17 ذو القعدة 1433

السؤال

من مات ولم يحج لمرض أو فقر ونحوه هل يحج عنه ؟

أجاب عنها:
عبدالعزيز بن باز رحمه الله

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.
فمن مات قبل أن يحج فلا يخلو من حالين :
إحداهما : أن يكون في حياته يستطيع الحج ببدنه وماله فهذا يجب على ورثته أن يخرجوا من ماله لمن يحج عنه ؛ لكونه لم يؤد الفريضة التي مات وهو يستطيع أداءها وإن لم يوص بذلك ، فإن أوصى بذلك فالأمر آكد ، والحجة في ذلك قول الله سبحانه : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } الآية ، والحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - « قال له رجل : إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع الحج ولا الظعن ، أفأحج عنه ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : حج عن أبيك واعتمر ».
وإذا كان الشيخ الكبير الذي يشق عليه السفر وأعمال الحج يحج عنه فكيف بحال القوي القادر إذا مات ولم يحج ؟! فهو أولى وأولى بأن يحج عنه .
وللحديث الآخر الصحيح أيضا « أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم : حجي عن أمك ».
أما الحال الثانية : وهي ما إذا كان الميت فقيرا لم يستطع الحج ، أو كان شيخا كبيرا لا يستطيع الحج وهو حي ، فالمشروع لأولياء مثل هذا الشخص كابنه وبنته أن يحجوا عنه ؛ للأحاديث المتقدمة ؛ ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - « سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - من شبرمة ؟ قال :" أخ لي أو قريب لي" فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" حججت عن نفسك ؟ " قال : لا ، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :" حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة » وروي هذا الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفا عليه .
وعلى كلتا الروايتين فالحديث يدل على شرعية الحج عن الغير سواء كان الحج فريضة أو نافلة . وأما قوله تعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } فليس معناها أن الإنسان ما ينفعه عمل غيره ، ولا يجزئ عنه سعي غيره ، وإنما معناها عند علماء التفسير المحققين أنه ليس له سعي غيره ، وإنما الذي له سعيه وعمله فقط ، وأما عمل غيره فإن نواه عنه وعمله بالنيابة ، فإن ذلك ينفعه ويثاب عليه ، كما يثاب بدعاء أخيه له وصدقته عنه ، فهكذا حجه عنه وصومه عنه إذا كان عليه صوم ؛ للحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « من مات وعليه صيام صام عنه وليه »، أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة ، وهذا يختص بالعبادات التي ورد الشرع بالنيابة فيها عن الغير ، كالدعاء والصدقة والحج والصوم ، أما غيرها فهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم ، كالصلاة والقراءة ونحوهما ، والأولى الترك ، اقتصارا على الوارد واحتياطا للعبادة ، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم