأحد الوَضْعين، فيقول المعترض بموجبه في الوضع الآخر([109]).
وذلك حين يكون اللفظ في النص الشرعي متنازعَ الوضع، فيدعي كل واحد منهما أنه موضوع للمعنى الذي يدعيه([110])، كأن يحتج المستدل من الآية أو الحديث بوضع اللغة، فيقول المعترض بموجبها في وضع الشريعة، أو يكون ذلك بالعكس، أو يحتج بوضع اللغة فيقول المعترض بالموجب في وضعٍ لغوي آخر، وكذا الأوضاع الشرعية([111]).
فالحاصل: أن المعترض ينازع خصمه في مقتضى اللفظ وموجبه، ويدعي أنه لا يتناول موضع النزاع([112]).
مثاله في الاستدلال بالكتاب العزيز:
أن يقول الحنفي مثلاً في امرأة فَجَرَ بها رجلٌ: لا تحل لابنه، لقول الله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)([113])، وهذه منكوحة أبيه، لأن النكاح هو الوطء.
فيقول الشافعي مثلاً: أنا أقول بموجب الآية أنه يحرم نكاح مَنْ تزوجها أبوه؛ لأن النكاح هو العقد، ونزاعنا إنما هو في تحريم المصاهرة بالزنا، فدليلك ليس في محل النزاع([114]).
مثاله في الاستدلال بالسنة المشرفة:
أن يستدل الشافعي مثلاً في مسألة حرمة عقد النكاح على المُحْرِم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ ولا يُنْكَح»([115]) إذْ النكاح هو العقد، والنهي يفيد التحريم.
فيقول الحنفي: أنا أقول بموجب الحديث أن النكاح محرّم على المُحْرِم، والنكاح هو الوطء، وإنما النزاع في حرمة العقد([116]).
طرق الجواب:
طريق المستدل في الجواب عن هذا القسم من وجوه:
أولاً: أن يسلك مسلك الجمع بين الوضعين، حين يمكن الجمع بين المعنيين في إرادتهما بالآية أو الخبر([117]).
*  فيقول الشافعي في المثال الثاني: نحمل لفظ (النكاح) على معنييه، فيحرم على المُحْرِم عقد النكاح والوطء جميعاً، وعندنا يجوز حمل اللفظ المشترك على معانيه دفعةً واحدة([118]).
ولا شك أن في الحمل على المعنيين تكثيراً لفوائد النص الشرعي وهو أولى، لكن يصح بشرط أن لا يلزم من حمل المستدل اللفظ على المعنيين مذهبٌ لا يقول به هو أَوْ لا يقول به أحد.
*   وفي المثال الأول يمتنع الحمل على المعنيين لأن الحنفي من مذهبه أنه لا يجوز أن يراد باللفظ المشترك معنياه دفعة واحدة([119]).
ثانياً: أن يسلك مسلكَ مَنْ أنكر وضع الشرع في الألفاظ([120])، فيقول: إنه ليس في الأسماء شيء منقول عن اللغة إلى الشرع، بل هي ألفاظ مبقاة على موضوعها في اللغة، وإنما ورد الشرع فيها بإضافة زيادات إلى ما وضع له اللفظ في لغة العرب، فيجب أن يحمل اللفظ على ما وضع له في اللغة([121]).
*   فيقول المستدل في المثال الأول: لفظ (النكاح) في عرف اللغة هو الوطء([122])، فيجب حمله في الآية على معناه اللغوي لأن الألفاظ الشرعية باقية على أوضاعها، والأصل عدم النقل.
ثالثاً: أن يقول المستدل: هذا اللفظ الذي ذكرتَه له معنيان، معنى في عرف الشرع، ومعنى في عرف اللغة، واللفظ إذا كان له عرفان في اللغة وفي الشرع حُمِل على العرف الشرعي، ولا يحمل على العرف اللغوي إلا بدليل([123]).
*   فيقول في المثال الثاني: لفظ (النكاح) في عرف الشرع هو العقد، ويراد به في عرف اللغة الوطء، وأنا قد حَمَلْتُه على معناه الشرعي، فيقدم على ما حملتَه أنت عليه وهو الوطء؛ لأن الحقيقة الشرعية راجحة على الحقيقة اللغوية.
رابعاً: أن يسلك مسلك الترجيح بين الوضعين من جهة أخرى، فيبيِّن بالدليل من سياق الآية أو الخبر أو غير ذلك من وجوه الترجيح أن المراد باللفظ ما ذكره هو لا ما ذكره المعترض([124]).
*   فيقول الحنفي في المثال الأول: كلام العرب والنصوص الشرعية تشهد بأن (النكاح) هو الوطء؛ فإنه مأخوذ من التناكح وهو الاجتماع والتداخل؛ ولذلك تقول العرب: «أَنْكَحْنا الفَرَا فَسَنَرى» ([125])، وقال الشاعر:
التاركينَ على طهرٍ نساءَهُمُ              والناكحينَ بِشَطَّي دجلةَ البَقَرا([126])
وقال الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ)([127]) وقال تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) ([128]) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ الله ناكحَ البهيمةِ»([129]) والمراد به في ذلك كله الوطء، إلى غير ذلك من الشواهد([130]).
*   ويقول الشافعي في المثال الثاني: إن النصوص الشرعية ترجح أن (النكاح) معناه العقد، فمن ذلك قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) ([131]) وقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) ([132]) وقوله تعالى: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) ([133]) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُنْكَحُ الثيِّبُ حتى تُسْتَأمَر ولا تُنْكَحُ البكرُ حتى تُسْتَأذنَ»([134])، وقال عليه الصلاة والسلام: «أَنْكَحْتُكَها على ما معكَ من القرآنِ»([135]) وقال صلى الله عليه وسلم: «تُنْكَحُ المرأةُ لأربعٍ ...» الحديث([136]) وغير ذلك كثير.
وقال صلى الله عليه وسلم: «وُلِدْتُ من نكاحٍ لا من سِفاحٍ»([137]) أثبتَ نفسه مولوداً من النكاح وغير مولود من السفاح، وهذا يقتضي أن لا يكون السفاح نكاحاً، ومعلومٌ أن السفاح وطءٌ، فدل على أن (الوطء) لا يكون (نكاحاً).
ولو حلف رجلٌ في أولاد الزنا فقال: «واللهِ إنهم ليسوا أولاد النكاح» لم يحنث([138]).
*   أو يبيِّن المستدل أن في الخبر ما يمنع حمله على ما ذكره المعترض، بأن يقول: إنه صلى الله عليه وسلم قال في هذا الحديث: «لا يَنْكِح المحرم» ثم قابله بقوله: «ولا يُنْكح» ولا يكون الإنكاح إلا العقد.
ولأنه قال في آخر الخبر: «ولا يَخْطُب»([139]) وهذا يدل على ما ذكرناه من إرادة العقد([140]).
وأنتَ ترى أن الترجيح في المثال الأول حصل بخارجيّ، وفي المثال الثاني حصل بقرائن السياق.
القسم الثاني:
أن يستدل المستدل من الآية أو الحديث بأحد الوَضْعين، فيقول المعترض بموجبه في الموضع الذي احتج به المستدل([141]).
مثاله في الاستدلال بالكتاب العزيز:
أن يستدل المالكي مثلاً في العفو عن القصاص إلى الدية من غير رضا الجاني بقول الله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) ([142]) والعفو هو الصفح والترك، فعلى الجاني إذا عفا الولي عن القصاص إلى الدية أن يتبعه بالمعروف، فيقبل ذلك ويترك التشدد.
فيقول الحنفي: أنا قائل بموجب الآية، والعفو ههنا هو بذل المال، فعلى الولي إذا بذل له القاتل الدية أن يقبل ذلك ويتبعه بالمعروف، فدليلك لم يتناول محل النزاع وهو وجوب دفع الدية على القاتل من غير رضاه([143]).
مثاله في الاستدلال بالسنة المشرفة:
أن يستدل الحنبلي مثلاً على ثبوت خيار المجلس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المُتَبايعانِ بالخيار ما لم يَتَفرقا»([144]).
فيقول الحنفي: المتبايعان هما المتشاغلان بالبيع قبل الفراغ من العقد، وهما عندي بالخيار ما داما كذلك، فأنا قائل بموجب الحديث، ودليلك لم يدل في محل النزاع وهو ثبوت الخيار بعد التفرق بالكلام في مجلس العقد([145]).
طرق الجواب:
وطريق المستدل في الجواب عن هذا القسم من وجوه:
أولاً: أن يبيِّن أن اللفظ حقيقة فيما ادعاه هو لا فيما ادعاه المعترض([146]).
*   فيقول المالكي في المثال الأول: لفظ (العفو) في أصل الوضع صريح في الصفح والإسقاط، دون البذل والأداء، فيكون (العفو) حقيقة في الترك دون البذل([147])، والكلام يحمل عند الإطلاق على حقيقته.
*   ويقول الحنبلي في المثال الثاني: كلمة (البيع) اسمٌ للإيجاب والقبول، و(المتبايعان) اسم لمَنْ وجد منهما ذلك، فمتى وُجد أحدهما لم يوجد البيع، فلا يُسَميان متبايعينِ؛ لأن (المتبايعان) هما المتفاعلان، مثل (المتناظران) و(المتخاصمان)، ولا تتم التسمية إلا بعد القبول والإيجاب([148])، فهذه حقيقة اللفظ في الحديثِ، والكلامُ يحمل على حقيقته.
ثانياً: أن يسلك مسلك الترجيح بين المعنيين، فيجعل المستدل ما ذكره من المعنى أحقّ وأظهر([149]).
*   فيقول المالكي في المثال الأول: لفظ (العفو) وإن استعمل حقيقةً في المعنيين، غير أنه في الإسقاط والترك أظهر منه في البذل، فإن ورود كلمة (العفو) في الصفح والترك أكثر، ومعناها بالإسقاط أَلْحَقُ وأشبه، وذلك في عرف القرآن والسنة.
قال الله تعالى: (وَاعْفُ عَنَّا) ([150]) أي: اتركْ لنا واصفح عنّا، وقال تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ) ([151]) وقال تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) ([152]) وقال سبحانه: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) ([153]) وقال تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ([154]) وقال سبحانه: (وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) ([155]) وقَرَنَ العفو بالغفران فقال سبحانه: (وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) ([156]).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عفوتُ لكم عن صدقةِ الخيلِ والرقيقِ»([157]) أي: تركتُ لكم، وقال عليه الصلاة والسلام في الخضروات: «عفوٌ عفا الله عنها»([158]) إلى غير ذلك من الشواهد.
واللفظ إذا احتمل معنيين وجب حمله على أظهرهما وأشهرهما، ولا يحمل على المعنى الآخر إلا بدليل([159]).
ثالثاً: أن يبيِّن بالدليل من سياق الآية أو الخبر أن المراد باللفظ ما قاله هو لا ما قاله المعترض([160]).
قال أبو الوفاء ابن عقيل: «ويسلك مسلكاً ثانياً إن وجد من سياق الآية وأمثالها ما يؤكد أحد الوضعين فيها على الوضع الآخر، فإنْ قَوِيَ الوضع لما أراده السائل صح قوله بالموجب، وإنْ قوى ما أراده المستدل اندفع القول بالموجب.
فاسلكْ ذلك أبداً تجد البغية بعون الله» اهـ([161]).
*   فيقول المالكي في المثال الأول: إن قول الله عز وجل: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) ([162]) متعلق بما تقدم ذكره؛ لأنه كناية ترجع إلى مذكور متقدم، والذي تقدم ذكره إنما هو القاتل، وذلك في قوله سبحانه: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ...) ([163]) ولم يَجْرِ للولي ذكرٌ فلا يجوز حمل اللفظ عليه([164]).
*   ويقول المستدل في المثال الثاني: إن في الخبر ما يدل على ما قلتُهُ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: «إلا بيعَ الخيارِ»([165]) وهذا الاستثناء لا يحتمل إلا المعنى الذي ذكرتُه([166]).
وأنت تلاحظ أن الترجيح في هذا الطريق حصل بمقارن، وحصل في الطريق الذي قبله بخارجي.

