في زمن جحر الضب التغريبي.... هل بدأ الغربيون يعودون إلى ضميرهم؟-2
7 محرم 1432
خباب الحمد

-2-

•     (الملابس القصيرة) غير قانونية في إيطاليا:

هنالك مواقف غربية بدأت تطبع التقدم الإنساني؛ فهم في واقع الحال يتقدمون نحو الطبيعة الإنسانيَّة السويَّة، والتي تتفق مع مقرَّرات الشريعة الإسلاميَّة، فليس من عجب أن نجد أناساً من الغربيين يطالبون بجوانب خيِّرة تنحو نحو الحضارة الحقيقيَّة، والتقدم الأخلاقي والاقتصادي وغيره من جوانب التقدم التي ينادي بها المنهج الإسلامي.

 

فنلحظ ونشاهد ما تقوم به بعض الأنظمة الغربية في هذه المرحلة من محاولة فرض بعض القوانين الملزمة للمجتمع بعدم تجاوزها، ومن ذلك ما ذكرته (bbc)(1) عن التفكير الفعلي لدى بعض المسؤولين في إحدى المدن الساحلية الإيطالية (مدينة كاستيلا ماري دي ستابيا) بدراسة فرض حظر على ارتداء التنانير القصيرة أو أي ملابس يمكن اعتبارها مستفزة!

 

وحينما سئل عمدة المدينة (لويجي بوبيو) عن سبب دراسة مثل فرض هذا الحظر، أجاب قائلاً: إنه يريد استخدام الحظر لمواجهة ما يصفه بالسلوكيات غير الاجتماعية، وإعادة اللياقة، وأن الهدف من القانون الجديد هو ملاحقة الأشخاص "الغوغائيين والجامحين أو الذين يتصرفون بطريقة سيئة"، وذلك قد جرى منه كما يقول المواطنون الإيطاليون من سكان تلك المدينة بأنَّ العمدة يريد فرض سياسة " لا لارتداء ما يكشف الكثير".

 

كما أنه بمقتضي القانون سيحظر على زوار المدينة ارتداء التنانير القصيرة والجينز القصير أيضا، وسيواجه المخالفون للحظر الجديد غرامة مالية تصل إلى 696 دولاراً أمريكياً.

 

وقد أيَّد القس دون باولو سيسيري القرار واعتبره "القرار الصائب" وأضاف قائلاً: "إن القانون يعد وسيلة جيدة لمكافحة زيادة حالات التحرش الجنسي".

 

كان هذا القرار الذي خرج من أولئك القوم بعد أن ذاقوا ويلات الفساد الأخلاقي، والتحرش الجنسي والتمرد على المنهج الرباني، ومن ذاق عرف .

 

لكنَّ العجب العجاب أن نجد ما يقدمه أقزام العلمانية في الدول الإسلامية والعربية من فسح المجال للفساد والإباحية بحجَّة (الحريَّة) و (التقدميَّة)، والبلاء المتراكم المتلاطم حينما نجد ازدياد هذا الفساد دون رقيب أو عتيد بل بحماية هؤلاء المفسدين والساقطين أخلاقياً.

 

ولو أنَّ الخبر السابق كان عن دراسة يجريها مركز إسلامي محافظ في إيطاليا عن خطورة الملابس القصيرة وإثارتها للآخرين، وعدم ملاءمتها للوضع العام ، لضجُّوا وأكثروا على القائلين بذلك واتهموهم بالانسياق وراء الظلامية والجمود والتنطع!! وعن خطورة ضياع الهوية والقومية الأوربيَّة! وعن خطر أسلمة المجتمع الغربي بعامة والإيطالي بخاصة!

 

والخطاب هدية الآن للعلمانيين من قومنا فلعلَّ خبراً كهذا يعيد لدى عقلاء هذا الفكر العلماني، شيئاً من ماء الحياة في ضميرهم، ويجبرهم على التفكير ملياً بخطورة التعري الجسدي، وما يسببه من هيجان الشهوة، وفساد الأخلاق.

 

وتتوارد الأخبار أكثر فأكثر في هذا الخصوص فلقد ألَّفت الأم الأمريكية سيليا ريفينبارك كتاباً لمعالجة قضية موضة الملابس القصيرة الخاصة بالفتيات صغيرات السن، وهو الكتاب الذي صدر بعنوان"أوقفوا إلباس بنات الست سنوات مثل الراقصة"(2).

 

وقالت ريفينبارك: "الأمهات يشترين الملابس القصيرة، والآباء يشترونها، وربما عند بعض المستويات يفكر الآباء قائلين "يا له من جميل، هذا غير مضر، هذا بريء"، لكنني أعتقد أنه ليس كذلك".

 

ولهذا حذر خبراء في التربية وعلم النفس في الولايات المتحدة من تفشي ظاهرة ارتداء الفتيات صغيرات السن في أمريكا ملابسَ غير محتشمة، وحذر عالم النفس الأمريكي الدكتور جيف جاردير من أن طريقة ارتداء الأطفال وهم في سن الثالثة يمكن أن يكون لها عواقب خطيرة فيما بعد.

