فوبيا آل زلفة وآل الشيخ من فتوى المرأة الكاشير!

نشَرَتْ صحيفة سبق الالكترونية يوم الثلاثاء الموافق:  25/11/1431هـ تصريحاً للدكتور محمد آل زلفة بعنوان : ( فتوى تحريم الكاشيرات ربما تجر بعض النسوة إلى الحرام  ) ، وفي ذات اليوم نشرت صحيفة الجزيرة مقالاً للكاتب محمد آل الشيخ بعنوان : (فتوى الكاشيرات ) ، ولم يتوقف الأمر على المذكورين أعلاه ، بل تلته عدد من المقالات في ذات اليوم واليوم الذي يليه ، وجميعها تدور حول ذات الموضوع ، ولعلي ألخص أبرز ما جاء فيهما من تطاول ٍ وانتقاصٍ يعاضده التسطيح الساذج الناتج عن فوبيا فتوى تحريم  اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لعمل المرأة الكاشير، فيما يلي :

 

 

- طالب آل زلفة العلماء بأن يقدروا الظروف التي تمر بها المملكة  !وبسخرية يضيف : إلا إن كان من يصدرون الفتوى يقسمون البلد إلى قسمين: قسم للنساء, وقسم للرجال, ويجتمعون في مواسم معينة, وبعد ذلك يقولون نحن في مأمن؟ ، وبحسب رأيه فإن هذه الفتوى ستمنع عشرات الآلاف من فرص العمل أمام النساء في السعودية !متسائلاً : ما البديل للمرأة وعملها ؟ ويواصل طرح أسئلته الساذجة بسخرية تمثله ، بقوله : هل نبحث للمرأة السعودية عن بلد خاص بها نسميه بلد المرأة السعودية؟ ويطالب بشكل متناقض بإحسان الظن بالنساء وبالناس! في حين أنه يؤكد : إذا لم نمكن المرأة من عملها ككاشير فلربما تسلك طريقاً محرماً !! ولربما يدفعها ذلك إلى  أخطر مما تتوقعون !فأين إحسان الظن الذي يدعو إليه يا ترى ؟!

 

 

- يشارك الكاتب محمد آل الشيخ ما أورده آل زلفة من إحسان الظن الذي يحسدان عليه! بقوله : أن التضييق على المرأة، وإقفال الفرص في وجهها قد يضطرها إلى ممارسة الرذيلة طلباً للرزق؟! ، ويسخر بقوله : ما الحلول  التي ربما اكتشفها العلماء وخفيت حتى على المتخصصين في مجال عمل المرأة ؟ ! متهماً أخيراً بأنَّ الفتوى في منتهى الضعف ، فهي تفتقر إلى التأصيل الشرعي ، وتنتصر للعادات والتقاليد بوضوح وكأنَّ الموقعين عليها أسقط في أيديهم، ولم يجدوا ما يسند رغبتهم المبيتة في التحريم !! ويختم بأنها غير قابلة للتطبيق ! وهي وسيلة صارخة لقطع الأرزاق !

 

 

ولي مع ما  سبق ذكره أعلاه عدة وقفات ، لاسيما أني امرأة  ، واعلم تماماً حاجات بنات جنسي ، وقضاياهن الحقيقية كقضايا : العضل ، والطلاق ، والحرمان من الإرث ، إضافةً إلى قضايا الأرامل ، وكبيرات السن ، والمعلقات اللاتي يفتقدن المعيل ،  وغيرها مما يتعامى عنها  بعض من نصبوا أنفسهم أوصياء على المرأة ، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك ، فهاهم يحصرون حاجاتها وقضاياها في عملها ككاشير  ! وينافحون عن ذلك ، ويندبون الحظ على عدم تفعيله وتطبيقه واقعاً ! بل ويتمادون باتهامهم لعلمائنا  بتبييت النية في تحريمه !

