30 جمادى الأول 1432

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة في فترة الخطوبة وقرب زواجي، لدى زوجي أمور لابد منها، مثل استئذاني منه قبل الخروج من البيت، وأن أطمئنه عليَّ كل ساعة.. أقول له أنا في بيت أهلي ولا يلزمني ذلك؛ فيرد: أنا زوجك ويحق لي أن أمنعك من الخروج إنْ أردت!
وحين تحدث لي مشكلة معه تضيق الدنيا بي وأبكي بشدة؛ لأني أفعل معه الكثير وهو أيضاً، ولكن وقت الزعل لابد أن يزعل ويتضايق وتنقلب حياتنا، وفي النهاية لابد أن أكون أنا المذنبة في كل مشكله؛ لأن لديه قوة في الإقناع والتعبير عن رأيه والمجادلة، وأنا عنادية؛ فمن دون وعيي ومن طريقة كلامه أشعر أني أريد استرداد حقي الذي ضاع مقابل ما يقوله.. وفي النهاية أكون قد رفعت صوتي، وأسلوبي أصبح غير لائق - كما يقول- كل مرة أقول إنها آخر مرة تحدث فيها مشكلة من هذا القبيل، ولكن للأسف طوال فترة الخطوبة كانت تحدث مشاكل لنفس السبب وإلى الآن أشعر بضيق وخوف شديد من أمر الزواج!! لا أريد أن أذهب لبيت أجلس وحيدة فيه عندما يزعل.
كل من حولي فرح وأنا خائفة مما سيحدث بعد زواجي من مشاكل خصوصاً أننا لم نستطع التغلب عليها في فترة الخطوبة.. أرشدوني جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

أيتها الابنة الكريمة:
إن الله سبحانه وتعالي أكرمنا بهذا الدين العظيم الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتحدث فيها.
لقد شعرت من حديثك شدة الغضب، ولا شك إن الغضب قد يكون طبيعة من طبيعة البعض فقد جاء رجل للنبي صلي الله عليه وسلم وقال له أوصني قال صلي الله عليه وسلم " لا تغضب "رواه البخاري.
فليس في ذلك الحديث النهي عن الغضب مطلقا، ولكن المراد أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فبسببه يخرج الإنسان عن شعوره وكثيرا ما يحدث منه أشياء لا يحمد عقباها وعندما يهدأ الإنسان يشعر بالندم علي ما حدث منه وذلك الذي وجدته عندما حكيت عما يتم في المناقشة بينك وبين زوجك فيه.
فقد يرتفع صوتك عليه وتستخدمين أسلوبا غير لائق بك كامرأة مسلمة عليها أن تتصف بأفضل صفات النساء مع من حولها أجمعين.
عليك أن تعلمي أن زوجك يحمل إليك كل معاني الحب والخوف بدليل كبير هو كونه قد اختارك وارتضاك شريكة حياته وأيضا ذلك الذي فهمته من حديثك عنه
لقد ارتضيت بهذا زوجاً لك فلماذا عند الغضب تعتبرينه خصماً لك؟!
لماذا تنظرين منه إلى هذه الطلبات على إنها أوامر تضيق عليك حريتك بل عليك أن تجعلي هذه الطلبات مجرد تدريب منك على طاعته عندما تكونين في بيته؛ فهو زوجك الذي قد تم بينك وبينه عقد شرعي وميثاق غليظ، فليس من حسن الحديث أن تقولي له: "أنا في بيت أهلي" فإن لم تحترميه أو تسمعي كلامه وأنت في بيت أهلك فسوف يكون ذلك هو طبعك وأنت في بيته إذن ولاشك، إن ذلك أمر ولاشك يخيفه وينشئ الريبة في قلبه.
فعليك أيتها الابنة أن تجعلي الاحترام والطاعة وحسن الخلق والصوت الهادئ في الحديث معه - سواء كنت في بيت أهلك أو في بيته بعد ذلك إن شاء الله سبحانه – صفتك.
ولابد أن تستفيدي من هذه المرحلة بأن تفهمي طبعه في مختلف الأمور حتى تبدئي معه حياتك الهادئة.
وعليك أيضاً أن تتبادلي معه الحديث والحوار بلطف قدر ما تستطيعين، فيمكن بأسلوبك وحسن خلقك أن ترغميه على موافقتك أو تقنعيه في بعض الأمور التي تريدينها.
ثم إنك قد وصفت زوجك بأنه لديه القدرة والقوة في الإقناع والتعبير عن رأيه فمن ذلك يتضح أنه يمتاز بالحكمة في الحكم على الأمور فلماذا إذن لا تحترمي رأيه؟؟!
اعلمي أنك عندما تكونين في بيته سوف تجدين الكثير من المشكلات وذلك أمر وارد في كل البيوت، فعليك أن تتركي ما وصفت نفسك به من العند والمجادلة.
إن أي زوج لا يحب الزوجة (العنادية) حتى ولو كنت مقتنعة برأيك مائة في المائة فلابد من التواضع لزوجك لتكسبي حبه وبذلك لا يرفض لك طلباً.
ثم أحب أن أوضح لك أن زوجك – كما يبدو - يتصف بالوضوح وأنت في بيت أهلك كما ذكرت وهذا شيء حسن، فإن كثيرا من الرجال أثناء الخطبة يخفون كثيرا من صفاتهم ويحاولون أن يتجملوا بصفات أخرى حتى يأتي وقت الزواج فتفاجأ الزوجة بالعديد من المشكلات.
إنه الآن أمامك واضح في تصرفاته فعليك ألا تخافي منه بعد الزواج؛ لأن صراحة طلباته الآن تفتح لك بابا عند قدومك بيته للاطمئنان أنه أصبح أمامك كالكتاب المفتوح لا يخفى عليك شيء من طباعه.
وعليك أيتها الفاضلة إن أردت حياه سعيدة مع زوجك أن تحافظي على قوامته في اتخاذ الأمور وإبداء الرأي لقوله _تعالى_: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: من الآية34].
وفي الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
ففي الحديث معنى الطاعة للزوج وعدم مخالفة أوامره, واعلمي أنك من طاعتك وحسن تبعلك له قد تفتح لك أبواب الجنة.
وأنصحك أيضا بقراءة بعض الكتب الصغيرة في كيفية التعامل مع الزوج وما حقوق المرأة على زوجها وما واجباتها تجاهه وأهم من ذلك هو تطبيق ما تتعلمينه في أرض الواقع وحياة الزوجية التي أرجو لها أن تكون لك حياة سعيدة.