النهج الطائفي لبرلمانيين عراقيين قادمين
6 ربيع الثاني 1431
أحمد علي

ما إن تم احتلال العراق حتى تداعى الأكلة عليه من كل حدب وصوب، وشرع ينهش العراق ولحمه حتى من هم يحملون الجنسية العراقية فيما إنهم لا يمتون للعراق بأي ولاء أو انتماء، بل جاؤوا بالطائفية ستارا وغطاءا لتمزيق وحدة العراق وشعبه.

 

ومن بين الذين دخلوا العراق بعد الاحتلال الأمريكي، برز اسم أياد جمال الدين، الذي جاء إلى البلاد بعد أن قضى أربعة عشر سنة في إيران يعد جيداً لتلك المرحلة، حيث درس في حوزة قم الفارسية، وما إن تأهل ورضي عنه آياتها، اختاروه ليكون موجها روحيا لشيعة البحرين، ليسعى جاهدا لفصلهم عن مواطنتهم ومحيطهم العربي تكريسا للحلم الفارسي القديم بإنشاء الدولة الشيعية العظمى وعاصمتها إيران.
وبعد 2003 عاد للعراق وظهر أياد جمال الدين بعد الاحتلال مباشرة في 2003 على إحدى الفضائيات التي تدعي أنها عربية !!، ومن قبل لم يكن معروفا إلا على أنه طبيب بيطري غير ناجح،

 

هرب من العراق ثم عاد بعد الاحتلال ويومها تكلم عن صحابة رسول الله صلوات الله عليه ورضوانه على صحابته الكرام، وتفوه بكلام بذئ على سيدنا معاوية رضي الله عنه، وردد مقولة المظلومية في العراق بالترويج بأن الشيعة في العراق يمثلون الأغلبية ومع ذلك فهم "فئة مظلومة" منذ ألف وأربعمائة سنة والى اليوم!! وهذا كلام يردده كثير من الطائفيين في العراق برغم كونهم أمسكوا بزمام الحكم بالعراق لسبع سنوات، ومع ذلك لم ينقطع ترداد تلك الادعاءات.

 

ووفقاً لأياد نفسه، فقد قدم هو وعبد المجيد الخوئي بطائرة من البحرين ثم وصلوا إلى الناصرية ثم تسللوا مع مجموعة من السي أي أيه إلى بيت السيستاني يوم 5 إبريل 2003 وقرعوا الباب ولم يجدوا السيستاني فقال الخوئي ( هاي وكتها تهرب من البيت مو أتفقننا معك .. وين رحت) هذا كلام أياد جمال الدين لصحيفة واشنطن بوست عام 2004 ، ثم قتل عبد المجيد الخوئي، وسرقت أمواله ولم يمس أياد سوء، وتقول مصادر عراقية أنه بعد مقتل الخوئي شارك أياد جمال الدين بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق بمزارع الشاي بدلا من الخوئي، ويشيع أن بريمر قد أصر على أن يجاوره أياد في قصره ببغداد، حيث سكن الأخير بقصر عزت الدوري على نهر دجلة ببغداد، وكان طبيعياً والحال هكذا، أن يفوز أياد بأحد مقاعد البرلمان عام 2005 ليمارس دورا أكبر في الحياة السياسية في عراق ما بعد الاحتلال، وكان دوره واضحا في كتابة وتمرير دستور المحاصصة الطائفية، وكان له اعترضه المعروف على كل من تردد من البرلمانيين في توقيع اتفاقية العار الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من أشد المدافعين عن الوجود الأمريكي في العراق كوجود (حضاري- ديمقراطي) – كما يزعمون - لا يمكن للشعب العراقي أن يعيش بدونه!!

