1 محرم 1432

السؤال

أكتب لكم همي وأشكو لكم بعد شكواي لله تغير أخي مني وهجره لي..
إنه صديقي وأخي في الله جمعتني به علاقة من الطفولة أراه يوميا بالساعات، لا نمل من حديثنا أو من لعبنا ونحن صغار بدون أي شيء أصبح لا يطيق أن يرن جواله باسمي، ولا يطيق أن آتي إلى بيته، أتصل عليه فلا يرد ويجرحني بكلمات لا ترضي، وبأفعال تغضب وإذا كلمني يكلمني بفظاظة وبأسلوب جاف يكلمني وكأنني ألد أعدائه، يعلم الله أنني أحاول بكل ما أملك أن أسعده، ولكن بلا جدوى. مع إنه مستقيم ولله الحمد، ذهبت إلى بيته وفي وقت متأخر وناديته ولم يخرج ظللت واقفا لمدة ربع ساعة حتى خرج ولم يرض حتى اعتذرت له وكلما أغضبه أقبل رأسه ويديه حتى يرضى عني!
دائما أفكر بالابتعاد عنه لكن كلما فكرت بذلك أتذكر الأحاديث التي تنهى عن ذلك.
فأرشدوني إخوتي إلى الطريقة الصحيحة لمعالجة هذه المشكلة.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

أخي السائل:
أحيانا ما تتحول العلاقات بين الشباب من الجنس الواحد من علاقة الحب في الله التي ترضي الله سبحانه إلى علاقة أخرى تقترب في جوهرها من معصية الله رغم ما في ظاهرها من عدم مخالفته، إذ يتحول أحدهما أو كلاهما إلى مرحلة من مراحل الحب التي تتجاوز حد الاعتدال وتسلك مسلكا آخر فيه من الخطورة على الدين والخلق القويم الكثير.
ولعل حالتك هنا يا أخي من الحالات التي يُخشى عليك فيها من مجاوزة الحد في الحب لأنك وضعت أخاك في موضع لا يليق به ووضعت نفسك أيضا في موضع لا يليق بك.
إن هذا الشعور المغلف بالحب في الله والصداقة والتعاون على ذكر الله والفضائل يتحول إلى نوع مرضي من الحب لا يليق بالرجال، فكيف تقبل كرجل أن تقول عن نفسك أنك تحاول بشتى الطرق أن تسعده وأنك إن أغضبته تقبل يديه ورأسه حتى يرضى عنك وأنه يتغير عليك بدون أي ذنب منك! وتقول أنك تحاول بشتى الطرق إسعاده بلا جدوى! وتقول أنك تنوي فراقه وتتذرع بالأحاديث التي تنهى عن هجر المسلم لأخيه والتي بحثت عنها وحفظتها لكي تجد لنفسك مبررا شرعيا للاستسلام وللاستمرار في رغبتك تلك بعدم الابتعاد عنه!!!؟
ما هذا العبث بالدين ولماذا تُستغل النصوص الشرعية دوما لتبرير سلوكياتنا والتي نريد أن نعطيها عطاء شرعيا لنستريح به؟
إن المخلوق الوحيد الذي من المفترض أو الذي يليق به ويقبل منه هذه الأفعال هو الزوجة مع زوجها فقط لأن الزوج هو جنتها ونارها، ولا أعتقد أن جنتك ونارك متعلقتان برضا هذا الإنسان أو غضبه - بصرف النظر عن تقواه وصلاحه من عدمه - ولكني أحدثك عن دينك أنت الذي من المفترض بك أن تحافظ عليه.
أخي الكريم:
لعل صاحبك قد استشعر خطورة ما أنتما عليه فقرر أن يتراجع عنه ولكنك تمسكت ولذا فالمخطئ هو أنت لأنك تماديت في حب غير منضبط بضوابط الشرع، وقد يجرك إلى ما هو أكثر من ذلك إن أراد صاحبك أن يسير بك في أي واد لسرت معه ولفقدت كل ما تبقى لك من دين، فأدرك نفسك بقطع علاقتك بهذا الأخ - لا لسوء فيه حاش لله فاني لا اعرفه ولن أقدح فيه - ولكن لكي تضبط مشاعرك وتعلم ان كل حب يجب أن ينضبط بضابط من الشرع، وتحاول أن تصبر نفسك على مرارة فقده التي ستتجرع منها الكثير إلى أن يمن الله عليك بالتخلص من ذلك وساعتها تسترجع علاقتك به وبغيره على أساس قويم.
وفقك الله.