اشكنازي ينسف جهود المصالحة
29 شوال 1431
حمزة إسماعيل أبو شنب

مرة جديدة وبرتبة عسكرية رفيعة، بعد أن سبقه رئيس جهاز الأمن العام الصهيوني " الشاباك " يوفال ديسكين  في رام الله وجنين قبل أشهر، جاء الدور على رئيس أركان الجيش الصهيوني الجنرال جابى أشكنازي،  ليقوم بجولة تفقدية في بيت لحم ويجتمع مع عدد من قيادات الأجهزة الأمنية هناك تحت ذراع تسيير الحياة اليومية للفلسطينيين  .

 

لكن هذه المرة التوقيت كما يبدو له رسائل في هذه الفترة، التي تشهد ابتعاد عن المفاوضات المباشرة بين السلطة في رام الله وبين حكومة بنيامين نتانياهو، بعد قرار الأخيرة استئناف البناء في المستوطنات، واتخاذ سلطة رام الله قرار بعدم التفاوض في ظل هذا الموقف الصهيوني من ناحية، ومن ناحية أخرى تقارب المصالحة الفلسطينية بين حماس وحركة فتح، بعد لقاء وفد من حركة فتح كان يزور دمشق مع وفد من حماس برئاسة رئيس مكتبه السياسي، وسط تفاؤل كبير بين الجانبين في انتظار لقاء خلال الأيام المقبلة لحل مشكلة الأمن، وهي القضية الوحيدة العالقة حسب بيان الجانبين، والتي تحتاج إلى مشاورات عميقة، وهنا تكمن المشكلة .

 

جاءت زيارة اشكنازي لتوصل الرسالة إلى حماس قبل أن يوصلها وفد حركة فتح للحوار، بصورة لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح ولا يشق لها غبار ويفهمها الجاهل قبل العالم، لتعود المصالحة إلى نقطة الصفر في الملف الأمني ؛ فحماس ضد التعاون مع الصهاينة بكل الأشكال، فكيف سيكون المشهد بعد المصالحة؟ هل هو ذات المشهد؟ وكيف ستندمج عناصر حماس في الأجهزة الأمنية بالضفة حسب طرح حماس بالقاهرة خلال الحوارات الشاملة (نوفمبر) 2008، والتي تنص على إعادة صياغة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية و قطاع غزة؟ وهل سيوافق الاحتلال على تواجد عناصر من حماس على خطوط التماس مع الجيش، ليعاني من مشكلة بالضفة كالمشكلة التي يعانها مع عناصر المرابطين على حدود  قطاع غزة، وبظل محاولات حماس المستمر بالضفة لتنفيذ عمليات إطلاق نار أو محاولة اختطاف ضد جنوده؟ .

 

جاء ليقول لحماس لا تحلمي كثيراً في تحقيق قوة عسكرية من خلال هذه الأجهزة التي تحاربك الآن، وتلاحق القيادات السياسية والعسكرية وتنسف حتى جهودك الاجتماعية، وما جرى خلال الأعوام الماضية سيبقى متواصلا، ونشاطهم بعد عملية الخليل ورام الله في نهاية أغسطس  2010 خير شاهد وخير دليل على الرجل الفلسطيني الجديد حسب خطة دايتون,  ولا تأخذي محاولات حركة فتح وتوجهها نحو المصالحة على محمل الجد .
لم يكتف الرجل بتوجيه رسالة لحماس ولكن وجه رسالة أخرى لحركة فتح ومنظمة التحرير ورئيسها عباس؛ بأن المفاوضات التي توقفت بقراركم  لن تضر دولته بشيء، لأن الكيان يعتمد على القاعدة الأمنية التي تحمي أمنه من خطر المجاهدين بالضفة، وهذا مازال متوفراً، وأن التنسيق أو التعاون الأمني كما يسميه قيادات الأجهزة الأمنية في الضفة مازال مستمراً رغم قراركم بوقف التفاوض .

 

وهذا ليس بجديد منذ بداية المفاوضات، والجوانب الأمنية هي التي تسيطر على كل مسارات التفاوض، ولم يتوقف التنسيق الأمني مع الكيان حتى في ظل حصار الراحل ياسر عرفات، وفي أحلك ظروف انتفاضة الأقصى، وإن كان يضعف في بعض الأحيان ويقوى في ظرف آخر، حتى بلغ ذروته خلال العاميين الحالي والماضي حسب شهادات الصهاينة والمفاوضين الفلسطينيين، بتمجيدهم بأنهم قدموا جميع استحقاقات السلام حسب خارطة الطريق، والشعب الفلسطيني لهو هو الآخر شهادة على حال الضفة الغربية خلال الحرب الأخيرة على غزة .

 

ما أريد أن أخلص إليه هو أن العقبة الأمنية ستكون عقبة في طريق ووجه أي مصالحة ، وإن كنا سنشهد حفلة توقيع خلال الأسابيع القادمة على الورقة المصرية، لتخرج حماس مصر من ورطة عدم التوقيع وتحسن علاقاتها معها، في ظل السيطرة الأمنية لحماس على الأرض في قطاع غزة، والتعاون الأمني مع سلام فياض ورجاله في الضفة، ولتسجل حماس إرادة  المقاومة وتخسر فتح المعركة في الضفة لصالح فياض، كما خسرت كل شيء في غزة لصالح حماس .