حارث الأزدي: صراع الإرادات قادم بعد الانتخابات العراقية.. الإساءة لأبي بكر بالون اختبار.. وهؤلاء ينتمون لأمة أخرى..التزوير سيحصل
21 ربيع الأول 1431
سارة علي

مع بدء الانتخابات العراقية في السابع من شهر مارس المقبل بين ترقب وحذر لما ستؤول إليه نتائج هذه الانتخابات وكيف ستكون مشاركة وإقبال الشارع العراقي في الداخل وعراقيو الخارج وسط أجواء مشحونة بعد استبعاد الكثير من أسماء المرشحين بضغوط إيرانية واضحة وكبيرة مع تصاعد واضح لأجواء العنف والطائفية البغيضة أمام تخوف كبير من أبناء العراق إلى عودة الجثث في الشوارع المجهولة الهوية مع تصاعد عمليات التصفية بكواتم الصوت، فكيف ستكون أجواء للحرية والديمقراطية في ظل هذه الظروف، هذه وغيرها كانت محاور أسئلتنا التي توجه بها موقع المسلم إلى الأستاذ حارث الازدي ( رئيس تحرير صحيفة البصائر العراقية ) فكان هذا الحوار.

 

مع بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية وعدم السماح للكثير من المرشحين في المشاركة في هذه الانتخابات هل تتوقعون انسحاب بعض الكتل أم انصياعها لما يسمى هيئة المسالة والعدالة ؟
بداية نقول إن الانتخابات مرسومة وموزعة الحصص أمريكيا وأنها لن تأتي بجديد وأن الحراك الحاصل بالتدافع بين القوائم ضمن الحدود المسموح بها احتلاليا في مسرح العملية السياسية في ظل الاحتلال، وان الإقصاء والتهميش والاجتثاث أمر مبيت أصلا قبل الدخول إلى الاستعدادات الانتخابية لأن المرحلة القادمة ستشهد إعادة ترتيب للمعادلة الاحتلالية بما يضمن ولاء من سيصعد إلى دفة السلطة أمريكيا أكثر من كونه ولاء إيرانيا فلم يعد بالإمكان التوفيق بين ازدواجية الولاء، أما مسالة الانسحاب من الانتخابات بالنسبة للكتل المنخرطة في العملية السياسية في ظل الاحتلال فلا أراه واردا وان صدرت تهديدات وتلويحات بذلك فهي من قبيل الاستهلاك الإعلامي ليس إلا.
إن عصا ما يسمى هيئة المساءلة والعدالة تريد سوق هؤلاء لما تريده هذه الكتل، وإن رضاها بمثابة ورقة الإذن بالدخول لهذه الانتخابات بما يتوافق عليه من أدرجت أسماؤهم بقوائم الاجتثاث مع من اجتثهم على صفقات التقاسم وتعريف الحدود لما يسمونه اللعبة السياسية.

 

إذا كان التدخل الإيراني واضح وقبيل ابتداء الانتخابات فكيف سيكون الحال بعد ظهور النتائج، أم ترون أن النتائج جاهزة ؟
التدخل الإيراني واضح منذ أيام الاحتلال الأولى والى يومنا هذا، وإيران تلعب دورا تمدديا لمصالحها برضا الاحتلال نفسه بل إن دعمها للمليشيات كان بدافع تقويض الجهد المقاوم للاحتلال خدمة له مقابل السماح لها بالتمدد في الداخل العراقي، لكن الأمور لم تستمر على منوال ما رسمه المحتل وإيران وإنما وصل بهم الأمر إلى نقطة الافتراق والتدافع والتناحر بل وحتى المكاسرة بين العصا الأمريكية والعصي الإيرانية التي وحدتها الطروحات الطائفية، وهي في أصل نشأتها مختلفة يضرب بعضها بعضا، أن ما يجري اليوم على ارض العراق من تدافع وتناحر لمن كان متناغما فيما سبق هو صراع إرادات لفرض الأجندات واستغلال النفوذ لحماية مكتسبات كل طرف على حساب الطرف الآخر، وستشهد الساحة العراقية بعيد الانتخابات صراعا كبيرا بين هاتين الأجندتين الأمريكية والإيرانية ومن المؤسف القول إن فاتورة الدم سيدفعها أبناء العراق، بل إن بوادر هذه الفتنة قد بدأت تلوح في الشارع العراقي بالجثث المجهولة الهوية برجوعها الصارخ على ارض الواقع وبأسلوب جديد هذه المرة باستخدام سلاح كاتم للصوت لتكون معالم الجريمة في هذه المرحلة صامتة ليتسم الصراع بالخفية من دون شوشرة إعلامية، إلا أن الجهد المقاوم للمحتل ميدانيا وسياسيا لم يأل جهدا في توضيح خفايا مخططاتهم وفضحها على رؤوس الأشهاد.

