العراق بعد سبع سنوات من الظلم والاستهتار الأمريكي والحكومي (1)
16 ربيع الثاني 1431
د. جاسم الشمري
حجة احتلال العراق
 
في مثل هذه الأيام من عام 2003، انطلقت الوحوش الأمريكية تجاه الشعب العراقي الأعزل، في واحدة من مهازل العصر الحديث، والتي ارتكبت من قبل البيت الأبيض الأمريكي، الذي يتبجح ساسته بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحيوان على السواء.
ولا ندري من أين نبدأ؟
 هل نبدأ من الحصار الأمريكي الظالم على شعبنا في تسعينيات القرن الماضي الذي قتل أكثر من مليوني عراقي؟
 أم نبدأ منذ أن أطلقت قوات الإجرام المحتلة نيرانها على المنازل والجامعات ودور العبادة وعلى كل ما يتحرك وسكان في البلاد؟

هي جريمة مخجلة نحاول في هذه الورقات أن نقف على جزء من دمويتها.

 

 

وحاولت أمريكا ومن معها منذ أكثر من سبع سنوات، أن تلفق الأكاذيب تلو الأكاذيب من اجل غزو العراق وتدميره، وبعد سنوات من الاحتلال والقتل والتهجير والتشريد والذبح على الهوية والاعتقالات العشوائية وجدنا من يكشف عن زيف الادعاءات الأمريكية لغزو العراق، وبتاريخ 19 مارس 2010،  أعلنت دار «هنري هولت أند كوز متروبوليتان بوكس» للنشر أن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، وهو محام ودبلوماسي مصري على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقراً لفترة 12 عاماً بدءاً من عام 1997، سيكشف في مذكراته تفاصيل محادثات مع مسؤولين أميركيين سعوا إلى شن الحرب على العراق، والتي كافح بلا طائل لمنعها.

 

 

وأضافت أن البرادعي سيكشف في المذكرات مناقشات منذ ما قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في آذار (مارس) عام 2003، بين مفتشي الأسلحة النووية التابعين للأمم المتحدة وأعضاء كبار في إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن من بينهم ديك تشيني وبول ولفويتز وكوندوليزا رايس وكولين باول.
وكان البرادعي أبلغ مجلس الأمن قبل أسبوعين من الغزو بأنه لم يجد أي أدلة تدعم مزاعم إدارة بوش بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أحيا برامجه لأسلحة الدمار الشامل، وطلب مزيداً من الوقت لإكمال تحقيقاته.

وأبلغ البرادعي المجلس أيضاً أن بعض المعلومات التي قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لدعم مزاعمهما بأن صدام أحيا برامج الأسلحة النووية التي فككها مفتشو الأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي، استندت إلى وثائق زائفة.

 

 

وبعدما عجزت الولايات المتحدة وبريطانيا عن دفع المجلس لتأييد الغزو، تجاهلت الدولتان المخاوف التي أثارها البرادعي وكبير مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة هانس بليكس، ونفذتا الغزو للإطاحة بحكومة صدام حسين.
ولم تمض فترة طويلة قبل أن يتضح أن البرادعي كان على صواب، وأن المعلومات الأميركية والبريطانية عن برامج العراق لأسلحة الدمار الشامل كانت خاطئة.

وأبلغ دبلوماسيون ومسؤولون في الأمم المتحدة يعرفون البرادعي وكالة "رويترز" بأنه يأمل من خلال مذكراته في تسليط بعض الضوء على صراعاته مع إدارة بوش ومحاولته منع الحرب على العراق التي يعتقد أنها كانت فشلاً ذريعاً[1].

 

 

 
ملاحقة بوش قضائياً
 

وبتاريخ 8/2/2009 أكد الخبير في القانون الدولي الدكتور ( السيد مصطفى أحمد أبو الخير ) أن ما جرى في العراق عام 2003، وما قبلها يشكل جرائم دولية، منصوص عليها في المواد من (5 إلى 9) في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، وقال بأنه قد وضح ذلك بالتفصيل في كتابه ( تحالفات العولمة العسكرية والقانون الدولي ) عام 2005، فهو يشكل جريمة عدوان، وقد ارتكبت فيها جرائم حرب موثقة جيدا، خاصة وأن الرئيس الأمريكي الأسبق اعترف بأنه أخطأ؛ كما يشكل جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة.

