مغزى التهديدات الإيرانية للسعودية
17 جمادى الأول 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تقف إيران وأتباعها في المنطقة, الذين حذرنا دوما منهم ومن كون تحالفهم هو تحالف طائفي وليس سياسي, في وضع استعداد وتحفز علني غير مسبوق, مطلقة تهديدات صريحة لدول المنطقة وعلى رأسها السعودية, غير مكترثة بأي أعراف دبلوماسية, متحججة بالدفاع عن "حق الشعب البحريني في الحرية", ولا نعلم لماذا لم تدافع طهران عن حق الشعب السوري في الحرية؟ وكذلك عن حق الشعب الأحوازي المحتل في الحرية؟ أم أن الحرية فقط يحتاجها  الشيعة في العراق ولبنان والبحرين واليمن كي يدقوا الاسافين لاهل السنة ويسعوا للانقضاض على الحكم لتكوين بؤر شيعية تمهيدا لتنفيذ مخطط إنشاء امبراطورية فارسية في المنطقة..

 

إيران تتصرف كقوة عظمى اعتمادا على برنامجها النووي الذي فشل الغرب حتى الآن في وضع حد له؛ نظرا لتشابك المصالح التي تربط الطرفين, ورغم أن الكيان الصهيوني وجه هجوما عنيفا للبرنامج النووي العراقي في بداياته واغتال العالم المصري المشرف على البرنامج يحيى المشد, إلا أنه اكتفى بالتصريحات الجوفاء فقط تجاه البرنامج النووي الإيراني؛ مما يؤكد حجم العلاقات السرية بين الجانبين والتي تباركها الولايات المتحدة...

 

إيران تعبث بالمنطقة وتشكل لوبيا شيعيا واضحا ينافح عنها ويضغط من أجل  عدم التصعيد تجاهها بل ويفجر المنطقة احيانا ليحقق لها مصالحها مثلما فعل حزب الله في لبنان عندما اختطف الجنديين الصهيونيين في وقت كانت إيران تحتاج إلى تخفيف الضغط الغربي عليها, ومنذ هذه الحرب التي كانت كارثة على الشعب اللبناني ظل حزب الله ساكنا واكتفى بتوجيه سلاحه للمعارضين لسياساته من اللبنانيين متمسكا بـ"سلاح المقاومة".. أي مقاومة وأين ومتى منذ سنوات؟ لا أدري وليس من المهم أن يدري أحد ما دام  الهدف هو مصلحة "الأم الحنون" للشيعة في العالم..إيران ترى أن ألد أعدائها في المنطقة والتي تقف لأهدافها بالمرصاد هي المملكة العربية السعودية هذه الدولة السنية الكبيرة التي يتجه إليها المسلمون من شتى أنحاء العالم ليحجوا ويعتمروا, والتي يقف علماؤها وطلابها بقوة أمام الخزعبلات الشيعية ويكشفون زيف العقيدة الإثنى عشرية ومخالفتها لثوابت العقيدة الإسلامية, ورغم المحاولات الإيرانية لتضليل الشعوب بأكاذيب "تكفير الوهابية لعموم المسلمين" إلا أن فتاوى علماء السعودية المدعمة بالادلة من الكتاب والسنة بشأن الشيعة ومخططاتهم تلقى قبولا شديدا بين المسلمين, بل وينضم إليهم يوما بعد يوم علماء من دول أخرى مؤيدين لهذه الفتاوى بعد أن غرر بهم الشيعة لزمن طويل تحت لافتة التقريب..

 

إن التهديدات الإيرانية لم تأت تلميحا أو من مواقع وصحف إيرانية كما كان معتادا من قبل حتى يسهل التنصل منها, ولكن جاءت بشكل واضح ومن خلال مسؤولين كبار فهذا رئيس المجلس التنسيقي لقوى «حزب الله» في ايران حسين الله كرم قال: "اذا لم تغادر القوات السعودية البحرين، فان لا خيار امامنا سوى تنفيذ عمليات استشهادية", واكد امام تجمع لمكتب الطلبة المدافعين عن "النهضات الاسلامية" قائلا: "لم يعد من الصحيح الصمت والتفرج على الاعمال التي تحصل (…) اليوم حان موعد الجهاد". كما أشار المستشار العسكري الأول للمرشد الإيراني رحيم صفوي أن السعودية قد تتعرض لهجوم, وقال: "إن الوجود والسلوك السعودي في البحرين نوعٌ من الهرطقة والمصير نفسه قد تلقاه الدولة ذاتها، وبالذريعة نفسها ربما تتعرض السعودية لهجوم". وأضاف أن "غضب إيران من تدخل السعودية في البحرين لم يفتر". كما دعا رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى الدفاع عن الشعب البحريني, في إشارة للمحتجين الشيعة. واعتبر لاريجاني أن الدفاع عن الشعب البحريني "واجب إسلامي علي الجميع" وأن مواقف القوي الدولية إزاء التطورات الجارية في المنطقة "مزدوجة". وقد وصل الامر إلى مطالبة إيران لمجلس الامن بالتدخل لحماية شعب البحرين ـ في إشارة للشيعةـ  مع أن طهران طالما أعلنت أنها لا تعترف بمجلس الأمن ولا بقراراته..

 

 

طهران تسعى لربط ما يحدث في البحرين بالثورات العربية الداعية لتغييرات سياسية واقتصادية متجاهلة الشعارات الطائفية التي تم  رفعها من المعارضة الشيعية ودعم المقيمين الشيعة من غير البحرينيين لهذه التظاهرات ودورهم المؤثر في تسييرها, وهو ما لم يحدث في مصر ولا في تونس التي يحلو لطهران الاستشهاد بهما, كما أن تدخل قوات خليجية جاء لحماية الحدود وليس لقمع التظاهرات وفي إطار اتفاق للتعاون المشترك بين دول الخليج تم الإعلان عنه منذ فترة وهو متعارف عليه دوليا, خلافا لدعمها هي لقمع التظاهرات السورية في السر ومشاركة حزب الله اللبناني في قمع مظاهرات الاحواز..العجيب أن طهران رفضت مظاهرات للمعارضة على أراضيها تأسيا بثورتي مصر وتونس واحتفالا بهما رغم انها تظاهرات غير طائفية..فلماذا سمحت لنفسها برفض وقمع تظاهرات للمعارضة السياسية على اراضيها وتندد في نفس الوقت بمنع تظاهرات لمعارضة طائفية في البحرين؟!..قد تبقى التهديدات الإيرانية في إطار الحرب الكلامية على الأرجح, إلا أنها قد تتطور لعمليات تخريبية يتم شنها من خلال طابورها الخامس المنتشر في عدة دول وهو ما ينبغي الحذر منه..لقد بدأت إيران تسفر عن وجهها الحقيقي, ويالها من سعادة يشعر بها المحذرون من الخطر الإيراني بعد أن تخلت إيران عن تقيتها وظهورها أخيرا على حقيقتها؛ فالعدو الصريح أقل خطرا بكثير مهما كانت قوته من العدو المستتر.