 

التصريحات التي تنم عن حقد دفين تجاه أبناء المذهب السني وخليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وتكرر الأمر قبيل الانتخابات السابقة. واليوم يعود الأعرجي ليتهجم على سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه)، ألا ترى أن الانتخابات في العراق ما هي ألا تكريس لطائفية ذلك الطائفي ولغيره القادمين من تلك الحدود (إيران) وزرع ذلك في نفوس أبناء الشعب العراقي بحجة الانتخابات؟
هذا السؤال بودي أن لا أجيب عليه كي لا أعطي لهذا المتقول اهتماما، ولكن من أجل الإيضاح لقراء موقعكم المبارك أقول: إن الطائفية والتقسيم والفتنة والتشرذم هي العمود الفقري الذي ابتنيت عليه العملية السياسية في ظل الاحتلال، وإن معادلة بقائهم على رأس سلطة مؤتمرة بإمرة الاحتلال يكون مستأمنا ببقاء الشحن الطائفي ولذلك نجد في كل فترة فاصلة ينتدبون من يؤجج الصراع الطائفي، إن التصريحات الصارخة بادعاء المظلومية ومحاولة رفع الظلم المتوهم بالأذهان نتيجة الشحنات الطائفية للاستزادة من الشقاق الطائفي بما يؤمن التفاف الناس حولهم وتجديد بقائهم وقطعا هذا يكون برسم المخططات كما تريدها إيران فصناعة الأعداء الوهميين والتخويف من المجهول وادعاء التمثيل ولا نستبعد الدعم الاحتلالي المتمثل بالسكوت المنصوص عليه بين المتناغمين يؤدي إلى بقاء مثل هذه النكرات على المسرح السياسي.

 

سيسعى الطائفيون دائما للشحن الطائفي بما يمثله لهم من ديمومة البقاء واستدامة الاستمرار لمشروع الاحتلال الذي يؤمن لهم التحرك من بين ثنايا هذا المشروع لتأمين التحرك الولائي للتمدد الإيراني.
إن من تنكر للأمة الإسلامية منذ نشأتها فإنه لاشك منتم إلى أمة أخرى غير التي يتهمها بظلمه منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، وإن تصريحات الأعرجي ما هي إلا مجس استشعار لمشاعر الأمة ونبضها وحياتها لاحتساب ردة الفعل فإن كانت قوية لا يقوون على صدها تراجعوا وتنكروا لهذه التصريحات، وإن كانت ردة الفعل غير ذلك فإنها ستكون منهجا جديدا سافرا بالعداء والاستعداء والإفصاح عن دواخلهم لفتن أخرى على جدول مخططاتهم.

 

هل تتوقعون أن السيناريو الذي حدث في الانتخابات السابقة وحصول عمليات التزوير في النتائج والصهاريج الداخلة من إيران والمحملة بالقوائم الانتخابية هل سيتكرر الأمر، أم سيكون عكس ذلك؟
إن عمليات التزوير أمر مفروغ منه في مثل هذه الانتخابات التي تجري على مقاسات المحتل مع السماح لمقصات تمددية إقليمية تعمل في تقطيع أوصال البلاد، لكن الصهاريج التي نقلت القوائم الانتخابية المزورة في الانتخابات السابقة ستنقل هذه المرة ناخبين مزورين؛ لأن مكتسبات العملية السياسية أمنت لهم طباعة ما يزيد عن سبعة ملايين ورقة انتخاب إضافية، ستستخدم للتزوير فلا حاجة لطباعة أوراق الانتخابات خارج حدود العراق.

 

إن سيناريو الانتخابات القادمة ينص على استقدام مصوتين من خارج الحدود وتكبير صورة الدخول لمراكز الاقتراع لتصوير الانتخابات بأنها مليونية الإقبال، لاسيما بعد العزوف الكبير من الناخبين الحقيقيين على تسجيل أسمائهم بعد أن حاول الناخبون في تغيير الوجوه الاحتلالية في الانتخابات المحلية بداية العام الماضي لكن من دون جدوى؛ لذلك وجد الناخبون أن أفضل طريق لمواجهة هؤلاء بعدم الاشتراك في انتخاباتهم ما دامت النتائج موزعة سلفا كما صرح بها المشاركون في هذه العملية، فضلا عن أنها مخالفة لكل القوانين الدولية المنصوص عليها، فلا انتخابات حرة تجري في بلد محتل. وإن من أولويات الانتخابات تحقيق السيادة المفقودة أصلا بوجود الاحتلال وبالتمدد الإقليمي الواضح للعيان.