 

_____________________

([1])   وذلك بأن يكون ما ذكره المستدل من المأخذ هو عين مأخذ المعترض، فيسكت المعترض عن الكلام في سنده ومأخذه عناداً لأجل إبطال كلام خصمه. (تشنيف المسامع) 3/363.
([2])   (الإحكام) 4/112 و(روضة الناظر) 3/956 و(نهاية الوصول) 8/3463 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/183 و(الضياء اللامع) 2/409 و(التحبير) للمرداوي 7/3678 و(إرشاد الفحول) 2/945.
([3])   (شرح مختصر الروضة) 3/562 و(فواتح الرحموت) 2/356 والحديث أخرجه الترمذي 1341 والدارقطني 4311، 4509 ، 4510 والبيهقي 17288، 21203 وصححه الحافظ ابن حجر في (بلوغ المرام) ص477 وانظر (نصب الراية) 4/390 و(البدر المنير) 9/679 و(إرواء الغليل) 2641، 2661.
([4])   هو إسماعيل بن علي بن حسين البغدادي، فقيه حنبلي أصولي متكلم يُعْرَف بغلام ابن المَنِّيّ، من كتبه (جنة الناظر) في الجدل، و(التعليقة) و(المفردات) توفي سنة 610هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 3/140.
([5])   انظر (أصول الفقه) لابن مفلح 3/1405 و(التحبير) للمرداوي 7/3679.
([6])   هو يوسف بن عبدالرحمن البغدادي، فقيه حنبلي أصولي، وأبوه هو أبو الفرج بن الجوزي الإمام المشهور، من كتبه (المذهب الأحمد في مذهب أحمد) و(معادن الإبريز) قُتِل بسيف التتار سنة 656هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 4/20.
([7])   (الإيضاح لقوانين الاصطلاح) ص209.
([8])   (روضة الناظر) 3/956 و(الإحكام) 4/112 و(نهاية الوصول) 8/3464 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/183 – 184 و(شرح العضد) 2/279 و(البحر المحيط) 5/301 و(الضياء اللامع) 2/409 و(تيسير التحرير) 4/126.
([9])   (المنتخل) ص441.
([10])   انظر كتابيه (الإحكام) 4/112 و(منتهى السول) 3/47.
([11])   (منتهى الوصول والأمل) ص201.
([12])   هو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي، فقيه مالكي أصولي وعالم بالعربية، من كتبه (الكافية) في النحو، و(الشافية) في الصرف، و(شرح المفصل) توفي سنة 646هـ. (الديباج المذهب) 2/86.
([13])   (جمع الجوامع) 2/318.
([14])   (التحرير) ص500.
([15])   (مسلم الثبوت) 2/356.
([16])   (الترياق النافع) 2/134.
([17])   (الإيضاح لقوانين الاصطلاح) ص209.
([18])   هو سليمان بن عبدالقوي الطوفي الصرصري، فقيه حنبلي أصولي مشارك في فنون عدة، من كتبه (الرياض النواظر في الأشباه والنظائر) و(الإكسير في قواعد التفسير) و(مختصر المحصول) توفي سنة 716هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 4/404.
([19])   (شرح مختصر الروضة) 3/563.
([20])   (الإحكام) 4/111 و(التحقيق) للبخاري ص238 و(بيان المختصر) 3/244 و(الردود والنقود) للبابرتي 2/643.
([21])   (رفع الحاجب) 4/474.
([22])   هو محمد بن الحسين بن محمد الفَرَّاء، قاضٍ وفقيه حنبلي من أكابرهم، له كتب منها (أحكام القرآن) و(الأحكام السلطانية) و(المجرد في المذهب) توفي سنة 458هـ. (المنهج الأحمد) 2/354.
([23])   (العدة في أصول الفقه) 5/1462.
([24])   (الملخص في الجدل) 2/646 وقال في كتابه الآخر (شرح اللمع) 2/871: «قد ذكرتُ في (الملخص) ما يدل على فساد العلة من خمسة عشر وجهاً » اهـ، ثم انتقى منها عشرة أوجه فشرحها، وكان القول بالموجب من الخمسة التي أهمل ذكرها.
([25])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173.
([26])   هو سليمان بن خلف الباجي، فقيه مالكي من القضاة، له كتب منها (شرح المدونة) و(الحدود في الأصول) توفي سنة 474هـ. (الديباج المذهب) 1/377.
([27])   (البحر المحيط) 5/300.
([28])   هو علي بن محمد الطبري، المعروف بإِلْكِيا الهَرَّاسي، فقيه شافعي من النظار، له كتب منها (شفاء المسترشدين) و(نقض مفردات أحمد) توفي سنة 504هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/288.
([29])   (التمهيد في أصول الفقه) 4/186.
([30])   هو محفوظ بن أحمد الكَلْوَذاني، فقيه حنبلي أصولي، من كتبه (الهداية في الفقه) و(الانتصار في المسائل الكبار) و(التهذيب في الفرائض) توفي سنة 510هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 1/270.
([31])   (المحصول) 5/269 و(البحر المحيط) 5/300.
([32])   (الإحكام) 4/111 و(البحر المحيط) 5/300 و(التحبير) للمرداوي 7/3681.
([33])   (نهاية الوصول) 8/3459 و(التحبير) 7/3681.
([34])   (العدة في أصول الفقه) 5/1463 و(الواضح) 2/266 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/186 و(البحر المحيط) 5/300.
([35])   (نهاية الوصول) 8/3459 و(البحر المحيط) 5/300 و(شرح الكوكب المنير) 4/347.
([36])   (نفائس الأصول) 8/3447.
([37])   (البرهان) 2/632 و(البحر المحيط) 5/300 و(التحبير) للمرداوي 7/3681.
([38])   انظر (الضياء اللامع) 2/410 و(نشر البنود) 2/223.
([39])   لم أقف له على ترجمة، وأكثر ما يعرف عنه في كتب الأصول أن له (تلخيص المحصول) للرازي المتوفى سنة 606هـ، وأقدم مَنْ رأيته ينقل عنه هو ابن عَيَّاد الأصفهاني شارح المحصول المتوفى سنة 688هـ، فعلى هذا يكون النقشواني من علماء القرن السابع الهجري، والله أعلم.
([40])   (الإبهاج) 6/2510 و(التحبير) للمرداوي 7/3681 و(شرح الكوكب المنير) 4/347 وقال السمعاني في (قواطع الأدلة) 4/364 بأنه قول جماعة من الأصوليين. ولم يسمِّهم السمعاني.
([41])   (البرهان) 2/632 و(قواطع الأدلة) 4/364 و(البحر المحيط) 5/300 وعزاه الشوكاني في (إرشاد الفحول) 2/945 إلى الغزالي في (المنخول) وهو غلط.
([42])   (البحر المحيط) 5/300 ونحوه في (المنخول) ص402.
([43])   (الإبهاج) 6/2510.
([44])   هو أحمد بن أبي سعيد بن عبيد الله الأميتهوي الهندي، فقيه حنفي أصولي، يعرف بمُلَّا جِيْوَنْ، و(جِيْوَنْ) كلمة هندية معناها: الحياة، من كتبه (التفسير الأحمدي) و(نور الأنوار) شرح على (المنار) للنسفي، و(السوانح) توفي سنة 1130هـ. (نزهة الخواطر) 6/19.
([45])   (نور الأنوار) 2/319 ومثله في (النامي شرح الحسامي) 2/35.
([46])   هو مظفر بن عبدالله بن علي المصري، فقيه شافعي أصولي مناظر، يعرف بالمُقْتَرَح وهو اسم كتابٍ في الجدل كان يحفظه وهو للبروي، من كتبه (شرح المقترح) و(شرح الإرشاد في أصول الدين) توفي سنة 612هـ. (طبقات الشافعية الكبرى) 8/372 و(الأعلام) 7/256.
([47])   (البحر المحيط) 5/300 – 301 نقلاً عن (التعليق على البرهان) لتقي الدين المقترح.
([48])   هو أحمد بن عبدالرحيم بن الحسين العراقي، فقيه شافعي من علماء الحديث، له كتب منها (تحرير الفتاوى) و(شرح سنن أبي داود) و(شرح بهجة ابن الوردي) توفي سنة 826هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 4/80.
([49])   (الغيث الهامع) 3/768 ونحوه في (شرح الكوكب الساطع) 2/291 و(حاشية العطار) 2/361.
([50])   (المنخول) ص402.
([51])   (المنتخل) ص440.
([52])   (البحر المحيط) 5/300.
([53])   (الدوران): هو وجود الحكم بوجود وصفٍ وارتفاعه بارتفاعه. و(الإخالة): هي تعيين العلة بمجرد مناسبة الوصف للحكم. (إرشاد الفحول) 2/896، 917.
([54])   (التوضيح)لصدر الشريعة 2/94 و(حاشية الحامدي) 2/432 و(حاشية الإزميري) 2/342 و(تسهيل الوصول) ص227، 229.
([55])   هو عبيد الله بن عمر الدبوسي، فقيه حنفي، قيل بأنه أول مَنْ كتب في علم الخلاف، من كتبه (تقويم الأدلة) و(الأسرار) توفي سنة 430هـ. (تاج التراجم) ص192.
([56])   (تقويم الأدلة) ص353 و(التقرير والتحبير) 3/251.
([57])   هو محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، فقيه حنفي من أكابرهم، له كتب منها (شرح مختصر الطحاوي) و(المبسوط) و(شرح السِّيَر الكبير) توفي سنة 483هـ. (الفوائد البهية) ص158.
([58])   (أصول السرخسي) 2/266 و(التقرير والتحبير) 3/251.
([59])   هو علي بن محمد البزدوي، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (شرح الجامع الكبير) و(المبسوط) توفي سنة 482هـ. (تاج التراجم) ص205.
([60])   (أصول البزدوي) 4/175 – 176 و(التقرير والتحبير) 3/251.
([61])   هو أحمد بن علي البغدادي، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (مجمع البحرين) في الفقه، و(البديع) في أصول الفقه، توفي سنة 694هـ. (تاج التراجم) ص95.
([62])   (بديع النظام) 2/651.
([63])   (التوضيح) 2/94 و(التقرير والتحبير) 3/251.
([64])   هو عبيدالله بن مسعود المحبوبي، فقيه حنفي أصولي، يُعرف بصدر الشريعة الأصغر، من كتبه (التوضيح شرح التنقيح في أصول الفقه) والمتن له، و(شرح الوقاية) في الفقه، توفي سنة 747هـ. (الفوائد البهية) ص109.
([65])   انظر مثلاً (معرفة الحجج الشرعية) ص214 – 215 و(المغني) للخبازي ص314 – 315 و(كشف الأسرار) للنسفي 2/319 و(الوافي) للسغناقي 3/1413 و(كشف الأسرار عن البزدوي) 4/175 – 176 و(شرح المنار) لابن مَلَك ص835 – 836 و(فتح الغفار) لابن نجيم 3/40 – 41 و(الوجيز) للكراماستي ص195 و(النامي شرح الحسامي) 2/35 وغيرها.
([66])   (نور الأنوار) 2/319.
([67])   هو محمد بن أحمد السمرقندي، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (تحفة الفقهاء) في الفقه، و(اللباب) في الأصول، توفي سنة 539هـ. انظر (التحبير) للسمعاني 2/84 و(تاج التراجم) ص252 قلت: اضطربت كتب التراجم في وفاته، وقد أثبتُّ ما ذكره السمعاني لأنه تلميذه وهو أعرف به.
([68])   (ميزان الأصول) 2/1066 – 1067.
([69])   هو منصور بن أحمد الخوارزمي، فقيه حنفي أصولي، له (شرح المغني) في أصول الفقه، توفي سنة 775هـ. (الفوائد البهية) ص215.
([70])   (التقرير والتحبير) 3/251 نقلاً عن القاآني.
([71])   هو مسعود بن عمر التفتازاني، عالم بالعربية ومشارك في عدة فنون، من كتبه (شرح التلخيص) في البلاغة، و(حاشية على شرح العضد) و(الإرشاد في النحو) توفي سنة 791هـ. (بغية الوعاة) 2/285.
([72])   (التلويح) 2/94 والتفتازاني ممن اختلفوا في مذهبه الفقهي أكان شافعياً أم حنفياً؟ وقد صنف الفقيه الحنفي إبراهيم المختار بن أحمد بن عمر الجبرتي كتاباً في هذا الموضوع رجَّح فيه أنه من الحنفية، وعنوان كتابه هو: (القول الأصوب في أن سعد الدين التفتازاني حنفي المذهب) منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية. انظر (فهرست مخطوطاتها) 2/224.
([73])   ذكره ابن الهمام في موضعين من كتابه (التحرير) ص496 ، 499.
([74])   (مسلم الثبوت) 2/356.
([75])   حيث قال: «الأَسْوُِلة المتوجهة على القياس ثمانية ... » الخ ثم ساقها من غير تفريق بين الطردية والمؤثرة. انظر (أصول الشاشي) ص341.