 

 

ولكي نلحظ رؤية الرجل حيال عدد من الثوابت والشخصيات الإسلامية، يمكننا أن نقرأ عباراته التالية التي صرح بها في مقابلة مع قناة العربية في 13/12/2007 حين قال: (إن ما يميز الشيعة عن كل السنة هو رفضهم حكومة أبي بكر لأنه غير معصوم وأخذ صلاحيات معصوم)، وفي ذات المقابلة يقول: (القرآن الكريم مختطف بيد الدولة الإسلامية، لان الدولة هي التي تقوم بالتفسير.. والإسلام مختطف بيد الدولة منذ زمن معاوية وحتى صدام).

 

ثم عاد ليقول في مقابلة على قناة (البغدادية) في 2007: [ نحن في العراق لا نعلم ما هو تعريف الحرية، ولا نعرف كيف نتعامل مع مفهوم الحرية، نحن مثل عصفور صغير ولد في قفص، وأبوه وأمه ولدوا أيضا في هذا القفص، وكذلك أجداده من قبله ولأكثر من 1400 سنة. الآن جاءت الولايات المتحدة وكسرت هذا القفص، لكن ذلك العصفور ليس لديه القابلية على التحليق عالياً لأنه لم يتعلم كيف يستخدم أجنحته.
(ولا شك أن التصريح المجحف يتناول ليس فقط خلفاء المسلمين وحدهم عند السنة بل حتى الإمام الأول لدى الشيعة وهو الخليفة الرابع علي بن أبي طالب الذي يدعي أياد أنه "يتشيع" له؛ فيما يجافيه بهذه العبارة المسيئة).

 

لكن مرحلة الطائفية الفجة في العراق قد ذهبت لتحل محلها الطائفية المستترة، وكان متحتماً على كثيرين سلوك طرق أخرى، ولذا نرى أن أياد ضمن آخرين قد اختار لنفسه في انتخابات برلمان 2010، الانخراط ضمن كتلة أحرار، والعجيب أن أياد أتقن في الآونة الأخيرة لعب دور نقد إيران استجلاباً لرضا العراقيين، وبدأ في توجيه اتهامات شديدة لطهران دون خوف عاقبة ذلك، حتى مطالبته بعلمانية الدولة العراقية لم يخش معها غضب المرجعيات التي يستقي "شرعيته" من احتضانها له، واستعمل تعابير عراقية عامية كقوله (اللي يوكف بوجه إيران يحركون أبو أبوه) بما جعل خطابه أكثر قربا من العاطفة العراقية التي تحب رؤية الصريح والجريء، وتصور البعض أن أياد ضد الطائفية وضد إيران لأنه أدر ك أن هذا هو المدخل لإرضاء الشعب العراقي الذي سئم الطائفية والتدخل الإيراني ببلده، لكن الحقيقة يكشفها ـ إلى غير ما تقدم ـ استدعاؤه من قبل (جمعية هنري جاكسون لنشر الديمقراطية) في نهاية 2009 لإلقاء محاضرة عن دوره وتجربته في العراق، وهي جمعية بريطانية – أمريكية بدوافع صهيونية تمهد لـ"سياسة اللاعنف" مع المحتل لأرضنا ، وما يزيد من أهمية هذا الرجل للمحتل الأمريكي أن القائم على حملته الانتخابية في العراق هو من كان مدير الحملة الدعائية الانتخابية للرئيس الأمريكي اوباما، ولنا بعد ذلك أن نتخيل دور هذا الرجل الذي هو بلا محالة سيدخل ما يسمى البرلمان العراقي ليكمل ما بدأه، وما خطط له من أدوار، وما يجب أن يقوم به في الساحة العرقية بزعامته لقائمة أحرار ولا نعرف أهم أحرار من القرار الأمريكي أم الإيراني أم أحرار من كل ما يمت للعراق، وأهل العراق؟!

