من سيغير قواعد اللعبة في قطاع غزة ؟
29 ربيع الثاني 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

كسرت (إسرائيل) قبل أيام حاجز القتل ضد المقاومين الفلسطينيين في تحدي واضح لهم ؛ عندما قامت بقصف أحد المواقع التابعة لكتائب القسام وقتلت اثنين منهم في عملية استهداف هي الأولى من نوعها منذ انتهاء الحرب على غزة في بداية عام 2009 ، التي استهدفت فيه (إسرائيل) نشطاء من حركة حماس في أحد المواقع مما حذى بحركة حماس الرد على هذه العملية من خلال قصف عشرات القذائف الصاروخية على المواقع والبلدات (الإسرائيلية) المحيطة بقطاع غزة   مما شكل مفاجأة للاحتلال  . 

 

لماذا الاستهداف؟
منذ انتهاء الحرب على غزة ودولة الاحتلال تتعامل بمنهجية ثابتة في التعامل مع إطلاق الصواريخ والقذائف على البلدات المحتلة عام 1948 بقصف مواقع تابعة لحركة حماس؛ بالرغم من عدم إطلاق الحركة للصواريخ ولكن باعتبارها هي المسئولة عن الوضع في قطاع غزة دون المساس بالأفراد ، وتكررت عمليات القصف خلال الفترة الماضية في ظل وقف الفصائل إطلاق الصواريخ ، إلا من بعض العناصر التي تقوم بشكل فردي أو بعض الجماعات الجهادية ؛ ولكن هذه المرة أراد الاحتلال من عملية القصف وضع حركة حماس في الزاوية الضيقة حتى يجبرها على ملاحقة مطلقي الصواريخ بشكل فعال جداً رافعاً شعار( كل صاروخ يطلق مقابله هدف بشري ) في محاولة منه لتغير قواعد اللعبة في قطاع غزة .

 

فشل تغيير القواعد
لقد جاء رد حركة حماس بعملية إطلاق الصواريخ على البلدات (الإسرائيلية) المحيطة بقطاع غزة و المواقع العسكرية للاحتلال بمثابة رسالة له بأن حماس لا يوجد لديها موانع من خوض معركة جديدة ، وأن عملية استهداف الأفراد لن تمر دون عقاب وأن التفكير السائد بأن حماس تخشى من التصعيد بهدف المحافظة على الحكم في غزة هو تفكير خاطئ .

 

هذه الرسائل كانت اعتبارها نهجة جديدة في سياسة الحركة انتهاء الحرب على غزة فذهب الكثير من المحللين (الإسرائيليين) إلى تحميل الجيش مسئولية خرق الهدوء مع حماس بعد أن قتل ناشطين من الحركة , بهذه الرسائل تكون حماس قد أفشلت مخطط الاحتلال في تغير قواعد اللعبة في قطاع غزة  ولكن هل الأمر سيوقف عن هذا الحد .

 

الهدوء أو الحرب
الأوضاع السائدة في قطاع غزة بين حماس والاحتلال منذ انتهاء الحرب على غزة هي عامة الهدوء المشوب ببعض الهجمات الصاروخية والرد عليها من قبل الاحتلال ، مما أوصل الحالة إلى خيارين فقط : إما خيار الحرب والمواجهة الواسعة والمحدودة ،أو الهدوء التام ، مما ضيق الخناق على الطرفين في ظل غياب الحد الوسط بين الحرب والهدوء ، أي الوضع الذي كان يعيشه قطاع غزة قبل الحرب إما التصعيد المتدحرج أو الهدوء المتدحرج ، بالرغم من محاولة الاحتلال العودة إلى هذه الحالة بعد قصف العديد من المواطنين في الشجاعية ثم المجاهدين من الجهاد الإسلامي ،مما أدى إلى استشهاد 8 أفراد ، الأمر الذي جعل الجهاد الإسلامي يرد بإطلاق صواريخ أصابت العمق (الإسرائيلي) ، مما تسبب في إيقاف الدارسة في مناطق واسعة من دولة الاحتلال ، وجعله يفكر من جديد في العودة إلى التصعيد المتدحرج ، ولكن سرعان ما تراجع إلى المربع الأول وهو الهدوء التام.

 

الثورات توقف الحرب
مما لا شك فيه بأن الاحتلال يعيش حالة من الترقب الكبير لما يجري من تغيرات في المنطقة العربية في ظل ثورات دول الجوار، ولعل التغيير الذي حصل في مصر جعل الاحتلال يفكر كثيراً في أي عملية جديدة ضد قطاع غزة ، بعد الموقف المعلن للخارجية المصرية والتصويت بنعم للاستفتاء الذي اعتبر انتصاراً للإسلامين وخاصةً الإخوان المسلمين التي تعتبر حماس امتداداً لها ،  وبذلك يكون قد خسر طرفاً كان مسنداً له في كل أفعاله ، وفي نفس اللحظة هو لا يريد أن يضع المجلس العسكري في مصر تحت ضغط الجماهير التي أصبحت تمتلك القرار في مصر في حال شن هجوماً جديداً على غزة .

 

الساحة المصرية ليست وحدها ما يقلق الاحتلال فهو يشهد الضغوط المتزايدة على النظام الأردني والذي يحدها بأطول حدود برية ، و خوفه من سقوط النظام في الأردن تحت ضغط الجماهير في حال تم توجيه ضربة جديدة لقطاع غزة ، مما يجعله يفكر كثيراً عند الساحة الأردنية بالإضافة للأوضاع المتدهورة في سوريا .     

 

الخلاصة
 تحاول حركة حماس تغيير قواعد اللعبة في قطاع غزة هي الأخرى في ظل التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية والتي تعتبر في صالح الحركة و المقاومة ، من خلال فرض معادلة جديدة بعملية الرد على أي استهداف سواء كان ضد أفراد أو مواقع خالية .
تبقى هذه التطورات الحاصلة في قطاع غزة قابلة للهدوء في ظل الحديث عن وساطات خارجية للعودة للوضع السابق ، ولكن لا يمكن أن نغفل خيار أن تُقدِم (إسرائيل ) على حماقة جديدة بشن حرب على غزة حتى في ظل الظروف الحالية والعزلة التي يعشيها الاحتلال ومع سقوط الأنظمة المعتدلة ، ولكن التجربة (الإسرائيلية ) تعلمنا أن هذا الخيار وارد في ظل موجة التصريحات الإسرائيلية الداعية لحرب جديدة حتى لا تفقد (إسرائيل) سياسة الردع ، ولعل تجربة أسطول الحرية في مايو 2010 غير بعيد حيث ضحت (إسرائيل) بعلاقاتها مع تركيا من أجل فرض هيبتها في البحر ، وتعاملت بكل وقاحة وحماقة مع الأسطول ، ومحاولة الخروج من الأزمات التي تعيشها في ظل فشل التسوية والتغيرات العربية الحاصلة بأن تقدم على حرب باستخدام العمليات الجوية وعدم الإقدام على عملية برية لدخول غزة ، ولكن سيكون لدول الجوار هذه المرة الكلمة الفصل في تغيير قواعد اللعبة سواء لصالح المقاومة أو العكس .