ساحل العاج: فرق الموت تضع الأغلبية المسلمة على مقصلة جباجبو مجددا
6 جمادى الثانية 1431
رضا عبدالودود

ما زال التلاعب والتذرع بأسباب واهية النهج المتحكم بسياسات الرئيس الإيفواري لوران جباجبو للهروب من الاستحقاقات الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية تم تأجيلها للمرة السادسة منذ العام 2005، وكان من المقرر الانتهاء منها مطلع مارس 2010 إلا أن جباجبو أعلن تأجيلها دون موعد محدد ، متهما رئيس اللجنة الانتخابية روبير مامبي الذي ينتمي لحزب معارض بالسعي لإضافة 429 ألف اسم لسجل الناخبين دون التحقق من هوياتهم، لزيادة أعداد ناخبي المعارضة.
ويأتي التأجيل الأخير بلا موعد كسياسة أدمن عليها "جاجبو" من وضع العقبة تلو الأخرى أمام انعقاد الانتخابات بـذرائع مختلفة تارة باضطراب الأوضاع الأمنية وأخرى بضرورة تنقية الجداول الانتخابية لاستبعاد ملايين المسلمين منها بحجة قدوم هؤلاء من بوركينافاسو للعمل في مزارع الكاكاو وعدم تمتعهم بالهوية العاجية، وتارة بنزع سلاح الجيش بالشمال....الخ.

 

وقد أكدت المعارضة أن رئيس الوزراء غيوم سورو لن يشكل حكومة جديدة في الموعد الذي طلبه الرئيس جباجبو في 15 فبراير الماضي؛ لأن تشكيل اللجنة يحتاج إلى موافقة جميع الأطراف، الأمر الذي أكده سورو بأن عملية التشكيل لن ترى النور إلا بعد توافقات يسعى لتحقيقها قبل الإعلان عن الحكومة حتى الآن، والتي ستضطلع بتحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات المؤجلة منذ 2005، ما يثير مخاوف لدى المواطنين من تجدد العنف، خاصة بعد إعلان أحزاب معارضة أنها لم تعد تعترف بجباجبو رئيسا للبلاد.

 

ومع ذلك الهروب وقعت العديد من المواجهات المفتوحة بين المتظاهرين وقوات الأمن ، الذين فتحوا النيران بصورة عشوائية في أبيدجان وعدد من المدن الشمالية التي يتركز فيها المسلمون الذين يمثلون نحو 60% من سكان ساحل العاج ، إلا أن التهميش والقمع هو السياسة الغالبة على تعاطي الحكومة معهم على مدار تاريخهم...

وجاء قرار جباجبو بإقالة الحكومة وحل لجنة الانتخابات ، عقب أقل من شهرين على خطابه الرئاسي في بداية العام الجديد 2010 عبر التليفزيون الوطني : "بالنسبة لنا ولكوت ديفوار، لن يكون 2010 عاما عاديا بل سيكون عام أحداث مهمة جدا ستغير تاريخنا وطريقة حياتنا، وسيكون العام الذي ستجري فيه انتخابات عامة". وذكر الرئيس "إن شعب كوت ديفوار ينتظر هذه الانتخابات من أجل إنهاء وضع سيئ فرضته الحرب الأهلية وتحقيق دورة انتخابية طبيعية وتأسيس نظام عمل منتظم وديمقراطي للمؤسسات". وأضاف "أن شركائنا ينتظرون بالمثل هذه الانتخابات لتكثيف تعاونهم مع كوت ديفوار، لإنهاء أزمة الخلافة" التي عانت منها كوت ديفوار عقب وفاة الرئيس فيليكس هوفونييه بوانيه في عام 1993 وانقلاب عام 1999 وحرب سبتمبر عام 2002".

 

وعلى إثر ذلك، طالب كونان برتان زعيم الشباب في الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مرشح المعارضة هنري كونان بيدييه، الشباب إلى "النزول إلى الشوارع وإحراق إطارات السيارات للتعبير عن غضبهم من القرار".

فيما تمحور الموقف الغربي حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية المؤجلة لتحريك عجلة الاستثمارات في أكبر بلد منتج للكاكاو في العالم، وقد جاء إلغاء زيارة وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير التي كانت مقررة لساحل العاج في يناير الماضي رسالة شديدة اللهجة إزاء رفض جباجبو تحديد موعد نهائي للانتخابات الرئاسية، خاصة وأن جباجبو لم يعد الرجل المناسب لفرنسا الدولة صاحبة النفوذ الواسع في المنطقة، بعد انضوائه للأمريكان والصهاينة..

