عمالة الأطفال في العراق
6 جمادى الأول 1431
سارة علي

الاحتلال الأمريكي على العراق حقق "إنجازات" كثيرة للمجتمع العراقي؛ إذ لا يوجد مجال في العراق كان متطورا أو يخطو خطوات في طريقه إلى التقدم إلا وقد وصل بعد الاحتلال إلى أسوأ مراحله السلبية , ,فإلى وقت قريب كان العراق خاليا مما تعاني منه الكثير من المجتمعات الأخرى من مظاهر سلبية وغير إنسانية كعمالة الأطفال.

 

وما أن جاء الاحتلال حتى أصاب المجتمع العراقي بسلبيات وكوارث لا تعد ولا تحصى , وزاد على ذلك عمليات الخطف والقتل، ما أنتج شريحة كبيرة من الأيتام والأرامل تقدر بخمسة ملايين شخص ما بين نساء وأطفال، أغلبهم بلا معيل وهذا الأمر دفع الأطفال إلى البحث عن مورد للرزق لكي يسد به رمق الجوع له وعائلته في ظل غياب الضمانات الاجتماعية في بلد قدرت ميزانيته المالية لعام 2009 ما يقارب 76 مليار دولار في ضوء ارتفاع أسعار النفط العالمي، وهذه الميزانية تعادل ميزانيات أربع دول عربية وهي سوريا , الأردن , لبنان , مصر( بلد الثمانين مليون ) بدون مبالغ العجز في حين أن الشعب العراقي فقط 25 مليون شخص ,ورغم ذلك لا تقدم الدولة أي ضمانات حقيقة للأيتام والأرامل , فنتج عن ذلك وجود ظاهرة ما يسمى بعمالة الأطفال , ومعروف مخاطر نزول الأطفال إلى العمل لأن ذلك يترتب عليه تسرب الكثير من الأطفال من الدراسة، وتركهم لها واللجوء إلى العمل، إضافة إلى نسبة كبيرة منهم سوف يتم استغلالهم، بطرق كثيرة، يكون منها ما بين قلة أجور أسوة بمن يعمل أعمالهم وقد تصل درجات الاستغلال أسوأها خاصة بالنسبة للفتيات إلى الاستغلال الجنسي وغير ذلك , إضافة إلى أن هناك انعكاسات خطيرة على نفسية الطفل عندما يجد أقرانه في المدارس يجد من هم في عمره في أماكن أخرى منتجين تحت رعاية أسرة تحميهم وترعاهم، ويجد هو نفسه في الشارع يشتغل ببيع أنابيب الغاز وغيرها من المهن .. حتى إن بعضهم قد انخرط فيما يمكن أن يصنف على كونه من زمرة المتسولين، وكذا العمل في ورشات صناعية هي بعيدة كل البعد عن أحلام الطفولة.

 

وفي تلك المرحلة بالتأكيد هناك انعكاسات نفسية على الطفل نفسه، هناك انعكاسات اجتماعية لدى الأسرة عندما ترى ابنها يعمل في هذه المهن ولم يذهب إلى المدرسة ويواصل تعليمه
المنظمات المهتمة بشؤون الطفولة تبين أن نسبة الأطفال العاملين في العراق ممن هم دون سن ١٤ بأكثر من ١٥ بالمائة، فيما تؤكد منظمات أخرى أن أكثر من ٣٠ بالمائة من العوائل العراقية تعيش في مستوى الفقر, ورغم أن العديد من الدول العربية مثل الجزائر ومصر والعراق والأردن وليبيا والمغرب وتونس والإمارات واليمن قد وافقت على الاتفاقية الدولية لمنع استغلال الأطفال لعام ثلاثة وسبعين والتي حددت الحد الأدنى المقبول من عمل الأطفال، فإن العديد من الدول العربية رفضت المصادقة عليها لأنها تلزمها بأمور أخرى مثل مجانية التعليم وإلزاميته.

