حريق الكرمل.. وخدعة جهوزية "إسرائيل"
27 ذو الحجه 1431
تقرير إخباري ـ المسلم

"حرب أكتوبر جديدة" تلتهم 40 سجانا صهيونيا في جبل الكرمل

 

40 سجانا صهيونيا قضوا حتفهم في جبل الكرمل بمدينة حيفا (شمالي الأراضي المحتلة عام 48) في حريق هائل هو الأسوأ في تاريخ الكيان الصهيوني لم تكن "إسرائيل" مستعدة له أو لخسائره، خاصة أن النيران أتت على 20 ألف دونم وسط تقديرات تشير إلى أن السيطرة الكاملة على الحريق قد تستغرق بضعة أيام، في حين أن إصلاح الأضرار الناجمة سيستغرق ما بين 20- 40 عاما، بتكلفة تصل لملايين الشياكل. 

 

وقد كشف هذا الحريق الذي وصفته صحف "إسرائيلية" بأكبر "كارثة وطنية" منذ 1948 عن عدم جهوزية الكيان الصهيوني أو جهاز إطفائه لأي طوارئ رغم ما شهده على مدى السنوات الماضية من تدريبات واسعة ثبت أن جميعها فاشلة وما تردده الأوساط الصهيونية باستمرار من جاهزية كاملة للجبهة الداخلية لمواجهة أي طارئ ورفع إمكانياتها لمواجهة تداعيات حرب شاملة.

 

هذا الحريق الذي شب يوم الخميس ولا زال مستمرا حتى كتابة التقرير، اعتبرته صحيفة "هآرتس" العبرية بما يشبه "حرب أكتوبر جديدة" خاصة برجال الإطفاء في إشارة منها لفضيحة عدم استعداد الجيش الصهيوني للحرب حينها عام 1973 والتي لاقت فيها خسارة فادحة أمام الدول العربية.

 

ورأت الصحيفة أن قوات الإطفاء لم تكن جاهزة لمواجهة كارثة بهذا الحجم إضافة إلى انهيار منظومة السيطرة المسؤولة عن إدارة رجال الإطفاء فعلى سبيل المثال لم يظهر وزير الداخلية "الإسرائيلي" ايلي يشاي المسؤول عن قوات الإطفاء على وسائل الإعلام بعد اندلاع الحريق وكذلك قائد قوات الإطفاء والإنقاذ شمعون رومح وهو ما يؤشر لعزلهما من منصبيهما بعد إخماد الحريق.

 

كما أظهرت "كارثة الحريق وبشكل واضح عدم استعداد "إسرائيل" لمواجهة أي حرب محتملة أو هجوم كبير يؤدي إلى وقوع عدد كبير من الإصابات، كما يكذب ما قاله رئيس الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين الذي ادعى أن تل أبيب ستكون على خط النار في أي حرب قادمة ليتضح بأن هذا التحذير لا يمت بصلة لواقع استعدادات "إسرائيل".

 

الحديث باستمرار عن جهوزية إسرائيل خاصة بعد حرب لبنان الثانية والعدوان الأخير على غزة، قضى عليه حريق الكرمل الذي أجبر "إسرائيل" على طلب المساعدة الدولية مثل اليونان وقبرص وهما دولتان لا تملكان قدرات عالية على مواجهة الحرائق، بحسب مسؤول "إسرائيلي"، الذي وصف مطالبة مثل هذه الدول بتقديم العون تقارب الفضيحة.

 

وطبقا لشهادات بعض الضباط ورجال الإطفاء فكان الحريق أسوأ من أي عملية للجيش في قطاع غزة المحاصر، بل كان أشبه بمصيدة موت، خاصة بالنسبة للسجانيين الذين قتلوا في الحافلة التي كانت متجهة لسجن "الدامون" الصهيوني وحاصرتهم النيران.

 

وقال أحد رجال الإطفاء "هذا ليس حريقا، وإنما حرب". بينما قال آخر "الطبيعة هزمتنا، ولا نملك القوة على هزيمة النيران التي تزداد اشتعالا بقوة الرياح".

 

بينما قال ضابط إطفاء ثالث ، "لم نشهد منذ قيام دولة إسرائيل مثل هذه الحرائق. إنها مخيفة، نحن نرى عدواً كبيراً أمامنا، ألسنة اللهب ترتفع نحو أربعين وخمسين متراً".