 

الصراع الفرنسي الصهيوني الأمريكي سبب أزمة المسلمين
وخلف تلك الإشكاليات السياسية تقبع مأساة أكبر ، لا يكاد الإعلام العالمي يتطرق إليها، لكون بطلها أو ضحيتها المسلمون الذين يشكلون أغلبية السكان، حيث يمثل المسلمون 60% من عدد السكان البالغ 20 مليون...
ويستقر غالبية المسلمين في الشمال، ورغم كونهم الأغلبية في البلاد، إلا أنهم لاقوا أبشع صور الاضطهاد الديني والاجتماعي والسياسي، منذ سقوط دولة القائد المسلم ساموري توري، ودخول الاحتلال الفرنسي أواخر القرن التاسع عشر. وبعد استقلال البلاد عام 1960م، اختلفت صور الاضطهاد ، فاقتصرت فترة حكم الرئيس الأول للجمهورية هوفي بوانيه على الحرب الدينية ضد الإسلام الصحيح حيث تعددت عمليات قتل الأئمة والدعاة وحفظة القرآن والمعلمين لفصل المسلمين عن هويتهم، وكان بوانيه عميلاً فرنسيًّا بامتياز، مهمته تأمين مصالح باريس السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وقبل ذلك نشر الكاثوليكية التي تحمل فرنسا رايتها وترعى شئونها.

 

وتنامي الوعي السياسي للعاجيين؛ خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ما أعقبه تحركات شعبية ومظاهرات طلابية، لطلب إقرار الديمقراطية وإجراء انتخابات رئاسية تعددية. وأعلن بوانيه الاستجابة للرغبات الجماهيرية وإجراء انتخابات رئاسية نهاية 1990م، ولكي يواجه المنافسين الأقوى أستاذ التاريخ د. لوران جباجبو رئيس الجبهة الشعبية الإيفوارية ذات التوجهات الاشتراكية، ورئيس البرلمان كونان بيديه؛ قام باستحداث منصب رئيس الحكومة، وعهد به إلى المسلم الشمالي حسن أوطارا الذي كان حينها نائب رئيس صندوق النقد الدولي، وذلك ليضمن أصوات قبيلته الجيولا المسلمة ويكسب تأييد الشمال المسلم.
وبعد فوزه بالانتخابات أعطى بوانيه صلاحيات لرئيس حكومته أوطارا، مكنته من عمل إصلاحات اقتصادية واسعة، واستغل موارد البلاد الطبيعية في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وحازت ساحل العاج 40% من حصة إنتاج الكاكاو بالعالم، وارتفع معدل النمو إلى 6%، فيما بلغ متوسط دخل الفرد سنويًّا نحو 2000 دولار.

 

"الذاتية العاجية" وحماية الكاثوليكية
وبعد وفاة بوانيه سنة 1993م، دعمت فرنسا رئيس البرلمان الكاثوليكي كونان بيديه لتولي رئاسة البلاد، لحين إجراء الانتخابات التي أعلن نفسه مرشحًا لها، ولكي يتجنب الخسارة أمام الزعيم المسلم ورئيس الوزراء حسن أوطارا، ابتدع ما يعرف حاليًّا بـ"الذاتية العاجية"، والتي لا تعطي الحقوق السياسية كاملة، إلا للمواطنين "أنقياء" الجنسية، والهدف هو استبعاد أوطارا من خوض الانتخابات الرئاسية بدعوى أن أمه تحمل جنسية بوركينا فاسو.

 

