أوباما على خطى بوش..هذه هي أمريكا
18 جمادى الثانية 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ألقى الرئيس الامريكي باراك أوباما خطابا ليوضح الاستراتيجية الامريكية بشأن الشرق الاوسط, وفي الحقيقة لم ولن يأت أي رئيس أمريكي بجديد في هذا الشأن رغم اللهفة الدائمة التي ينتظر بها المتابعون للشأن العام لهذه الخطابات والتصريحات..

 

لو استرجعنا خطابات الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الذي كان يوصف بأنه عدواني وكاره للعرب وللمسلمين ليس فقط في البلاد العربية والإسلامية ولكن حتى في البلاد الغربية, سنجد أنها لا تختلف كثيرا في فحواها , بل يمكن قول نفس الكلام عن جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين..إن الرئيس الأمريكي حتى يصبح رئيسا يجب أن يمر بعدة مراحل أو قل "فلاتر" يتم من خلالها التأكد من وفائه للمبادئ الاساسية التي قامت عليها الولايات المتحدة وصنعت من خلالها إمبراطوريتها وكرست شكل علاقاتها بدول العالم, وبالتالي لا يمكن توقع أن يأتي رئيس ما لأمريكا يخرج عن هذه المبادئ مهما كانت وعوده أو الإطار الذي يضع فيه تصريحاته وبرنامجه..

 

نعم قد يأتي رئيس أو قل مجموعة عمل أكثر تشددا من أخرى ولكن لا يمكن الخروج عن الطريق العام الذي رسم على مدار تاريخ الولايات المتحدة؛ فالهيمنة والنفعية والمصلحة العليا للمواطن الامريكي ورفاهيته ولو على جثث بقية الشعوبهي أسس عامة ينبغي الحفاظ عليها بأي شكل ومهما كانت التحالفات..ولعل العلاقة مع الكيان الصهيوني التي حار المحللون في تفسيرها هي أصدق مثال على ذلك فالمفهوم الذي تم ترسيخه على مدى سنوات طويلة من قبل الآلة الإعلامية اليهودية أن "إسرائيل" هي الحليف الوحيد المضمون للولايات المتحدة في المنطقة ـ التي تحتضن أكبر ثروات العالم ـ وهي ذراعها وأذنها ويدها التي تبطش بها عند اللزوم؛ لذلك يجب تدليلها ما أمكن, وما يحدث أحيانا من اختلاف بينهما  ينظر له على أنه خلاف داخل البيت الواحد مثلما يختلف الحزب الديمقراطي مع الحزب الجمهوري مثلا؛ لذا لا يدوم أي خلاف بينهما سوى أيام أوأسابيع قليلة..من هنا نستطيع فهم بعض العبارات التي تأتي دائما على ألسنة الرؤساء الأمريكيين بشأن التعهد الدائم بالحفاظ على أمن "إسرائيل", كما أنه من غير المتوقع ان يجبر أي رئيس أمريكي "إسرائيل" على قيام دولة فلسطينية إلا بالشكل الذي تريده ..

 

وتأكيد أوباما في خطابه على أنه ينبغي الانسحاب إلى حدود 67 يجب فورا أن يتبعه "إمكانية تبادل أراضي" مع الفلسطينيين حتى لا يغضب اليهود وهو "مسمار الجحا" الذي ستستخدمه "إسرائيل" لتمزيق أي دولة فلسطينية مستقبلا ..أما بشأن الإشادة بالثورات العربية فهو إقرار واقع ومحاولة للتقرب للقيادات الجديدة حتى لا تخرج عن طوعها لأن أمريكا كانت و لا زالت داعمة للأنظمة الاستبدادية ما دامت هذه الانظمة تنفذ مطالبها, كما كانت مواقفها خلال الثورات مدعاه للسخرية, فهي تخشى أن تتخذ موقفا حاسما مع الثورات خوفا من انتصار الانظمة والعكس صحيح؛ لذلك كانت دائما تمسك العصا من المنتصف في انتظار الفائز, وأمريكا جوانتانامو وابوغريب وتسليم المعتقلين للأنظمة الاستبدادية لتعذيبهم نيابة عنها آخر من يدعم الحريات الحقيقية لشعوب العالم العربي والإسلامي.

 

وقل قريب من ذلك عن الرشوة المالية التي قدمها أوباما للأنظمة الجديدة في تونس ومصر للحفاظ على ولائها خصوصا وأنه يعلم أنه بعد الثورة ينبغي للأنظمة أن تكون قريبة من الشعوب وهو يدرك جيدا مدى الكراهية التي تكنها شعوب العالم العربي والإسلامي لأمريكا وسياستها, والتي لم يتمكن خطابه الاول في 2009 بالقاهرة ولا الثاني في 2011 من محوها, أوباما أحيا آماله في الحفاظ على الكرسي بعد عملية قتل بن لادن وإلقائه في البحر, ولكنها شعبية مؤقتة لن تلبث أن تزول وسيأتي غيره وستظل أمريكا كما هي تتعهد بالحفاظ على أمن "إسرائيل" وإقامة دولة مزعومة للفلسطينيين وتدعم "الديمقراطية" والحرية على طريقتها.