([76])   هو أحمد بن محمد بن إسحاق الشاشي، فقيه حنفي أصولي، له (أصول الشاشي) ويُعرف بـ (الخمسين) وهو عمر المصنف حين كتبه، توفي سنة 344هـ. (الفوائد البهية) ص31، 244.
([77])   حيث قال: «وأمَّا دفعه – أي دفع القياس بدفع علته – فبوجوه ... » الخ ثم ساقها من غير تفريق بين الطردية والمؤثرة، انظر (مرآة الأصول) ص253.
([78])   هو محمد بن فراموز الرومي، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (درر الحكام شرح غرر الأحكام) والمتن له، و(مرقاة الأصول) توفي سنة 885هـ. (الفوائد البهية) ص184.
([79])   (التقرير والتحبير) 3/256 و(تيسير التحرير) 4/124 و(فواتح الرحموت) 2/356.
([80])   (الحدود في الأصول) ص79.
([81])   (العدة في أصول الفقه) 5/1535 و(الكافية في الجدل) ص556 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/250.
([82])   انظر (البرهان) 2/632 و(المنتخل) ص439 و(المقترح في المصطلح) ص148 – 149، 366 و(روضة الناظر) 3/954 و(الإحكام) 4/111 و(الإيضاح لقوانين الاصطلاح) ص209 و(الرسالة السيفية) ق 83/ب و(علم الجذل) ص80 و(شرح مختصر الروضة) 3/556 و(شرح العضد) 2/279 – 280 و(تحفة المسؤول) 4/213 و(رفع الحاجب) 4/474 و(مختصر ابن اللحام) ص159 و(تيسير الوصول) 6/18 و(التقرير والتحبير) 3/257 و(التحبير) للمرداوي 7/3680 و(فواتح الرحموت) 2/357 وفي بعض هذه المصادر نسبة هذا المذهب للجدليين، فإن أرادوا موافقتهم للجمهور فلا ضير، وإن أرادوا اختصاصهم بهذا المذهب فغلط ظاهر، وإن أرادوا انقطاع أحد المتناظرين لا المستدل وحده فلا وجه له ولا يختص بهم.
([83])   (روضة الناظر) 3/954 و(شرح مختصر الروضة) 3/556 و(تيسير التحرير) 4/126.
([84])   (كشف الأسرار عن البزدوي) 4/176.
([85])   هو علي بن محمد بن علي القرميسني (ويجوز بياء ثانية قبل النون)، فقيه شافعي من النظار، وهو من تلاميذ تقي الدين المقترح، توفي سنة 641هـ. (صلة التكملة) ص29.
([86])   أي ثبت بكلامٍ خارجي؛ لأن القول بالموجب – على حد قوله – مجرد تقدير تسليم الدليل.
([87])   (البحر المحيط) 5/298 وتبيَّن به أن سبب الخلاف بين الفريقين هو اختلافهما في حقيقة القول بالموجب هل هو تسليم مقتضى الدليل تحقيقاً أو تسليمه تقديراً؟
([88])   وهو أن القول بالموجب تسليم مقتضى الدليل حقيقةً.
([89])   (البحر المحيط) 5/298.
([90])   هو محمد بن أبي بكر بن أيوب الزُّرَعي الدمشقي، فقيه حنبلي مشارك في فنون عدة، من كتبه (زاد المعاد) و(إعلام الموقعين) و(بدائع الفوائد) توفي سنة 751هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 5/170.
([91])   (بدائع الفوائد) 4/174.
([92])   هو عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، فقيه حنبلي من أكابرهم، له كتب منها (منهاج القاصدين) و(المغني في الفقه) و(العمدة في الفقه) توفي سنة 620هـ. (الذيل على طبقات الحنابلة) 3/281.
([93])   (روضة الناظر) 3/954.
([94])   انظر كتابيه (الإحكام) 4/117 و(منتهى السُّوْل) 3/48 – 49.
([95])   انظر كتابه (منتهى الوصول والأمل) ص202 ولم يذكر بحث ترتيب القوادح في (مختصره الصغير).
([96])   انظر (مختصر ابن اللحام) ص159 و(التقرير والتحبير) 3/284 و(إرشاد الفحول) 2/966.
([97])   (روضة الناظر) 3/954 و(الإحكام) 4/117 و(التقرير والتحبير) 3/284.
([98])   (الكافية في الجدل) ص131 – 132 و(البحر المحيط) 5/347.
([99])   (المنتخل) ص520.
([100])   (الإيضاح لقوانين الاصطلاح) ص157.
([101])   المعارضة هي: مقابلة الخصم للمستدل بدليلٍ مثل دليله أو أقوى منه. (الحدود في الأصول) ص79.
([102])    هو علي بن أحمد السُّهَيلي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (أدب الجدل) و(الردّ على المعتزلة) توفي نحو سنة 400هـ. (طبقات الشافعية الكبرى) 5/246 قلت: ظنَّ بعض مَنْ ترجم له من المعاصرين أنه عبدالرحمن بن عبدالله السهيلي صاحب (الروض الأنف) وهو غلط ظاهر.
([103])   (البحر المحيط) 5/347 وراجع (قواطع الأدلة) 4/342 – 344.
([104])   (الإيضاح) ص159 و(البحر المحيط) 5/347.
([105])   (الجدل) لابن عقيل ص443.
([106])   النقض هو: وجود العلة مع عدم الحكم. (الحدود في الأصول) ص76.
([107])   (الكاشف عن أصول الدلائل) ص133 وراجع (المنتخل) ص520 و(المقترح) ص362 – 363.
([108])   (الكاشف عن أصول الدلائل) ص84.
([109])   (المعونة في الجدل) ص147، 168 و(الجدل) لابن عقيل ص328، 351.
([110])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص48.
([111])   (الملخص) 1/319 – 320 و(الواضح) 2/128 و(الجدل) لابن عقيل ص351.
([112])   (العدة) 5/1490.
([113])   من الآية 22 من سورة النساء.
([114])   (المعونة) ص147 و(الواضح) 2/128 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص78.
([115])   الحديث أخرجه مسلم 1409.
([116])   (المعونة) ص168 و(الملخص) 1/319 – 320 و(الواضح) 2/152 و(الجدل) لابن عقيل ص351 – 352.
([117])   (الملخص) 1/327 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص79.
([118])   (الملخص) 1/327 و(نهاية الوصول) 1/233 و(نهاية السول) 1/261.
([119])   انظر (كشف الأسرار عن البزدوي) 1/110 و(فواتح الرحموت) 1/201.
([120])   (الكاشف عن أصول الدلائل) ص79.
([121])   (الملخص) 1/157 و(المعونة) ص147 و(الواضح) 2/128.
([122])   (المعونة) ص147 و(الواضح) 2/128 وسيأتي قريباً إن شاء الله تعالى شواهد حمله على الوطء.
([123])   (المعونة) ص168 – 169 و(الملخص) 1/320 و(الواضح) 2/152.
([124])   (المعونة) ص169 و(الملخص) 1/158 ، 320 و(الواضح) 2/152 و(الجدل) لابن عقيل ص352.
([125])   الفَرَا: هو حمار الوحش. وهذا مثلٌ يضرب في التحذير من سوء العاقبة. (مجمع الأمثال) 2/335 و(تاج العروس) 1/210 مادة «فرأَ».
([126])   البيت لقيس بن عمرو بن مالك الحارثي المعروف بـ (النجاشي). انظر (الشعر والشعراء) 1/329 – 330 و(خزانة الأدب) للبغدادي 10/447 – 448.
([127])   من الآية 6 من سورة النساء.
([128])   من الآية 230 سورة البقرة.
([129])   الحديث لم أجده بهذا اللفظ، ووقفتُ عليه بلفظ: «لعنَ الله مَنْ وقع على بهيمةٍ » أخرجه النسائي في (السنن الكبرى) 7299 والبيهقي 17036 وذكره المتقي الهندي في (كنز العمال) 44057 بلفظ: «ألا لعنة الله ... على ناكح البهيمة » ثم قال الهندي: «أخرجه الباوردي عن بِشْر بن عطية، وضُعِّفَ » اهـ وأخرج عقوبة آتي البهيمة وهي القتل: أحمد 2420 ، 2727 وأبو داود 4464 والترمذي 1455 وابن ماجه 2564 والحاكم 4/355 وصححه ووافقه الذهبي، وضعفه البخاري وأبو داود، وقال ابن حجر: «رجاله موثَّقون إلا أنه فيه اختلافاً » اهـ وصححه الألباني. انظر (بلوغ المرام) برقم 1129 و(نصب الراية) 3/342 – 343 و(إرواء الغليل) 8/13.
([130])   (التجريد) للقدوري 9/4449 – 4451 وانظر (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص51.
([131])   من الآية 32 سورة النور.
([132])   من الآية 3 سورة النساء.
([133])   من الآية 25 سورة النساء.
([134])   الحديث أخرجه البخاري 5136 ومسلم 1419.
([135])   الحديث أخرجه البخاري 5149 ومسلم 1425 واللفظ للبخاري.
([136])   الحديث أخرجه البخاري 5090 ومسلم 1466.
([137])   الحديث أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) 10812 والبيهقي 14077 وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 3/402 – 403 وغيرهم، وضعفه الحافظ ابن حجر، وقال الذهبي: منقطع ومعناه صحيح. وحسَّنه الألباني، وأطال الحافظ ابن الملقن في ذكر طرقه. انظر (نصب الراية) 3/213 و(البدر المنير) 7/634 – 637 و(مجمع الزوائد) 8/395 و(التلخيص الحبير) 3/1201 – 1202 و(إرواء الغليل) 6/329 برقم 1914.
([138])   (التفسير الكبير) 9/20 – 21 وقد أطال الرازي فيه ذكر وجوه ترجيح معنى العقد من لفظ (النكاح) ورَدَّ أدلة الخصوم، وانظر (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص51.
([139])   هذه الزيادة أخرجها مسلم 1409.
([140])   (الملخص) 1/320 – 321.
([141])   (المعونة) ص147، 169 و(الواضح) 2/129، 152 و(الجدل) لابن عقيل ص352.
([142])   من الآية 178 سورة البقرة.
([143])   (العدة في أصول الفقه) 5/1475 و(الملخص) 1/158 و(المعونة) ص147 – 148 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص48 و(الواضح) 2/129 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص78.
([144])   الحديث أخرجه البخاري 2107 ومواضع أخرى، ومسلم 1531.
([145])   (الملخص) 1/327 – 328 و(المعونة) ص169 و(الواضح) 2/152 و(الجدل) لابن عقيل ص352 – 353.
([146])   (الملخص) 1/328 و(المعونة) ص170 و(الواضح) 2/153.
([147])   (العدة في أصول الفقه) 5/1475 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص79.
([148])   (الملخص) 1/328 – 329 و(الجدل) لابن عقيل ص353.
([149])   (الملخص) 1/328 و(المعونة) ص148 و(الواضح) 2/129.
([150])   من الآية 286 سورة البقرة.
([151])   من الآية 159 سورة آل عمران، ومن الآية 13 سورة المائدة.
([152])   من الآية 109 سورة البقرة.
([153])   من الآية 22 سورة النور.
([154])   من الآية 43 سورة التوبة.
([155])   من الآية 155 سورة آل عمران.
([156])   من الآية 99 سورة النساء.
([157])   الحديث أخرجه أحمد 711، 913، 1097 ومواضع أخرى، وأبو داود 1574 والترمذي 620 والنسائي 2479، 2480 وابن ماجه 1790 وسأل عنه الترمذي شيخه البخاري فقال: صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وكذا الألباني. انظر (نصب الراية) 2/356 و(البدر المنير) 5/556 – 557 و(صحيح الجامع) 2/806.
([158])   الحديث أخرجه الدارقطني 1915 والبيهقي 7477 والطبراني في (المعجم الكبير) 314 والحاكم 1/401 وصححه ووافقه الذهبي، وضعفه ابن دقيق العيد وابن حجر. انظر (نصب الراية) 2/386 – 387 و(الدراية) 1/263 و(بلوغ المرام) 559.
([159])   (الملخص) 1/160 – 161 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص48 – 49 و(الواضح) 2/129.
([160])   (الملخص) 1/161، 329 و(المعونة) ص148، 170 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص49 و(الواضح) 2/129، 153.
([161])   (الواضح) 2/129 – 130.
([162])   من الآية 178 سورة البقرة.
([163])   من الآية 178 سورة البقرة.
([164])   (الملخص) 1/161 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص49.
([165])   هذه الزيادة أخرجها البخاري 2111، 2113 ومسلم 1531.
([166])   (الملخص) 1/329.