سلسلة الانقلابات
واستمر حكم بيديه ست سنوات اتسمت بالاضطرابات، تدهورت فيها الأحوال الاقتصادية والاجتماعية خاصة بالشمال المسلم؛ وذلك نتيجة الفساد وتفشي المحسوبية وقمع المعارضة، فجاء الانقلاب الأول نهاية 1999م على يد رئيس أركان الجيش الجنرال روبرت جيه وبدعم شعبي كبير في الشمال والجنوب، ما أجبر بيديه على الهروب إلى باريس التي منحته حق اللجوء السياسي. وقد شهدت البلاد في رئاسية جيه المؤقتة فترة هادئة عسكريًّا وساخنةً سياسيًّا، بما حفلت به من مناورات للتحايل على حقوق مسلمي الشمال في ترشيح حسن أوطارا، باستدعاء بدعة الذاتية العاجية من جديد، وهو ما تم في انتخابات أكتوبر سنة 2000م، والتي شهدت تلاعبًا وتزويرًا فاضحًا، حتى يفوز جيه برئاسة ساحل العاج، ولم يتول الرئاسة بعد الانتخابات سوى يوم واحد، قبل أن يدعو منافسه لوران جباجبو إلى انتفاضة شعبية، وقام بالتنسيق مع قيادات الدرك (الجيش العاجي) والشرطة لدعمه في إسقاط جيه وتنصيبه رئيسًا البلاد؛ وهو ما تم بسرعة ملحوظة مع دعم القوات الفرنسية التي بادر جباجبو لإعلان الولاء لبلادها.

 

جباجبو والتلاعب بمطالب المسلمين
وطالب الزعيم المسلم حسن أوطارا بإعادة الانتخابات التي تمت بعيوب دستورية، إلا أن جباجبو تحايل على الدعوة، ووعد المسلمين بإجراء تعديلات دستورية وإصلاحات اقتصادية، تمكن كافة العاجيين من خوض الانتخابات، وترفع المستوى المعيشي لأهل الشمال. وحظيت وعوده بموافقات مسلمة، لم يستثمرها جباجبو في تحقيق الوحدة الوطنية، ولكنه تحايل للالتفاف عليها، ورفض إلغاء مبدأ الذاتية العاجية، ليستبعد أوطارا من الانتخابات التشريعية، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه حزب التجمع الجمهوري بقيادة أوطارا في الانتخابات البلدية.

 

بل إن جباجبو أمر بتشكيل حكومة جديدة استبعد الشماليين منها، بل تمادى في اضطهاده للمسلمين في سبتمبر سنة 2002م حين سرح أكثر من 800 جندي وصف ضابط من الجيش معظمهم من مسلمي الشمال؛ ما دفع الشماليين لإعلان المقاومة. ونجحوا في زمن قياسي من السيطرة على نصف البلاد، وأهم مدينتين وهما بواكيه وكورجوهو ذات الأغلبية المسلمة، وكانوا على وشك السيطرة على العاصمة ياماساكرو، إلا أن القوات الفرنسية حالت دون ذلك.

 

كتائب الموت والدعم الفرنسي لجباجبو
وقد أعلن قادة الانقلاب تشكيل جبهة سياسية أطلق عليها اسم الجبهة الوطنية لساحل العاج برئاسة جيوم سورو (مسيحي)، وإعلان الضابط (شريف عثمان) قائدًا للجناح العسكري للجبهة. وطالب الشمال المسلم بتعديل الدستور خاصة المادة 35 بشأن هوية المرشحين، وإجراء انتخابات وطنية، يشارك فيها الجميع دون تمييز، مع وضع حد لسيطرة الجنوبيين على شئون البلاد، وتجاهل الأغلبية المسلمة. وواجه جباجبو طلبات الشمال المسلم بمزيد من العنف والتنكيل، وعاونته القوات الفرنسية في ضرب القوات الشمالية، فيما شكل جباجبو ميليشيات عسكرية باسم (كتائب الموت)، من أفراد حرسه الخاص، وأبناء قبيلته (البيتي)، فارتكبت أبشع المذابح في صفوف المسلمين، وحاولت اغتيال الزعيم أوطارا، إلا أن أنصاره استطاعوا تهريبه ليحتمي بإحدى السفارات الغربية، بعد قتل نحو 50 مسلمًا من معاونيه.

 

انقلاب جباجبو على فرنسا بدعم الصهاينة والأمريكان
وتكفلت باريس بإسكات صوت المجتمع الدولي، والحصول على قرار أممي بحفظ السلام في ساحل العاج مع حق التدخل العسكري إذا احتاجت ذلك، فيما تجاهل الإعلام ذبح المسلمين، ولم يهتم بتناول الأزمة العاجية، إلا لإبراز معاناة الجالية الفرنسية، التي بلغت نحو 20 ألف فرنسي؛ نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وقيام طائرة صهيونية بدون طيار بضرب قاعدة فرنسية بالخطأ –كانت تقصد معاقل المسلمين- مما أدى إلى مصرع 9 عسكريين فرنسيين وأمريكي واحد، وإصابة 22 آخرين ، فردت فرنسا بضرب قواعد عسكرية و5 طائرات في مواقع عسكرية..