 

 

وأضاف الدكتور أبو الخير "انه يمكن للعراقيين ملاحقة ومحاكمة الرئيس الأمريكي بوش، ووزير الدفاع، وكل من شارك في الحرب على العراق، والقانون الدولي يعطيهم هذا الحق، باعتبارهم حركات تحرر وطني، اعترف بهم القانون الدولي، وتنطبق عليهم اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م، والبرتوكولين الإضافيين لعام 1977، سواء بإنشاء محكمة وطنية، أو طلب المحكمة الجنائية الدولية، ذلك بعد التصديق على نظامها الأساسي، أو الطلب من مجلس الأمن بإنشاء محكمة دولية على غرار يوغوسلافيا ورواندا، وإذا اصطدم الطلب بالفيتو، يمكن العودة إلى الجمعية العامة، (الاتحاد من أجل السلام)، ليصدر قرارا بإنشاء محكمة دولية، ويمكن للقضاء الوطني العراقي، بعد الاستقلال محاكمتهم، طبقا للمادة (86/1) من البرتوكول الإضافي الأول، لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، والاتفاقية الأولى منها، في المادتين(49/50)"[2].

 

 

 
العملية السياسية باطلة في ظل الاحتلال
 
وأكد الدكتور في القانون الدولي في ذات اللقاء أن "العملية السياسية الحالية في العراق باطلة، لأن العملية السياسية تنتج عن إرادة حرة، ومن نتائج السيادة، والاحتلال يلغي الإرادة الحرة، ولا ينقل السيادة للمحتل، والاحتلال باطل في القانون الدولي، وما يترتب على الباطل فهو باطل، ودرجة بطلان الاحتلال هنا، بطلان مطلق؛ لذلك فالعملية ( السياسية العراقية ) التي تمت تحت الاحتلال باطلة مطلقا، وكل الاتفاقيات التي أبرمت أثناء وجود الاحتلال، باطلة مطلقا، ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك، مهما كانت السلطة التي تمرر ذلك، أو توافق عليه".
وأكد أن" بطلان الاحتلال، بطلان مطلق، والقانون الدولي لا يترتب على الفعل، أو التصرف الباطل بطلانا مطلقا، أي نتائج أو آثار قانونية، بل يعتبره فعلا ماديا مات وانقضى بعد الانتهاء، لذلك كل التصرفات الدولية، التي صدرت من أي ( سلطة عراقية)، أو سلطة احتلال، منذ عام 2003، هي أفعال مادية، وليست تصرفات قانونية تنتج أي آثار قانونية، فهي منعدمة قانونا"[3].
 

 

 

 

 
إحصائية أمريكية: مليون ونصف قتيل مدني عراقي
 
وبتاريخ 14-03-2009 أشارت إحصائية أمريكية إلى سقوط 1,5 مليون ضحية من المدنيين خلال العمليات العسكرية التي قام بها الاحتلال الأمريكي حسب تقديرات المنظمات الإنسانية.
وكان الجنرال تومي فرانكس قائد القوات الأميركية المحتلة السابق في العراق قال ردا على الاتهامات بقتل أعداد كبيرة من المدنيين: "نحن لا نعد الجثث"، وذلك في إشارة إلى ان القوات الأمريكية المحتلة لا تجد ان من واجبها إحصاء الذين تقوم بقتلهم خلال عملياتها.
وقام نشطاء من موقع الانترنت (ويكيليكس) المناهض للسرية بتحميل هذا التقرير غير السري من موقع عسكري على الانترنت يقولون انه علني.
وأغلق الاحتلال الأميركي هذا الموقع الذي كان يستخدمه لاقتسام المعلومات مع حلفاء في أفغانستان بعد ان نشر موقع ويكيليكس عدة وثائق لحلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي.

ويمكن ان يضاف لهم ربع مليون عراقي قضوا خلال العالم الذي يلي تاريخ الإحصائية ليكون بذلك عدد الذين قضوا من العراقيين منذ احتلال قد يصل إلى مليون وسبعمائة وخمسين ألفاً[4].