 

هل سيشهد الواقع السياسي العراقي ظهور وجوه جديدة نسخة لمن سبقهم يحملون نفس التوجه أم أن هناك جهات وتكتلات أخرى ستفرض وجودها؟
الجواب على هذا السؤال بشقين، الشق الأول إن الانتخابات لن تأتي بجديد لأن الانتخابات قائمة على أساس من مخططات المحتل وأنها لا تعني من قريب أو بعيد لأبناء العراق إلا بقدر استخدامهم كمادة لها.
أما الشق الثاني فإن مطالعة للكتل وما ضمته من شخوص وشخصيات هي ذاتها التي تلاعبت بأقدار العراق وكبلته باتفاقية الإذعان، ورهنت ثروته النفطية بصفقات التراخيص النفطية، ولم تتحقق أي من الوعود الانتخابية التي دجل بها هؤلاء على مدى سنوات العملية السياسية في ظل الاحتلال، وستسعى إدارة الاحتلال في المرحلة القادمة، ومن باب لوازم التسويق إلى تطعيم هذه العملية بشخوص جديدة لإضفاء صبغة تجديدية وهمية، ولكن أي تجديد على الساحة لن تجد له أثرا على ارض الواقع.

 

موقف المقاومة والجهات المعارضة لتلك الانتخابات هل ستهدد بمجابهة تلك الانتخابات أم يكون لها موقف مغاير لذلك؟
موقف المقاومة والقوى المناهضة للاحتلال وليست المعارضة واضح؛ فإن أي مشروع في ظل الاحتلال ليس مشروعا ولا يمتلك مشروعية، وقد أصدرت فصائل المقاومة من باب تأكيد الموقف بيانات واضحة وصريحة برفضها العملية السياسية ومقدماتها الانتخابية وما ذاك إلا أن هذه العملية الجارية تحت حراب المحتلين لا تمتلك شرعية ولا مشروعية مهما حاول مروجو مشروع الاحتلال، أما وصف المعارضة فيعني أن العملية السياسية لها شرعية ومشروعية وأن هناك خلافا تطبيقيا على ذلك فهي تلتزم جانب المعارضة مع اعترافها بمجريات العملية السياسية الجارية تحت رعاية المحتل.

 

إن قوى المقاومة ومعها الجهد السياسي المناهض لمشاريع الاحتلال حسمت أمرها فيما يخص الانتخابات وما يخرج عنها فهي تعد اعترافها أو مشاركتها بهذه الانتخابات من باب إضفاء الشرعية على أمر احتلالي يرفضه أبناء العراق فمن ثوابتها أن لا تشترك بأي عملية سياسية في ظل الاحتلال وينصب عملها السياسي على مناهضة الاحتلال وعملائه بكل الوسائل التي كفلتها لها الشريعة وحتى القانون الوضعي .

 

كيف تتوقعون أن يكون إقبال الناخب العراقي في الداخل وهل سنشهد إقبالا للمهجرين في الخارج؟
إقبال الناخب بعد الفشل الذريع في الأداء، وبعد انكشاف فساد وعوار هذه الأدوات ومشاريعها لن يكون كما كانوا يحلمون؛ فالناخب العراقي اليوم لن يخدع مرة أخرى، إذ انكشف الغطاء عن سوءات طروحاتهم ومشاريعهم، وليس أدل على عزوف الناخب من محاولات دنيئة مارسها بعض المرشحين باستجداء أصوات الناخبين بأغطية تعمي بصيرة من يقبلها عن فساد هؤلاء بل وصل ببعضهم الحال بتقديم الأحذية مقابل وعود الناخبين بالتصويت لهم، أية عملية انتخابية هذه التي تجري تحت رعاية الاحتلال ولا تزال الشخوص ذاتها التي استقدمها المحتل أو جاءت معه متسترة بغبار الدبابة الاحتلالية أو من تعاون معه من القوى في الداخل العراقي التي كانت تتربص بالعراق لتقتنص هذه الفرصة باعتبارها غنيمة، كل هذا سيجعل الناخب يراجع نفسه أكثر من مرة قبل قراره بالذهاب للإدلاء بصوته، إضافة لذلك فإن مجمل إفادات الشارع العراقي تبرهن على أن الصورة التي ستأتي بها الانتخابات محكومة بالإطار الأمريكي وإن تخللتها بعض ألوان إيران. وأن دور الناخب سيكون منحصرا بوصفه ديكور لهذه العملية المسخ لا أكثر.