 

وكان لضغط تلك الجالية الدور الأكبر في تحرك فرنسا لجمع أطراف النزاع على مائدة التفاوض، والاتفاق في مايو 2003م على هدنة عسكرية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يتولى المسلمون فيها رئاسة الوزراء وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، مع إقرار رئاسة جباجبو حتى موعد الانتخابات الرئاسية في 2005م، التي يكون من حق جميع العاجيين خوضها.
ولم يرض أنصار جباجبو بالاتفاقية التي عدوها استسلامًا للشماليين، وتحايل الأخير على تشكيل الحكومة الوطنية، قبل أن يخرق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2004م، حين قامت طائرتان حكوميتان بقصف مواقع القوات الشمالية وموقع تابع للقوات الفرنسية في مدينة بواكيه شمالي البلاد.
وصاحب قصف الموقع الفرنسي مسيرات جماهيرية لطلب طرد القوات الفرنسية، والتنديد بسياسة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، فيما حمل المتظاهرون أعلامًا أمريكيةً وصورًا للرئيس الأمريكي جورج بوش.

 

وزاد من القلق الفرنسي نجاح الكيان الصهيوني في استمالة جباجبو، بعد إمداده بأسلحة عسكرية متقدمة، وايفاد خبراء صهاينة لتدريب قواته وحرسه الرئاسي، لضرب المسلمين في الشمال، فضلاً عن دور جهاز الموساد في تصفية وجهاء المسلمين وزعمائهم، حتى تبقى السيطرة لحلفائهم من الأقلية النصرانية، وللانتقام من مؤيدي حزب الله اللبناني المنتشرين بين الجالية اللبنانية في ساحل العاج، والتي تقدر بنحو 150 ألف شخص.
وكان الرد الفرنسي قويًّا ومباشرًا بقصف وتدمير قوة الجيش الجوية، والكشف عن مقر تنصت تابع للموساد، وطرد 46 خبيرًا صهيونيًّا عسكريًّا، مع رسالة شديدة اللهجة للحكومة الصهيونية بوقف العبث في ساحل العاج.
كما تم التنسيق مع البيت الأبيض لضمان "الحقوق" الفرنسية في ساحل العاج التي تعتبرها باريس قلعة الفرانكوفونية، على أن تؤمن فرنسا حاجة أمريكا الاقتصادية في البلاد، وتراعي مصالحها الحيوية في شرق ووسط إفريقيا.

 

ومهدت الجفوة مع فرنسا الطريق أكثر أمام الانتشار الصهيوني الذي تفشى في باقي المؤسسات من الزراعة إلى التجارة وحتى معاهد التكنولوجيا والأبحاث، ورفض جباجبو المحاولات الدولية للتهدئة، خاصة من دول الجوار التي يعيش قطاع كبير من شعبها على الأموال التي تحولها الأيدي العاملة في زراعة الحقول العاجية أو في صناعات البن والكاكاو، علاوة على تصاعد عمليات التصفية الجسدية بحق المسلمين وعلمائهم.. بل وضعت المخططات التي حرمت مناطق المسلمين مثل بواكيه وكروبو وأجينيه من جميع الخطط التنموية، وبقيت أسيرةً للفقر والتهميش ونهبًا لمؤامرات منـظمات التنصير المنتشرة بكثافة في جميع بقاع البلاد بضوء أخضر من حكومة جباجبو..

 

اتفاق السلام في 2007
وتعددت المؤتمرات والاتفاقيات بين جباجبو وقادة الشمال برعاية دولية وإقليمية، وكان الأخير يتحايل في كل مرة لنقض الاتفاق، وإيثار مصلحته الشخصية ومصالح القبائل النصرانية المهيمنة على السلطة والثروة والمناصب العليا في قوات الجيش والشرطة. ومع تواصل الحرب الأهلية تيقن جباجبو من عجزه عن دحر جيش الشمال، فاستجاب للضغوط الإقليمية بوقف القتال وتوقيع اتفاقية بالعاصمة البوركينية واجادوجو نهاية عام 2007م، والتي تم بموجبها تنصيب جيوم سورو رئيسًا للوزراء، على أن يتم انسحاب المسلحين إلى ثكناتهم، ودمج جنود الشمال والجنوب في جيش وطني، تمهيدًا لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في يونيو عام 2008م. وتحايل جباجبو بكل الطرق لتعطيل الانتخابات، وواصل تشدده في استبعاد ما يقرب من 2 مليون عاجي مسلم من حق التصويت، بعد أن أدرك استحالة الاستجابة لمطالبه السابقة بإلغاء إدراج نحو 6 ملايين مسلم من الاقتراع بحجة أصولهم البوركينية، وذلك في سبيل تغيير المعطيات الحالية التي تؤكد أن الانتخابات القادمة لن تكون في صالحه.

 

وتعددت حجج التأجيل من موعد لآخر، والتي كان أخرها أواسط فبراير الماضي بإقالة حكومة جيوم سورو وحل اللجنة الانتخابية، وكشف وزير الدفاع نهاية الشهر عن حجة جديدة هي طلب نزع السلاح الكامل من جنود الشمال؛ الأمر الذي رفضه الشماليون، وأكدوا التزامهم بالاتفاق السابق الذي يقضي برجوعهم فقط إلى ثكناتهم حتى يتم إجراء الانتخابات قبل دمج من تنطبق عليه شروط التجنيد في الجيش الوطني العاجي.

 

المصالح الدولية وراء استمرار الأوضاع القائمة
ورغم العداء الواضح من جباجبو للمعسكر الفرنسي، الذي وصل لحد تنديده أكثر من مرة بعلاقاتها مع بعض الدول الإفريقية، ورفضه انتشار القوات الفرنسية بدعم أممي للفصل بين القوات الحكومية والشمالية، إلا أن باريس ترفض التحرك بجدية لإقالته، وتفضل الاكتفاء ببعض المصالح، على أن يأتي رئيس شمالي أو زعيم مسلم. كما يضمن التوتر الحالي بقاء القوات الفرنسية بحجة حفظ السلام؛ الأمر الذي تشتد إليه حاجة باريس التي يضطرها التوغل الأمريكي والتحرك الشعبي على إخلاء قواعدها العسكرية يومًا بعد يوم، وكان أخرها استرداد السنغال جميع القواعد التي كانت فرنسا تسيطر عليها في السابق وذلك في 4/4/2010.
فيما يغض المجتمع الدولي البصر عن ممارسات جباجبو؛ لارتباط أجندتها بمصالح الدول الكبرى والممولة، وتكتفي ببيان هزيل كل عدة أشهر لطلب الإسراع في الانتخابات، أو الإشراف على مفاوضات جديدة، يتعمد جباجبو نقضها والتهرب من شروطها.
ويبقى الحال في ساحل العاج على ما هو عليه، جنوب يحكمه الكاثوليك بالحديد والنار، وشمال مسلم مهمش، يرفع راية المقاومة ضد محاولات تنصيره وتغيير هويته الإسلامية، ويطلب حقه الشرعي في إنهاء التمييز الديني ضد أبنائه الذين اضطر غالبيتهم لتغيير أسمائهم كي يتمكنوا من استكمال تعليمهم الجامعي الذي حرموا منه، فيما سيطر على مقاعده الطلاب النصارى من القبائل الموالية لحكام الجنوب..

 

ويبقى الأمل
ورغم تلك الحرب المستمرة لنزع الهوية العاجية عن كل مسلم أصوله شمالية، نجح المسلمون خلال عهد بوانيه من التمدد في المناطق الجنوبية والعمل بالتجارة والصيد والمشاركة في بعض أعمال المرفأين الجنوبيين، وتمكنوا من إنشاء العديد من المدارس الإسلامية، واستعانوا بعلماء من غينيا المجاورة لتدريس العلوم الإسلامية، وارتفعت نسبة المدرسين المسلمين في المدارس بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة (55% في المدارس الابتدائية ـ 50%في المدارس الثانوية ـ 30% من أساتذة الجامعة)، وقرأ المسلمون معاني القرآن على لغة الماندي، وتم تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى لساحل العاج...بجانب قوتهم العسكرية في الجيش وتركزهم في المناطق الشمالية وتفاعل قبيلة الجيولا التي ينتمي لها الحسن أوطارا مع المعارضة النصرانية في الغرب وعملهم لسنوات من أجل وقف الفساد والعنصرية التي يعتمدها نظام جباجبو....ويبقى الدعم العربي والإسلامي ضرورة سياسية لتحريك الغرب للضغط على جباجبو من أجل إطلاق الديمقراطية ووقف الحرب الإقصائية ضد المسلمين في ساحل العاج.....