 

وقال جاردير: "إنك يمكن أن تتسبب في ضرر حقيقي لأطفالك، فهم يشكلون أذواقهم في سن صغير للغاية، ويمكن أن يتسببوا في الإضرار بمستقبلهم، ويمكن أن يُضروا بسمعتهم وفرصهم ونجاحهم".

 

كان هذا كلام بعض العقلاء في المجتمع الغربي، وهو ما يتقاطع تماماً ويتوافق مع كلام علماء الشريعة الربانية الذين ينطلقون من نصوص الوحيين كتاباً وسنَّة، محذِّرين المجتمعات الإسلاميَّة من إلباس بناتهم الصغيرات تلك الملابس الضيقة والشفافة والتي لا تستر أجسادهنَّ، فقد يتعرضن للتحرش الجسدي، وقد يتعلقَّ قلب البنت الصغيرة بمثل هذه الملابس، وبسبب تراخي أهلها عن مراقبتها وسماحهم لها بلبس هذه الألبسة حتى تصل إلى سنِّ ما قبل البلوغ، وأهل الاستقامة ينصحون أولئك الآباء والأمهات بأن يسترن بناتهنَّ ولكنَّهم يجيبون بتلك الإجابة الباردة :(لا زلن صغيرات) فتكبر الفتاة وتشبُّ عن الطوق، ولا يستطيع الأب ولا الأم بعد بلوغها حرمانها من التبرج والسفور، والسبب في ذلك ضعف التربيَّة من الأساس مِمَّا سبَّب نفور بعض الفتيات من لبس الحجاب الشرعي، لأنَّهن لم يتعودن على ذلك منذ الصغر، وقد تندم الأم والأب على ذلك ، ولكن بعد خراب البصرة كما يقال!

 

لقد بدأ الغربيون يشعرون بهذا الخطر الجاثم فوق صدورهم، والذي داهم مدارسهم وجامعاتهم، فلا غرو أن نجد صحيفة مشهورة كـ (الجارديان) البريطانية تدعو إلى الفصل بين الجنسين في مصر لمواجهة التحرش الجنسي على أراضيها حيث نقلت صحيفة "الشروق" المصرية(3) عن الصحيفة البريطانية قولها: "إن التوسع فى الفصل بين الرجال والنساء في مصر هو أفضل الحلول لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي التي تتزايد في مصر".

 

ولعمر الله إنَّ هذا التصريح من العجائب! فهم في المقابل يبدو أنَّهم ينسون أنفسهم حيث انتشرت في بريطانيا في الآونة الأخيرة، ظاهرة الحمل بين الفتيات القاصرات، بل لقد حذر مسؤول في جمعية تعنى بالدفاع عن الأطفال وإعداد دراسات حول العواقب المترتبة على تفكك الأسرة من هذه الظاهرة.

 

وذكرت صحيفة الديلي ميل أن تحذير المسؤول في جمعية التعليم العائلي نورمان ويلز جاء بعدما كشفت إحصاءات أن حوالي 54 طفلة تتراوح أعمارهن ما بين 10 و 11 سنة حبلن خلال السنوات الثماني الماضية. وقال ويلز الذي وصف هذه الإحصاءات بأنها مثيرة للفزع: (إننا نقطف الثمار المُرّة لمجتمعنا الذي تتأجج فيه الرغبات الجنسية بشكل كبير جداً)(4).

 

وقد وجه اللوم للشركات الصناعية وتجار البيع بالتجزئة الذين يشجعون الأطفال على ارتداء ملابس مثيرة والتصرف بطريقة مهيجة للشهوة الجنسية، كما انتقد المرشدين الاجتماعيين الذين قال إنهم يهتمون أكثر بتشجيع الفتيات على استخدام حبوب منع الحمل وليس حثهم على عدم ممارسة الجنس في المقام الأول(5).

 

وهذا ما يدل بالفعل على مدى التناقض الحاد الذي يعيشه الغربيون في حياتهم حيث يشعرون  بخطورة الفساد الأخلاقي الناتج عن مثل الملابس المثيرة ، والاختلاط بين الجنسين، ولربما يتبرعون فينصحون الآخرين بضرورة الفصل بين الرجال والنساء وهم أنفسهم لا يستطيعون ذلك إلا بشق الأنفس.

 

______________________

(1) رابط الخبر من موقع ( bbc ):
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2010/10/101024_italy_miniskirt.shtml
(2) موقع لها أون لاين :
http://www.lahaonline.com/articles/view/17876.htm
(3) رابط الخبر من موقع جريدة الشروق المصرية:
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?ID=213728
(4) موقع لها أون لاين :
http://www.lahaonline.com/articles/view/17876.htm
(5) المصدر السابق.