26 ربيع الثاني 1433

السؤال

السلام عليكم.. ابنتي عمرها 14 سنة، وهي آخر العنقود، ولها 3 أخوات متزوجات، وأخوان اثنان، والمشكلة أن أختها التي تكبرها بخمس سنوات، غير متوافقة معها؛ فكيف أتعامل معها؟، علمًا بأن أسرتنا- ولله الحمد- ملتزمة إسلاميًا.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أختنا الكريمة:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكِ، وشكر الله لك ثقتكِ بإخوانِك في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
فإن مشكلة ابنتك أنها تعيش في مرحلة من أخطر المراحل التي تعاني منها الفتيات؛ ألا وهي مرحلة المراهقة؛ بل إنها في بداية هذه المرحلة الحرجة من حياتها، ومرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية تعيشها الفتاة بين مرحلتي الطفولة والأنوثة، فرغم أنها – 14 عامًا- مازالت طفلة إلا انها لا تريد أن يصفها أحد كائنًا من كان بهذا الوصف (طفلة)، وهي تنظر إلى نفسها على أنها أنثى ناضجة كاملة النمو، وهي ليست في الواقع ليست كذلك.
ومعلوم أن الفتاة في هذه المرحلة تتعرض لجملة من التغيرات الفسيولوجية، التي يصعب على الفتاة استيعابها منفردة؛ دون تقديم المساعدة والدعم النفسي والاجتماعي من أقرب النساء إليها (أمها/ أختها/ أقرب صديقاتها)، وهنا يظهر دور الأم في احتواء ابنتها، وتطمينها، وتقديم المعلومات والاستشارات لها في كل ما يعن لها من أمور وتساؤلات، وربما فسر لنا هذا التحليل سبب علاقتها غير المتوافقة مع أخواتها الثلاث الكبريات، وخاصة الأقرب لها (سنًا) تلك التي تكبرها بخمس سنوات.
ومشكلة الفتاة في هذه المرحلة أنها تبحث عن نفسها، وتعتبر نفسها أنثى ناضجة، وتود أن يعاملها بناءًا على هذا الآخرون، وفي المقدمة منهم أفراد أسرتها، كما أنها تُكونُ في هذه المرحلة ملامح شخصيتها، وتجتهد في البحث عن ذاتها، وتشغلها كثيرًا كرامتها، وما يقوله الناس عنها، وعن جمالها وذكائها، و....إلخ.
ومن عظمة الإسلام أنه تعامل مع هذه المرحلة بمنتهى الفطنة، وقدم منهجًا غاية في الروعة، طالب فيه الأفراد المحيطين بالفتاة، والذين تربطهم بها صلات عائلية وثيقة، أو علاقات تربوية، أن يصبروا عليها، وأن يقدموا لها الدعم النفسي والاجتماعي الممكن لإخراجها من هذه المرحلة بسلام، وها هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضع بعض هذه القواعد بقوله في الحديث الذي يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم) قال، قال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع". حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.
ويمكنني أن ألخص نصيحتي لك في النقاط التالية:-
1- استعيني بالله (عز وجل) على تربية ابنتك؛ وهو أمر يغفله معظم الناس رغم أهميته، فما أحوجنا إلى اللجوء إلى الله، والاستعانة به (سبحانه)، وطلب المعونة منه، وأفضل الأوقات لذلك عقب صلاة ركعتين في جوف الليل، ثم تمدين يديك إليه (سبحانه) وتسألينه أن يصلح لك ابنتك.
2- اجلسي مع بناتك الثلاثة المتزوجات، وخاصة تلك التي تكبرها بخمس سنوات، كلٍ على انفراد، واشرحي لهن المشكلة، وأوضحي لهن أن أختهن الصغرى تمر بمرحلة المراهقة، وكلهن يعرفنها جيدًا فقد مررن بها، ثم اطلبي منهن أن يتعاملن معها بحنان، وأن يقربنها منهن، وأن يساعدنها للعبور بسلام من تلك المرحلة الحرجة.
3- تحملي مسئوليتك كأم عن رعاية ابنتك، واحتوائها، وتطمينها، واستيعابها، والرد على كل أسئلتها وتساؤلاتها التي تدور في رأسها، مما تستحي أن تسأل عنه أحدًا، وتذكري ما رواه ابن عمر (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قال: سمعت رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) يقول: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في ما سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عَلَيْهِ.
وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.