 

***

القول بالموجَب (3-3)

المطلب الثاني

أقسام القول بالموجب الوارد على الاستدلال بالقياس، وطرق الجواب عنها:
اختلفت طرائق الأصوليين في تقسيم القول بالموجب الوارد على الاستدلال بالقياس، وحاصل هذا الاختلاف أربع طرق، وإليك بيانها.

الطريقة الأولى:
وعليها مشى أبو الوفاء ابن عقيل([1]) وأبو الخطاب الكَلْوَذاني([2]) وموفق الدين ابن قدامة([3]) وسيف الدين الآمدي([4]) وصفي الدين الهندي([5]).
حيث قسموا القول بالموجب إلى قسمين:
الأول: أن يكون وارداً على دليلٍ نصبه المستدل لإثبات مذهبه.
الثاني: أن يكون وارداً على دليلٍ نصبه المستدل لإبطال مذهب خصمه.

*   ووجه القسمة: «أن الحكم المرتَّب على دليل المستدل إما أن يكون إبطالَ مَدْرَك الخصم، أو إثبات مذهبه هو.
فإن كان الأول فالقول بالموجب يكون من المعترض دفعاً عن مأخذه لئلا يفسد، وإن كان الثاني كان القول بالموجب من المعترض إبطالاً لمذهب المستدل.
وذلك لأن المستدل والمعترض كالمتحاربين كلُّ واحد منهما يقصد الدفع عن نفسه وتعطيل صاحبه» اهـ([6]).

ثم القسم الأول يتنوع إلى نوعين:
النوع الأول: ما وضع للوجوب([7]).
وضابطه: أن يكون مطلوب المستدل إثبات الحكم على جهة العموم([8]).
وهو ضربان:
الضرب الأول: النفي.
مثاله: أن يقول الحنبلي مثلاً في إزالة النجاسة بالخل الطاهر: الخلُّ مائع لا يرفع الحدث، فلا يزيل النجس قياساً على الدُّهْن.
فيقول الحنفي: أقول بموجبه أن الخل لا يزيل نجاسة المائع النجس.
فلا يصح القول بالموجب هنا؛ لأن التعليل عامّ يقتضي نفي تطهير الخل للنجاسة بكل حال، جامدةً كانت أو مائعة([9]).

الضرب الثاني: الإثبات.
مثاله: أن يقول المالكي مثلاً في الصلاة على السفينة: القيام فرضٌ يلزم المصلي في غير السفينة، فيلزمه في السفينة قياساً على سائر الفروض.
فيقول الحنفي: أنا قائل بموجبه، وعندي أنه يلزمه القيام إذا كانت السفينة واقفة.
فلا يصح القول بالموجب هنا أيضاً؛ لأن التعليل عامّ يقتضي لزوم القيام في الصلاة على السفينة سائرةً كانت أو واقفة([10]).

*  فأنتَ ترى امتناع ورود القول بالموجب في هذا النوع بقسميه، أعني التعليل الموضوع للوجوب.
وقد صرح بذلك ابن رشيق المصري([11]) حيث قال: «القول بالموجب وهو لا يَرِدُ على التعليل للثبوت؛ لأنه يلزم منه انقطاع السائل، وإنما يَرِد على التعليل للجواز في بعض الصور»اهـ([12]).

أقول: وهذا ينزع إلى ما أسلفناه في شروط القول بالموجب في الشرط الرابع منها.

النوع الثاني: ما وضع للجواز([13]).
وضابطه: أن يكون مطلوب المستدل إثبات الحكم على جهة الخصوص([14]).

وهو ضربان:
الضرب الأول: النفي.
مثاله: أن يقول الشافعي مثلاً في أن القهقهة في الصلاة لا تنقض الوضوء: القهقهة غير ناقضة للوضوء خارج الصلاة، فجاز أن تكون غير ناقضة في الصلاة قياساً على سائر الأفعال كالأكل والكلام.
فيقول الحنفي: أقول بموجب قياسك، وعندي أن القهقهة لا تنقض الوضوء في صلاة الجنازة([15]).

الضرب الثاني: الإثبات.
مثاله: أن يقول الحنفي في أن الخيل تجب فيه الزكاة: الخيل حيوانٌ تجوز المسابقة عليه، فجاز أن يتعلق به وجوب الزكاة قياساً على الإبل.
فيقول الحنبلي مثلاً: أقول بموجب قياسك أنه تجب في الخيل زكاة التجارة، والنزاع إنما هو في زكاة العين، ومقتضى دليلك إنما هو وجوب أصل الزكاة([16]).

*  وأمَّا القسم الثاني فيتنوع إلى نوعين أيضاً:
النوع الأول: أن يكون مطلوب المستدل إبطال حكم الخصم([17]).
مثاله: أن يقول الشافعي مثلاً في القتل بالمثقَّل: التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص، قياساً على التفاوت في المتوسَّل إليه.
فيقول الحنفي: أنا قائل بموجب قياسك أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص، لكن القصاص يمتنع بشيء آخر نحو وجود مانع آخر أو فقدان شرط أو عدم المقتضي، وما ذكرتَه في دليلك لا يفيد شيئاً من ذلك([18]).

النوع الثاني: أن يكون مطلوب المستدل إبطال علة الخصم([19]).
مثاله: أن يقول الحنبلي مثلاً في أن الإجارة لا تنفسخ بالموت: إن الموت معنى يزيل التكليف، فلا يُبطل الإجارة قياساً على الجنون.
فيقول الحنفي: أقول بموجب دليلك أن الإجارة لا تبطل بالموت، وإنما هي تبطل عند الموت بزوال الملك؛ ولهذا عندي لو باع العين المستأجرة ورضي المستأجر بطلت الإجارة([20]).

*  وورود القول بالموجب على هذا النوع أكثر منه في النوع الأول؛ لأن خفاء العِلَل والمدارك أغلب من خفاء الأحكام؛ لكثرة المدارك والأسباب المقتضية للأحكام وتشعبها وعدم الوقوف على ما هو معتمد الخصم منها، بخلاف الأحكام فإنه قَلَّما يتفق الذهول عنها([21]).

طرق الجواب([22]):
وطريق المستدل للجواب عن قول خصمه بالموجب في القسمين ما يلي:

أولاً: أن يبيِّن أن الذي التزم فيه المعترض القول بموجبه هو محل النزاع أو من جملة صور النزاع، إما بالنقل الصريح عن كتاب معتبر، أو عن إمام متفق على علمه وعدالته([23]).
ثانياً: أن يبين أن النزاع إنما هو فيما أقام له الدليل، إما بإقرار سابق من المعترض أو اعتراف منه بعد البيان له، أو يقول مثلاً: (إنما فرضنا الكلام في نقض الوضوء بالقهقهة في صلاة الفريضة لا صلاة الجنازة) فيكون المستدل قد أفتى بما وقع مدلولاً لدليله، وفرض المعترض الكلام معه فيه، وطالبه بالدليل عليه، فإذا قال بالموجب بعد ذلك كان مسلِّماً لما وقع النزاع فيه([24]).
ثالثاً: أن يبيِّن شهرة الخلاف في لقب المسألة، بأن يقول: (الخلاف فيما فرضنا فيه الكلام مشتهر بين أهل العرف؛ حيث جرتْ عادتهم المناظرة في هذه الصورة)، وحينئذ فلا يسمع من المعترض العدول عنه؛ لأنه إنكار لما اعترف به؛ فإن شهرة ذلك دليل إقراره بأن الخلاف واقع فيه؛ ولأنه أيضاً نوع مراوغة ومغالطة ودعوى جهلٍ بالمشهورات، فهو كمَنْ نشأ في بلاد الإسلام وشرب الخمر وزنى مدعياً الجهل بتحريم ذلك([25]).
رابعاً: أن يبيّن أن في قول المعترض بالموجب تغيير للكلام عن ظاهره، ورجوع عما سأل عنه، بأن يقول مثلاً: معنى قولي إن الزكاة تتعلق بالخيل هو التعلق بعينها، فقولك بأن موجب الدليل الذي سَلَّمتَ به هو زكاة قيمتها في التجارة تغيير لكلامي عن ظاهره فلا يُسْمَع، لاسيما وقد عَرَّفتُ (الزكاة) بأل العهدية، فيرجع إلى الزكاة المعهودة([26]).
وهذا قريب مما سبق من الجواب بشهرة المراد من محل النزاع([27]).
خامساً: أن يبيِّن أن عموم مأخذه أو ظهوره يمنع من بقاء الخلاف بعد القول بموجبه، وشرط القول بالموجب استبقاء الخلاف.
فيقول مثلاً في مسألة السفينة: ما ذكرتُه من التعليل عامّ يقتضي فَرْضية القيام في السفينة الواقفة والسائرة، فلو قلتَ بموجبه لزمك التسليم بمحل الخلاف([28]).
سادساً: أن يفسِّر له الدليل واقتضاءه لحكم المسألة، فقد يكون المعترض غير معاند ولا مراوغ، بل يكون جاهلاً بدلالة الدليل.
وتفسيره بأن يقول: أنت سألتني عن كذا وطالبتني بالدلالة عليه، وقد دللتُ عليه بما ذكرتُه، وهو دالٌّ على حكم ما سألتَ عنه لأجل كذا وكذا، فقد طَبَّقْتُ الحكم عليه، فلا يَرِدُ القول بالموجب على دليلي لأنه رجوعٌ بعد التسليم([29]).
ومن ذلك أن يفسر المستدل كلمة موهمة في دليله بنى عليها المعترض القول بالموجب ظانَّاً بقاء النزاع بعد التسليم بها.
مثاله: أن يقول الحنفي في إزالة النجاسة بالخل: إن الخل مائعٌ طاهر مزيل لعين النجاسة وأثرها، فتجوز إزالة النجاسة به قياساً على الماء.
فيقول الشافعي مثلاً: أقول بموجبه فإنه يجوز ذلك عندي ولا حرج عليه فيه.
غير أن الكلام فيما وراء الإزالة وهو حصول الطهارة أو عدم حصولها، فجوابه بأن يفسّر له (الجواز) بالاعتداد به وترتّبِ الحكم عليه([30]).
سابعاً: أن يبيّن لزوم حكم محل النزاع لوجود مقتضيه مما ذكره في الدليل إن أمكنه بيانه.
مثل أن يقول في مسألة القتل بالمثقَّل: يلزم من كون التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص وجود مقتضي القصاص، إما بناءً على أن وجود المانع وعدمه قيام المقتضي؛ إذْ لا يكون الوصف مانعاً بالفعل إلا لمعارضة المقتضي، وذلك يستدعي وجوده؛ ولذلك لما كان الحكم يدور مع مقتضيه وجوداً وعدماً لم يصح عرفاً الاهتمام بسلب المانع إلا عند قيام المقتضي، وإلا فالاهتمام بسلب المقتضي أولى.
أو أن يقول المستدل للمعترض: إذا سلَّمتَ أن تفاوت الآلة لا يمنع القصاص، فالقتل المزهق هو المقتضي، وهو موجود في مسألتنا([31]).
ومن هذا القبيل أن يبيِّن للمعترض أن ما ذكره وإن لم يكن محل الخلاف، لكن يلزم منه الحكم في محل الخلاف.
مثاله: أن يقول الشافعي مثلاً في المسلم الذي قتل ذمياً: لا يجوز قتل المسلم بالذمي كما لا يجوز قطعه بسرقة ماله، بجامع أن كلاً حدّ شرعي.
فيقول الحنفي: أنا أقول بموجبه، فإنه عندي غير جائز بل هو واجب.
فجوابه أن يقول: يلزم من عدم الجواز عدم الوجوب قطعاً؛ لأن المراد من عدم الجواز الحرمة والمنع من الفعل لا نفي خصوص الإباحة، ويلزم من ذلك انتفاء الوجوب؛ إذْ يستحيل لزوم التبعة بفعل الواجب([32]).
ثامناً: أن يبيِّن أن اعتراضه ليس قولاً بالموجب، بأن يقول: (ما ذكرتَه إنما يكون قولاً بالموجب أَنْ لو كان موجَب دليلي حاصلاً فيه بتمامه، لكنه غير حاصل فيه لأنه فَقَدَ المعنى الفلاني وهو مدلول الدليل) أو نحو ذلك مما يقتضي كونه ليس قولاً بموجب العلة([33]).
مثاله: أن يقول الشافعي مستدلاً على جواز القصاص في الطرف قبل اندمال الجرح: القصاص فيما دون النفس أحد نوعي القصاص، فجاز أن يثبت معجَّلاً قياساً على القصاص في النفس.
فيقول الحنفي مثلاً: أنا أقول بموجبه؛ فإن عندي يجوز أن يثبت معجلاً، وهو ما إذا قطع يداً لرجُل، فجاء رجلٌ آخر في الحال فقتله عقيب القطع، فههنا يثبت القصاص في الطرف معجلاً.
فجوابه أن يقول الشافعي: هذا ليس قولاً بموجب العلة؛ لأنَّ هناك يثبت القصاص مؤجلاً ثم يعجّل بعد ذلك بالقتل، وتعليلي يقتضي أن يثبت ذلك في الابتداء معجلاً، وأنت لا تقول به، فلم يصح لك القول بالموجب([34]).
تاسعاً: أن يجعل دليله دالاً على الأمرين، بأن يقول: أنا أجمع بين المعنيين، المعنى الذي ذكرتُه في دليلي، والمعنى الذي قلتَ بموجبه، فلا يكون قولك بالموجب قدحاً في دليلي.

