6 رجب 1432

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا امرأة متزوجة، أعمل في السلك العسكري، الذي فيه قلة قليلة جداً من النساء.. باختصار أنا أعمل من الصباح الباكر وحتى المساء، فقط مع الرجال وأنا في الأصل متدينة، وهذا العمل أتعب نفسيتي كثيراً، صرت أكره بيتي وطفلتي وحتى زوجي، ليس لدي رغبة في شيء، أريد ترك هذا العمل الذي يهين أنوثتي، حتى لباسي تحول من الجلباب إلى بنطال!! أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل؟ مع العلم أن والد زوجي هو الذي زج بي في مثل هذا العمل - الذي أكرهه - وكل يوم تقريبا يحدث بيني وبين زوجي مشكله.. ماذا أفعل أفيدوني؟

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة، بداية أشكرك على حرصك على دينك والتزامك.
بالنسبة لمشكلتك فهي من المشاكل التي تعاني منها كثير من النساء اللاتي تحمَّلن مسؤوليات ووظائف لا يضطلع بها إلا الرجال.
فحاولي أن تجلسي مع نفسك وتنظمي أولوياتك في الحياة، لتصلي إلى تحقيق التوازن مع نفسك، ومع بيتك، ومع أسرتك، ووظيفتك، ثم اسألي نفسك من يتصدر المرتبة الأولى في حياتك عملك أم بيتك؟ وظيفتك أم أسرتك؟
وأيهما له قيمة وله هدف نبيل وثواب عظيم عند الله؟
ثم وازني بين ما يحققه لك كل اختيار من مصالح ومفاسد، ثم قدمي مصلحة دينك ونفسك وبيتك وزوجك وأبنائك على أية مصلحة أخرى.
واعزمي على الاختيار الصحيح الذي يجلب لك السعادة والراحة النفسية، والرضا بالله ومع الله.
وما دامت وظيفتك بالسلك العسكري ضد مصلحتك ومصلحة أسرتك، فالأجدر بك أن تتنازلي عنها، وتبحثي عن وظيفة أخرى تحقق لك الراحة النفسية، وتحافظ على دينك وقيمك وتوازن أسرتك.
وتأكدي أن قيمتك الحقيقية في نجاحك بوظيفتك السامية كأم مربية، تنشئ جيلا صالحا ونافعا لأمته، وزوجة صالحة تعرف واجباتها وحقوقها فلا تقصر فيهما، فلا قيمة لأي إنجاز تحققينه إذا ما فشلت في تدبير شؤون حياتك، وترتيب أولوياتك، والتوفيق بين حياتك الأسرية والعملية، كما أنه لا قيمة لأي نجاح وظيفي، إذا ما ألحق الضرر بنفسك أو بيتك أو حياتك الخاصة أو العامة.
واعلمي أن الله سبحانه أودع فيك من الخصائص الأنثوية، وحباك بما هو مختلف عن جنس الذكر تكريما لك لا تنقيصا من شأنك، وهيأك للاضطلاع بمهام ووظائف ومسؤوليات تناسب جنسك وشكلك وقدراتك، فأظهري كفاءتك بما يوافق وينسجم مع رسالتك التي حمَّلَك الله أمانة الاستخلاف فيها، رسالة الحفاظ على عرضك ودينك وحقوق زوجك وأبنائك، وأية رسالة أخرى تعارض رسالتك، أو تناقض مبادئ وقيم الإسلام فلا قيمة لها.
وإذا كان اختيارك لهذه الوظيفة بالسلك العسكري لضرورة تقتضيها، كأن تكوني أنت من تعولين أسرتك وتنفقين على بيتك، وزوجك يعجز أن يلبي طلبات بيته لأي سبب من الأسباب، هنا تحاولين مساعدته بالاستمرار في وظيفتك التي أنت فيها وفي الوقت نفسه تسعين للبحث عن وظيفة أخرى تناسبك، وتحافظ على كرامتك وديتك وتفسيتك.
وبكل الأحوال حفاظك على بيتك وأسرتك هو الاختيار الصحيح، والقيمة الحقيقية التي لا تنافسها أية قيمة أخرى.
أسأل الله العلي القدير أن ييسر لك الخير ويوفقك للحفاظ على دينك وبيتك وأسرتك.