مسيرة الباجه جي السياسية.. الخيانة قرين العلمانية
4 شعبان 1431
منذر الأسعد

ما زال عدنان الباجه جي يواصل تقديم ما لديه من وقائع وآراء في حلقات برنامج (شاهد على العصر) بقناة الجزيرة.

فقد شغل منصب وزير خارجية العراق ومندوبه الدائم في الأمم المتحدة في حقبة الستينيات من القرن العشرين الميلادي. لكن الرجل أبى وهو في الثمانينيات من عمره إلا أن ينخرط في خدمة الاحتلالين الصليبي والصفوي لبلاده، فور سقوط بغداد في براثن الغزاة في ربيع 2003م، من خلال عضويته بما يسمى"مجلس الحكم"، الذي أنشأه الحاكم الصليبي الفعلي لبلاد الرافدين المحتلة بول بريمر.وربما كان هذا شر ختام لمسيرة الرجل، إذا سلّمنا بمفاخره وأنه انتصر لقضايا الأمة، وأحسن الذود عنها، في المواقع التي شغلها في ظل حكومات العراق التي جاءت بعد ثورة14/7/1958م من عبد الكريم قاسم حتى نظام البعث الذي أعقب الانقلاب على عبد الرحمن عارف الذي حكم العراق خلفاً لأخيه عبد السلام.

 

وقد أوضح الباجه جي أنه كان معجَباً بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يثق به ويفضّله على رئيس حكومته عبد الرحمن البزاز ذي الميول الإسلامية!! وبعبارة أشد جلاء: ينتمي الباجه جي إلى الفكر القومي!! فكيف انقلب الشخص القومي إلى موقع لا يناقض الادعاءات القومية فحسب، وإنما يصطدم بالحس الوطني الأضيق نطاقاً.فهو تعاون مع محتلي العراق وليس محتلي سبتة ومليلية المغربيتين مثلاً؟!!

 

وكم كان الباجه جي مضحكاً وهو يسُوق مبرراته الواهية لعمله في خدمة الغازي الأجنبي وهو في أرذل العمر. فقد زعم أن مشاركته في مهزلة مجلس الحكم نبعت من حرصه على عدم تفرد الأمريكان بإدارة البلاد وفقاً لمصالحهم وأهوائهم!!وكأنه وأشباهه شركاء لبريمر، في حين يعلم القاصي والداني أنهم واجهات تافهة ليس لها قيمة عند سادتهم أو عند شعبهم!! بل إن الباجه جي وحفنة من أمثاله المنحدرين من أصول سنية كانوا شراً على العراق من أدوات إيران، الذين ينفذون سياسات تخدم دين الرافضة وتنتقم من أعدائهم أهل السنة والجماعة!!

 

وكانت الصفحة الأشد سواداً في مسلك الخيانة للباجه جي وأقرانه من المنتمين بالأسماء إلى أهل السنة، في محنة الفلوجة البطلة فهم الذين خدّروا أهلها وخدعوهم باعتراف قادة الفلوجة!!

 

وقد ضحك المذيع أحمد منصور فعلاً عندما ادعى ضيفه أن خدمته تلك للغزاة تعد نوعاً من المقاومة السياسية!! وتحداه منصور بأن يذكر ولو شاهداً يتيماً على موقف له أو لأشباهه من المتعاونين مع الغزاة تمكنوا فيه من تخفيف غلو السياسة الأمريكية تجاه العراقيين!!

وقد أبت نرجسية هذا الخرِف إلا أن يتهم أهل السنة بالخطأ لأنهم لم يشاركوا في العملية السياسية من بدايتها!!

 

إن سيرة هذا الرجل -على سبيل المثال لا الحصر- تؤكد حقيقة قاطعة ثبتت بالتجربة التاريخية، وهي أن العلمانية في بلاد الإسلام يستحيل أن تكون وطنية أو قومية، أما تناقضها الجذري والمطلق مع الإسلام فهو أوضح من أن نتطرق إليه. كما تؤكد أن شر العلمانيين هم المنتسبون بالوراثة إلى عائلات مسلمة. فهم يتفردون عن سواهم من أبناء الملل الأخرى، بأنهم ينخلعون حتى من ربقة خدمة أهليهم!! ومن شك في ذلك فليضع الباجه جي والرافضي أحمد الجلبي في الميزان، إذ إنه سوف يخلص إلى أن العميل الجلبي ظل وفياً لدينه الرافضي ومراجعه الحاقدة، بالرغم من تظاهره بالعلمنة. أما الباجه جي فهو لا يصلي إلا في المناسبات، ولم يحج حتى اليوم -باعترافه لأحمد منصور الذي لاحظ عليه عدم اكتراثه بالدين!!-. بل إنه حاول تبرير لا مبالاته بالجوار الإسلامي عندما كان وزيراً لخارجية العراق قبل نصف قرن، بأن الجيران المسلمين كانوا دائماً مصدر مشكلات للعراق!! ونسي هذا المتحذلق أن تركيا وإيران كانتا يومئذ محكومتين بنظم تغريبية تماثل قناعاته البائسة!! وهل من عراقي شريف يضع أنقرا وطهران في كفة واحدة؟

ثم أليس عجيباً أن حامل تلك الآراء الفظة، بات اليوم في خدمة نظام عميل لواشنطن وطهران معاً؟