الآباء.. وخطر التكنولوجيا !
16 ذو الحجه 1431
شيماء نعمان

لا يكاد بيت يخلو من مفردات عصر المعلومات والتكنولوجيا الحديثة بداية من أجهزة الحاسبات (الكومبيوتر) بأنواعها المختلفة وحتى تطبيقات شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وتقنيات الهاتف الخلوي وغيرها.

 

 

 وعلى الرغم مما وفرته تلك التقنيات من مزايا نجحت في إثبات أهميتها على مر السنوات الأخيرة الماضية؛ فلم يقف الأمر عند حد الاستفادة المشروعة من التطور العلمي والاجتهاد في الارتقاء التكنولوجي، بل كان لابد من ظهور الوجه الآخر لعصر المعلومات والذي يجد فيه المخربون ضالتهم، ويخترقون من خلاله جدران بيوتنا وأمان أبنائنا.

 

 

فنحن الآن تطالعنا وسائل الإعلام والصحف بنوع مستحدث من الحوادث يطلق عليه الجرائم الإلكترونية. والجريمة الإلكترونية تتضمن كل فعل غير قانوني يتم عن طريق استخدام الإنترنت والهاتف الجوال.

 

 

بل صارت الجريمة الإلكترونية جزء لا يتجزأ من تصنيف الجريمة حول العالم؛ فهي تشمل عمليات احتيال، وسرقة، وابتزاز، وتنصت، واختراق، وحصول على معلومات سرية، واعتراض رسائل ، ونشر مواد إباحية، ونشر أفكار هدامة.

 

 

أطفالنا وتحديات اللاحدود

وفي خضم ذلك السيل من الصراع التكنولوجي والثقافة المعلوماتية، لم يعد من المستغرب ظهور جيل جديد في بيوتنا من أطفال في عمر الزهور يفهمون أحدث التقنيات ويتطلعون لمعرفة المزيد، بل وينبغون في تعلم واستخدام التطبيقات الحديثة والمعقدة، وهو أمر محمود في مجمله ولكنه ينطوي على أخطار قد لا تكون جلية الوضوح، ولكن من الحكمة مراعاتها لنحظى بجيل واعٍ تحميه قيمه الإسلامية السامية ورعاية أبوية رشيدة.

 

 

وليست النماذج الغربية عنا ببعيد،  فقد وصل الأمر في بعض الدول الغربية إلى تورط أطفال ومراهقين في جرائم شاذة، بل إن بعض المراهقين أقدموا على الانتحار كنتيجة لتعرضهم لعمليات ابتزاز وبلطجة إلكترونية , يقول الباحث الأمريكي "جيري ماكليندون"، إن أطفال اليوم ربما لديهم من العلم والمعرفة بأجهزة الحاسبات (الكومبيوتر) أكثر مما لدى آبائهم. كما أن هواتفهم الخلوية التي يحملونها في حقائبهم مجهزة بأحدث تقنيات إرسال واستقبال ملفات الفيديو والصور والرسائل النصية والاتصال بشبكة الإنترنت ويستخدمونها جميعًا باحتراف مما يعرض مجتمعاتنا للخطر وقد أثبتت الحوادث الخطرة التي تحدث يوميا صدق مخاوفنا " .

 

 

وتتضح هذه الظاهرة بصورة أكبر في مجتمعاتنا العربية حيث تهتم العديد من الأسر بتعليم أبنائها كأفضل ما يكون دون الالتفات إلى تطوير نفسها؛ فيظل الوالدان فخوران بطفلهما الذي يجيد استخدام التقنيات الحديثة دون أن يحاولا تنمية أنفسهم، ليجدا أنفسهم في النهاية بعيدين تمامًا عن أبنائهم وتتعمق الفجوة في العلاقات.

 

 

ويسلط الخبير التربوي "جيمس كولت" الضوء على هذه الفجوة حيث يرى أن ثقافة الوالدين مكون لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاهله عند التعامل مع الفجوة المعرفية بين الأجيال؛ محذرًا من أن "طفلك دون إدراك منك يصبح أكثر عرضة للمضايقات من خلال جهاز الحاسوب أو الهاتف الخلوي بينما هو داخل البيت."

 

 

وأوضح "جيمس كولت"، وهو منسق إدارة الأمن والسلامة بمتخصصة "بوسز" بمدينة مونرو الأمريكية، خلال عرض قدمه بعنوان "البلطجة الإلكترونية والإيذاء الرقمي" انه بالرغم من كونه مؤيدًا قويًا للتقنيات الحديثة إلا أنه يرى أن هناك "جانبا مظلما" عالقا بها؛ فاتساع استخدام تقنية الهاتف الخلوي يسمح للأطفال والمراهقين أن يصبحوا أكثر كتمانًا وتحفظًا وأن يتولد لديهم شعور بأنهم أكثر عرضة لمضايقات أقرانهم، وأن هذه المضايقات قد تؤدي بهم إلى عواقب بالغة السوء والخطورة.

 

 

وبطبيعة الحال تعتبر المجتمعات العربية والإسلامية هي الأقل تضررًا من الجانب المظلم لعصر المعلومات، لأسباب من بينها أن الروابط الأسرية لا تزال قوية، وإن كان قد شابها العديد من الانتكاسات، إلا أن الأسرة لا تزال هي نواة المجتمع. وبالتالي فإنها مخولة بمسئولية رعاية وتوجيه النشء الصاعد.

 

 

نصائح للوالدين

ونعرض فيما يلي بعض الخطوات التي ينبغي على الوالدين إيلاء اهتمام خاص بها لحماية أبنائهم من الوقوع فريسة للإيذاء الإلكتروني:

1- محاولة كسب ثقة الأبناء وذلك بالتقرب لهم ومعرفة أصدقائهم ومحاولة الاندماج في تفاصيل حياتهم اليومية ولكن مع الحذر الشديد والانتباه للخيط الرفيع الذي يفصل بين الحرص وفرض الرأي، والذي قد يفسره الأبناء في بعض الأحيان على أنه تدخل في شئونهم أو عدم ثقة بهم.
2- عدم تكرار ما أسماه كولت بـ "الخطأ الكلاسيكي" الذي يتمثل في الابتعاد الشديد عن حياة الأبناء ثم العودة بأسلوب "افعل ولا تفعل".
3- عدم اللجوء إلى أسلوب الانتقاد للأفعال والمواقف , والانتقال إلى تقديم بدائل مع نقد الخطأ .
4- محاولة فهم تصرفاتهم وأسباب إقدامهم عليها بناءً على رؤيتهم ونظرتهم للحياة وتعديل سلوكهم غير المرغوب ابتداءً من نقطة المرغوب لديهم.
5- عدم اللجوء إلى أساليب العنف والإهانة والتي قد يؤدي تكرارها إلى نفور الأبناء وابتعادهم عن الأسرة نفسيًا واغترابهم داخل أسرهم.