العراق يدخل موسوعة غيتس بلا منافس
25 ربيع الأول 1432
د. جاسم الشمري

موسوعة غينيس للأرقام القياسية (Guinness World Records) هو كتاب مرجعي يصدر سنوياً، يحتوي على الأرقام القياسية العالمية المعروفة يخزن فيها كل الأرقام القياسية أو الأعلى في كل مجال، مثلاً: أكبر وأسرع وأثقل وأثرى وتحتوي هذه الموسوعة على العديد من المعلومات، منها أعظم وزن رجل في العالم وأقصر امرأة، وأضخم كلب في العالم، إلخ.. والكتاب بنفسه حقق رقماً قياساً، حيث أنه يعتبر سلسلة الكتب الأكثر بيعاً على الإطلاق. تم إصدار أول نسخة من الموسوعة في (1955) بواسطة شركة غينيس. وتعتبر هذه الموسوعة من أدق المراجع التي يتم الرجوع إليها في معرفة الأرقام القياسية.

 

وعلى العموم فان كل من يصنع أمرا مبتكرا أو نادرا أو غريبا فانه يتمنى، أو يطالب بالدخول في موسوعة غيتس للأرقام العالمية، وآخر من طالب بالانتماء، أو الدخول في  موسوعة غيتس فندق قصر الإمارات بأبوظبي وذلك بإقامة شجرة احتفالات نهاية العام الميلادي مرصعة بالمجوهرات الثمينة والأحجار الكريمةٌ وتقدر قيمتها بأكثر من (11) مليون دولار أميركي، فيما تبلغ قيمة التأمين على هذه الشجرة قرابة (11) مليونا أيضا، ويتولي حمايتها فريق حراسة على مدار الساعة.

 

والواضح من متابعة الشأن العراقي أن الساسة في المنطقة الخضراء قد اغفلوا أهمية الإسراع بإدخال العراق في موسوعة غيتس طالما هي موسوعة سنوية، ولا اعتقد أن بلدا في العالم اليوم بما فيها أفغانستان يمكنه أن يجاري العراق في إطار منافسته للدخول في الموسوعة العالمية، حيث إن العراق الأول من حيث عدد المهجرين حول العالم، فهنالك اليوم أكثر من أربعة ملايين عراقي مهجر، أما في إطار القتل والاغتيالات فلا اعتقد أن دولة تنافس العراق في هذا الميدان بما في ذلك الصومال وساحل العاج من حيث الاغتيالات والتفجيرات.

 

ولإثبات أحقية العراق بدخول موسوعة غيتس سأذكر بعض الأرقام التي تستحق الدخول للموسوعة العالمية بدون منافس، وسنبدا من الرواتب الخيالية والتخصيصات المخصصة لرئيس الوزراء، حيث ذكر قيادي بارز في التيار الصدري، طالبا عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـفضائية"العالم الإيرانية"، في يوم 25/5/2010، أن المالكي " يتمتع بحماية مالية وأمنية كبيرة، فمرتبه التقاعدي كرئيس وزراء سابق سيبلغ نحو (30) مليون دولار أميركي في السنة، كما أن عددا كبيرا من الجنود سيتولون حمايته بما يقدر بلواء عسكري كامل". فيما ذكر مصدر رسمي رفيع أن الرقم المذكور "ليس مستغربا" ووعد "العالم" بكشف أرقام رسمية نهائية حول ما يتقاضاه كبار مسؤولي الدولة.

 

وكشفت فضائية "العالم" مطلع العام الجاري نقلا عن النائبة شذى الموسوي، أن مجمل مخصصات الرئاسات الثلاث، يتجاوز (800) مليون دولار أميركي سنويا، وأن مرتبات كل منهم غير معروفة للبرلمان.
ويعد تكتم الجهات العليا في الدولة على الأرقام النهائية لمرتبات المسؤولين، أمرا يفتح الباب على تداول أرقام غير رسمية بهذا الشأن.
فيما وصفت عالية نصيف جاسم عضو القائمة العراقية، وعضو هيئة النزاهة في البرلمان السابق، الرواتب التي يتقاضاها كبار المسؤولين وخاصة الرئاسات الثلاث بأنها "استثنائية"، وأن الرواتب العالية للمسؤولين الكبار في الحكومة العراقية "لا تتناسب أبدا مع الجهد الذي يقومون به، وهي غير معقولة".

