سبحان مغيّر الأحوال.. وقفات ضرورية مع الثورة التونسية
15 صفر 1432
منذر الأسعد

أمام الزلزال الجميل الذي أطاح ديكتاتورية زين العابدين بن علي، هنالك محطات ووقفات ينبغي الوقوف عندها، للاتعاظ والاعتبار، ومنها:

-    أن الطغاة يتجاهلون الحقائق الدامغة التي يراها عامة البشر، ومنها السنَّة الإلهية الماضية في التدافع بين الخير والشر، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

وقوله سبحانه: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40].

 

ومن السنن التي يتعامى المستبدون عنها سنة التداول والتغيير فالبقاء لله وحده، قال تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران:140].

 

-    أن الشعوب  تصبر على الظلم  ولكن ليس إلى ما لانهاية.. فمن كان يتوقع ثورة شعب تونس في ظل طغيان ابن علي وعصابته الدموية الفاسدة؟

 

-    أن الطاغية إنسان جبان وتافه، فقد هرب الجلاد الذي كان متغطرساً بأنيابه وأظفاره، هرب كالجرذ المذعور، وترك أذنابه لمصيرهم. وسقطت أكاذيبه عن "حب" الشعب له، و"هيام" الجماهير به!!

 

-    أن الغرب  يتعامل مع عملائه الذين يسلطهم على شعوبهم كما يتعامل المرء مع حذائه يلقيه في أقرب حاوية قمامة -أكرمكم الله- عندما تنتهي خدمته!! فقد كان المنافق ساركوزي أول من رفض استقبال ابن علي الفارّ بجلده، مع أن فرنسا كانت قبل يومين فحسب تعرض مساعدته في القمع بشعبه الشجاع الذي قاوم جبروت الرصاص الجبان بصدوره وجباهه المرفوعة. والمثير للاهتمام أن نظام فرنسا الدجال لم ينبذ عميله في ورطته فقط، وإنما عمد إلى طرد بقية أقارب الرئيس المخلوع ممن كانوا يرتعون  في باريس بترف بشع من أموال الشعب التونسي، ويحظون بمعاملة خاصة لا ينالها الدبلوماسيون الكبار.

 

-    استبشار الشعوب العربية وبخاصة تلك التي ترزح تحت وطأة النظم الاستخباراتية الشرسة على شاكلة النظام البائد في تونس، في حين أصيبت هذه النظم بجزع وكمد، فهي أصبحت تخشى على نفسها المصير ذاته.

 

-    أن جلاد ليبيا -كالعادة- يأبى أن يكون كالآخرين من أعضاء نقابة الاستبداد والجور واستعباد شعوبهم بالقتل والتنكيل والإفقار، فالرجل دافع بصلف وصفاقة عن زميله المخلوع، وكال الشتائم المقذعة للشعب التونسي البطل.

 

-    أن الطاغية الهارب من تونس يرى أن جرائمه في حق التونسيين على مدى23عاماً -فترة ظلمه المباشر على الأقل- يراها غير كافية، ولذلك سلّط فلول غدره المجرمين لكي ينتقموا من أبناء شعبهم بالقتل العشوائي. وهذا مؤشر ساطع الوضوح على انعدام الحس الإنساني والوطني لدى العملاء الطغاة، وإلا فلو كان يستبد لحسابه لكانت الثورة فرصة ذهبية له لكي يراجع سجله ويتوب إلى الله سبحانه ثم يعتذر من ملايين الناس الذين ظلمهم ظلماً تجاوز ظلم سادته في فترات الاحتلال العسكري المباشر!!!!