 

 

 الوقفة الأولى : كثيراً ما يتردد على ألسنة بعض المستكتبين بطالة الفتيات دونما الإشارة إلى الشباب ، فالبطالة بمعناها الحقيقي هي ترك الشاب بلا عمل وهو الأحق بالوظيفة لوجوب النفقة عليه  بدلاً من انتظار إنفاق نساء أسرته الكاشيرات عليه ! ، ولعلي استشهد بشكل مختصر بلغة الأرقام التي تخاطب العقول لا الأهواء لنرى معدل البطالة التي يئن تحت وطأتها شبابنا ، حيث أوضحت نتائج بحث القوى العاملة الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، والذي نشر بتاريخ : 28 يوليو2010م  ، أن عدد العاطلين السعوديين عن العمل حتى أغسطس 2009 م ارتفع إلى 448547  عاطلاً مقارنة بـ 416350 عاطل  في عام 2008م ، وأعلى نسبة للعاطلين من الذكور هم  من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة وذلك بنسبة 39.9% ، يليهم الحاصلين على الشهادة المتوسطة بنسبة 17.3%. ، أما فيما يخص الإناث فإن الحاصلات على شهادة البكالوريوس يمثلن أعلى نسبة من بين العاطلات السعوديات حيث بلغت النسبة 78.3% تليهن الحاصلات على شهادة دبلوم ما دون الجامعة بنسبة 12.3% .

 

ولا يخفى أنَّ قرار عمل المرأة مرهون بحاجتها ، ولم يحرم الإسلام حقها في التعاملات المالية شأنها كشأن الرجل ، وضبط ذلك بضوابط منها : ألا يكون عملها على حساب واجباتها نحو زوجها وولدها ، فعمل المرأة في الأصل هو في بيتها ، والعمل خارجه طارئ ، وألا تختلط بالرجال ولا تزاحمهن ، وقد أخرج أبو داود في سننه من طريق حمزة بن أبي أسيد ، عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . (حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية، د.نوال العيد ، 729 -735) ، وعليه أتساءل : لماذا يتم التركيز على وظائف نسائية تفتقد للضوابط الشرعية كوظيفة الكاشير وقبلها الخادمة !  ولماذا نرى من بعض المستكتبين  تجاهل معالجة مشكلة بطالة الشباب أو حتى الإشارة إليها ؟!

 

 

الوقفة الثانية : لا أعلم سر مقت بعض من يدَّعون نصرة المرأة وقضاياها من عملها في بيتها ، ورعاية شؤون أسرتها ،  فعملها المعتبر لديهم هو ما كان خارج منزلها فقط ، وماعدا ذلك فهو بطالة ! وتعطيل لنصف المجتمع ، أين المطالبة بدفع رواتب شهرية من الضمان الاجتماعي للمرأة العاملة في بيتها ، و المحتاجة ، ودعم أبوابه ليصل إلى ما يكفي سد حاجتها في ظل افتقاد المعيل ، فلم نرَ  منهم إلا دعوات الزج بها في بيئات تفتقد لتطبيق أنظمة البلد ، وتجاهل القيمة الاقتصادية لذلك ، وفي هذا الشأن ذكر المحلل المالي ريك لمؤسسة ( أدلمان ) المالية : "  أن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يومياً ، وعليه تستحق أجر وقت دائم سنوي يساوي أجر سبع عشرة وظيفة مهمة " (  المرجع السابق ، ص 714) ، و أكد التقرير الصادر عن الأمم المتحدة  لعام 1985م على القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في منزلها بقوله : " لو أنَّ نساء العالم تلقين أجوراً نظير قيامهم بالأعمال المنزلية ، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي  لكل بلد " ( رسالة إلى حواء ، محمد العويد ، 73 ) .

 

 

الوقفة الثالثة : رحب الغيورون والعلماء والوطنيون الحقيقيون بالأمر الملكي ذي الرقم (13876 / ب ) ، وتاريخ : 2 / 9 / 1431هـ  المتضمن حصر الفتوى وتوجيه سماحة المفتي بقصرها على أعضاء هيئة كبار العلماء بما هو مشمول في اختيار رئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء ، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، ولعل أوائل من أيد ذلك من مستكتبي الصحف كل من آل زلفة وآل الشيخ وغيرهم ممن ظهر وارتقى المنابر الإعلامية عبر مقالاتٍ وتعليقاتٍ عقبت الأمر الملكي مباشرة  ولا ضير في ذلك بل هذا ما يُنتظر منهم !، لكننا الآن نجدهم من أوائل من يخالفه ، ويسخر منه ،  ويتطاول عليه في ازدواجيةٍ صارخةٍ للمعايير! وانعدامٍ لأمانة الكلمة ! فهل جهلوا أم تجاهلوا ما أكد عليه الأمر الملكي الكريم التالي : " احترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية ، وعدم الإساءة إليها  ، والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها ، ووصفها بالدعوة المبطنة لإضعاف هيبتها في النفوس ، ومن يقلل من دورها ، ويتعدى على صلاحياتها ، وينصب نفسه لمناقشتها ، فهو بذلك يتجاوز أنظمة الدولة ، ويتعين أخذه بالحزم ورده لجادة الصواب ، وإفهامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية ،ويتعين عليها التنبه لهذا الأمر ، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه اختراق سياجها الشرعي والنظامي ، والنيل من رجالها ، وهم حملة الشريعة وحراسها" ، وأتساءل هنا: أين الدور الحقيقي لوزارة الثقافة والإعلام حيال هذه التجاوزات ؟! ولماذا صمتها يتبعه صمت آخر أمام تلك المقالات والتعليقات التي  تتجاوز أنظمة الدولة كما نص على ذلك الأمر الملكي الذي لم يمضِ على إعلانه سوى ثلاثة أشهر فقط ؟!
 