 

وتحدد الاتفاقية الدولية سن العمل الأدنى بثمانية عشر عاما للأعمال الخطرة وثلاثة عشر عاما للأعمال الخفيفة، وينخفض سن العمل حسب الاتفاقية في الأعمال الخفيفة إلى اثني عشر عاما في الظروف القاسية.
اليوم في العراق ما يقارب مليون وثلاثمائة ألف طفل يعملون أعمال مختلفة ، وهذا العمل بالنسبة للأطفال كان موجودا، بدأ في ظل الحصار الذي فرض على العراق واستمر إلى حد الآن. وهناك أسباب كالكوارث الطبيعية، الحروب، المرض، العوامل الاجتماعية، لكن العامل الرئيس في تزايد ظاهرة عمالة الأطفال كان هو الاحتلال الأمريكي على العراق وما نتج بعد ذلك من جراء الاحتلال .

 

منظمة اليونيسيف في العراق من جانبها أكدت على أن في بلد كالعراق يصعب العيش فيه ومحفوف بالمخاطر بالنسبة للأطفال بسبب النزاعات والعقوبات التي فرضت عليه، حيث أدى انعدام الأمن منذ حرب عام 2003 إلى تدهور الخدمات الاجتماعية، واستنزاف البلد من الأطباء والمدرسين، وإحداث شرخ في التجمعات المحلية التي كانت تنعم بالسلام. وبسبب أعمال العنف، فقد عشرات الآلاف آباءهم وأمهاتهم وأخوتهم وأخواتهم وغيرهم من أفراد الأسرة ولم يعد بإمكان العديد من الأطفال إكمال دراستهم، حيث إن هناك ما لا يقل عن طفل واحد من بين كل خمسة أطفال في سن التعليم الابتدائي غير قادر على الذهاب إلى المدرسة.

 

اليونيسف ذكرت أن تفشي العنف أجبر حوالي أكثر من أربعة ملايين عراقي على النزوح من مناطق سكناهم الأصلية واللجوء إلى محافظات أكثر أمنا أو الهرب إلى دول الجوار، وأن أعمار نصفهم تقل عن 18 سنة.

 

إن الظروف التي يمر بها العراق أجبرت العديد من الأطفال على ترك الدراسة والعمل في الشوارع والتسول لمساعدة عوائلهم، لتصبح ظاهرة عمالة الأطفال ومشاهدة الطفل يتسول في الشارع من الصور المألوفة في شوارع العراق وبات من الطبيعي لعدد غير قليل من العوائل المعدمة أن تجبر أبناءها على ترك الدراسة والعمل للمساعدة في سد الاحتياجات الأساسية للعائلة حتى أن كانت تلك الأعمال صعبة ومهينة, وهناك نحو سبعين ألف تلميذ متسرب عن مقاعد الدراسة في عموم المحافظات العراقية, في حين تقول منظمة اليونسكو: أن عدد الأطفال البالغين سن الدراسة الابتدائية الذين لا يرتادون المدرسة قد بلغ نحو مليونين.

 

وتقول إحدى المنظمات الإنسانية أن طفلا واحدا من بين كل ثمانية أطفال في العراق يموت قبل بلوغه سن الخامسة نتيجة الأمراض والعنف.
- أطفال الشوارع في العراق فريسة للجوع والاستغلال الجنسي خلال سعيهم لتحصيل لقمة العيش.
- 150 يتيما داخل كل مدرسة من مدراس بغداد
ممثل منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) في العراق (روجر رايت) أكد أن مستقبل البلد يتوقف على الوسيلة التي نلبي بها احتياجات الأطفال الأكثر إلحاحا اليوم. ويضيف "إن أهم أمل يراود كل طفل عراقي هو ببساطة أن يتعلم ويلعب وينشأ بسلام وكرامة.

 

وهنا نتساءل ومعنا الكثيرون هل تصر الولايات المتحدة الامريكية بعد كل ما فعلته وتفعله في العراق أنها جاءت لأجل إنقاذ البلد وتحويله إلى بلد متقدم يقف في مصاف الدول المتقدمة...؟؟؟