أنت هنا

معنى الاختلاط في اللغة والشرع
7 شعبان 1431
اللجنة العلمية

معنى الاختلاط في اللغة    

          أجرى الفقهاء لفظ الاختلاط على مسائل شتى، والموضوع هنا اختلاط الرجال والنساء، أما من حيث وضع اللغة فالاختلاط لفظ له استعمالات عديدة تدور على أصل واحد: فمنه الاختلاط بمعنى التداخل، ومنه اختلاط الرجال بالنساء أي التداخل بينهم.
وكذلك يكون الاختلاط بضم الشيء إلى آخر، فيقال خلط الشيء بالشيء خلطاً إذا ضمه إليه([1]). وقد يمكن التَّمييز بعْد ذلك كما في الحَيَوانات، أَو لا يمكن كما في بعْض المائِعَات([2]).
ولهذا قالوا من معناه الامتزاج، فخلط الشيء بالشيء يَخْلِطُه خَلْطاً و خَلَّطَه فاخْتَلَطَ مَزَجَه([3])، واخْتَلَطَ يَخْتَلِطُ اخْتِلاطاً: امتزج. والاختلاط يطلق في الأعيان والمعاني، ومن أمثلة العرب قولهم: اختلط الليل بالتراب، واختلط الحابل بالنابل، واختلط المرعيُّ بالهَمَل، واختلط الخاثر بالزباد. وتُضرَب في استبهام الأمر وارتباكهِ.

          ومما سبق يلحظ أن مادة (خلط) في اللغة: أصل واحد، مضاد لـ (خلص): وهو أصل واحد مطرد، يفيد تنقية الشيء وتهذيبه([4]). وكأنهم يطلقونه باعتبار محل الأعيان إذا كان هناك تداخل أو تقارب أو تجاور، ولهذا قالوا للمجاور والصديق والشريك: خليط([5])، كما أنهم يطلقونه باعتبار العين الواحدة نفسها إن كانت هناك ممازجة أو ملاصقة، وعليه فإن الاختلاط قد يقع بالتقارب، أو التجاور، أو الضم، أو التداخل، وقد تكون معه ممازجة أو ملاصقة وقد لا تكون. فهو أعم من الممازجة، والالتصاق، والخلوة.

 

 

المعنى الشرعي للاختلاط
          لا يختلف عن اللغوي ومنه قوله تعالى: "(وآخَرُونَ اعتَرَفوُا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالحِاً وآخَرَ سَيَّئاً .. )[التوبة:102]، أي ضموا ومزجوا. وقوله: (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانِكُمْ.. )[البقرة: 220]، أي تداخلوهم.وقوله: (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) [الأنعام:46]، أي انضم والتصق. وقوله: (وإنَّ كَثَيِراً مِن الخُلَطَاءِ لَيَبغِي بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) [ص: 24]، أي الشركاء([6])سموا كذلك لأن الشراكة تحصل بالخلط قبل العقد([7]).
          قال الراغب: "الخلط: هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعدا، سواء كانا مائعين، أو جامدين، أو أحدهما مائعا والآخر جامدا، وهو أعم من المزج، ويقال اختلط الشيء، قال تعالى: (فاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ) [يونس:24]، ويقال للصديق والمجاور والشريك: خليط، والخليطان في الفقه من ذلك، قال تعالى: ( وإنَّ كَثَيِراً مِن الخُلَطَاءِ لَيَبغِي بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ( [ص:24]، ويقال الخليط للواحد والجمع، وقال سبحانه: (خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحَاً وَآخَرَ سَيِّئاً) [التوبة:102]، أي: يتعاطون هذا مرة وذاك مرة، ويقال: أخلط فلان في كلامه: إذا صار ذا تخليط، وأخلط الفرس في جريه كذلك، وهو كناية عن تقصيره فيه"([8]).
          وكذلك ما ورد في السنة يدور حول هذه المعاني، فأصل المادة واحد كما سبق، ومنه تفسيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: لاخلاط ولاوراط([9])، "بالحديث الآخر لايُجمع بين متفرق، ولايفرق بين مجتمع.. أما الجمع بين المتفرق فهو الخلاط.."([10])، وذكر عدة آثار لاتخرج أصول معانيها عما سبق.


([1]) محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني، وانظر كذلك الموسوعة الفقهية 2/289. 
([2])  الوسيط - مجمع اللغة العربية بمصر، وانظر كذلك الموسوعة الفقهية 2/289.
([3]) لسان العرب 7/291. 
([4]) انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس، 309.
([5]) انظر مفردات ألفاظ القرآن، للراغب، الجزء الأول مادة (خلط). 
([6])  مستفاد من معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية بتصرف يسير.
([7])   الموسوعة الفقهية 19/223.
([8])  شطر من مطلع قصيدة زهير بن أبي سلمى في توعد الحارث بن ورقاء، وتمامه: وزودوك اشتياقاً أيّةً سَلَكُوا.
([9])   شعب الإيمان 2/159، وغيره.
([10])   مختصر من النهاية في غريب الحديث 2/62.