13 صفر 1433

السؤال

السلام عليكم: باختصار مشكلتي أن زوجي عصبي جداً، وكسول جداً، وهذا لم يكن من طبعه قبل الزواج، وأنا لي ما يقارب السنة والنصف وهو على نفس الحال، استخدمت جميع الأساليب السلبية والإيجابية، وما وجدت نفعاً، أرشدوني إلى الصواب فأنا محتارة وشكراً.

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة: أنت زوجة حديثة العهد بالزواج، وسنة ونصف ليست كافية لمعرفة كل طباع زوجك، وحلول مشاكلك.
ومشكلتك والحمد لله بسيطة، وهي شائعة بين كثير من الأزواج، فالرجل يختلف في شخصيته وطباعه عن المرأة، يتحمل من المسؤوليات والأعباء ما ترهق أعصابه، وتنهكه جسمياً ونفسياً، فالواجب عليك أن تكوني إنسانة واعية جداً بهذا، تتفهمين ظروف زوجك، وحالاته المتنوعة، وميوله المختلفة، وردّات أفعاله المتعدِّدة، وتدركين مواطن قوَّتِه ومواطن ضعفه، وتمتلكين مفاتيح أبوابه المغلقة، وتميِّزين بين ما يحبه وما يكرهه.
وهذه أولى الخيوط التي عليك أن تمسكي بها لحل مشكلتك، فأنت الزوجة التي اختارها زوجك بعقله وقلبه لتشاركه أفراحه وأتراحه، وهو الزوج الذي اخترته ووافقت عليه، لأنه الرجل الذي يستحق أن ترتبطي به وتشاركينه حياتك، وهذا يدعوك لتتحمَّلي أخطاءه وسلبياته كما يتحمَّلها عنك، هذا بوجه عام، أما بالنسبة لمشكلة غضبه وكسله، فعليك ببعض النصائح التي تعينك على تحملها:
أولا: أهِّلي نفسك لتكوني القدوة الصالحة لزوجك في أقوالك وتصرفاتك، راعيةً ببيتك ومسؤولةً عن رعيَّتِك، تختارين من الكلام أحسنه وأطيبه، ومن الحوار ما كان هادفاً نافعاً، ومن المعاملة أسماها وأرقاها، فتشعِري زوجك بحبِّك، واهتمامك، واحترامك لكلامه ولرغباته.
ثانيا: كوني لزوجك الزوجة، والأم، والأخت، والصديقة، والحبيبة.. لأنه اختارك لتشاركيه كل أحاسيسه اتجاه المرأة، فحاولي أن تمنحيه معاني السَّكَن، والهدوء، وتوفِّري له الرّاحة الَّنفسية والجسمية التي يبحث عنها داخل بيته، لينجح في حياته الأسرية والعملية، ويقبل على أداء أعماله داخل بيته وخارجه بحيوية ونشاط، ويقدر أن يسعدك ويخدمك ويلبي طلباتك.
ثالثا: كوني لزوجك الزوجة الحنونة المحبّة، الراضية بحياتها معه، المتقبِّلة لطباعه وشخصيته كما هي، الملبِّية لطلباته برضا ومحبَّة، المستعدَّة لخدمته وإسعاده وإرضائه.
وكوني لزوجك الزوجة الحنونة الرَّحيمة به، المشفقة على كل أحواله، الصَّبورة على شدَّته وغضبه وعصبيَّته، وكسله وخموله وفتوره.. وسائر أخطائه، المبرِّرة لما يصدر عنه من سوء أقواله وتصرفاته وطباعه.
رابعا: تجنَّبي ما يغضب زوجك، وما يثير توتُّره، وتكدُّر مزاجه، ويشدُّ أعصابه، فلا تجرحي كرامته ولا تهيني رجولته، ولا تصعِّري من قيمتك، ولا تبخسي أعماله، ولا تحتقري عطاءه، ولا تقلِّلي من شأنه، ولا تستخفِّي بآرائه، وتتجنَّبي مشورته، ولا تفعلي ما يكرهه، ولا تتصرّفي بخلاف ما يرضيه، بل كوني له الزوجة المطيعة، تكسبي حبه ومودَّته، وهدوءه واتِّزانه، ونشاطه وحيويَّته.
خامسا: حبِّبي لزوجك بيته وسكنه، واجعليه يُسَرُّ قلبه كما عينه لرؤياكِ، حين تستقبلينه كما يحب الزوج أن تستقبله زوجه، بلا عتابٍ، ولا لَوم، ولا شَكوى، وبدون إرهاقه بالطَّلبات.. حتى يسعد بأوقاته وبوجوده معك، فينسى توتُّره وغضبه، وتعبه وإرهاقه، وكل الضغوط والمشاكل اليومية.
كذلك بالنِّسبة لمشكلة كسل الزوج، تعاملي معها بالأسلوب نفسه:
فعليك أولا: أن تتفهَّمي التَّغيير الذي طرأ عليه بعد الزواج، فهو صار مسؤولاً عن أسرة، بعد أن كان غيرُه مسؤولاً عنه، واعتاد على من يخدمه من أهله، وبالتالي سيطلب منك ما تعوَّد أن يجده من خدمته ورعايته، فدورك هنا أن تبني معه حياة جديدة، تحققي معه خلالها التغيير لأجل سعادتكما.
ثانيا: إذا كان عمل زوجك يتعبه ويرهقه جسمياً، فيكسل عن الحركة والخروج، فلا مانع أن تتحمَّلي عنه بعض الأعباء، وتوفِّري له الجوّ المناسب والمريح، فإذا وجدت عنده استعدادا نفسيا وجسميا، شجِّعيه بطريقة جميلة ولطيفة على الخروج معك في نزهة، أو اطلبي منه أن يشاركك في ممارسة أنشطة وهوايات ممتعة، كممارسة الرياضة مثلا، أو التجول بأماكن طبيعية، وأظهري له منافع الحركة والإنجاز لأعمال متنوعة وفائدتها النفسية والصحية.
- أما إن كان يعجز عن تلبية طلباتك، ويمتنع عن قضاء حاجاتك، فلا بأس لو قلَّلت منها وخفَّفت من قائمتها، وعوّدت نفسك على الاستغناء عن أمور، أو الاستقلال بنفسك في قضاء حاجاتك، أو اطلبي مساعدته من غير أن تضغطي عليه، أو تحسِّسيه بأنه من واجباته والتزاماته، بل أقنعيه بأسلوب حكمتك وفطنتك وبالتَّرغيب لا التَّرهيب، والتَّحبيب لا التَّنفير، حينها سيشعر داخليا كم أنت زوجة عظيمة وجميلة ورائعة وكم تحبينه، وتلقائيا سيبادر لإرضائك كما ترضينه، وإسعادك كما تسعدينه.
- ثالثا: عوِّديه على الحيوية والنشاط داخل بيته، وكوني الزّوجة الخفيفة النشيطة الحركة، وتنجزين أعمالك بحيوية، وتستغلّين أوقاتك في الإبداع والابتكار، فيحس بأنه في بيت يتدفّق وينبض بالحياة، وأشركيه معك في ممارسة أعمالك، كأن تطلبي منه وأنت تنظفين مثلا أن يحضر لك بعض الأدوات المنزلية، أو يحمل معك أشياء، أو يجلس معك وأنت تنجزين أعمالك اليومية، سواء بالمطبخ أو بغرفة الطعام أو بأي مكان، حتى وأنت تنظفين أو ترتبين بيتك، وأشعريه بأن وجوده معك يسعدك ويريحك، ويمنحك متعة في إنجاز أعمالك، ويحررك من إحساسك بالملل والتعب، واستمتعي بوقتك معه فتمزحين وتضحكين وتحكين له قصصا وأخبارا وطرائف، ولو هيأت طعاما قدمي له طبقا ليتذوَّقه ويقول رأيه، فيحس بجمال ومتعة مساعدتك.
رابعا: شجِّعيه على الإنجاز والعمل، من خلال المبالغة في شكره والثناء على ما يقدمه وينجزه، وإن كان أمراً بسيطاً.
وأخيراً أقول لأختي الكريمة: إن الزوجة الذكية والعاقلة الحكيمة، تمتصُّ غضب زوجها وانفعالاته، وتحتوي ضغوط حياته، وتتفهَّم ظروفه وحالاته، وتعرف متى تتكلم ومتى تسكت، ومتى تقبل ومتى تحجم، ومتى تطلب ومتى لا تطلب، تمتلك مفاتيح شخصية زوجها، وتعرف مفتاح كل بوابة، فتقدر أن تحافظ دائمًا على زوجها مهما كانت طباعه وسلبياته، ومهما كانت صعوبة تغييره.
وأنت أختي الكريمة ناضجة وواعية وحكيمة، تقدرين أن تفهمي زوجك وتديرين بيتك، فاسعي دائما لتبني نسيج حياتك الزوجية بصورة أكثر إيجايبة، ولا تجعلي القلق والتوتر والعصبية والكسل والخمول وكل ما ترينه من زوجك يفقدك رزانتك وحكمتك وأسلوبك الراقي في الحوار وحل المشاكل، وإياك واليأس والشعور الانهزامي بفشلك مع زوجك بالرغم من فشل كل وسائلك التي استخدمتها لتغيير طباعه، بل تأكدي بأنك ما دمت مرأة مؤمنة فأنت قوية وأنت إيجابية، وهذه الأمور السلبية التي ترينها في زوجك هي في الغالب إما مرحلية أو ظرفية، أو لمدة كافية كما تحتاج لمساعدتك وذكائك.
أسأل الله تعالى أن يغيّر أمركما إلى ما هو أحسن، ويصلح حالكما، وأن يشيع بينكما التوافق والتفاهم، وأن يؤلف على الخير قلوبكما، ويصير زوجك أكثر هدوءاً ونشاطاً وتفاعلاً.
وبالله التوفيق.