 

الوقفة الرابعة : طالب د.آل زلفة العلماء بأن يقدروا الظروف التي تمر بها المملكة  !واقترح ساخراً بأن تكون هناك دولة اسمها دولة المرأة السعودية  ! وأتساءل هنا : إذا لم تقدر هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الظروف  - وهي الجهة العليا التي خصها ولي الأمر بضبط الفتوى وبحث ما يستجد من القضايا الدينية وتقرير أحكامها الشرعية المناطة بها - ،  فمن يقدر الظروف عند د. آل زلفة ؟! وأين تقديره للظروف إبان تعليقه المنشور في صحيفة الوطن بتاريخ: 20-11-1429هـ على التقرير الدولي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي " دافوس " لعام 2008 م ، والذي كان هدفه قياس مؤشر الفجوة بين الجنسين ، واضعاً المملكة في المراكز الثلاثة الأخيرة مع تشاد واليمن ! ،  وقاس التقرير المساواة بين الجنسين والفجوة بينهما في المجتمع ، مركزاً على مستوى الحصول على التعليم ومستوى مشاركة الإناث الاقتصادية والتعليمية والسياسية للذكور.

 

 

وبعد رجوعي  - في مقال سابق - إلى تقرير التنمية البشرية الأخير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ، وجدتُ أنَّه يتنافى تماماً مع ما ذكر في تقرير " دافوس " ! حيث تمَّ سدَّ الفجوة في مؤشرات القيد بين الجنسين في المرحلتين الثانوية والجامعية ، فقد بلغ معدل الفجوة بين الجنسين في المرحلة الابتدائية (1.03%) ، والثانوية (1.03%) ، والجامعية (0.09%) ، وفي جميع المراحل (1.11%) . ( تقرير التنمية البشرية – ص148-150) ، بل إنَّ المملكة تحتل في مجال تعليم المرأة المرتبة الثامنة على مستوى الدول العربية بنسبة (62.8%) ، والعجيب أنّ هذا التقرير لقي تأييداً من البعض – منهم د. آل زلفة -  ، حيث  ذكر  :  " أنه من غير المستغرب الحصول على هذه المرتبة ، فالظرف الاجتماعي مضطرب جداً بسبب التمسك الشديد بعقلية (العزل) بين الجنسين ! ،  ولم يكلف على نفسه - وهو الأكاديمي وعضو مجلس الشورى السابق - عناء السؤال عن معايير أمثال هذه التقارير غير الدقيقة ، وعلى أيّ الإحصائيات اعتمدت ! فمَنْ يتوجب عليه الإنصاف وتقدير الظروف هنا ؟!

 

 

