التغريبيون السعوديون والوطنية الغائبة
14 ربيع الثاني 1431
منذر الأسعد

لضرورة المناقشة بأقصى ما يمكن من الموضوعية، سوف نقرأ حقيقة التيار التغريبي "اللبرالي" في السعودية، من خلال ممارسته الفعلية في الإعلام، بناء على جملة افتراضات جدلية  خيالية وغير واقعية البتة، وذلك ليتبين للقارئ الكريم حجم الجناية التي يقترفها التغريبيون السعوديون في حق بلدهم ومجتمعهم. وليكن الحكم من الجمهور العزيز عليهم أو لهم بحسب شعاراتهم ذاتها!! وذلكم منتهى التسامح الأبعد من التصور.

 

سوف نتغاضى عن أن الشعب السعودي ينتمي إلى الإسلام الحنيف بنسبة100%من السكان.
وسنتناسى أن هذه البقعة الجغرافية تضم أقدس مكانين على وجه الأرض: بيت الله الحرام والمسجد النبوي، وأنها كانت مهبط الوحي لرسالة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومنطلقاً لنور الإسلام إلى العالَمين.

 

بل إننا سوف نغض الطرف عن العقد الاجتماعي المُجْمَعِ عليه بين السعوديين حكاماً ومحكومين منذ ثلاثة قرون حتى الآن،وهو التزام الكتاب العزيز والسنة الشريفة مرجعية وحيدة في شؤون البلد والمجتمع كلها وفقاً لتطبيق السلف الصالح في القرون الهجرية الثلاثة المفضلة.

 

لو اعتبرنا أن القوم يعيشون في مجتمع يدين 51%من أهله فقط بالإسلام-بل حتى بغيره!!-، فهل يكون من حقهم التطاول على "رجال الدين" لتلك الشريحة من مواطنيهم، ناهيكم عن الافتراء عليهم وتشويه صورتهم، بل حتى ازدراء مقدسات نحو نصف شعبهم؟

 

وإذا كانت اللبرالية لا تقيم للدين -أيّ دين- أدنى احترام، فهل يكون المرء لبرالياً فعلاً إذا تخصص في السخرية من دين محدد دون سواه؟ فكيف إذا كان ذلك الدين هو دين غالبية المجتمع؟ أما عندما يكون الدين المستهدف دين المجتمع كله فإن الصورة تغدو شديدة القبح!!
فكيف -للمرة الثالثة- إذا كان اللبرالي نفسه يزعم أنه ينتمي إلى الدين الذي يشكك فيه، ويسفّه ثوابته ويحط من شأن رموزه؟

 

تلك هي الأسس التي تنزلنا إليها لمعرفة مدى الإسفاف الذي انحدر إليه أدعياء اللبرالية في المملكة العربية السعودية، من دون أن ننسى نفاق القوم إذ يتشدقون بشعارات حرية التعبير والتفكير -وهي واقعياً: حرية سوء الأدب مع الدين وأهله فحسب-، في حين أنهم يحظرون في كل وسيلة إعلامية يسيطرون عليها أي حضور لقلم لا يشاركهم المرتع الآسن نفسه!!

 

ويضيفون إلى جميع تلك الموبقات انعدام الضمير وغياب الحد الأدنى من احترام المهنة الإعلامية، حتى إن بعض وسائل الإعلام الغربية الرصينة  تنصف الإسلام والمسلمين بعامة والسعوديين بخاصة، إنصافاً لا يجد طريقه إلى الوسائل التي يحتكرها المتشدقون باللبرالية وشرف المهنة وأمانة الكلمة.

 

واللبرالية في منشئها الغربي -وهي شر محض لكنها أشد شراً في النسخة الببغاوية المقلدة- لكنها  لا تعني انعدام الحس الوطني، بل إن القوى السياسية المتصارعة هناك، تقف صفاً واحداً في القضايا ذات الطابع الوطني العابر للأحزاب والأفكار والجماعات!!

 

وبما أن المجال لا يتسع لحشد شواهد كثيرة، ولأن الشواهد كثيرة وجلية حتى باتت معلومة لكل الناس، فسوف نكتفي بأمثلة معدودة على سقوط هؤلاء بمعاييرهم المنحرفة نفسها.

 

فلنتوقف عند الحملة الظالمة التي شنتها الأقلام المسمومة على الشيخ يوسف الأحمد، لمجرد أنه عرض اجتهاده في قضية شرعية تتصل بتنظيم الطواف في المسجد الحرام!! فهاج هياجهم وتطاولوا على الرجل، ثم حرّفوا أقواله برغم أنها مسجلة بالصوت والصورة.

 

ولو كانوا أمناء مع دعايتهم وهرائهم لتركوا أمراً كهذا لتبت فيه هيئة كبار العلماء هنا!!
فحَمَلَة الأقلام المريبة ليسوا علماء ولا فقهاء، وليس من حقهم علمياً -في أي علم- أن يعارضوا آراء المختصين!! ولا سيما أن القوم دأبوا على التظاهر الزائف بتوقير هيئة كبار العلماء وسماحة المفتي فلماذا اقتحموا ميداناً ليس لهم فيه ناقة ولا بعير بل ولا قلامة ظُفْرٍ؟

 

وما أثار سعارهم حقيقةً هو رائحة عدم الاختلاط بين الرجال والنساء التي فاحت من رأي الشيخ الأحمد، ولو كانوا رجالاً لديهم ذرة يتيمة من صدق أبي سفيان قبل إسلامه لصدعوا بما أغاظهم، لكنهم أقاموا مأتماً وعويلاً مفترين على الرجل أنه يدعو إلى هدم الكعبة!!!!

 

ولو كانت شعاراتهم أكثر من ستار لطعن الإسلام، لاعتبروا أنه من حق الشيخ أن يجهر برأيه مهما كان!! لكن هذه الحرية تخصهم وحدهم وكل من يجترئ على دين الله عز وجل،مثل شريكهم يحيى الأمير الذي تواقح علانية في قناة عمتهم أمريكا على حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!!

 

بل إن تلك القلوب العليلة لم تجد غضاضة في الدعوة المارقة التي تولى كِبْرَها أحد رؤوس الضلالة في المشرق القمني وهي إقامة دار عبادة في سيناء متعددة الأديان لمنع المسلمين في مصر من توقير البيت الحرام في مكة والحج إليه!!

 

وقبل مدة غير بعيدة وقع عدوان رافضي (حوثي)على الأراضي السعودية بلباس زيدي مكذوب،فاضطرت القوات المسلحة السعودية إلى تطهير الأرض السعودية من رجس  المتسللين،فخرست الألسن  وخنست الأقلام اللبرالية، وشاركها في دور الشيطان الأخرس رموز الشيعة في البلد،ولم توجه أقلام التغريب كلمة واحدة ضد هذا الموقف المخزي من أناس يحملون جنسية الوطن لكن ولاءهم الفعلي يصب في خارج الحدود لدى أعدائه والحاقدين عليه.

 

وعندما انتقد الشيخ محمد العريفي البغضاء الرافضية ممثلة برأسها الإيراني في النجف،ثار الرافضة وتظاهر اللبراليون بالصمم والبكم.
نحن لم نناقش القوم في أفكارهم ولم نحاكم هراءهم إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بل حاكمناهم بمقاييسهم المختلة فإذا هم راسبون فيها!! فهل بعد هذا السقوط من سقوط؟!