البرادعي.. التصويت بالحجارة
16 ربيع الثاني 1432
أمير سعيد

لا يرضيني أبداً ضرب البرادعي، وأي اعتداء مرفوض على رجل أراد أن يذهب ويقول "لا" في الاستفتاء ويسوق لنفسه كمرشح من الآن، من منطلق مبدئي، لكن ما رأيته من تسويق العديد من الصحف "الأمريكية/المصرية"، والقنوات الموازية وبعض المنظمات الحقوقية لفكرة أن معظم المهاجمين (قدرتهم منظمة حقوقية بنحو 2000) من "الملتحين" أمر يدعو إلى السخرية من هذا الحشر المتعمد غير المفهوم للتيارات الدينية في حادثة فشلت كل وسائل الإعلام في تقديم أي دليل على وجود ملتحين فيها، والطريف أن الصور جميعها تخلو من هذا الوهم الإعلامي. شخصياً شاهدت عبر ما بثته المقاطع المرئية ترسانة من الآلة الإعلامية المحيطة بالبرادعي، وهذا طبيعي لشخص في حجم البرادعي ولديه العديد من الوسائل الإعلامية "الصديقة"، ما يجعلني أتساءل عن إخفاقها الواضح في التدليل على هوية المهاجمين للبرادعي ومن ثَم أتشكك في روايتها ثم في غرضها من بث تلك الشائعة التي تجاورها العديد من الشائعات مررت عبر وسائل الإعلام تحت غطاء "يقال" و"وفقاً لشهود عيان" و"مصادر" و"عدد من اللجان"، وغيرها من العبارات المرسلة التي تنكر بها الإعلام لمصداقيته من أجل تشويه فئات معينة من الشعب المصري كان من حقها مثلما كان من حق أصحاب الإعلان العامي "لأ" أن يروجوا لاختيارهم الانتخابي حتى في اليوم الأخير المحظور الدعاية فيه وفي صحف قومية مصرية كالأخبار.

 

 

أستطيع ـ كما يفعل الاتحاد الأوروبي وأمريكا ـ أن أدين "بأشد العبارات" حادثة الاعتداء على البرادعي، وأشدد على أن رفض الرجل مهما أوحت تظاهرته التي صاحبته للواقفين في الطابور بالتصويت بلا، مثلما يدين هؤلاء التأثير المقابل للتيارات الدينية على الناخبين، غير أن هذه الإدانة لن تمنعني من التفكير حول هذا الرفض الشعبي الذي حال بين وصول البرادعي لأي لجنة للتصويت أو تكاسله عن إكمال المسيرة في أي مكان آخر تحسباً لأي طارئ مشابه، هذا التفكير سيقودني وغيري للتساؤل، هل يصبح المبرر الذي ساقه البرادعي إبان الثورة وفي أوج اشتعالها بأنه لن يرشح نفسه للرئاسة "إلا إذا طلب الشعب منه ذلك".. هل يا تُرى يرى البرادعي الآن أن الشعب يطالبه بكل حماس لترشيح نفسه؟ في أي الدوائر كان يمكننا أن نتلمس ذلك وأين هي الأحياء التي رحبت بوجوده وتصويته بخلاف النخبة المخملية القادمة مستقلة سيارات الدفع الرباعي التي لا زاحمت ميكروباصات المقطم؟!

 

 

لا أتمنى أن يتعرض البرادعي لأي أذى أثناء إدلائه بصوته ولا في غيره، وأتمنى أن أعيش إلى اليوم الذي يمكن فيه الإدلاء بالأصوات عبر "تويتر" حتى يتمكن رجل القانون الدولي من التعبير عن رأيه بشكل مريح يتناسب مع مكانته العلمية والاجتماعية..

 

المصدر/ صفحة الكاتب على "فيس بوك"