الثورة المصرية.. إعلام رزين وآخر مذبذب وثالث دجال..
13 ربيع الأول 1432
منذر الأسعد

ُعَدُّ الحديث عن أهمية الإعلام في وقتنا الحاضر من نافلة القول، لأن هذه الأهمية أصبحت من المعلوم للناس بالضرورة، بحكم الممارسة العامة والشاملة حيث يتعامل البشر من سائر الشرائح مع وسائل الاتصال المتقدمة بصورة يومية متكررة ومتنوعة.

 

فكيف إذا تركز الحديث على أحداث تاريخية مفصلية كالثورتين الطازجتين: التونسية والمصرية، فقد كان دور الإعلام في قدح شرارتهما واضطرام نارهما دوراً رئيسياً بإجماع المتابعين كافة من أهل الاختصاص ومن غيرهم على حد سواء.

 

اليوم وقد مَنّ المولى عز وجل على شعب مصر العريق بانتصار مؤزر لثورته السلمية الراقية، فإن من المفيد للجميع تقويم الأداء الإعلامي بتناقضاته وتنوعاته وتباين المستويات المهنية للوسائل الإعلامية المختلفة وللإعلاميين أنفسهم حتى في الوسيلة الواحدة في بعض الأحيان والأحوال.

 

ولما كان ذلك المطلب عسيراً –إذ إنه يحتاج إلى زمن غير قصير ودراسات تحليلية متأنية-فإن رصداً أولياً كالذي نسعى إلى إثارته في هذه العجالة يدخل في باب اقتناص اللحظة وتدوين الملاحظات الساخنة في فورتها، لئلا يطويها الناس أو تذهب الأيام بحرارتها.

 

ونحن لا نفعل هنا أكثر من عرض تلك الملاحظات لإثرائها بحيث تغدو بعد الإضافة من القراء الأفاضل والتنقيح والتصحيح من لدن الخبراء، تغدو بمثابة مادة خام تخدم البحوث الرصينة والدراسات الجادة، بما ينفع الناس ويسهم في تقدم المهنة.

 

قناة الجزيرة:

هي القناة العربية الإخبارية الأوسع انتشاراً، والأقوى تأثيراً في النخبة وفي العامة معاً.وقد حاربها إعلام حسني مبارك علانية وأوقف بثها على قمر نايلسات وأقفل مكتبها في القاهرة واعتقل مديره وأحد زملائه.وكانت تغطية الجزيرة لوقائع الانتفاضة الشعبية المصرية قوية وصحيحة، لكن الانتقاد الرئيسي الذي يوجهه إليها خصومها لا يخص ما قالته عن مبارك ونظامه ولكن ما لا تقوله عن بلدان أخرى تشبه النظام المصري البائد وربما تفوقه ظلماً لشعوبها!!وهذا حق حتى لو أريد به باطل.وإن كان بعض تغطيتها على حساب المهنية في بعض الأحيان، مثل استخدام ألفاظ وصفات تعبر عن رأي وموقف وليست موضوعية.

 

ولوحظ استضافتها شبه الدائمة لعزمي بشارة وغيره ممن يصمتون أمام مظالم في بلدان عربية أخرى لا تقل –بل تزيد-على ما كان في مصر مبارك (في الاتجاه المعاكس قبل فترة: حذف اسم لص كبير في بلد عربي عند إعادة الحلقة في اليوم التالي للبث المباشر).

 

قناة بي بي سي العربية: 

اتسمت تغطيتها بنوع من الموضوعية الباردة والمبالغ فيها (منها مثلا: منعها سياسياً مصرياً منفياً استضافته من توجيه رسالة إلى الشباب المصرين!!)

 

قناة العربية:

بالرغم من تحيزها الجلي لنظام مبارك فإن الرعاع التابعين لحزبه الذي كان مستبداً بالحكم، لم يعجبهم هذا القدر من انحيازها، فهاجموها بالكلام والفعل العدواني العنيف.
وقد أصرت على استضافة عماد الدين أديب بصفة شبه يومية ليهجو المتظاهرين والمتدينين ويدبج مدائح رخيصة للنظام!! لكنه انقلب على مفسه مثل الحواة فور تنحي حسني مبارك من منصب الرئاسة!!

 

قناة الحرة:

أشهد لهذه القناة الأمريكية بأنها كانت قريبة من الموضوعية لأول مرة منذ إنشائها عند التعامل مع أي قضية عربية أو إسلامية.وبكل صدق أؤكد أنني لم أجد تفسيراً يطمئن إليه عقلي وقلبي، باستثناء ضبابية مواقف واشنطن من الوقائع المتسارعة وقد تكون انعكست على هذه التغطية للحدث ذاته. أما مذيعها محمد اليحيائي فما زال داخل مستنقعه الخاص في برنامجه المؤدلج بفجاجة(عين على الديموقراطية).

 

الإعلام الرسمي المصري:

وقد سقط سقوطاً مريعاً بجميع وسائله المرئية والمقروءة والمسموعة، وهو إعلام أدمن الفشل في عهد مبارك ولم ينجح يوماً لأنه غير مهني وتقوم عليه عصابات ساقطة يأكلها حقد مبرمج على هوية الشعب.

 

ويكفي التلفزيون الرسمي بإمكاناته الضخمة فشلاً ذريعاً أنه دأب على نقل صورة زائفة لما يجري مع أن وزير الإعلام البائس لو نظر أسفل قدميه لنقل صورة نقيضة100% فحشود المتظاهرين كانت تحاصر مبنى التلفزيون ولولا الطوق الذي ضربه الجنود حول المبنى لكان في خبر كان!!

 

ويكفي الوزير المخلوع أنس الفقي سقوطاً أن النائب العام في مصر جعله في طليعة المسؤولين الفاسدين وقرر حبسه احتياطياً وتجميد أمواله لاتهامه بالفساد !!!!

 

أما رؤساء تحرير صحف النظام -المسماة زوراً: الصحف القومية- فقد بدأت الثورة لخلعهم على أيدي مرؤوسيهم من قبل خلع رأس النظام نفسه.