الوقفة الخامسة :  تؤكد الدولة اهتمامها  بالمرأة ، وحمايتها من التعرض  للاختلاط مع الرجال ، تحكيماً لتعاليم ديننا الحنيف دون انتصارٍ للعادات والتقاليد كما يزعمون ! ولكن أسباب المشكلات التي تظهر بين فترة وأخرى في مجالات عمل المرأة مردها إلى سوء التطبيق والتنفيذ العملي لتلك القرارات ، الأمر الذي يحتاج لمراقبةٍ صارمةٍ تمنع التجاوزات ، وقد نص المرسوم الملكي ذي الرقم (11651) ، والصادر في 16/5/1403هـ على : " عدم السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، سواءً الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة والخاصة، أو الشركات أو المهن، سواءً كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرمٌ شرعاً " ، إضافة إلى منع الاختلاط في عدد من الأنظمة والقرارات ، منها: المادة (160 ) من نظام العمل والعمال التي تنص على : " أنه لا يجوز بأي حالة من الأحوال اختلاط النساء بالرجال في أمكنة العمل، وما يتبعها من مرافق وغيرها" ، وقرار مجلس القوى العاملة ذي الرقم (1/م/19/1405) ، والصادر في 1/4/1408هـ ، حيث تم فيه تحديد ضوابط عمل المرأة  ، والتي منها : أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال ، وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء ذي الرقم ( 1960/8 ) ، والصادر  في 23/ 12 / 1399هـ ، والذي ينص على : " منع الأعمال المؤدية إلى اختلاط النساء بالرجال "  ، وخطاب وزير الداخلية ذي الرقم ( 1278/ق /ع ) ، والصادر في  1/12/ 1423هـ ، فقرة ( 4)  :" تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال ".

 

 

و أتساءل هنا :إذا كان المرسوم الملكي والقرارات والأنظمة تمنع اختلاط النساء بالرجال ، والدعوة إليه يعد خروجاً على أنظمة الدولة ، فلماذا نرى حماسة ودندنة بعض المستكتبين في الصحف عليه ، وتباكيهم على عدم تطبيقه ، بل ومطالبتهم بفرضه على المجتمع ، من باب إعطاء المرأة حقوقها ، وهم أول من يسيء الظن بها ، حيث وصفوا قرار منع المرأة من وظائف الكاشير بأنه مدعاة لجرها للرذيلة وطرق أبواب الحرام  !! وعليه أؤكد أنَّ المرأة السعودية ولله الحمد أشرف من كل تلك الظنون الخائبة ! وقد تجاوزت المحلية بتميزها وتمسكها بحجابها وثوابت دينها إلى العالمية دون أن تتباكى على حق مزعوم يتمثل في أكشرة عملها !

 

 

 الوقفة السادسة : وصف الكاتب آل الشيخ الفتوى " بأنها في منتهى الضعف ،  فهي تفتقر إلى التأصيل الشرعي ، وتنتصر للعادات والتقاليد بوضوح ، وكأنَّ الموقعين عليها أسقط في أيديهم، ولم يجدوا ما يسند رغبتهم المبيتة في التحريم !! " يبدو أنَّ الكاتب آل الشيخ لا  يفرق بين الفتوى والدرس العلمي ! فالغاية من الفتوى تبيان الحكم الشرعي ، و يشمل ذلك السؤال في الوقائع وغيرها،ويذكر فيها دليل الحكم سواء أكان آية أو حديثاً ، و يذكر فيها علة الحكم أو حكمته ( إعلام الموقعين ، 4/160) ، وقد انطلقت الفتوى المعنية من تلك المعايير ، إضافةً إلى صدور فتاوى أخرى تحرم الاختلاط في العمل تسبق هذه الفتوى منها على سبيل المثال لا الحصر ( فتاوى اللجنة الدائمة ، ج 17 ، ص 233 ) ، هذا عدا عن وجود المحظور الشرعي والنظامي المتمثل في الاختلاط الممنوع بالمرسوم الملكي وعدد من الأنظمة والقرارات  - التي تمت الإشارة إليها أعلاه-  ، أما الدرس العلمي يفصل  في بيان حكم المسألة وتقرير حكمها وتأصيلها ، ويستوفي جميع عناصرها بشكل دقيق  ، وإن كان الكاتب آل  الشيخ يبحث عن الثاني فالدروس العلمية ولله الحمد في بلادنا كثيرة ، ليلتحق بأحدها ، ويثني ركبه فيه لعل الله أن يكتب له الهداية !