وهذا جواب صحيح بشرطين:
أحدهما: أن لا يكون بين المعنيين تضادٌّ؛ حتى يمكن للمستدل التزامهما.
ثانيهما: أن يصح أن يُراد بذلك اللفظِ المعنيان، إما في اللغة أو في عرف الشرع، وكذا يشترط في العلة أن تصلح لاقتضاء الحُكمين([35]).
مثاله: ما سبق من مسألة نقض الوضوء بالقهقهة في الصلاة حيث يقول الشافعي مثلاً: القهقهة لا تنقض الوضوء خارج الصلاة، فلا تنقضه في الصلاة قياساً على الأكل.
فيقول الحنفي: أنا قائل بموجبه، وعندي أن القهقهة لا تنقض الوضوء في صلاة الجنازة.
فيجيب الشافعي: أنا أجمع بين الأمرين، فلا تنقض القهقهة الوضوء في صلاةِ الفريضة وصلاةِ الجنازة قياساً على الأكل.

الطريقة الثانية:
وعليها مشى أبو إسحاق الشيرازي([36]) وأبو حامد الغزالي([37]) وفخر الدين الرازي في (الكاشف) ([38]).
حيث قسموا القول بالموجب إلى قسمين:
الأول: أن يكون منصوباً لإبطال علة الخصم.
الثاني: أن يكون منصوباً لإبطال الحكم عند الخصم.

*     ثم القسم الثاني يتنوع نوعين:
أحدهما: ما ينصب للوجوب.
ثانيهما: ما ينصب للجواز.

*   و الحق أن هذه الطريقة راجعة إلى الطريقة الأولى، وهذا ظاهر بأدنى تأمُّل؛ ولذا تشابهت الأمثلة عند الفريقين، وتوافقت طرق الجواب عنها.
وإنما الاختلاف في أن الطريقة الأولى أشمل من جهة التقسيم وتفريع الأنواع، والمذكور هنا بعضها، وهذا غير مستغرب فإن الرازي في (المحصول) قسَّم القول بالموجب إلى قسمين: أحدهما وقوعه في جانب النفي، والآخر وقوعه في الإثبات([39])، وهذا هو بعض الطريقة الأولى كما رأيتَ.
كما أن أبا الوليد الباجي اكتفى في تقسيمه بأنْ جعله قسمين: أحدهما ما وضع للوجوب، والآخر ما وضع للجواز([40]).

*  هذا وقد اقتصر نجم الدين الطوفي في (عَلَم الجذل) على ذكر هاتين الطريقتين، ولم يذكر الطريقة الثالثة الآتية إن شاء الله تعالى.
حيث قال الطوفي بعد أن عَرَّف القول بالموجب: «ثم لتقسيمه طريقان مذكورتان في الكتب:
إحداهما: أن الحكم الذي يذكره المستدل إما أن يكون مذهب إمامه، أو إبطال مَدْرَك الخصم ...
الطريق الثانية: أن التعليل إما أن يتعرض لعلة الخصم، أو لحكم المسألة» اهـ([41]).

الطريقـة الثالثة:
وعليها مشى ابن الحاجب([42]) وشمس الدين([43]) بن مفلح([44]) وتاج الدين السبكي([45]) وسعد الدين التفتازاني([46]) وكمال الدين بن الهُمَام([47]) وعلاء الدين المرداوي([48]) ومحب الله بن عبدالشكور([49]).

حيث قسموا القول بالموجب إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يستنتج المستدل من الدليل ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه.
مثاله: أن يقول الحنبلي مثلاً في القتل بالمثقَّل: قتل بما يقتل غالباً، فلا ينافي وجوب القصاص قياساً على الإحراق.
فيقول الحنفي: أنا أقول بموجب دليلك، وعدم المنافاة ليس محل النزاع – وهو وجوب القصاص – ولا يستلزمه([50]).

الثاني: أن يستنتج المستدل من الدليل إبطال أمرٍ يتوهم أنه مأخذ الخصم.
مثاله: أن يقول المالكي مثلاً في القتل بالمثقَّل: التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص قياساً على المتوسَّل إليه([51]).
فيقول الحنفي: أقول بموجبه أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص، لكن الحكم لا يثبت إلا بانتفاء الموانع ووجود الشرائط ووجود المقتضي، وغاية ما ذكرتَه عدم مانعٍ خاص، فلا يلزم منه انتفاء جميع الموانع ولا وجود جميع الشرائط ولا وجود المقتضي، فلا يلزم ثبوت الحكم، فيبقى النزاع قائماً.

*   وأكثر القول بالموجب من هذا القسم لكثرة المآخذ وكثرة الغلط فيها لخفائها، بخلاف الحكم فيقل الذهول عنه([52]).

الثالث: أن يسكت المستدل عن مقدمة صغرى غير مشهورة([53])، فَيَرِدُ القول بالموجب من أجل حذفها.
مثاله: أن يقول الشافعي مثلاً في وجوب النية للوضوء: كل ما ثبت أنه قُرْبة اشترط فيه النية، قياساً على الصلاة.
ويسكت عن المقدمة الصغرى وهي: (الوضوء ثبت أنه قربة).
فيقول الحنفي: أنا قائلٌ بموجبه أن كل قربة يشترط لها النية، ولا يلزم من هذا اشتراط النية للوضوء.
ولو ذكر المستدلُّ الصغرى لم يَرِدْ إلا المنع؛ حيث يقول الحنفي: لا أسلِّم أن الوضوء قربة([54]).

*   والذي يظهر أن معظم ما في هذه الطريقة راجع إلى الطريقتين السابقتين، أمَّا القسم الأول فراجع إلى إبطال الحكم فإنه هو محل النزاع، وأما الثاني فراجع إلى إبطال علة الخصم التي هي مأخذه، وأمَّا القسم الثالث فلا يُعْرف أحدٌ سبق ابن الحاجب إليه، فهو أول مَنْ أتى به، ثم تابعه عليه مَنْ سبق ذكرهم.
وقد نَبَّه على هذا قطب الدين الشيرازي([55]) في (شرحه على مختصر ابن الحاجب) حيث قال: (قال الآمدي: «وهو منحصرٌ في قسمين»([56]) والمصنف زاد عليه القسم الثالث، وما عثرتُ عليه في شيء من الكتب المصنفة في هذا الفن مما وقعتْ إليَّ) اهـ([57]).

*   وقد نظر بعضهم في هذا القسم، حتى قال ابن عبدالشكور: «أقول: ههنا نظر، وهو أن القول بالموجب فرع الموجَبية، والكبرى وحدها ليست بدليلٍ، ولا موجَب لها حتى يُسَلَّم» اهـ([58]).
أقول: فلعله لأجل هذا اقتصر أبو محمد ابن الجوزي على القسمين الأولين، وصَفَحَ عن ذكر الثالث([59]).

طرق الجواب:
*   أمَّا القسم الأول فجوابه ببيان أن الناتج هو محل النزاع أو ملزومه، كما لو قال المالكي مثلاً: لا يجوز قتل المسلم بالذمي لعدم المكافأة بينهما، قياساً على قتله الحربيّ.
فيقول الحنفي: أنا قائل بموجبه، وعندي لا يجوز لكنه يجب قتله به؛ فإن قولك (لا يجوز) نفيٌ للإباحة، ونفي الإباحة ليس نفياً للوجوب ولا يستلزمه.
فيقول المستدل: أنا أعني بقولي (لا يجوز) الحرمة، وثبوت التحريم مستلزم لنفي الوجوب؛ لاستحالة الجمع بين الوجوب والحرمة.

*   وجواب القسم الثاني بأن يبيِّن المستدل أنَّ ما ذكره هو المأخذ لاشتهاره، أو بالنقل عن أئمة مذهب خصمه.

*   وجواب القسم الثالث ببيان أن حذف إحدى المقدمتين سائغٌ عند العلم بالمحذوف([60])، وهذا المحذوف مرادٌ عندي، والدليل هو مجموع ذلك لا المذكور وَحْده([61]).
قال تاج الدين السبكي: «وكتب الفقه مشحونة بذلك، بل لا ترى قياساً مصرحاً فيه بالمقدمتين والأصلِ إلا على النُّدْرة، وما ذلك من الفقهاء – الذين هم أساطين([62]) الأقيسة – إلا اختصاراً وتركاً لما هو مشهور أو معلوم، بحيث يصير ذكره تطويلاً وتضييعاً للزمان بلا فائدة» اهـ([63]).

*   وقد يجاب عن الأقسام الثلاثة بقرينةٍ أو عَهْدٍ أو نحو ذلك([64]).

الطريقة الرابعة:
وعليها مشى أبو العباس الزليطني([65]) المعروف بـ (حلولو) ([66])، وعبدالله بن إبراهيم الشنقيطي([67]) صاحب (مراقي السعود) ([68])، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي([69]).
حيث قسم حلولو ومتابعوه القولَ بالموجب إلى أربعة أقسام، فذكروا الثلاثة التي أشار إليها صاحب المتن – أعني التاج السبكي في جمع الجوامع – وزادوا رابعاً، وهو أن يَرِدَ القول بالموجب لشمول لفظ المستدل وعمومه لصورةٍ متفق عليها، فيحمله المعترض على تلك الصورة ويستبقي النزاع فيما عداها.
مثاله: أن يقول الحنفي في زكاة الخيل: الخيل حيوانٌ يُسَابَق عليه، فتجب فيه الزكاة قياساً على الإبل.
فيقول المالكي مثلاً: أقول بموجبه إذا كانت الخيل للتجارة.
وهو أضعف الأقسام؛ لأن حاصله مناقشة في اللفظ، فيندفع بمجرد العناية، أي بقول المستدل: عَنيتُ به زكاة رقابها([70]).

*   وهذا الرابع قد سبق بمثاله في الطريقة الأولى.

تنبيهات:

وهذه تنبيهات مهمة تتعلق بهذا المبحث:
الأول: ذكر قطب الدين الشيرازي أن بعض الأصوليين بالغَ فَقَطَعَ المستدل حتى بعد جوابه عن القول بالموجب([71]).
قلت: لم يسمِّ أحداً منهم، وقد عرفتُ منهم واحداً وهو أبو الخير التبريزي([72]) في كتابه (تنقيح المحصول)؛ فإنه قال: «لكنه إذا ورد كان انقطاعاً، ولا ينفعه بيان لزوم المتنازع فيه من تسليم ما رتَّبه؛ فإنَّ مؤاخذة الحَيْد لا تندفع به، ويلتزم به عدم ذكر تمام الدليل في مقام مطالبته به؛ ليبيَّن أنَّ ما ذكره أولاً إحدى مقدمتي دليل الحكم المطلوب، بل ينبغي أن يفسر كلامه بما يتضمن دعوى محل النزاع، فيقول: أعني به أن الزكاة لا تمتنع عند ركوب الدّيْن، والقصاص لا يمتنع عند كون القتل بالمثقَّل، وبالزكاة المذكورة بالألف واللام ذلك المعهود» اهـ.
هكذا نقله عنه القرافي وسكت عنه([73])، وعندي أنَّ تعليله عليلٌ في الشِّقّين.

أما الشِّق الأول فلأنه لا يتأتى في معظم أقسام القول بالموجب، فلا يصح تعميم المسألة، وإنما يصح في قسم واحد وهو سكوت المستدل عن مقدمة دليله الصغرى، حيث يتبين بالقول بالموجب أنه لم يَسْتوفِ الدليل وإنما اقتصر على بعض أجزائه.

وأما الشِّق الثاني فلأنه لا يتأتى مع شهرة المسألة بين النُّظَّار أو وجود قرينة لفظية أو عهدية، أو وقوع الدليل بعد سؤال السائل المعترض، ومجرد العناية من المستدل بعد ورود القول بالموجب ليس مسوِّغاً لعدم قبول جوابه حين لم يذكر تفسير دليله أولاً؛ فإنَّ احتمالَ الغفلة أو الوثوق بفهم الخصم واردٌ.

الثاني: ظهر مما سبق من أقسام القول بالموجب الوارد على الاستدلال بالنص أو بالقياس أن هذا القادح قد يورده المعترض ابتداءً أو بعد تأويلٍ ما.
وهذا الذي نستنبطه مما سبق في أقسامه وأمثلته قد صَرَّح به شهاب الدين القرافي حيث قال: «المنقول تارةً يقول بموجبه بعد تأويلٍ يعضده بدليلٍ، وتارةً ابتداءً.
وكذلك العلة، تارة يقول بموجبها بعد بيان تحقيقه، وتارة ابتداءً» اهـ([74]).

الثالث: قد يقول قائلٌ: ما غرض المستـدل – فيـما سبـق في بعض أقسام القول بالموجب – حين يعدل في دليله عن لفظ الثبوت أو الوجوب أو اللزوم إلى لفظ (الجواز)؟
وقد أجاب إمام الحرمين الجويني عن ذلك بقوله: «بلفظ (الجواز) يَفِرُّ عن النقض فيقع في محنة القول بموجب العلة، وذلك النزاع أبلغ في الإفساد من النقض؛ لأنه يحتاج إلى أسئلة أخرى في موضع، والنقض يمكن دفعه بتفسيرٍ أو زيادة في نفس ما ابتدأ به دلالةً وعلةً»اهـ([75]).

