مجلس الأمن والقرار المتأخر في ليبيا
14 ربيع الثاني 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ظهر وكيل وزارة الخارجية الليبية مبتسما ومعه مترجم لا يقل عنه ابتسامة؛ ليرد على قرار مجلس الأمن الذي صدر في ساعة متأخرة الخميس بفرض حظر الطيران فوق الأجواء الليبية واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية اللازمة لحماية المدنيين, لقد بدا الوضع هزليا والمسؤول الليبي يبدي تجاوب حكومة القذافي مع الحظر الجوي الذي جاء متأخرا بعد أن دكت الطائرات الحربية التابعة للقذافي المدن غير مفرقة بين مدنيين ومسلحين في مذبحة لم تكشف كل أبعادها بعد وفي تآمر دولي واضح, ولعل الابتسامة التي ظهرت على وجه المسؤول الليبي تعبر عن ارتياح نظام القذافي للتأخر في فرض الحظر والذي ساهم فيه عدد من الدول الصديقة لليبيا مثل روسيا والصين واكتفاء الدول الكبرى الاخرى بالدعوة والكلام دون ضغط حقيقي, وقد أدى هذا التأخر لتحقيق كتائب القذافي لتقدم نوعي على الأرض,ففي الوقت الذي تفتقد فيه قوات المعارضة للدعم العسكري تصل إلى ليبيا كل ما تحتاج إليه من أسلحة وعتاد من سوريا وتشاد وأوغندا وأوكرانيا ـ بحسب مصادر صحفية ومعارضة ـ مع وجود الدعم المالي اللازم من مليارات الدولارات التي يحتفظ بها القذافي تحت يده تحسبا لمثل هذه الظروف..

 

لقد كان الموقف الغربي في ليبيا مثالا للانتهازية حيث ترك المذابح تشتد ضد المدنيين حتى لا يغضب القذافي فيحرمه من النفط الرخيص وعندما بدأت الاوضاع تميل لمصلحة القذافي على الأرض جاء الحظر الجوي مع إمكانية التدخل العسكري بحجة حماية المدنيين في محاولة لإمساك العصا من المنتصف فإذا تمكن القذافي من القضاء على المعارضة سيحفظ لهم إمهاله طوال المدة السابقة, وإذا لم يتمكن ونجحت المعارضة في حربها فليس أمامها سوى التعامل مع الغرب الذي يقف بطائراته وسفنه داخل أجوائها ومياهها البحرية, كما أن القرار يحمل في طياته احتمالات للتدخل العسكري وهو ما سيؤجج الوضع على الارض ولن يقبل به نظام لقذافي ولا المعارضة, وهو احتمال وارد إذا استمر القتال لحفظ مصالح الغرب في النفط..

 

إن استمرار الحرب في ليبيا سيؤدي إلى كوارث اقتصادية للغرب ولن يستطيع الانتظار حتى تحسم المعركة لصالح أحد الطرفين مما يعني أن هناك احتمالا للتدخل العسكري بشكل قد يجعل من ليبيا عراقا آخر كما أن الوجود العسكري المؤقت قد يتحول إلى دائم وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على الأمن العربي الذي ما زال يعاني من الوجود العسكري الغربي في منطقة الخليج عقب احتلال العراق..

 

إن الوضع الحالي قد يؤدي إلى تفكك ليبيا جزء تحت قيادة القذافي وجزء آخر تحت قيادة المعارضة وقد يؤدي الحظر والتدخل المتأخر لسيناريو من هذا النوع وقد يكون الأمر مخطط له لسهولة السيطرة على  منابع النفط كما يحدث الآن في العراق..لا يمكن الجزم الآن بما ستكون عليه الاوضاع خلال الفترة القادمة على الأرض في ليبيا ولكن القذافي يراهن على المكاسب الاخيرة ووجود أسلحة ثقيلة تحت حوزته يستطيع من خلالها حسم المعركة وهو ما ظهر في تصريحاته هو ونجله؛ الأمر الذي سيؤدي إلى  سقوط المزيد من المدنيين. وإذا كان المجتمع الدول يريد حماية المدنيين حقا فعليه أن يقف بقوة أمام تدفق الاسلحة على قوات القذافي من الخارج ومد المعارضة بالسلاح اللازم بدلا من محاولة التدخل العسكري الذي سيعطي القذافي ومن معه حجة للبقاء والقتال والحصول على دعم شعبي يفتقد إليه الآن.