 

 

الوقفة السابعة :  لعله يتبادر إلى أذهان الكثيرين التساؤل عن البديل ؟! وصولاً لحل مشكلة بطالة النساء وقبلها الرجال ؟!
من الحلول المطروحة ما قدمه الباحثين : عبدالعزيز الزومان ، محمد العقيلي ، عبدالعزيز السلامة ، ماجد الرسيني ، في المؤتمر الوطني السابع عشر للحاسب الآلي ، والمنعقد في رحاب جامعة الملك عبدالعزيز لشهر صفر من العام 1425هـ ، في دراسة بعنوان : ( العمل عن بعد عالمياً ومجالات تطبيقه في المملكة العربية السعودية ) ، حيث توفر الدراسة للنساء السعوديات ، وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم  ، أكثر من أربعة ملايين وظيفة  ، وذلك في بيئة عمل آمنة بعيدة عن الاختلاط تكفل لهن الخصوصية والمزيد من الإنتاجية والتميز ، والمساهمة في عملية التمنية الوطنية ، ولها من العوائد الاقتصادية ، والاجتماعية الشيء الكثير ، فضلاً عن عوائد البيئة ذاتها ، فهي توفر فرص عمل بالملايين لفئات المجتمع ، مما يزيد من إنتاج أفراده وبالتالي يزيد من إنتاجية الوطن ، ويمنح فرصاً  للمرأة تكفل لها التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال وكافة شؤون الأسرة ، ومن خلاله يتم تنشيط وتشجيع الأعمال الحرة المستقلة الصغيرة ، والتقليل من الازدحام المروري ، والحد من الهجرة إلى المدن ، والاستفادة من أصحاب المهن والتخصصات النادرة .

 

واستشهد الباحثين بمدى نجاح تجربة العمل عن بعد في عدد من الدول ، منها : بريطانيا التي بلغ فيها عدد العاملين عن بعد 1.6 مليون فرد ،  70% منهم رجال ، و30% منهم نساء ، وفي أمريكا وصل عدد العاملين عن بعد لعام 2001م  إلى 19.8 مليون فرد ، أي مايعادل 15% من العدد  الإجمالي للقوى العاملة ، 57%منها للرجال ، 43% منها للنساء ، وفي كندا  بلغ عدد العاملين عن بعد مليون ونصف المليون فرد ، ومن المتوقع أن يبلغ عدد العاملين عن بعد في اليابان بحلول عام 2015م 13.2 مليون فرد ،  أما في أسبانيا فقد وضعت مادة دراسية باسم العمل عن بعد تقدم لطلبة الجامعات الأسبانية  ، والقصد من ذلك هو وضع العمل تحت النظر والدراسة والبحث الأكاديمي .

 

 

وقياساً على نجاح التجربة في الدول المذكورة أعلاه ، فإن  فرصة الاستفادة من العمل عن بعد  متوفرة في سوق العمل في المملكة العربية السعودية  نظراً لوجود البنية الأساسية  لتقنية الاتصالات ، وتوفر الأجهزة اللازمة للعمل عن بعد ، ويؤكد الباحثين أنَّ البنية الحالية كافية لتنشيط العمل عن بعد ، وذلك في مجالات العمل التالية :

 

 التسويق ، إدخال المعلومات ، الكتابة في الصحف والمجلات ، المحاسبة ، الترجمة ، المراجعة اللغوية والإملائية للمطبوعات ، تصميم  وتطوير مواقع الانترنت ، باحثة انترنت، طباعة ،  الدعاية والإعلان وتصميمها ... ، وغيرها الكثير .
واقترح الباحثين في دراستهم أن تقوم وزارة العمل بتنظيم العمل عن بعد من حيث : ماهية العمل عن بعد وتعريفه ، واعتماده كنوع من العمل المنتظم وذلك بتحديد الأجور ، والإجازات ، والعمل الإضافي ، وغيرها ، إضافة إلى إنشاء موقع خاص  للإعلان عنه والتعريف به ، والاطلاع على فوائده ، وترك الباب مفتوحاً لمناقشة بعض الأفكار الجيدة التي تعمل على نشر الفكرة وتحسينها.
ومن المؤسف أنَّ تطبيق هذه الدراسة الوطنية القيّمة  لم يرَ النور حتى الآن ، ولم تفعَّل اقتراحاتها كما هو مأمول  ،على الرغم من رفعها إلى مجلس الشورى !! لذا فإنه يتوجب على الخاصة قبل العامة دعم هذه الدراسة وإيصالها لمن بيده الحل والعقد .
وأختم بتساؤل أخير : هل نرى هؤلاء المستكتبين يدعون إلى تفعيلها ؟! وينادون بتطبيق ماجاء فيها ؟! فهي لا تكفل عشرات الآلاف من الوظائف – كما يزعمون - بل تكفل ما يزيد عن أربعة ملايين وظيفة ، فهل تراهم فاعلون ؟!

نقلا عن سبق