 

ثمة طائفي آخر، يجسد مشهداً آخر من اللعبة السياسية في العراقية، هو بهاء الأعرجي الذي تقول المصادر العراقية أنه كان "يستجدي الدعاوى أمام المحاكم العراقية لكونه محامي طارئ على مهنة المحاماة في العراق"، ثم هرب إلى ايرلندا ليعود مع المحتل إلى العراق وبجواز سفر ايرلندي، ويثير زوابع طائفية في العراق ويتكلم عن الفئة المظلومة التي لا يحق لها أن يتكلم باسمها، وربما كان أحد أسباب وجود الظلم في العراق، بعدما أصبح رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، وصار يدير عدة شركات وبأسماء متعددة، بعضها موجود في المنطقة الخضراء، بل إن دفاعه المستميت عن "الفئة المظلومة" في العراق سهل له شراء منزل فخم في منطقة كنسنغ تاون مقابل حديقة الهايد بارك المشهورة في وسط لندن القريبة من وست منستر ومن بناية البرلمان الانكليزي بمبلغ 1.3 مليون دولار كما يقول منتقدوه.

 

وهذا الصدري ظهر مؤخرا على قناة البغدادية متهجماً على شاشة تلك الفضائية ، على الصحابي الجليل الخليفة الراشد "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه. وقال :إن (الغالبية في العراق، والمذهب الذي يأخذ القاعدة أو الأغلبية في العراق كانت عليه المؤامرة منذ يوم أبو بكر لحين حزب أحمد حسن البكر).

 

والواقع أن هذين النموذجين ما هما إلى قطاع من شريحة من هؤلاء الذين يسيطرون على القطاع الأوسط من الساحة السياسية العراقية في وجود آخرين يقومون بأدوار أشد وطأة، في التمكين لدولتي الاحتلال الأمريكي والإيراني، وهم يستترون بدعوى كاذبة عن غالبية يمثلونها بخلاف الواقع الإحصائي المعروف منذ نهاية الدولة العثمانية وليومنا هذا، و هو كالتالي :
أولا: الإحصاء الذي نقله الكاتب اليهودي إسحاق النقاش في كتابه "شيعة العراق" ص 69، عن سليم درنجيل في كتابه the struggle against shiism، أن نسبة الشيعة في أواخر زمن الدولة العثمانية هو 40% والسنة 60%.

 

ثانيا: الرحالة والمؤرخ البحراني النبهاني في كتابه "التحفة النبهانية" ص 196، سنة 1913م عدّ السنة 1.200.000 وعدد الشيعة 1.000.000.

ثالثا: إن أول إحصاء سكاني تم في سنة 1947م وهو أول أحصاء حقيقي وليس تقديريا، خرج بالنسب التالية: السنة 51 %، الشيعة 45%، الأقليات 4%.

رابعا: إحصاء سنة 1957م وهو أحصاء حقيقي كانت نسبة السنة 54%، ونسبة الشيعة 42%، ونسب الأقليات 4%.
خامسا: إحصاء سنة 1965م: السنة 54.5%، 41.5 %الشيعة ، 4% الأقليات.

سادسا: إحصاء سنة 1977م: السنة 57%، الشيعة 39%، الأقليات 4%.

سابعا: إحصاء سنة 1997م: السنة 56.5%، الشيعة 39.5%، الأقليات 4%.([2]).

فمن هم الأغلبية ومن هم الأقل من الأغلبية ؟؟؟
وعند عرضنا لهذه النسب لا نريد من ذلك زيادة للنعرات الطائفية في العراق أو إشعالها ولكن تبيان حقيقة واضحة أن الطائفيين المتواجدين في العراق اليوم وللأسف لهم سلطة ونفوذ يجاهرون بالطائفية ويسبون أصحاب رسول الله بغية الوصول إلى مقاعد البرلمان وزيادة نفوذهم بالعراق ولذا تتطاول ألسنتهم بين الحين والآخر بسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد أصبحت حقيقة طائفيتهم ومعاداتهم لثوابت الأمة واضحة للعراقيين وغيرهم لأن أفعال هؤلاء دلت عليهم فسبع سنوات من تجربتهم في العراق عمقت الانطباع السلبي عنهم كجهات مصادمة للقيم التي عرفها العراق منذ فتحه، وإن جرى كل بغطاء ولباس إسلامي .