 

 

 
السجون والتعذيب والاغتصاب
 
أكدت ممثلة اتحاد الأسري والسجناء السياسيين العراقيين المحامية سحر الياسري قالت بتاريخ 5/1/2008، أن عدد المعتقلات والسجون في كافة محافظات العراق يبلغ (36) سجنا - عدا أبو غريب - الذي يعد الأرحم بين السجون رغم فضائحه الفظيعة، وقالت في حوار على هامش مؤتمر نظمته اللجنة العالمية لمناهضة العزل بالتعاون مع جامعة بروكسيل الحرة بعنوان "إرهاب الحرب الأمريكية على الإرهاب" أن عدد السجناء العراقيين يصل إلى (400) ألف سجين منهم(6500)، حدث و (10) آلاف امرأة، تم اغتصاب 95% منهم.
وأن (95)% من هؤلاء السجناء تم اغتصابهم، نظرا لأهمية الشرف عند العرب والمسلمين، وأن 5% هددوا بالاغتصاب وخاصة النساء المحسوبات على التيارات الإسلامية[5].

وأكدت أن الاغتصاب سياسة أمريكية منهجية في التعذيب ولم يسلم منه حدث، أو امرأة، أو رجل، ولعل الرأي العام مشدود لما يجري في سجن أبو غريب ولكني أقول أن الصور التي خرجت إلي العلن عن فضائح وانتهاكات أبو غريب فضحت الطابق لكنها لم تظهر كل الحقيقة في السجون الأخرى وربما كان سجن أبو غريب أرحم من بقية السجون الأخرى.

 

 

وفي 2 ديسمبر 2002، وافق دونالد رامسفيلد وزير الدفاع على استخدام 16 وسيلة للاستجواب في خليج غوانتانامو، منها "الأوضاع المجهدة"، وتغطية الرأس، والعزل، والتجريد من الثياب، والحرمان من الضوء، ومصادرة الرموز الدينية، والهندام قسراً (حلاقة شعر الوجه)، واستخدام الكلاب. وفي 15 يناير 2003، وعلى إثر انتقادات وجهها المستشار العام بالبحرية الأمريكية ألغي رامسفيلد التوجيهات الصادرة في 2 ديسمبر، قائلاً إن الأساليب الأكثر قسوة من بينها لن تُستخدم إلا بموافقته. ثم شكل رامسفيلد مجموعة عمل لدراسة طرق الاستجواب التي ينبغي السماح باستخدامها مع سجناء غوانتانامو، فتمخضت هذه الدراسة عن إعلان رامسفيلد، في 16 إبريل، عن مذكرة تحدد الأساليب التي يقتصر استخدامها على استجواب "المقاتلين غير الشرعيين" المحتجزين في غوانتانامو. ولم يعد يُسمح بعد ذلك باستخدام أوضاع الإجهاد والتجريد من الثياب والكلاب.

وقد "هاجرت" تلك الأساليب التي يمكن إتباعها في الاستجواب - حد تعبير تقرير شليزنغر - إلي العراق وأفغانستان ليطبقها المسئولون الأمريكيون بصورة دورية على المعتقلين. وبعد الكشف عن صور سجن أبو غريب في إبريل 2004، أنكرت إدارة بوش المسئولية، وفي آخر الأمر تم تغيير مذكرة وزارة الدفاع المؤرخة في 1 أغسطس 2002، والتي كانت تُعتبر بمثابة المنطق القانوني لأساليب الاستجواب المسموح بها[6].

 

 

 
فضائح السجون في زمن الديمقراطية
 
وبتاريخ 31/5/2009 كشفت مصادر صحافية بريطانية عن وجود صور لسجن "أبو غريب" تثبت وقوع انتهاكات جنسية وعمليات اغتصاب في السجن رغم نفي البيت الأبيض لها.
وقالت صحيفة صنداي تلجراف: إن الصور تُظهر بشكل واضح قيام جندي أمريكي باغتصاب سجينة عراقية، في حين يقوم مترجم باغتصاب سجين، من ضمن انتهاكات الاحتلال بالعراق.
وبعد رفضه الاستجابة لطلب الحصول على تعليق بشأن الصور، عاد متحدث باسم البيت الأبيض في نهاية المطاف ليتهم الصحيفة بسوء تفسير الصور المذكورة.
وأكد اللواء أنتونيو تاغوبا الذي كان يقود فريق التحقيق في فضائح سجن "أبو غريب" وتقاعد من جيش الاحتلال الأميركي في يناير 2007 أن تقرير الصحيفة بشأن الصور تقرير دقيق، حيث كتب تاغوبا تقريرًا في موقع "سالون" على شبكة الإنترنت انتقد فيه ما كان يجري في السجن المذكور.