*    وهذا الغرض بعينه وُجِد في عدول المعترض عن إبطال الحكم عند خصمه إلى إبطال مأخذه.
حيث قال البَرُّوي: «وأكثر ما يوقع الناس في هذه الورطة احترازهم عن النقوض؛ فإنه لو قال: (ثبوت حق القصاص يقتضي جواز الاستيفاء وقد تحقَّق بعد الالتجاء)([76]) انتقض عليه بالحامل([77])، فيحترز عن النقض بالتعرض للمأخذ، فيتهدف لسهمٍ أَوْحَى([78]) نفاذاً منه وهو القول بالموجَب، وهو كمَنْ فَرَّ من أدنى مطرٍ فوقف تحت ميزاب» اهـ([79]).

المبحــــث الرابــع:
تطبيقات أصولية وفقهية على القول بالموجَب

وفيه مطلبان:
المطلب الأول
تطبيقات أصولية على قادح القول بالموجب.
كما أن الأصوليين بحثوا القول بالموجب بحثاً نظرياً تأصيلياً؛ فإنهم بحثوه بحثاً تطبيقياً في عين مصنفاتهم الأصولية، حيث استعملوه قادحاً في دليل الخصم المطلوب به إثبات مسألة في أصول الفقه، وقد اخترتُ ثلاثة نماذج تطبيقية من هذه المسائل.

المسألة الأولى: حجية القياس:
استدل نفاة حجية القياس بقول الله تعالى: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ([80]) وقوله سبحانه: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ([81])، والحكم بالقياس قولٌ بما لم يُعْلَم([82]).
وقد أجاب الآمدي عن هذا الاستدلال بقوله: «أنَّا نقول بموجَب الآيتين؛ وذلك لأنَّا إذا حكمنا بمقتضى القياس عند ظنِّنا به فحكمنا به يكون معلوم الوجوب لنا بالإجماع لا أنه غير معلوم» اهـ([83]).

* وفي المسألة نفسها استدل نفاة القياس بقوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) ([84]) قالوا: والحكم بالقياس هو حكم بغير ما أنزل الله تعالى([85]).
وأجاب الآمدي بقوله: «وأما قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) فنحن نقول بموجبه؛ فإنَّ مَنْ حكم بما هو مستنبط من المُنْزَل فقد حكم بالمُنْزَلِ» اهـ([86]).
يعني: والقياس مستنبطٌ من المُنْزَل.

*  وفي المسألة نفسها استدل نفاة القياس أيضاً بقول الله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) ([87]) وقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ([88]) وهذا يدل على أن الأحكام الشرعية كلها مبيَّنة في الكتاب، وليس فيها ما يحتاج فيه إلى القياس([89]).
وقد أجاب أبو إسحاق الشيرازي حيث قال: «إنَّا نقول بموجب الآية، وأنه أَكْمَلَ الدينَ ولم يُفَرِّط في الكتاب من شيء، ولكن القياس دلَّ عليه الكتاب وأكمل به الدين، كما أنَّ ما بُيِّن بالأخبار والإجماع مما دلَّ عليه الكتاب وأكمل به الدين» اهـ([90]).

المسألة الثانية: حجية قول الشيخين:
استدل المثبتون حجية قول الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا باللذَيْنِ من بعدي أبي بكرٍ وعمر»([91]) فلو لم يكن قولهما حجة ما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الاقتداءَ بهما([92]).
وقد أجاب أبو حامد الغزالي عن هذا الاستدلال بجوابين فقال في الثاني منهما: «ثم نقول بموجبه، فيجب الاقتداء بهما في تجويزهما لغيرهما مخالفتهما بموجب الاجتهاد» اهـ([93]).
وبمثله أجاب فخر الدين الرازي حيث قال: «إنَّا نقول بموجبه، فيجوز الاقتداء بهما في تجويزهما لغيرهما مخالفتهما بموجب الاجتهاد» اهـ([94]).

المسألة الثالثة: نقل الخبر بالمعنى:
احتج مَنْ منع رواية الحديث بالمعنى بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأدَّاها كما سمعها»([95]) فدل على وجوب تبليغه كما سمعه بلفظه ومعناه([96]).
وقد أجاب الآمدي عن هذا بقوله: «والجواب عن النص من وجهين:
الأول: القول بموجبه؛ وذلك لأنَّ مَنْ نقل معنى اللفظ من غير زيادة ولا نقصان يصح أن يقال: أدَّى ما سمع كما سمع» اهـ([97]).

المطلب الثاني
تطبيقات فقهية على قادح القول بالموجَب

مع أنه قد سبق في ثنايا البحث النظري أمثلة فقهية على سؤال القول بالموجب منقولة من الكتب الأصولية، غير أني رأيت أن أزيد في هذا المطلب نماذج أخرى تطبيقية جميعها من المدونات الفقهية مقتصراً على ثلاثة لكل مذهب، أولها في قولٍ بالموجب واردٍ على الاستدلال بالكتاب، وثانيها على الاستدلال بالسُّنَّة، وثالثها على القياس، فانتظم هذا المطلب ثنتي عشرة مسألة، ولله الحمد والمنة، وإليك هذه المسائل مرتبة على المذاهب([98]).

أولاً: المذهب الحنفي:
المسألة الأولى: لفظ (السَّراح) و(الفراق) من كنايات الطلاق:
يستدل الشافعية مثلاً على أنَّ قولَ الرجل لامرأته: «سَرَّحْتُكِ» أو «فارقتُكِ» لفظٌ صريح يقع به الطلاق بقول الله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) ([99]) والتسريح هو التطليق، وقوله سبحانه: (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) ([100]) والمفارقة هي التطليق([101]).
وقد أجاب علاء الدين الكاساني([102]) بقوله: «ولا حجة في الآيتين؛ لأنَّا نقول بموجبهما أن (السراح) و(الفراق) طلاقٌ، لكنْ بطريق الكناية لا صريحاً» اهـ([103]).

المسألة الثانية: وجوب الأضحية:
يستدل المالكية مثلاً على أن الأضحية سنة فحسب بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاثٌ كُتِبَتْ عليَّ ولم تُكْتَبْ عليكم: الوترُ والضُّحى والأضحيةُ»([104]) أو كما ورد([105]).
وقد أجاب الكاساني بقوله: «وأما الحديث فنقول بموجَبه أن الأضحية ليست بمكتوبة علينا، ولكنها واجبة وفرقٌ ما بين الواجب والفرض كفرق ما بين السماء والأرض»اهـ([106]).
وقال سِبْط ابن الجوزي([107]): «ولو صحَّ قلنا بموجبه؛ فإن الأضحية لم تُكْتَب علينا وإنما هي واجبة، وبين المكتوب والواجب من الفَرقِ كما بين القَدَم والفَرْقِ»([108]) اهـ([109]).

المسألة الثالثة: إذا وَجَدَ ماءً لا يكفيه للوضوء تيمم ولا يستعمله:
يستدل الحنابلة مثلاً على أن واجد الماء الذي لا يكفيه للوضوء يجب عليه أن يستعمل الماء ثم يتيمم بقياسٍ قالوا في تقريره: إن تعذُّر غسل بعض الأعضاء لا يكون سبباً في سقوط فرض ما يقدر عل غسله منها، قياساً على مَنْ جُرِحتْ بعض أعضائه([110]).
وللحنفية والمالكية أن يجيبوا بالقول بالموجب، وكذلك فعل أبو الحسين القُدُوري الحنفي([111]) حيث قال: «قلنا: نقول بموجبه؛ لأن السقوط عندنا ليس ما ذكروه، وإنما هو الجمع بين البدل والمبدل»([112]) اهـ وعبارة ابن القصَّار المالكي([113]): « ... وإنما كلامنا في أن لا يجتمع الغسل والتيمم في حال واحدة» اهـ([114]).

* واسْتُدِل للحنابلة والشافعية بقياس آخر، تقريره: أن كل جملة جاز أن ينوب التيمم عن جميعها جاز أن ينوب عن بعضها، قياساً على البدن في الجنابة([115]).
وأجاب القدوري بقوله: «نقول بموجبه فيمن قُطِعَ بعض أعضائه» اهـ([116]).

ثانياً: المذهب المالكي:
المسألة الأولى: العبد يَمْلِك بالتمليك :
يستدل الحنفية مثلاً على أن العبد إذا مَلَّكَه سيِّده مالاً لا يملكه بقول الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) ([117]) حيث أخبر سبحانه أن العبد لا يقدر على شيء، فلو كان يملك بالتمليك لكانت له قدرة([118]).
وقد أجاب شهاب الدين القرافي المالكي عن الاستدلال بالآية حيث قال: «والجواب عن الأول: القول بالموجب؛ لأنَّ (عبداً) ليس صيغة عموم، فيقتضي أن عبداً من العبيد ليس له ملك، ونحن نقول به» اهـ([119]).

*  واسْتُدِل لهم أيضاً بقوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ) الآية([120]) حيث نفى المساواة بيننا وبين عبيدنا، ونحن نملك فدل أنهم لا يملكون([121]).
وقد أجاب القرافي أيضاً فقال: «و[الجواب] عن الثاني: القول بالموجب؛ فإنَّ الله تعالى نفى المساواة وهو صحيح؛ فإنَّ ملك العبد لا يساوي ملك الحر» اهـ([122]).

المسألة الثانية: لا يتعيَّن التراب في التيمم:
يستدل الحنابلة مثلاً على تعيُّن التراب في التيمم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «جُعِلتْ لنا الأرضُ مسجداً وترابُها طهوراً»([123]) حيث نَصَّ على التراب([124]).
وقد أجاب أبو الحسن ابن القصَّار بقوله: «أما قولكم إن النبي صلى الله عليه وسلم نَصَّ على التراب؛ فإننا نقول بموجبه، ويجوز التيمم على التراب» اهـ([125]) أي: ونزاعنا إنما هو في الإجزاء بغيره.

*   واسْتُدل لهم أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «الترابُ طهورُ المسلمِ وإن لم يجد الماءَ عشرَ حِجَجٍ»([126]) أو كما ورد([127]).
وقد أجاب ابن القصار أيضاً عن هذا الاستدلال بقوله: «إننا نقول بموجب الخبر، فيجوز التيمم بالتراب» اهـ([128]) أي: هذا هو مدلول الحديث، والكلام في حصول الإجزاء بغير التراب.
وبمثله أجاب الحنفية أيضاً، حيث قال أبو الحسين القدوري: «والجواب: أن هذا يدل على وقوع التطهير بالتراب وكذلك نقول، فأما أنه لا يقع بغيره فيقف على دلالة» اهـ([129]).

المسألة الثالثة: عدم صحة الإقرار للوارث عند الموت إنْ وُجِدتْ تهمة:
يستدل الشافعية على صحة إقرار المريض مرض الموت لبعض ورثته مطلقاً – أي: وإنْ وُجِدتْ تهمةٌ([130]) – بقياسٍ قالوا في تقريره: إنه صح إقراره لغير الوارث، فيصح إقراره للوارث قياساً على الصحيح([131]).
وقد أجاب شهاب الدين القرافي بقوله: «نقول بموجبه حيث لا تهمة كما في حدّ القذف» اهـ([132]).

ثالثاً: المذهب الشافعي:
المسألة الأولى: يجوز لمَنْ وجبت  عليه الزكاة تفريقها بنفسه:
يستدل المالكية مثلاً على أنه ليس لرب الأموال الظاهرة تفريق زكاته بنفسه يستدل بقول الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) ([133]) وإذا كان الأخذ إلى الإمام فأدَّاها المالك لم يُجْزِ لأن حق الإمام في الأخذ قائمٌ، فلابدّ إذاً من إعطائها للساعي([134]).
وقد أجاب أبو المظفر السمعاني عن هذا الاستدلال بقوله: «الجواب: أما الآية فليس فيها أكثر من جواز أخذ النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة، ولا كلام فيه وإنما الكلام في أنه هل يجوز لمن عليه أن يؤديها بنفسه أَوْ لا؟ وليس في الآية تعرضٌ لهذا» اهـ([135]).

*    وبمثله أجاب الحنابلة أيضاً([136]).

المسألة الثانية : تحريم بيع الرُّطَب بالتَّمْر:

يستدل الحنفية على إباحة بيع الرطب بالتمر إذا تساويا كيلاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التَّمْرُ بالتمرِ مِثْلاً بمثلٍ»([137]) والرطب تمرٌ؛ لأنَّ (التمر) اسمٌ للثمرة الخارجة من النخل من أول بروزها على صورتها إلى فَنَائها([138]).
وقد أجاب أبو المظفر السمعاني بقوله: «الجواب: أما التعلق بالخبر فنحن نقول به؛ لأنه واردٌ بإثبات الحظر إلا عند المماثلة كيلاً ونحن نقول به، وليس في الخبر تعرضٌ لزمان المماثلة»اهـ([139]).

