رئيس الوفود العربية بأسطول الحرية : سنقاضي الكيان الصهيوني قانونياً وشعبياً وسياسيا

القاهرة- "كانت السيناريوهات واضحة أمامنا منذ البداية، فقد شدد مسئول القافلة بولنت يلدرن (رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية) أنه ليس لنا خيار سوى دخول غزة بحرًا لكسر الحصار, فإن منعنا فسنصر على مسيرنا فإن اعتدى علينا بالقتل أو الأسر فلسنا أغلى من مليون ونصف مليون فلسطيني يتعرضون للقتل والأسر والجوع منذ أكثر من ألف يوم، ومن ثم فإننا إما أن نصل غزة وننجح في كسر الحصار، وإما أن نوقظ ضمير العالم بما يرتكبه الكيان الصهيوني ضد مشاركين في عمل إنساني وصولاً لانتفاضة إنسانية عالمية شعبية ضد كل جرائم الاحتلال بل ضد الاحتلال ذاته".

 

بهذه الكلمات استهل د.محمد البلتاجي البرلماني المصري الذي رأس الوفود  العربية في "أسطول الحرية" حواره لـ"موقع المسلم"، مؤكداً أنه رغم عدم وصول السفن (المحملة بـ750 متضامناً من 40 دولة عربية وغربية وآسيوية، بالإضافة إلى 10 أطنان من الأغذية والأدوية ومواد البناء) إلى شاطئ غزة إلا أن "الأسطول قد حقق هدفه من فضح الكيان الصهيوني أمام العالم الذي بدأ انتفاضة إنسانية عالمية لكسر الحصار.. والحقيقة أن الحصار قد كسر بالفعل لعد ما حدث وبقي إعلان ذلك دولياً فقط".

 

واستحضر د.بلتاجي في حواره شواهد تؤكد رؤيته تلك، من خلال المواقف التي عايشها في رحلة الأسطول وأثناء المذبحة الإسرائيلية، ثم اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال وإطلاق سراحه وزميله د.حازم فاروق، ليكونا بذلك أول من أفرج عنه من المتضامنين في القافلة، ودلالات ذلك وأثره على مستقبل القضية الفلسطينية عامة وحصار غزة خاصة.

 

فإلى تفاصيل الحوار

- كيف كانت البداية؟
البداية كانت يوم 23 مايو عندما انطلقت وزميلي د.حازم فاروق عضو مجلس الشعب من الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، إلى تركيا للمشاركة بأشخاصنا فقط في القافلة، وقد كنا المصريين الوحيدين فيها.

 

ومن هناك رافقنا القافلة المكونة من 8 سفن, 3 منها للشحن، اشتراها المتبرعون والمتضامنون بالجهود الذاتية لإهدائها لأهل غزة، وقد حملت أكثر من 10 أطنان من المساعدات التي شملت لأول مرة مواد البناء لإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وفي تشريف يدل على التقدير العربي الكبير للشعب المصري اختارتني الوفود العربية التي شاركت بملايين الدولارات وبعشرات المشاركين رئيسًا لها.

 

- هل كنتم تتوقعون ولو للحظة أنها قد تكون رحلة ذهاب بلا عودة؟
انطلقنا إلى هدفنا وكانت السيناريوهات واضحة أمام أعيننا تماماً، فإما أن نصل غزة وننجح في كسر الحصار، وإما أن نوقظ ضمير العالم بما يرتكبه الكيان الصهيوني ضد مشاركين في عمل إنساني وصولاً لانتفاضة إنسانية عالمية شعبية ضد كل جرائم الاحتلال بل ضد الاحتلال ذاته.

 

فقد تابعنا خلال الأيام الثلاث التي سبقت الهجوم الصهيوني على القافلة  لتهديداتهم، وفي مقدمتها قرار مجلس الوزراء الصهيوني المصغر الذي عهد للجيش بمهمة التصدي للقافلة، وقيام جيش الاحتلال بإعداد خيام ومعسكرات اعتقال في أسدود استعدادا لاستقبال المتضامنين, لكننا أجمعنا كمتضامنين على المسير قدمًا إلى غزة, ووعدم الالتفات للتهديدات ولا الإغراءات بعروض بديلة.

 

- ونفذ الاحتلال تهديداته بصورة دموية غير متوقعة انتهت باستشهاد  19 متضامناً وجرح العشرات واعتقال جميع  المتضامنين، فما أثر ذلك عليكم؟

تحقق السيناريو الثاني، وكان متوقعاً، صحيح ليس بهذه الصورةن ولكن بالتأكيد الأسطول حقق هدفه وفضح إسرائيل وكسر الحصار عن غزة، بل إن الكيان الصهيوني هو الذي صار محاصراً دولياً ويبحث عن فكاك بواسطة حلفائه المعروفين، وبقي فقط أن يعلن المجتمع الدولي رسمياً سقوط الحصار الجائر لأهالي غزة والذي يتناقض وكافة المواثيق الدولية.

