همجية الصهاينة.. فتش عن التلمود
26 صفر 1432
منذر الأسعد

لعل القارئ المتعجل يعترض على الاهتمام بمثل هذا الكتاب الذي بين أيدينا اليوم، معتمداً على مقولة لا تخلو من الوجاهة، وهي أن ما يعرفه المتلقي عن الهمجية اليهودية في فلسطين المحتلة وما جاورها من بلدات عربية، معرفة يقينية موثقة بالصوت والصورة، كبير وكثير وواسع ومفضوح لكل ذي عينين.

 

غير أن كتاب: (همجية التعاليم الصهيونية) لا يتحدث عن شواهد تلك الوحشية التي تنقلها في السنين الأخيرة القنوات الفضائية ومواقع النت على الهواء، وإنما يغوص في الخلفية العقدية الكامنة وراء هذه السلوكيات التي تقود الجندي الصهيوني مرتاح البال بالرغم من فظاعة الجرائم التي يقترفها في حق مدنيين عزل أكثرهم من الشيوخ الهرمين والنساء والأطفال!! إنه  يقتلهم بدم بارد ومن غير أن يرف له جفن!!فما يفعله ليس سوى امتثال لأوامر "دينية" حُشِيَ بها دماغه منذ طفولته، حتى استقرت في لا شعوره وباتت تحرك سلوكه من عقله الباطن.

 

الكتاب قديم-نشره المكتب الإسلامي ببيروت في عام1388الموافق 1969م ثم أصدر طبعة ثانية في 1403 الموافق 1982م-، ويشير الناشر إلى أن أوراق الكتاب قد تم توزيعها في صيغة رسالة  أو كراسة قبل ثلاثين عاماً من تاريخ طبعة المكتب الإسلامي، لكن الأيدي الخفية امتدت إلى نُسَخ الكراسة فجمعتها وأبادتها  لتمنع انتشارها بين أيدي الجمهور العربي.وبقيت نُسخٌ قليلة جداً، فقرر المكتب الإسلامي طباعتها ونشرها نشراً فعلياً واسعاً بعد أن اطمأن إلى سلامة مضمونها ونصرته للقضية الفلسطينية.

 

مؤلف الكتاب رجل دين نصراني ينطلق من عروبته في عداوته القوية للصهاينة ومشروعهم الإجرامي، هو الأب  بولس حنا مسعد.الأمر الذي يستحق التفكير في البون الشاسع بين هذا الصوت الرصين وبين قسس الفترة الأخيرة، من المبغضين للإسلام بغضاً رهيباً، وهم الذين يتحالفون مع الصهاينة ضد المسلمين الذين يشهد لهم التاريخ بأنهم عاملوا الأقليات غير المسلمة معاملة لا مثيل لها في رحمتها وسماحتها، انطلاقاً من مبادئ الإسلام وأحكامه العادلة!!

 

يضع المؤلف يده على مكمن الداء، عندما يذكّر قراءه بتفرد اليهود بأن لهم كتابين:كتاب معروف ومشهور هو التوراة التي لا يعمل القوم بها، وكتاب خفي يلتزمونه بدقة هو التلمود.

 

وقد أسند الرجل كل كلامه إلى مرجع أجنبي شهير في هذا الموضوع لمؤلفه أغوست روهلنج، لأنه ليس هنالك نسخة كاملة  مطبوعة من التلمود بسبب حرص الصهاينة على إخفاء رزاياه ومخازيه، وإنما بدلوا فيه بحسب الظروف، وأحلوا أشكالاً هندسية غامضة الدلالة أو صفحات بيضاء محل الكلام المسرف في عنصريته كنوع من التقية في عصر الطباعة وافتقارهم إلى مساعدة الغرب الصليبي لهم في احتلال فلسطين.

 

ينقل المؤلف عن التلمود نصوصاً شديدة الافتراء على الله عز وجل، وهي تصدم كل ذي عقل  صحيح وكل ذي حس سليم، فكيف بالمسلم الذي شرّفه الله بمعرفة التوحيد الحق واعتقده وامتثل لوازمه؟

 

وما دام هؤلاء المجرمون الذين أنتجوا هذا الكتاب الطافح بالشر والكذب قد تطاولوا على خالق السماوات والأرض ومن فيهن وما فيهن، فإن زندقتهم في الحديث عن الأنبياء الكرام ليست سوى تحصيل حاصل.وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملائكة الرحمن.

 

ويتوسع المؤلف في نقل النصوص البشعة في عنصرية اليهود من خلال التلمود فهم بزعمهم خير من البشر كافة بل إنهم أفضل من الملائكة المقربين!!أما الأغيار فإنهم نجس ولم يخلقهم الله تعالى في صورة بشر إلا تكريماً لسادتهم اليهود لكي يكون شكل هؤلاء العبيد لائقاً بالخدمة!!!

 

إن الكتاب بحجمه الضئيل نسبياً-147صفحة من القطع المتوسط-ذو أهمية بالغة وبخاصة في وقتنا الحاضر، حيث استشرى مشروع الذلة باسم السلام، وبات الصهاينة في موقع حماية خاصة في كثير من بلاد العرب والمسلمين، فكيف بالحديث عن قضية خطيرة مثل خفايا التلمود الذي تنبع منه شرورهم وضغائنهم وجرائمهم التي لا تنتهي!!