المسألة الثالثة: الترجيعُ([140]) في الأذان سنةٌ:
يستدل الحنفية مثلاً على عدم مشروعية الترجيع في الأذان بقياسٍ تقريره: أن كلمة الإخلاص إذا تعقبت التكبير وجب أن تكون على الشطر من عدد ذلك التكبير، قياساً على آخر الأذان فإنه يكبِّر فيه مرتين ويقول: (لا إله إلا الله) واحدة([141]).
فقاسوا ابتداء الأذان على انتهائه.
وقد أجاب القاضي الماوردي بقوله: «وأما قياسهم بأن كلمة الإخلاص إذا تعقبت كلمة التكبير كانت على الشطر من عدده، فنحن نقول بموجبه؛ لأن الشهادتين على الشطر من عدد التكبيرِ، والترجيعُ إنما هو بعد الانتقال من نوعٍ إلى نوع» اهـ([142]).

رابعاً: المذهب الحنبلي:
المسألة الأولى: الشهيد يُصَلَّى عليه:
يستدل المالكية مثلاً على أن شهيد المعركة لا يصلَّى عليه بقول الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ([143]) والحيُّ لا يصلَّى عليه([144]).
وقد أجاب الحنابلة([145]) عن هذا الاستدلال، حيث قال أبو الخطاب الكَلْوَذاني: «قلنا: تلك الحياة حياة الدار الآخرة، وكلامنا في حكم يتعلق بالموت عن حياة الدنيا» اهـ([146]) فقد سَلَّمَ مدلول الآية ومنع دلالتها على محل النزاع، وهو عين القول بالموجب.

المسألة الثانية: إذا ترك ما ابتاعه في المكيال ودفعه لغيره ليفرغه لنفسه صَحَّ القبض:
صورة المسألة: أن يكتال زيدٌ لنفسه من عمرو، ثم يدفعه إلى خالد عمَّا له عليه وهو لا يزال في المكيال، فهل يصح قبض خالد؟
فيستدل الشافعية مثلاً على أنه لا يكون قبضاً صحيحاً بحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بيعِ الطعام حتى يجريَ فيه الصاعانِ»([147]) وهذا يقتضي كيلاً بعد كيلٍ([148]).
وقد أجاب ابن قدامة عن هذا الاستدلال حيث قال: «هذا يمكن القول بموجبه، وقبضُ المشتري له في المكيال جَرْيٌ لصاعيه فيه» اهـ([149]).

المسألة الثالثة: رؤية الماء في الصلاة تبطل التيمم:
يستدل الشافعية مثلاً على أن المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة أتمها صحيحة فلا يبطل تيممه ولا صلاته يستدلون بقياسٍ، تقريره: أن التيمم بدلٌ عن مُبْدَلٍ يتوصل به إلى مقصود معتدٍّ به، فظهور الأصل لا يبطل صحة ما ثبت صحته قياساً على ما لو حكم الحاكم بشهود الفرع ثم ظهر شهودُ الأصل([150])، فإنه لا يبطل حكمه([151]).
وقد قال أبو الخطاب الحنبلي في الجواب عن هذا القياس: «قلنا: نقول به وأنَّ رؤية الماء لا تبطل ما ثبت صحته، وإنما تمنع فعل ما يستقبل من الصلاة، لكن الصلاة الواحدة يقف صحة ما مضى منها على صحة ما بقي، وفسادُ ما بقي يَسْري إليه» اهـ([152]).

الخــاتمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه .. وبعد:
فبعد أن نجز هذا البحث في القول بالموجب عند الأصوليين يمكن تلخيص أهم ما جاء فيه فيما يلي:
أولاً: إن القول بالموجب في اصطلاح الأصوليين هو: تسليم مقتضى دليل المستدل مع بقاء النزاع.
ثانياً: إن قدحه في الاستدلال بالدليل الشرعي صحيحٌ معتبر إذا توفرت شروطه، هذا وقد اتفقت كلمة المذاهب الأربعة على اعتباره.
ثالثاً: إن كونه حجة معتبرةً لردّ الاستدلال بالدليل لم يمنع أن يكون له أجوبة تعترض طريقه، فهو كالأدلة المعتبرة، ألا ترى أنه يحتج بها ويعترض على الاستدلال بها !!
رابعاً: إنه قادح في الاستدلال بالنصوص الشرعية، ولا اختصاص له بالقياس.
خامساً: إن الأصوليين متفقون على قدحه في الاستدلال بالقياس، فأما كونه قادحاً في علة القياس فخلافٌ مشهورٌ.
سادساً: إن القول بالموجب لم يكن مصطلحاً أصولياً فقهياً فحسب، بل بحثه غيرهم كالبيانيين والنحاة وغيرهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعـين.