وأبلغ اللواء الأمريكي صحيفة ديلي تلجراف أن تلك الصور تظهر "التعذيب وسوء المعاملة والاغتصاب وعدم الاحتشام"، وأضاف بالقول: إنه لا ينبغي لتلك الصور أن تنشر على الملأ.

 

 

كما أكد صدقية الصور التي تحدثت عنها الصحيفة الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان المحامي سكوت هورتون الجمعة الماضية في تقرير له بموقع "ديلي بيست" على الشبكة، وقال: إنه حصل على تأكيدات دقيقة من مصادر مطلعة موثوقة، بمن فيهم شخصية عسكرية رفيعة المستوى أعطت مزيدًا من التفاصيل بشأن الصور.
من جانبها دعت منظمة هيومن رايتس ووتش في نيويورك إلى إجراء تحقيق في دعاوى الاغتصاب والاعتداءات الجنسية.

وسجن "أبو غريب" وانتهاكاته أكد بما لا يقبل الشك ضحالة وإجرام الجندي الأمريكي[7].

 

 

 
أطفال العراق في المعتقلات الأمريكية
 

وبخصوص الأطفال الذي انتهكت براءتهم على يد قوات "التحرير" الغازية، قالت ممثلة اتحاد الأسرى والسجناء السياسيين العراقيين المحامية سحر الياسري" هؤلاء الأطفال يعانون من تعذيب واغتصاب وتجويع وعدم شرعية الاعتقال الذي طالهم فهم لا يعرفون لماذا اعتقلوا؟ فاعتقالاتهم العشوائية تستند على توجيهات الحكومة وأحزابها الطائفية المنتشرة في عموم محافظات القطر وبدون أي مسوغ قانوني، أو أي ضمانات قانونية تكفل للمعتقل حق الدفاع عن نفسه والتمتع بحقوقه التي ضمنتها التشريعات القانونية العراقية والدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وبدون عرضهم على المحاكم المختصة، وكثير منهم لم يعرض على قاضي منذ شهور، في تجاوز خطير لحقوق الإنسان وبالذات الأطفال والأحداث ونؤكد أن هذه الاعتقالات التي تجري الآن وفي السابق لا تستند على أي نص قانوني وإنما هي برغبة وقرار قوات الاحتلال والحكومة العميلة ورؤساء الكتل السياسية"[8].

 

 

 
أكثر من مليوني معاق
 
وبتاريخ  24 /1/2010، قالت وزارة الصحة في العراق أنها لا تملك أرقاما محددة، لكنها تقدر أن عدد المصابين بإعاقات جسدية وذهنية يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين.
وتعتبر جماعة "ميرسي كور" وتتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أن تقدير عدد المعاقين بمليونين فقط متحفظ. وقالت إن تعدادا للسكان عام 1977 سجل أن نسبة المعاقين حينذاك بلغت تسعة في المائة من سكان العراق الذين كانوا (12) مليون نسمة آنذاك أو نحو مليون.

وتقدر الحكومة عدد السكان الآن بنحو (30) مليون نسمة.

 

 

وقالت تيانا توزر المتحدثة باسم جماعة ميرسي كور "إذا وضعنا في الاعتبار أن العراق في حرب منذ عام 1977. حرب إيران والعراق والقصف الأميركي والعقوبات كلها ساهمت في إعاقة المزيد من الناس(2.7) مليون، أو عشرة في المائة من السكان تقدير متحفظ."
وأشارت إلى أن ربع الأشخاص الذين يحتاجون إلى أطراف صناعية فقط هم الذين يحصلون عليها؛ لأن المواد الخام غير متوفرة.
وتعطي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمعاقين نحو (50) ألف دينار عراقي (40 دولارا) شهريا؟!!، بينما تؤكد الوقائع ان الحكومة لا تدفع أي شيء للغالبية العظمى من هذه الطبقة المعدومة من العراقيين[9].

 

وللحديث عن الظلم والاستهتار الأمريكي والحكومي في العراق بقية




[3]نفس المصدر