غزة تسقط الأنظمة العربية
26 صفر 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

الجميع يشاهد ما يحدث في مصر ومن قبل في تونس وما سيحدث في العديد من البلاد العربية من ثورة شعبية ضد الأنظمة الحاكمة، لرفع الظلم عنهم وإعطائهم هامشاً من الحرية ووقف الملاحقات الأمنية ضد شبابهم، بعد أن عاشوا هؤلاء الشباب عصر الرجل الواحد في الحكم.

 

لكن أمام ما يجري من قبل المنتفضين والجرأة التي ظهرت بها الشعوب أمام قوات الأمن لتسقط النظام في تونس وتهز حكم مصر؛ ما كانت لتحدث لولا يقين الثائرين بأن هذه الأنظمة هشة وضعيفة؛ لأنها ليس لها أي ثقل شعبي سوى المنتفعين منها، كما أدرك المتظاهرون بأن التحالفات مع الأمريكيين هي تحالفات هشة وضعيفة وأن الغول الأمريكي أو الفزاعة كانت فزاعة من ورق، والسؤال هنا كيف وصل هؤلاء المنتفضين إلى هذه القناعة؟

 

لقد شاهدت الشعوب عبر الفضائيات أهل قطاع غزة وهم تحت الحصار وكيف يتآمر عليهم القريب والبعيد، لإسقاط حكومة جاءت من رحم الشعب عبر أول انتخابات عربية نزيهة تحمل شعار المقاومة ضد الكيان الصهيوني وترفع لواء الإسلام هو الحل.

 

جميعهم شاهد كم من المؤامرات كانت تحاك علناً ضد أهل غزة لخياراتهم الانتخابية ولكن ما ذهل المنتفضين هو بسالة قيادة الشعب وترابطهم في خندق واحد تحت شعار نموت شهداء ولا نفرط ولا نعترف.

 

لم يكن المشاهد العربي فقط يتابع بإعجاب صمود الشعب في وجه الحصار العربي والدولي عليه، بل اشتد إعجاباً بأهل غزة عندما كانت طائرات F16 تقصف القطاع لمدة 23 يوماً متواصلاً، ويسقط 1500 شهيد والآلاف من الجرحى في ظل الاستخدام المفرط للقوة، وبكل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ولم تسقط لصمود شعبها.

 

لقد وقفوا جميعهم يشاهدون بدهشة مدى ضعف القوة أمام الإرادة والصمود؛فجميع من زار غزة من الشعوب عبر القوافل كان يتحدث عن عظمة الصمود ومدى تأثر شعوبهم بتجربة غزة الفريدة.

 

لقد أعطت غزة دروساً للشعوب العربية بأن هذه الأنظمة هشة ومترهلة، لأنها بقيت رغم أنف شعوبهم وأن من يأتي باختيار شعبه له يكون الجميع حوله، ويقف في وجه من يتآمر عليه رغم عظمة قوته.

 

لقد انطلقت الشعوب المنتفضة وهي ترسم في أذهانها صورة أبناء غزة وهم يدكون بالطائرات الحربية والفسفور الأبيض ويقدموا الشهداء، فعرفوا بأن الأمن العربي الذي يواجههم بالهراوات والأسلحة الرشاشة سيسقط أمام الانتفاضة الشعبية، وهذا ما حدث في تونس وما يحدث الآن في مصر.

 

ها قد أيقنوا جميعاً بأن غزة ذات البقعة الجغرافية الصغيرة والضيقة تصمد في وجه كل العالم وتعيش بدون الكهرباء ومواد الغذاء والمواد البناء و..... إلخ، فخرجوا ليحذوا بصمودها وتبقى غزة وفلسطين دائماً تعطي دروساً وإبداعات للأمة العربية.