أما نحن كمتضامنين فقد زادنا إصراراً على موقفنا.

 

- وما هي الخطوة التالية من قبلكم كمتضامنين لإتمام ما بدأتموه؟
كل من كان ضمن أسطول الحرية كانوا مقررين معاودة الكرة، وسنعيدها، وكثير من المتضامنين بعد أن وصلوا لأسدود كانوا مصرين على أن يعادوا إلى اسطنبول لا إلى بلادهم ليسارعوا بالإعداد لقافلة جديدة، وهو ما سيحدث إن شاء الله، فضلاً عن أن ما حدث لن يمر مرور الكرام وسنقاضي الكيان الصهيوني قانونياً وشعبياً وسياسياً، وسيعاد فتح ملفات الإجرام الصهيوني في المحافل والمحاكم الدولية إلى أن يفك الحصار ويدفع الكيان ثمن فعلته الدنيئة مع أسطول الحرية.

 

ونحن كنواب في مجلس الشعب بشكل خاص، شعرنا بمدى تأييد الجماهير المصرية التي نمثلها لخطوتنا هذه، ودعمها لتحركنا، نعتزم تقديم طلب في المجلس لفتح معبر رفح بشكل طبيعي، وإدخال مواد البناء لإعادة إعمار القطاع، وسندعو مصر وكافة الدول العربية أن تحذو حذو الكويت وتنسحب من مبادرة السلام العربية، لأنها ماتت منذ أمد.

 

- ما الموقف الذي لا تنساه  من هذه الرحلة؟
موقف غريب عكس مدى دناءة هذا المحتل الغاصب، فقد تعاملنا مع جرحى صهاينة 3 كانت إصابتهم بسيطة للغاية وقمنا بتضميدها.. كانوا في أيدينا وأيدي الناشطين الموجودين بدون أي سلاح أو بدون شيء .. وتعاملنا معهم بما يستدعيه الموقف الإنساني وما يفرضه علينا ديننا وحافظنا عليهم ولم يصبهم أي أحد بسوء.. حتى تم تسليمهم ... في الوقت الذي شهد الحضور على أن الجنود الصهاينة كانوا يجهزون على بعض الجرحى من المتضامنين ويقتلونهم.

 

- هل تعرضت للتحقيق بعد وصولكم أسدود مقيدين؟
تم التحقيق معي من قبل محققة  صهيونية، وكان بسيط وسريع حيث كنا أول من تم إطلاق سراحه من المتضامنين المحتجزين، سألتني: لماذا أتيت لأرض خاضعة لدولة إسرائيل؟، فأجبت: أنا لم آت إليكم أنتم من خطفتمونا بقرصنتكم من المياه الدولية، سألت: لماذا ركبت السفينة المتجهة إلى  غزة؟، فقلت: هذا لا يخصك، وليس شأنك فقد كنت في مياه دولية.

 

كما سألتني متضامنة إنجليزية وهي تشير إلى الشهداء والجرحى على السفينة خلال المجزرة: ما تقييمك لما حدث؟، فأجبتها:إنه ثمن عظيم ولكنه يدفع أيضاً لقضية عظيمة، فأكدت  على كلامي قائلة "it is ok".

 

- كما قلت فقد كنتم  كمصريين أول من أطلق سراحه من المتضامنين، فبرايك ماذا كان هدف هذه الخطوة؟
تحييد  الموقف المصري طبعاً، وقد كان هذا واضحاً بدرجة كبيرة، فالقيادة السياسية كان لها هدف امتصاص حالة الغضب والاحتقان الموجودة .. خاصة حينما نكون نحن جزء منها وطرف فيها ولنا علاقات بالكيان الصهيوني في الوقت ذاته .. وهذا يهدد الموقف الشعبي من العلاقة بالكيان الصهيوني بشكل كبير ويضغط في اتجاه تجميد أو قطع أو خفض سقف العلاقات وبالتالي أتوقع إنه كان نوع من العجلة لاستباق هذه الضغوطات في هذا  الاتجاه.

