24 رمضان 1432

السؤال

لدي إخوة مهملين لصلاة الجماعة؛ ما الحل مع علمهم بأهميتها؟

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
لا شك أن لصلاة الجماعة أهمية كبرى في حفظ هذه الفريضة الغالية، التي هي عماد الدين وقوامه الأساسي، فعمارة بيوت الله شعيرة من شعائر الإسلام، ووسيلة من وسائل المحافظة عليه، هذا غير الفضل الكبير، والأجر العظيم، الذي أعده الله لعباده الذين يحافظون على صلاة الجماعة، وسياحة بسيطة في بستان النبوة توضح لنا هذا الفضل والأجر:
* فعن ابن عمر- رَضيَ اللَّهُ عَنهُ- أن رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) قال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". (متفق عَلَيهِ).
* وعن أبي هريرة- رَضي اللَّهُ عَنهُ- قال، قال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً؛ وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة". (متفق عَلَيهِ - وهذا لفظ البخاري).
* وعن عثمان- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قال: سمعت رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) يقول: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله". (رواه مُسلِمٌ). وفي رواية الترمذي عن عثمان قال، قال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة". (قال الترمذي حديث حسن صحيح).
* وعن أبي هريرة- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قال أتى النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) رجل أعمى قال: يا رَسُول اللَّهِ ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب". (رواه مُسلِمٌ).
* وعن عبد اللَّه، وقيل: عمرو بن قيس، المعروف بابن أم مكتوم المؤذن- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- أنه قال: "يا رَسُول اللَّهِ إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح فحيهلاً" (رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن). ومعنى حيهلاً: تعال.
* وعن أبي هريرة- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- أن رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم". (متفق عَلَيهِ).
* وعن ابن مسعود- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قال: "من سره أن يلقى اللَّه تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن؛ فإن اللَّه شرع لنبيكم (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف". (رَوَاهُ مُسلِمٌ). وفي رواية له قال: إن رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
* وعن أبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قال: سمعت رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان؛ فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية". (رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن).
* وعن أبي هريرة- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- أن رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) قال: "ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا". (متفق عَلَيهِ). وعنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- قال: قال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): "ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا". (متفق عَلَيهِ).

أما عن وسائل وطرق العلاج المقترحة لمرض "إهمال صلاة الجماعة" الذي يعتري إخوتك؛ فهي - غير بيانك لهم فضل المحافظة عليها، وخطورة وسوء عاقبة إهمالها- على النحو التالي:-
1) التنبيه لحلول موعدها: بحيث تقوم أنت وبعض من إخوانك المحافظين على صلاة الجماعة بمهمة تنبيه إخوانك المهملين إلى قرب حلول موعد كل صلاة من الصلوات الخمس، عبر التنبيه المباشر في حال قربهم منك، أو عبر الهاتف ومختلف الوسائل المتاحة مثل إرسال رسائل قصيرة لهم عبر الهاتف الجوال.
2) الحرص على مصاحبتهم إلى المسجد: فتقوم أنت وبعض من إخوانك المحافظين على صلاة الجماعة بالذهاب إليهم – في محال إقامتهم- وتشجيعهم على الذهاب لصلاة الجماعة، ومصاحبتهم حتى يدخلوا المسجد، وتكرار ذلك معهم حتى تطمئن لمحافظتهم عليها.
3) رصد جوائز أسبوعية للمحافظين على صلاة الجماعة: كنوع من التشجيع والتحفيز، عن طريق رصد جائزة أسبوعية لكل أخ ينجح في المحافظة على أداء الـ35 صلاة أسبوعيًا في جماعة، وجائزة أكبر لمن يحافظون على أدائها في الجماعة الأولى بالمسجد، وهكذا...!
4) وفي مرحلة متقدمة يمكن رصد عقوبة أو غرامة للمهملين فيها: عن طريق الاتفاق على إنشاء صندوق للصلاة، بحيث يضع فيه كل من فاتته صلاة الجماعة دون عذر شرعي مقبول، مبلغًا رمزيًا من المال، ولو ريال واحد عن كل صلاة مكتوبة لايؤديها في الجماعة، على أن تخصص حصيلة هذا الصندوق شهريًا لوجه من أوجه البر والإحسان، كالإنفاق على الأيتام أو عيادة المرضى، أو الإحسان إلى الفقراء، أو حتى للقيام برحلة ترفيهية شهرية أو....إلخ.
5) تكليفهم – بطريق غير مباشر- ضمن تكليفات عدة لعدد من الإخوة، بتحضير درس جيد ومركز لإلقائه على العامة بالمسجد، أو على جمع من الطلاب أو الشباب، حول (فضل المحافظة على صلاة الجماعة) أو (التحذير من ترك صلاة الجماعة)، أو (عقوبة الإهمال عن أداء صلاة الجماعة)، وهو أمر مجرب، وقد أتى أكله، وساهم في تقويم بعض الإخوة حتى صاروا من أكثر الشباب محافظة على صلاة الجماعة.
6) تكليفهم ضمن تكليف جماعي موحد، بإعداد بحث صغير، لا يتجاوز 5 ورقات عن (فضل المحافظة على صلاة الجماعة) أو (التحذير من ترك صلاة الجماعة)، أو (عقوبة الإهمال عن أداء صلاة الجماعة)، مع رصد جائزة قيمة لأفضل الأبحاث المقدمة، وهو أمر يدفعهم لإعادة قراءة الأيات والأحاديت المحفزة والمشجعة على أداء صلاة الجماعة، وكذا المحذرة من إهمالها.
7) إهداء أشرطة كاسيت، أو أسطوانات مدمجة (سي دي) لأشهر الدعاة والعلماء، وأكثرهم قبولا بين الشباب، على أن يتراوح موضوعها الأساسي بين: (فضل المحافظة على صلاة الجماعة) أو (التحذير من ترك صلاة الجماعة)، أو (عقوبة الإهمال عن أداء صلاة الجماعة).
8) تمرير ملف منتقى عبر البريد الإلكتروني الخاص بهم، يحتوي على صور مؤثرة – وما أكثرها في البحث العام لموقع جوجل صور- لأناس يصرون على الحفاظ على صلاة الجماعة، في أماكن العمل، أو في الشارع، أو في النوادي، أو في المستشفيات، أو في السجون والمعتقلات، رغم هطول المطر الشديد، أو ظروف مرضهم الشديد، أو صغر سنهم (دون سن التكليف)، أو لكبر سنهم أو لعجزهم صحيًا أو لكونهم مكبلين بالحديد، أو....إلخ، وثق أن هذه الصور ستترك أثر كبيرًا في نفوسهم، وقديما قالوا (الصورة بألف كلمة).

وهناك مئات الأفكار والوسائل الأخرى، التي سيفتح الله عليكم بها كلما رأى منكم إخلاصا وتقوى؛ قال تعالى: (... وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة - 282].
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يجعل في كلامك ودعوتك الأثر، وأن يتقبل منك نيتك وأن يثيبك عليها خيرًا، وأن يهد قلوب إخوانك للمحافظة على صلاة الجماعة، وأن يصرف عنهم كيد الشيطان ومكره.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.