 

وتقول نصيف إنها لا تعلم رغم عملها في لجنة النزاهة بالبرلمان السابق، حجم الراتب التقاعدي الذي سيتقاضاه المالكي. لكن معلوماتها تقول أن الراتب التقاعدي لرئيس الوزراء السابق أياد علاوي والمودع في مصرف الرافدين، وهو نفس الراتب الذي يتقاضاه رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري من قبل دائرة التقاعد العامة.

 

وتوضح "اعتقد انه في حدود (28) مليون دينار عراقي في الشهر" أي نحو (336) مليون دينار سنويا (300 ألف دولار تقريبا) وهو نحو ضعف ما تحدث عنه المصدر المقرب من المالكي الذي قال أن مبلغ التقاعد لن يتجاوز 145 ألف دولار كل سنة.
وأشارت نصيف أن رئيس البرلمان السابق يصل راتبه التقاعدي شهرياً "إلى (40) ألف دولار"،  (480 ألف دولار أميركي سنويا) على حد قولها، ما يمثل مبلغا اكبر بكثير أيضا، من المبلغ الذي تحدث عنه المقرب من رئيس الوزراء.
وذكرت صحيفة (الصباح) الحكومية يوم 28/10/2010،  أن مجموع ماتقاضاه أعضاء مجلس النواب الجدد البالغ عددهم (325) نائبا منذ حزيران/ يونيو الماضي وحتى منتصف الشهر الجاري بلغ (81) مليارا و(250) مليون دينار (يقدر بالدينار العراقي بحوالي (1169) دولارا أمريكيا).

 

وقالت الصحيفة: يبلغ مجموع راتب عضو البرلمان (32) مليون دينار بين راتب اسمي و مخصصات الحماية والسكن وغيرها كما تسلم النواب الجدد سلفة مالية تبلغ (90) مليون دينار تجري حاليا تحركات لاعتبارها منحة لا ترد، وأن رواتب أعضاء مجلس النواب العراقي تعد الأعلى بين رواتب النواب في العالم حيث يتقاضى عضو مجلس النواب الأمريكي أقل من (165) ألف دولار سنويا/ أي نحو (190) مليون دينار عراقي/ كما يتقاضى عضو مجلس العموم البريطاني نحو (170) ألف دولار/ أي نحو (200) مليون دينار عراقي/ في حين يتقاضي عضو مجلس النواب العراقي 384 مليون دينار.
وفي يوم 25/12/2010، نقلت صحيفة الصباح الحكومية عن رئيس هيئة دعاوى الملكية القاضي علاء جواد تأكيده أن ما نسبته (90) بالمائة من الأموال المخصصة لمشاريع الاعمار تهدر بسبب الفساد، فيما دعت هيئة دعاوى الملكية إلى إعادة النظر في التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد.

 

مسؤول غرفة عمليات مكافحة الرشوة في هيئة النزاهة طارق عبد الرسول تقي اقر في ذات اليوم، بأن الفساد مازال مستشرياً في دوائر الدولة كافة، وأن أموالاً كثيرة تخصص لمشاريع الاعمار لكن (90) بالمائة منها تذهب سدى جراء الفساد، فيما لا يستغل سوى (10) بالمائة بشكل فعلي لانجاز المشاريع وبالتالي فان المواطن لا يلمس نتائج حقيقية للمشاريع.

 

وفي إطار الفساد الذي ينخر الأجهزة الأمنية فان العراق يمكن أن يكون الفائز الأول من حيث تغلغل المليشيات في أجهزته الأمنية، حيث انه وعلى عكس بلدان العالم فان أجهزته الأمنية هي التي تقود عمليات الخطف والاغتيالات المنظمة حيث أكدت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، يوم 4/1/2011، أن معظم منفذي عمليات الاغتيال بالأسلحة الكاتمة للصوت ينتمون إلى الأجهزة الأمنية، وأن قسماً منهم يحملون باجات مزورة؛ لتسهيل تحركهم بالسلاح".

 

أما في مجال البطالة فقد تفوق العراق على اغلب بلدان العالم، وهذا ما أكدته وزارة التخطيط في حكومة المالكي، ففي يوم 27/ أكتوبر، قال وزير التخطيط علي غالب بابان قوله في تصريح صحفي إن نسبة البطالة في العراق تصاعدت بشكل مخيف، وتجاوزت الـ 25% خلال العام الحالي داعيا إلى إعادة تخصيص الأموال المرصودة للبطاقة التموينية وتحويلها إلى برنامج إعانات، وان نسبة البطالة في العراق بحسب نتائج مسح أجرته الوزارة بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على المواطنين من عمر (15) سنة فما فوق بلغت 30.2% بين الذكور مقابل 16% بين الإناث".

 

وفي مجال البيئة فان التلوث قد وصل إلى مديات لا مكن السكوت عليها، بينما تواصل الحكومة إهمال البيئة وعدم تنفيذ أي قرار قد يساعد على إيقاف التلوث البيئي وانتشار التصحر ويعرف الاختصاصيون أن بيئة العراق، وخصوصاً بغداد، تعرّضت لتغيرات كثيرة، يصعب معالجتها ضمن الإمكانات الراهنة التي تؤشر إلى ضعفها التأجيلات المستمرة لمشاريع البيئة، فتظل عشرات منها حبراً على ورق. وغالباً ما تحتل مشاريع البيئة في العراق الصدارة في قائمة المشاريع المؤجلة.

 

أما كارثة الأسلحة الكيماوية التي استخدمها الاحتلال الأمريكي في الفلوجة وغيرها من المدن العراقية فقد ظهرت بصورة واضحة في المجتمع العراقي، وتسببت بأمراض لم تكن معهودة في العراق في يوم من الأيام، ففي تموز 2010، كشفت صحيفة"الإندبندنت"  البريطانية النقاب عن أنّ نسبة حالات السرطان في مدينة الفلوجة العراقية التي تعرّضت لقصف أمريكي عام 2004 تفوق النسبة في مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين التين أُلْقِيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية.

 

ونقلت الصحيفة عن عدد من أطباء المدينة شكواهم من كثرة حالات الوفاة بين المولودين حديثًا، وكذلك حالات التشوه الخلقي بين المواليد، والتي تتراوح بين طفلة ولدت برأسين إلى حالات الشلل.
وأكّدت دراسة أجريت في المدينة أن حالات السرطان بين الأطفال حتى سنة الرابعة عشرة تفوق مثيلتها في الأردن بأربعة أضعاف وفي الكويت بثمانية أضعاف.

 

وقال كريس باسبي أحد المشرفين على الدراسة التي شملت (4800) شخصًا من سكان الفلوجة: إنه من الصعب تحديد سبب حالات السرطان والتشوه الخلقي.
واعترفت القوات الأمريكية المحتلة التي حاصرت وقصفت المدينة أنها استخدمت قنابل الفسفور الأبيض في شهر أبريل عام 2004.

 

وهكذا يمكن أن نذكر كافة مجالات الحياة الأخرى من انعدام الأمن والخدمات والأمن الغذائي والصحي وغيرها، نجد أن العراق في قائمة الدول التي تنعدم فيها ضروريات الحياة؟!!
هذه هي الأرقام التي ينبغي أن تدخل موسوعة غيتس من أوسع الأبواب لأنه لا توجد أرقام قريبة وليست مماثلة لها في أسوء دول العالم؟!!
[email protected]