 

فقد خرجنا من ميناء أسدود إلى طابا ليقال في أقل وقت إن المشكلة لم تعد مصر طرفاً فيها، كان واضح إن القنصل يسلمنا في طابا ليبلغ القيادة الأعلى منه "تمام يا  افندم انتهت المهمة"

 

 

- تحركت تركيا ودول عربية وغربية أخرى هذا التحرك الكبير، في حين أن دولاً وشعوباً أكثر ارتباطاً جغرافياً وسياسياً وتاريخياً بالقضية الفلسطينية لم تتحرك، فلماذا برأيك؟

 

هذا فارق واقع المجتمع المدني الذي تم تدميره في مصر في  الفترة الماضية من نقابات مهنية واتحادات طلابية وجمعيات أهلية ونوادي هيئة تدريس، كل هذه الهيئات التي تم تخريبها وتدميرها وتجميدها ساهم في هذا الركود بحيث لم يعد ممكناً أن يشارك في هذا العمل إلا نائب طلع بشخصه، لكن المجتمع التركي قام بهذا العمل العظيم لا بالحكومة وإنما بمؤسسات مجتمع  مدني تحركت في مساحة مجال عمل مفتوح دون ضغوط وقيود عليها، وبالتالي حققت هذا الإنجاز الذي لا تستطيع حكومات أن تقوم به.

 

 هذا هو الفارق بدرجة كبيرة، ليس الفارق في الموقف من القضية، وأنا واثق إن الآلاف الذين اتصلوا بنا يوم وصولنا الثلاثاء 1-6-2010 يكبرون مشاركتنا كانوا يريدون القيام بهذا الدور بأنفسهم، بما فيه من ثمن دفع ودماء سالت.

 

 

- كيف تقيمون الخطوة المصرية بفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية لأجل غير مسمى؟

خطوة إيجابية ولكنها منتقصة وغير كافية، ولن تكتمل إلا بفتح المعابر بشكل طبيعي كأي حدود طبيعية بين بلدين.

 

لن أبحث فيما خلف هذه الخطوة أو دلالتها السياسية أو مبراراتها وإذا ماكانت تعاطفاً مع أبناء غزة الذين استشهد منهم 400 خلف قضبان المعابر لأنهم منعوا من الخروج للعلاج، وقتل العشرات أيضاً تحت ركام الأنفاق وخنقوا بالغازات السامة وهم يخاطرون بحثاً عن حق طبيعي في مأكل وملبس محرومون منه منذ أكثر من ألف يوم، لكن سأسأل .. لماذا نكبل أنفسنا بمعاهدات واتفاقات تنازل عنها الآخرون وأكد كل خبراء القانون الدولي حقنا في التحلل منها؟ لصالح من؟!

 

- هل تعتبر مذبحة أسطول الحرية بداية معركة حقيقية لفك الحصار؟

هذا تحديدا كان غرض وهدف الأسطول كما أشرت من قبل.. لأول مرة تعيش إسرائيل حالة التحدي .. وضع الأنظمة العربية والمنظومة الدولية طوال الفترة الماضية لم تضع إسرائيل أمام تحدي .. لكن إسرائيل استشعرت بالفعل أنها أمام تحدي .. صحيح ردت بهذه الهمجية وهذا الأداء الذي يخالف حدود المعقول حتى في حسابات الإستراتيجية..لأنه زاد الأزمة بالنسبة لهم وفتح عليهم صراع مع جبهة أوسع من العالم .. لكن بدأ هذا التحدي ...

 

قطاعات الإنسان الحر في العالم بدأت تقول إنها لن تقف إذا وقفت الأنظمة ولن تنتظر ردود أفعال النظام الدولي لكن هي من الممكن أن تصنع شيئا..

- هل تتجه المعركة الآن يتجه لاكتساب شكل أكثر رسمية دولياً؟
أكيد الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل مع أسطول الحرية فتحت دوائر دولية رسمية ودوائر قانونية ومواقف حكومات ... يضيف رصيد للزخم الموجود ... نزول الشعوب بالشكل الواسع الذي حصل أمس واليوم .. أتصور أنه مزيد من الضغوط على الكيان أو التطويق له.

 

- ترددت أنباء بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هدد بتنظيم أسطول جديد لكسر الحصار يكون هو على رأسه.. بصرف النظر عن مصداقية ههذهالأنباء لكن هل تتوقعون اتخاذخطوات رسمية بهذا المستوى؟

 
أنا أتصور أن هذا الحدث لن يمر إلا بأثر بالغ الشدة في العلاقات التركية  الإسرائيلية .. وهذا وقتها سيصبح نقطة استراتيجية فاصلة في تاريخ المنطقة عموما وفي نقاط حسابات القوة والضعف لدى الكيان الصهيوني.

- وأخيراً.. بعدد عودتكم سالمين تلقيتم العديد من التهاني والاتصالات أيها كان ألأكثر تأثيراً فيك؟
اتصال رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية