1 رمضان 1431

السؤال

كيف أتعامل مع زوجي العصبي والحاد المزاج الذي يتذمر من كل شيء. لا أشعر معه بالسعادة فهو لا يتعامل معي بحنان، لا أسمع منه الكلمات الطيبة. يقول إني أفسدت عليه حياته ولا أجيد تحمل مسؤولية المنزل مع أني أعمل ما في وسعي لكنه يريد الكمال.
أساعده في المصروف؛ فراتبي يتحكم فيه كيف شاء كل هذا ولا أسمع منه كلمة ثناء ولا نظرات إعجاب ولا كلمات حب. حتى أصبحت أفكر في الطلاق؟!

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة، أنت في حالة حيرة واستفهام، كيف تتعاملي مع زوجك الذي كما وصفته بنفسك عصبي، وحاد المزاج، ويتذمر من كل شيء..
قبل أن تسألي عن الأسلوب في التعامل مع زوجك بهذه الصفات التي تكرهينها، لماذا لم تسألي عن أسباب عصبيته وحدة مزاجه؟ لماذا لم تسألي عن الأشياء التي تسعده؟ لماذا لم تسألي نفسك عن الأشياء التي يكرهها فيك ويرفضها في طباعك؟ لماذا لم تسألي ماذا يسعده وماذا يكرهه؟لماذا يتهمك بأنك أفسدت عليه حياته؟ وبأنك مقصرة في تحمل مسؤوليات إدارة شؤون بيتك؟ ولماذا لا يشعرك بحنانه ويثني على تصرفاتك ولا يشعرك بحبه لك؟
لا يمكن أن يتصرف زوج مع زوجته بقساوة وشدة ونفور بدون وجود أسباب لذلك، لأنه لم يخترها ويقدمها على سائر النساء إلا لأنه قد أعجب بها وأحبها، فارتبط بها عقلا وقلبا، وزوجك قد اختارك أنت ولم يختر غيرك، إلا أن لديه طباعه الخاصة والتي عجزت أن تتعودي عليها، أو أن تتفهمي أسبابها، وهنا لا أتهمك بالتقصير ولا بسوء المعاملة، بقدر ما أوجه انتباهك لتبحثي بداخلك وبداخل زوجك عن الأشياء الجميلة التي تقربكما من بعضكما، لتكتشفا معا الصفات الحميدة في كلاكما، فتحبانها ولأجلها تغضان الطرف عما سواها من الصفات السلبية.
ولهذا أوجه اهتمامك وعنايتك بما هو أهم لحياتك الزوجية ولاستمرارها، فتخلصي أولا من تفكيرك السلبي في الطلاق، والتذمر المستمر من طباع زوجك وتصرفاته، وركزي على الحفاظ على بيتك وأسرتك وزوجك.
أنصحك بأن ترتقي بفكرك وبأسلوبك وبإحساسك لمستوى أعمق وأعظم في حوارك ونقاشك، لا تغضبي لغضبه، ولا يعلو صوتك لارتفاع صوته، بل كوني دائما الوجه المشرق الذي يقابل الغروب ويتحداه، وقاومي قسوته وشدته وحدة مزاجه بسلاح الذكاء فالرجل يحب الزوجة الحكيمة والذكية التي تقدر أن تفهم كل ما يصدر عنه، وتبرر له ولو ما لديه مبررا يقدمه لها، فتصمت لصمته، وتنصت لكلامه، وتهدئ من ثورته وجموحه، عندا استعداد دائم للعطاء..
وعليه اسعي حاليا لتتقربي من زوجك بفهم طباعه، باستيعاب مشاكله، بتبرير تصرفاته وردات أفعاله، فلا تربطي بين ما يصدر عنه وبين حبه لك، واحترامه لشخصك،..
حاولي أن تجلسي معه فترات طويلة حتى وأنت صامتة، تعودي على وجوده ووجودك معه في كل اللحظات، لتتعودي على حياته وأسلوبه وطباعه المختلفة.
زوجك يحتاج منك أن تنصتي إليه بوعي وذكاء وإدراك تام لمحيطه ولعالمه ولتاريخه الذي بدأ قبل وجودك، فصنع له جذورا قبل أن تظهري بحياته..
واستخدمي معه قدراتك وإمكانياتك كأنثى جميلة في روحها وفي مشاعرها، وفي تصرفاتها، فتنجحي في امتلاك قلبه، بإرضائه وطاعته في غير معصية، وبإسعاده بالانسجام مع اختياراته وتلبية رغباته الطبيعية بقدر وسعك وطاقتك، حينها ستجدي زوجك يتغير في تصرفاته وردات أفعاله.
نصيحتي لك أن تختاري مع زوجك أقصر طريق إلى قلبه وعقله، بأن تحافظي دائما على حسن مظهرك ملازما لحسن جوهرك، وليكن هو سلاحك لترطيب قلبه وتليين مزاجه، وتهدئة عصبيته، وتأكدي بأن زوجك كيفما تكون قسوته وشدته، فمعاشرته لك ستتغير وتتحسن للأفضل، إذا ما اتخذت حسن الخلق منهجًا للتعامل معه، والقائم بالأساس على الاحترام المتبادل. لأنه المصباح الذي يشعُّ داخل البيوت الزوجية فيملأها بأنواره وضياءه. لأن الزوج يسعده أن يشعر بحب زوجته من خلال احترامها لوجوده ولشخصه ولكلمته، ومن خلال افتخارها بمنزلته وباختيارها له، وهذا سيدعوه حتما لاحترامك وإظهار إعجابه بك وثنائه عليك.
أنت تشعرين بأن زوجك لا يهتم بك ولا يلقي إليك بكلمات الحب والمودة، ولا يظهر إعجابه بك ولا بما تقومين به، وهنا عليك أن تنظري لمرآة نفسك أولا ثم مرآة أخرى أمامك تعكس صورتك، حدقي بشكلك وبمظهرك، وتأملي نفسك جيدًا واسأليها: هل ما زلت كما عرفني زوجي أيام الخطوبة وأيام الزواج الأولى، وهل ما زلت أتصرف معه كما كنت سابقا؟
فنصيحتي لك أن تجندي نفسك لتكوني أولا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقك، ولتحسني إدارة شؤون بيتك بالشكل الذي يفرض احترام زوجك وتقديره لما تقدمينه وما تنجزينه وما تبدعين فيه...
بيتك مملكتك الصغيرة وأنت بلقيس وحدك بداخلها، فكوني حاكمة حازمة وملتزمة وحكيمة ولست فقط ملكة متوجة أوسلطانة على عرشك بل أنت سلطانة بقوة وصدق كلمتك وبالتزامك بواجباتك، وبقوة شخصيتك، وبإتقانك لوظيفتك، وبحرصك الدائم على الحفاظ على أناقتك لأنها دليل جمالك، وعنوان بهائك، ولا تنسى أن ديننا حث على ذلك، وأمر بحسن تبعلك لزوجك، وأن من صفات الزوجة الصالحة أن تكون من خير متاع الدنيا، وكما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟: المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته)
أما موضوع تحكم زوجك براتبك، فهذه ضريبة تدفعينها مقابل عملك وعدم قرارك داخل بيتك وتفرغك لزوجك، ضريبة تدفعها كل زوجة تعمل خارج البيت، لأن زوجها اختارها موظفة من البداية ولم يختر أن تكون ربة بيت بهدف أن تساعده ماديا وتصرف وتنفق على هذا البيت، وتكون شريكة معه في كل شيء.
فحاولي أن تتقبلي هذا الواقع إذا كنت مصرة على الاستمرار في العمل، أو أن تقبلي بالتخلي عن الوظيفة، لأجل رعاية بيتك وتسليم مقاليد الإدارة المالية لزوجك فقط، فإن كان هذا الأمر يشق عليك، أوأن ظروفكما المادية ضعيفة لا تسمح بالتخلي عن راتب وظيفتك، فهنا لا بأس لو تساعدين زوجك باختيارك ورضاك لا رغما عنك، وأن تشعري بأن ماله هو مالك ومالك هو ماله لا فرق بينكما ما دمتما تتعاملان بالمعروف وبما يرضي الله، وأن ما يربط بينكما هو رباط المودة والرحمة، وليس الطمع وحب الدنيا، وأن هذا المال إنما تنفقانه مشاركة لصالحكما ولراحتكما ولصالح استقرار بيتكما، وليس بغاية الطمع والاستغلال المادي لأي طرف منكما، ولا أن يكون زوجك يجبرك ويلزمك بأن تتحملي بدلا عنه مسؤوليات النفقة على البيت وإدارة شؤونه المالية، لأن القوامة بيد الرجل لا المرأة وعليه فواجبات النفقة على الزوج لا الزوجة، فحاولي أن تسددي وتقاربي وتتنازلي بالمعروف، دون أن تظلمي نفسك أو تهضمي حقك، أو تفرطي في حقوقك المشروعة.. لأن الله كرمك كمرأة مسلمة بما وضعه فيك من خصائص المرأة المسلمة التي لا تطمح لأن تتساوى مع الرجل ندا لند..
وإجمالا أنصحك بأن تسعي للنجاح داخل بيتك ومع زوجك فتحسني إدارة حياتك ماديا ومعنويا بعدل وإنصاف، وأن تعرفي كيف تحتوى زوجك فى معظم الظروف، وفي كل الأوقات، فلا تظهري أمامه بمظهر الضعف والفشل والتذمر والشقاء، لأن الزوج يحب أن تكون زوجته سندا لظهره وراحة لنفسه، وأمانا له في سره وعلنه.
أسأل الله العلي القدير أن يسعدكما معا وأن يوفقك لإدارة بيتك على طاعة الله ورضاه، ويجمع بينكما بالمودة والرحمة، ويؤلف بين قلبيكما.