 

من ناحيتها هاجمت صحيفة "يديعوت احرونوت" قوات الإطفاء والجهات المسؤولة عنها قائلة :" لقد انتهت سنوات من الإهمال بكارثة في "إسرائيل"، فعلى مدى 15 عاما اشتكى رجال الإطفاء من الإهمال وعدم صلاحية تجهيزاتهم وتدني مستوى التدريب وغياب التنسيق ووجود جهات إطفاء لا تعرف بالتحديد من هو المسؤول عنها لكن هذه الشكاوي لم تلق أذنا تسمعها. 

 

ووجه محللون "إسرائيليون" بدورهم كيلا من الاتهامات للحكومة، فمنهم من اعتبر أن الطواريء في "إسرائيل" خدعة كبرى ، ومنهم من وصفها "بالدولة الغبية أو مجرمة لأن التحذير من وقوع مصائب وكوارث كانت كثيرة لكن الدولة لم تفعل شيئا لمعالجة النواقص قبل وقوع الكارثة".

 

بينما انتقد آخر خدمات الإطفاء واصفا ما حدث ب"الانهيار يوم الغفران لخدمات المطافئ على جبل الموت"، ووصفها محلل آخر بالمعركة الخاسرة.. معدات قديمة أمام ألسن النيران.

 

وقد تجلى الإهمال والتقصير أيضا وقت الحريق، فقد أفادت التقارير أن طيارا قام بالإبلاغ عن الحريق في الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، إلا أن أول طائرة إخماد حرائق وصلت إلى المكان بعد نحو ساعتين.

 

 وقد شاركت في محاولات إطفاء الحريق قوات كبيرة من جيش الاحتلال ووضعت مروحيات إنقاذ عسكرية تابعة لسلاح الجو في حال تأهب، وذلك بأمر رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي اعتبر الحريق "كارثة بحجم لم يسبق أن عهدناه"، معلنا عن عن يوم حداد رسمي. 

 

 وقد تم إخلاء 12 ألف إسرائيلي من منطقة النيران، كما أخلت طواقم الإنقاذ سجن الدامون، حيث جرى نقل 150 من المساجين إلى معتقل آخر على شاطئ الكرمل.

 

ومن المقرر أن يبحث مجلس الورزاء شراء طائرات خاصة لإخماد الحرائق من أجل منع تكرار حدوث عجز "إسرائيلي" في المستقبل مثلما هو حاصل اليوم،  بحسب مسؤولين "إسرائيليين".

 

وفور الإعلان عن الحريق ومقتل العشرات، سارعت العديد من الدول الغربية لتقديم المساعدة بينها الولايات المتحدة وبلغاريا وكرواتيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا ورومانيا بناء على مناشدات من نتنياهو، وذلك لإرسال طائرات إخماد حرائق، كما طلب الحصول على مواد كيماوية خاصة لإخماد النيران.

 

والغريب أن دولا عربية وإسلامية سارعت بدورها وأبدت استعدادها للمشاركة في جهود إخماد الحريق بينها مصر والأردن وأذربيجان، ووصلت بعض الوحدات الأردنية بالفعل لتشارك في جهود الإطفاء، والسؤال الذي يطرح نفسه، أين كانت هذه الدول من المحرقة الصهوينية ضد أهالي قطاع غزة أواخر عام 2008، وما قبلها من محارق ضد الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948.

 

وكان سلام فياض رئيس وزراء حكومة فتح غير الشرعية أول المعزيين الذين سارعوا لتعزية رئيس "إسرائيل" شيمون بيريز في السجانين الصهاينة الذين قتلوا في الحريق وجميعهم من سجاني سجن كان يقبع فيه عشرات الأسيرات الفلسطينيات، كما أعلن مدير الدفاع المدني الفلسطيني عن أن قواته شاركت في جهود الإطفاء بناء على طلب الصهاينة.

 

كما قدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعازيه لضحايا الحادث، وتعهد بتقديم المساعدة ل"إسرائيل" الصديقة للسيطرة على الحرائق.

 

وفي الختام، ما الذي ستفعله "إسرائيل" في حال سقط صاروخ بيولوجي على إحدى المناطق في الكيان أو تعرضت لهجوم، وهي الآن تناشد العالم لإغاثتها من مجرد حريق واحد، فقد أثبت حريق الكرمل وبدون أدنى شك بأن "إسرائيل" غير جاهزة لخوض أي حرب لا مع سوريا ولا إيران، ولا "حزب الله" ولا حتى مع قطاع غزة.

 

 

إنها عشرون إلى أربعين عاماً سيعود بعدها جبل الكرمل كما كان، تُرى: هل سيكون الكيان الغاصب حينها موجوداً أم ستصدق تقديرات زوال "إسرائيل"؟!