أستاذ قانون الدجل!!
27 جمادى الأول 1432
منذر الأسعد

في نشرة إخبارية على قناة الجزيرة مساء يوم السبت 19/5/1432هـ الموافق 23‏/04‏/2011م، استضافت القناة المدعو  بسام أبو عبد الله الذي يفاخر في التعريف بنفسه أنه أستاذ للقانون بجامعة دمشق، وكان المذيع الذي يحاوره هو الحبيب الغريبي، ودار الحوار حول نبأ طازج، عن الأحداث الدامية التي تقع في سوريا منذ خمسة أسابيع على يد نظامها القمعي الشرس، الذي يواجه شعبه الثائر الأعزل بالرصاص الحي ومنع الإسعافات الأولية عن الجرحى، والتمثيل بجثث الشهداء... وكانت الأسئلة تناقش –بالتحديد- المجازر الفظيعة التي ارتكبها النظام الدموي في يوم الجمعة العظيمة -أي في اليوم السابق-.

 

وقبل التفصيل، نسجل للجزيرة أنها تحولت إيجابياً نحو ثورة الشعب السوري في الأيام الأخيرة، فوجب علينا أن نشهد لها بالحق مثلما استنكرنا صنيعها السلبي في الفترة السابقة.

 

المهم: تفلسف هذا الكذاب المتفيهق كعادته، وأتى بالعجائب على نمط أشباهه من الدجالين المضللين، فقد زعم مسيلمة الجديد أن أعداد المتظاهرين لا تتجاوز عشرة آلاف في كل أنحاء سوريا، وبنى على كذبته أكذوبة أخرى خلاصتها أن 10000 شخص لا يقررون مصير 23مليون نسمة!!!

 

وهنا نجح أسلوبه الرخيص، ليس بسبب ذكاء لا وجود له، أو قوة حجة لا أثر لها البتة، وإنما استطاع هذا الأفاق تمرير أباطيله نتيجة ضعف المذيع الذي يحاوره، إذ كان في وسعه تفكيك كذبته المركبة من جملة أكاذيب مفضوحة.

 

فهو لم يجابهه -كما تقتضي بديهيات المهنة الإعلامية- بأن الصور المتواترة من جميع محافظات سوريا ومدنها الكبرى والمتوسطة والصغيرة، تدحض الفرية التي ساقها عن أعداد المحتجين!!

 

فالمتظاهرون في عشرات المدن تجاوزوا مليون متظاهر على أقل تقدير، ولذلك أربكوا النظام الهمجي، واضطروه بثباتهم إلى الدوس على رفع حالة الطوارئ الذي لم يمر على اعتماده 24ساعة!!

 

ومن الضروري التنبه إلى فخ السلطة القمعية وأبواقها، فالعدد يكون ذا أهمية حاسمة  فقط في بلد يحترم حق مواطنيه بالتظاهر، ويخصص أجهزة الأمن لحمايتهم!! أما في بلد يقتل المتظاهرين السلميين ثم يقتل مشيعي الشهداء في اليوم التالي، فإن منتهى الرجولة والشجاعة أن يخرج الناس ولو بالعشرات!

 

وأما الكذبة الثالثة الكامنة في كذبة أستاذ القانون المركبة، فتتلخص في تحدثه باسم 23مليون هم عدد سكان سوريا!!! ويكفي الدجال وسادته الذين يرمون له بعض فُتَاتِهم أنهم بعد سيطرتهم المطلقة مدة نصف قرن على كل مقدرات سوريا وجميع وسائل الإعلام والتعليم، لا يقبلون بإجراء انتخابات حرة لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم لن يحصلوا على 1% من أصوات الشعب في أي انتخابات نزيهة!!

 

والركن الرابع في الكذبة الكبرى، أن المتظاهرين لم يزعموا أنهم يودون تقرير مصير  23مليون سوري، فتقرير المصير يتم في انتخابات شفافة لا يمنعها سوى دموية النظام الوحشي المستبد بمصير السوريين بالحديد والنار!!! فكيف يمنع أستاذ القانون مليون شخص من دعوة الشعب إلى تقرير مستقبله، ثم يستبسل في الذود عن تسليم البلد لعائلة طاغية فاسدة، وجمهورية وراثية لأول مرة في التاريخ الإنساني!!!!

 

ثم تستر مسيلمة الثاني وراء قانون تنظيم التظاهر الذي أصدره سيده الطاغية مؤخراً في محاولة مراوغة لاحتواء ثورة الشعب، فإذا به قانون  يمنع التظاهر عملياً لما احتواه من شروط تعجيزية!! وفات المذيع التعيس أن هناك أشخاصاً تقدموا بطلبات لتنظيم تظاهرات  في حمص والقامشلي في اليوم السابق فاعتقلهتم زبانية الاستخبارات!!!!

 

وغفل المذيع الفاشل عن نقطة لا تقل أهمية في نسف أباطيل الكذوب السوري، فحتى لو افترضنا جدلاً أن المتظاهرين خالفوا قانون نيرون الشام فهل هذا يبيح قتلهم يا أستاذ القانون!!

 

وبالمناسبة فقد نسي الكذاب  الذي يعلّم القانون بالجامعة أن إعلامه الكذاب ينسب القتل إلى عصابات بينما هو اعترف ضمناً بأن نظامه هو القاتل كما يعلم الجميع!!!

 

والمضحك المبكي في هذه المسرحية بين الكذاب الأشر والمذيع قليل الحيلة، تجلى في التعليق على استقالة عضوين في ما يسمى "مجلس الشعب" السوري، وهما من محافظة درعا التي كان لها شرف إطلاق الثورة السورية على الظلم والنهب والطائفية. فقال –فُضّ فوه-: إن النائبين المستقيلين خائنان وأنهما من عائلة أبا زيد التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين!!!

 

وهكذا يكون التضليل المركب الذي يدل على انحدار التعليم الجامعي في دولة النصيرية الرهيبة. فأي قانون يجيز لرجل قانون -عفواً: أستاذ قانون!!- أن يتهم الناس عشوائياً بلا أدلة؟ وهذا نموذج على خساسة النظام الصفيق فالرجلان كانا قبل دقائق من استقالتهما "يمثلان الشعب" بينما انتقلا إلى مرتبة الخيانة  لمجرد احتجاجهما على قتل أهليهما على أيدي الجلادين الذين فاقوا الصهاينة همجية ودموية!!!

 

وتاه المذيع التائه كذلك عن أن النائبين المستقيلين هما: ناصر الحريري وخليل الرفاعي!! أي أنهما ليسا من عائلة أبا زيد!! وغفل عن أنه يستحيل وجود شخص في سوريا ينتسب للإخوان المسلمين فعقوبة هذا الانتساب الإعدام، فكيف يصبحان في مجلس الشعب الذي لا يدخله إلا من ترضى عنهم الاستخبارات بأجهزتها كافة؟!

ونام الحبيب الغريبي عن أن مفتي درعا المُعَيّن من السلطة ينتمي لعائلة أبا زيد!!

 

صحيح أن المفتي انضم إلى موكب "الخونة" بتعريف الخونة الفعليين المستبدين بسوريا، لكن استقالته تأخرت عن هراء أستاذ القانون!! فهل أستاذ القانون -قانون الدجل- يدعي علم الغيب على طريقة سادة سادته في قم وطهران، وإن كانوا ينسبونها زوراً وبهتاناً إلى الأئمة، والأئمة منهم براء!!!