______________________
([1])   انظر كتابيه (الواضح) 2/266 و(الجدل) ص444.
([2])   (التمهيد في أصول الفقه) 4/186.
([3])   (روضة الناظر) 3/954.
([4])   (الإحكام في أصول الأحكام) 4/111.
([5])   انظر كتابيه (نهاية الوصول) 8/3459 و(الفائق) 4/249 على اختلاف بين هؤلاء الأئمة في ذكر بعض تفريعات الأقسام.
([6])   (شرح مختصر الروضة) 3/558.
([7])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173 وإنما عبروا في هذا القسم بـ (الوجوب) وبعضهم بـ (الثبوت) وبعضهم بـ (التعليل العامّ) لأن النزاع بين الخصمين وقع في حكم آحاد النوع، فيأتي الدليل من المستدل بإيجاب الحكم – أي إثباته – على الجملة. انظر (المقترح في المصطلح) ص364 – 365.
([8])   (نهاية الوصول) 8/3460.
([9])   (المنتخل) ص443 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/186 – 187 وانظر هذا المثال باختلاف يسير في (روضة الناظر) 3/957 و(الواضح) 2/267 و(الجدل) لابن عقيل ص445.
([10])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص174 و(الواضح) 2/266 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/187 و(نهاية الوصول) 8/3460.
([11])    هو الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق الرَّبَعي المصري أبو عليّ، فقيه أصولي وكان شيخ المالكية في وقته بالديار المصرية، توفي سنة 632هـ. (الديباج المذهب) 1/333 ، قلت: وهو غير الشاعر الأندلسي الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي، يكنى أيضاً أبا عليّ، وتوفي بعد سنة 674هـ. أخباره في (الإحاطة) 1/472 – 476.
([12])   (لباب المحصول) 2/704.
([13])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) و(الواضح) 2/267 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/187 وإنما عبروا في هذا القسم بـ (الجواز) لأن المستدل يعدل في دليله عن لفظ (الوجوب) ونحوه إلى لفظ (الجواز)، فيقول فيه: «فيجوز كذا» بدلاً من قوله: «فيجب كذا» أو «فيثبت كذا» أو «فيلزم كذا». انظر (المقترح في المصطلح) ص365.
([14])   (نهاية الوصول) 8/3460.
([15])   (نهاية الوصول) 8/3462 و(الفائق) 4/251.
([16])   (الواضح) 2/267 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/187 – 188 و(المحصول) 5/270 و(روضة الناظر) 3/956 و(نهاية الوصول) 8/3461 و(شرح مختصر الروضة) 3/561.
([17])   (التمهيد في أصول الفقه) 4/188 و(نهاية الوصول) 8/3463 و(الفائق)4/251.
([18])   (روضة الناظر) 3/954 – 955 و(الإحكام) 4/111 و(نهاية الوصول) 8/3463 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 2/317 – 318 و(التحبير) 7/3678 و(فواتح الرحموت) 2/356.
([19])   (التمهيد في أصول الفقه) 4/190 و(نهاية الوصول) 8/3463 و(الفائق) 4/252 والمراد بعلة الخصم: السبب الباعث له على الحكم الذي يقول به.
([20])   (الواضح) 2/268 – 269 و(التمهيد في أصول الفقه) 4/190 و(نهاية الوصول) 8/3463.
([21])   (الإحكام) 4/111 و(شرح العضد) 2/279 و(أصول الفقه) لابن مفلح 3/1405 و(التحبير) 7/3679.
([22])   اختلفت طريقتهم في عرض الأجوبة، فمنهم مَنْ فَصَلَ جواب كل قسم من القسمين السابقين عن أجوبة القسم الآخر، ومنهم مَنْ جمع الأجوبة عن القسمين في موضع واحد، وقد اخترتُ الطريقة الثانية لأمرين: أحدهما أنه لا يلزم من ذكر الأجوبة جملةً إمكان كل جواب عن كل قسم وكل نوع مما سبق وهذا شيءٌ معلوم، وثانيهما أن كثيراً من أجوبة كل قسم تصلح للقسم الآخر كما تراه في (الملخص) و(الإحكام) وغيرهما.
([23])   (نهاية الوصول) 8/3464 و(الفائق) 4/252 – 253.
([24])   (الإحكام) 4/113 و(شرح مختصر الروضة) 3/560 و(علم الجذل) ص80.
([25])   (روضة الناظر) 3/955 و(الإحكام) 4/112 ، 113 و(شرح مختصر الروضة) 3/560.
([26])   (المعونة في الجدل) ص248 – 249 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173 و(المنتخل) ص444 و(روضة الناظر) 3/956 و(الإحكام) 4/112 -113 و(نهاية الوصول) 8/3464 – 3465 و(علم الجذل) ص80.
([27])   (شرح مختصر الروضة) 3/561.
([28])   (المعونة) ص248 و(الملخص) 2/652 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص109 و(علم الجذل) ص80.
([29])   (المعونة) ص248 – 249 و(الملخص) 2/648 و(المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص108 و(روضة الناظر) 3/955 و(الإيضاح) ص208.
([30])   (الكاشف عن أصول الدلائل) ص109.
([31])   (روضة الناظر) 3/955 و(الإحكام) 4/113 – 114 و(الإيضاح) ص208 و(شرح مختصر الروضة) 3/559 – 560.
([32])   (الإحكام) 4/112 و(نهاية الوصول) 8/3464 و(الفائق) 4/253.
([33])   (الملخص) 2/651، 652 و(نهاية الوصول) 8/3465 و(الفائق) 4/253.
([34])   (الملخص) 2/650 – 651.
([35])   (المعونة) ص247 و(الملخص) 2/649 و(الكاشف عن أصول الدلائل) ص110.
([36])   انظر كتابيه (الملخص) 2/646 و(المعونة) ص246.
([37])   (المنتخل) ص440.
([38])   (الكاشف عن أصول الدلائل) ص108 وسيأتي في المتن بعد أسطر صنيعه في (المحصول) إن شاء الله تعالى.
([39])   (المحصول في أصول الفقه) 5/269 وتابعه عليه مختصرو  كتابه، فانظر (الحاصل) 3/190 و(التحصيل) 2/219 و(المنهاج) وهو مختصر الحاصل 2/900 وكذلك فعل ابن عبدالهادي في (شرح غاية السول) ص417.
([40])   (المنهاج في ترتيب الحجاج) ص173.
([41])   (علم الجذل) ص79.
([42])   انظر كتابيه (منتهى الوصول والأمل) ص200 و(مختصر المنتهى) 2/279.
([43])    هو محمد بن مفلح بن محمد المقدسي، فقيه حنبلي، من كتبه (الفروع) في الفقه، و(الآداب الشرعية) و(النكت على المحرر) توفي سنة 763هـ. (المنهج الأحمد) 5/118.
([44])   (أصول الفقه) لابن مفلح 3/1404.
([45])   (جمع الجوامع) مع (حاشية البناني) 2/317.
([46])   (التلويح) 2/95.
([47])   (التحرير) ص499.
([48])   (التحبير) للمرداوي 7/3677.
([49])   (مسلم الثبوت) 2/356 والعجيب أن صفي الدين الهندي قد مشى على هذه الطريقة في كتابه (الرسالة السيفية) ق83/ب – 84/ أ مخالفاً ما مشى عليه في كتابيه (نهاية الوصول) و(الفائق) على ما تقدم في الطريقة الأولى.
([50])   (شرح العضد) 2/279 و(تيسير التحرير) 4/124 و(التحبير) 7/3678 و(فواتح الرحموت) 2/356.
([51])   المتوسل إليه: يعني أنواع الجراحات القاتلة. انظر (تحفة المسؤول) 4/212 وكذلك قال العضد وغيره من شراح المختصر، وفسَّره حلولو بالنفس المقتولة أنه لا فرق بين الكبير والصغير والشريف والوضيع. انظر كتابيه (الضياء اللامع) 2/408 و(التوضيح في شرح التنقيح) ص355.
([52])   (أصول الفقه) لابن مفلح 3/1405 و(تحفة المسؤول) 4/212 و(شرح المحلي) 2/317 و(تيسير التحرير) 4/125 و(التحبير) للمرداوي 7/3678.
([53])   إنما قيدوها بعدم الشهرة؛ لأن مقدمة القياس المشهورة تكون بمنزلة المذكورة، فيرِد على الدليل قادح المنع إن كانت ممنوعة عند الخصم. (رفع الحاجب) 4/474.
([54])   (شرح العضد) 2/279 و(أصول الفقه) لابن مفلح 3/1405 – 1406 و(شرح المحلي) 2/318 و(تيسير التحرير) 4/126 و(التحبير) للمرداوي 7/3679 و(فواتح الرحموت) 2/357.
([55])    هو محمود بن مسعود الشيرازي، فقيه شافعي أصولي مشارك في فنون عدة، من كتبه (شرح مختصر ابن الحاجب) و(شرح المفتاح للسكاكي) توفي سنة 710هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/237.
([56])   (الإحكام) 4/111.
([57])   (شرح مختصر ابن الحاجب) لقطب الدين الشيرازي ق 359/ أ.
([58])   (مسلم الثبوت) 2/357.
([59])   انظر كتابه (الإيضاح) ص207 – 208.
([60])   قال الرُّهوني: «وفيه نظر؛ لأن الحذف إنما يسوغ إذا كانت مشهورة » اهـ يعني: وقد شرطوا فيما سبق عدم الشهرة في المحذوف !! (تحفة المسؤول) 4/214.
([61])   (أصول الفقه) لابن مفلح 3/1406 و(شرح العضد) 2/ص280 و(التحبير) للمرداوي 7/3680.
([62])   أساطين الشيء: قوائمه وأعمدته الطويلة التي يقوم عليها، قال الزبيدي: «ويقال للعلماء (أساطين) على التشبيه » اهـ. (تاج العروس) 18/279 مادة (سطن).
([63])   (رفع الحاجب) 4/475 ونحوه في (التحبير) للمرداوي 7/3680.
([64])   (أصول الفقه) لابن مفلح 3/1406 و(التحبير) للمرداوي 7/3677 و(شرح الكوكب المنير) 4/346 وراجع (الإيضاح) ص208.
([65])    هو أحمد بن عبدالرحمن بن موسى القروي، فقيه مالكي أصولي، له شرحان على (مختصر خليل) توفي بعد سنة 895هـ. (توشيح الديباج) ص52.
([66])   انظر كتابيه (الضياء اللامع) 2/408 و(التوضيح في شرح التنقيح) ص355.
([67])    هو عبدالله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي، فقيه مالكي، من كتبه (نشر البنود) في الأصول، و(نَوْر الأقاح) منظومة في البيان، و(طلعة الأنوار) منظومة في مصطلح الحديث، توفي سنة 1235هـ. (الأعلام) 4/65.
([68])   (مراقي السعود) 2/220 وتابعه شراحه، فانظر (نشر البنود) للمؤلف نفسه 2/220 و(مراقي السعود إلى مراقي السعود) للمرابط ص378 و(فتح الودود) ص335 و(نثر الورود) 2/542.
([69])   انظر كتابيه (مذكرة في أصول الفقه) ص522 و(آداب البحث والمناظرة) 2/138.
([70])   (الضياء اللامع) 2/409 و(نشر البنود) 2/221 و(مذكرة في أصول الفقه) ص523 وسائر المصادر السابقة في الهامشين السابقين. ويلاحظ أن أصحاب هذه الطريقة جعلوا القسم الأول الذي ذكره ابن الحاجب والتاج السبكي جعلوه وارداً لخللٍ في طرف الثبوت، وجعلوا الثاني لخللٍ في النفي، وأحسن من هذا الصنيع ما فعله علاء الدين المرداوي في (تحريره) حيث قسم القول بالموجب إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرها ابن الحاجب ومتابعوه، ثم ذكر أن القول بالموجب يَرِد في جانب النفي وجانب الإثبات. انظر (التحرير مع شرحه التحبير) 7/3681 – 3682 وتابعه مختصر كتابه، أعني ابن النجار في (شرح الكوكب المنير) 4/348.
([71])   (شرح مختصر ابن الحاجب) لقطب الدين الشيرازي ق 359/أ.
([72])    هو مظفر بن أبي محمد بن إسماعيل التبريزي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (تنقيح المحصول) و(مختصر في الفقه) و(سمط الفوائد) توفي سنة 621هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/91.
([73])   (نفائس الأصول) 8/3448.
([74])   (نفائس الأصول) 8/3448.
([75])   (الكافية في الجدل) ص 161 – 162.
([76])   إشارة إلى دليل الشافعية مثلاً في ثبوت القصاص حالَّاً على الجاني الملتجيء للحرم، خلافاً للحنفية.
([77])   أي المرأة الحامل إذا قَتَلَتْ عمداً عدواناً، فقد وجد فيها المقتضي لثبوت القصاص ولم يَجُز القصاص حالَّاً بل يؤخر.
([78])   أَوْحَى: أي أَسْرَعُ. انظر (تاج العروس) 20/280 – 281 مادة (وَحَى).
([79])   (المقترح في المصطلح) ص 362 – 263.
([80])   من الآية 169 سورة البقرة.
([81])   من الآية 36 سورة الإسراء.
([82])   (الإحكام) 4/48 و(نهاية السول) 2/811.
([83])   (الإحكام) 4/54.
([84])   من الآية 49 سورة المائدة.
([85])   (الإحكام) 4/49 و(شرح مختصر الروضة) 3/270.
([86])   (الإحكام) 4/54.
([87])   من الآية 38 سورة الأنعام.
([88])   من الآية 3 سورة المائدة.
([89])   (التبصرة في أصول الفقه) ص431 و(إرشاد الفحول) 2/856.
([90])   (التبصرة في أصول الفقه) ص431.
([91])   الحديث أخرجه أحمد 23245 ، 23276، 23386 ، 23419 والترمذي 3662 وابن ماجه 97 والحاكم 3/75 وصححه ووافقه الذهبي، وحسَّنه الترمذي، وكذا حسنه الحافظ ابن حجر في (موافقة الخُبْرِ الخَبَر) 1/143 وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة) برقم 1233.
([92])   (المحصول) 6/130 و(البحر المحيط) 6/61.
([93])   (المستصفى) 1/402.
([94])   (المحصول) 6/131.
([95])   الحديث أخرجه أحمد 4157، 13350، 16738، 21590 وأبو داود 3660 والترمذي 2657 وابن ماجه 230، 231 وحسَّنه الترمذي وصححه الحافظ ابن حجر في (موافقة الخُبْر الخبر) 1/364 وكذا الألباني في (السلسلة الصحيحة) برقم 404.
([96])   (التحبير) للمرداوي 5/2087 و(فواتح الرحموت) 2/145.
([97])   (الإحكام) 2/105 ولم أذكر الوجه الثاني في الجواب لعدم تعلق الغرض به.
([98])   أثبتُّ في عناوين المسائل مذهب القائل بالموجَب. 
([99])   من الآية 229 سورة البقرة.
([100])   من الآية 2 سورة الطلاق.
([101])   (البيان) للعمراني 10/88.
([102])    هو أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، فقيه حنفي، من كتبه (البدائع) في الفقه، و(السلطان المبين في أصول الدين) توفي سنة 587هـ. (تاج التراجم) ص327.
([103])   (بدائع الصنائع) 3/106.
([104])   الحديث أخرجه أحمد 2050، 2065، 2081، 2916، 2917 والدراقطني 1631 والبيهقي 4459، 19030 والطبراني في (المعجم الكبير) 11803 والحاكم 1/300 وسكت عنه، وقال الذهبي: «غريب منكر » ، وضعفه البيهقي، وكذا ضعفه ابن حجر في (موافقة الخُبْر الخبر) 1/55 والألباني في (السلسلة الضعيفة) 2937 وانظر (نصب الراية) 4/206.
([105])   (المعونة على مذهب عالم المدينة) 1/657.
([106])   (بدائع الصنائع) 5/62.
([107])    هو يوسف بن قِزْأُغْلي بن عبدالله المعروف بسبط ابن الجوزي، فقيه حنفي مؤرخ، من كتبه (مرآة الزمان) و(شرح الجامع الكبير) و(إيثار الإنصاف) توفي سنة 654هـ. (تاج التراجم) ص320.
([108])   الفَرْق: الطريق في شعر الرأس. (تاج العروس) 13/391 وكأنَّ السِّبْط أراد به التجوز عن الرأس؛ قصداً للسجع والجناس.
([109])   (إيثار الإنصاف) ص528 وبنحو هذه العبارة أجاب أيضاً في (وسائل الأسلاف) ص116.
([110])   (المغني) 1/315.
([111])    هو أحمد بن محمد القدوري، فقيه حنفي من أكابرهم، له كتب منها (المختصر في الفقه) و(شرح مختصر الكرخي) و(التجريد في الخلاف) توفي سنة 428هـ. (تاج التراجم) ص98.
([112])   (التجريد) 1/250.
([113])    هو علي بن أحمد البغدادي، فقيه مالكي من القضاة، له كتاب في (مسائل الخلاف) لا يُعْرف للمالكية أكبر منه، توفي سنة 398هـ. (الديباج المذهب) 2/100.
([114])   (عيون الأدلة) 3/1197.
([115])   (عيون الأدلة) 3/1195 – 1196.
([116])   (التجريد) 1/250.
([117])   من الآية 75 سورة النحل.
([118])   (رؤوس المسائل) للزمخشري ص287.
([119])   (الذخيرة) 5/309 بتصرف يسير. 
([120])   من الآية 28 سورة الروم.
([121])   (الذخيرة) 5/308.
([122])   (الذخيرة) 5/309.
([123])   الحديث أخرجه مسلم 522.
([124])   (المغني) 1/325 وانظر هذا الاستدلال للشافعية أيضاً في (البيان) 1/270.
([125])   (عيون الأدلة) 3/1078.
([126])   الحديث أخرجه أحمد 21304، 21305، 21371، 21568 وأبو داود 332، 333 والترمذي 124 والنسائي 323 والحاكم 1/177 وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حجر في (إتحاف المهرة) 15/520 – 521 وكذا الألباني في (إرواء الغليل) برقم 153.
([127])   (عيون الأدلة) 3/1080.
([128])   (عيون الأدلة) 3/1080.
([129])   (التجريد) 1/213.
([130])   صورته: أن يكون له بنت وابن أخ مثلاً، فكلاهما وارث، وهو إن أقرَّ لابن أخيه لا يُتَّهم، وإن أقرَّ لابنته اتُّهِمَ. انظر (الإفصاح) لابن هبيرة 6/241 و(المغني) 7/333.
([131])   (الحاوي الكبير) 8/291.
([132])   (الذخيرة) 7/156.
([133])   من الآية 103 سورة التوبة.
([134])   (الإشراف) للقاضي عبدالوهاب 1/383 وانظر هذا الاستدلال للحنفية أيضاً في (اللباب) للمنبجي 1/381 – 382.
([135])   (الاصطلام) 4/414.
([136])   (المغني) 4/94.
([137])   الحديث أخرجه مسلم 1587.
([138])   (المبسوط) 12/184.
([139])   (الاصطلام) 3/75.
([140])   الترجيع: أن يأتي المؤذن حين يبتدئ بالشهادتين فيقول: (أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين، ويقول: (أشهد أن محمداً رسول الله) مرتين، يخفض بهما صوته، ثم يرجع إليهما ويرفع بهما صوته. انظر (بدائع الصنائع) 1/147.
([141])   (التجريد) 1/413.
([142])   (الحاوي الكبير) 2/56.
([143])   من الآية 169 سورة آل عمران.
([144])   (شرح التلقين) 3/1186 – 1187 وانظر هذا الاستدلال للشافعية أيضاً في (تقويم النظر) لابن الدهان 1/394.
([145])   على إحدى الروايتين، والرواية الأخرى – وهي المذهب – أنه لا يصلَّى عليه. انظر (الإنصاف) للمرداوي 2/500.
([146])   (الانتصار) 2/633.
([147])   الحديث أخرجه ابن ماجه 2228 والدارقطني 2819 والبيهقي 10700 ، 10701 وابن أبي شيبة 23160 ، 23161 وضعفه البوصيري في (زوائد ابن ماجه) ص307  وحسنه الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) 4/351.
([148])   (البيان) 5/446.
([149])   (المغني) 6/193.
([150])   شهود الأصل: هم الذين يباشرون الشهادة على القضية، وشهود الفرع: هم الذين يشهدون على شهادة شهود الأصل. وصورة المسألة: أن يقول شاهد الفرع: أشهد أن فلان بن فلان أشهدني أنه يشهد أن لفلان على فلان كذا وكذا، أو أنَّ فلاناً أقرَّ عندي بكذا. (المغني) 14/204.
([151])   (المهذب) 1/57 وانظر (المجموع) 2/310 وما بعدها.
([152])   (الانتصار) 1/404.