 

أما مسألة المتاجرة بالمهجرين داخل البلاد وخارجها، فإنها لا تقل إجراما عن الخداع الذي يمارسونه لمن هو في الداخل، فموضوع المهجرين مشكلة يراد لها أن تكون مادة للتسويق الانتخابي، وأنهم بغالبيتهم كما تفيد الاستطلاعات معرضون عن المشاركة بالتصويت، لاسيما وأن حالهم الذي لا يسر صديقا صار مادة إعلامية مهمة في مفاصل هذا المشروع الاحتلالي؛ فلم يذكر أي برنامج انتخابي مشروع حل لمعاناة هؤلاء، وبالتالي لن يكون هناك إقبال من المهجرين على هذه الانتخابات إلا بمقدار بعض الجاليات المستفيدة من شخوص هذه العملية السياسية الاحتلالية وسيتم تضخيم الصورة لإغراض انتخابية صرفة.

 

فضائح استخدام المال العام في العملية الانتخابية، وفضائح شراء الأصوات، هل يعني ذلك أن البعض من أبناء الشعب العراقي لا ينتبه لأهمية الصوت الانتخابي أم أن السبب هو استشراء الفساد في كل المجالات؟
ربما تكون إجابة السؤال السابق تخللتها بعض ما يجيب عن هذا السؤال من ناحية شراء الذمم والأصوات، ولكن فضائح استخدام المال العام أزكمت الأنوف، وهي أوضح من أن يشار إليها؛ فما تسرب من أخبار بعض الحملات الانتخابية أن منها ما يكلف أكثر من مائة مليون دولار وهذا المبلغ صرف في حملة الرئيس الأمريكي أوباما، ومعلوم أن بلدا مثل أمريكا يبلغ عدد نفوسه أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة وصرف له مثل هذا المبلغ لكن بأية معادلة يمكن فهم المائة مليون دولار لبلد مزقه الفساد والفاسدون ولا يبلغ عدد نفوسه غير ثلاثين مليونا!! من خلال هذه الأموال تعرف مدى الارتباط وحجم المشاريع المطروحة على الساحة العراقية وهي بالتأكيد ليس في مصلحة العراق.

 

أما مسألة الانتباه وعدمه لأهمية الصوت الانتخابي فأتصور أن الناخب العراقي اليوم نفض يده من هؤلاء، ولكن بعض الناخبين تقبلوا هذه الرشى من باب عبثية المواقف والتصرف غير المسئول، وتسويغ ذلك بأن هذا جزء من حقهم الذي اغتصبه هؤلاء المرشحين، ولكن الحق أن هذه الأموال سحت حرام على من يعطيها ومن يأخذها ومن يسعى لتقديمها للناس من أجل خداعهم أو شراء ذممهم، وأن التسول الانتخابي الذي يسلكونه ما هو إلا مظهر من مظاهر بطلان انتخابهم.

 

مستقبل العراق لما بعد الانتخابات هل سيكون بيد الأحزاب العلمانية أم سيكون للأحزاب الطائفية المسماة بالدينية؟
الذي يجري في تقديري من حراك وتدافع بين مجموعة الأحزاب المنخرطة في العملية السياسية في ظل الاحتلال في الصفحة الاحتلالية القادمة بتصوير الصراع يدور بين أحزاب تدعي أنها دينية التوجه وبين أحزاب علمانية، لكن لو وضعنا خطا تحت كلمة دينية وعلمانية وناقشناه بكل موضوعية هل هي أحزاب دينية حقا في طروحاتها وبرامجها وأين نلمس هذه الطروحات على أرض الواقع لوجدنا أن مفهوم الديني قد اقتصر عند هؤلاء على الاستقطاب الطائفي لأغراض انتخابية في أضيق صورها؛ فالمهم عندهم بقاؤهم على رأس سلطة وضعهم عليها الاحتلال، أما العلمانيون المشاركون لهم فهم مجموعة من الشخصيات ارتضت أن تكون في خدمة المحتل الغاصب؛ فالمراقب الحصيف لا يجد فرقا بين صعود هؤلاء أو أولئك فالكل مؤتمر بإمرة المحتل.

 

هذه المرحلة التي رأى فيها المحتل أن يغير من بنود معادلته بعد أن لعب على مدى السنوات الماضية على وتر الطائفية، وأدخل العراق في أتون حرب أهلية أكلت من أرواح العراقيين الكثير، ورملت من نساء العراق الكثيرات، وخلفت جيشا من الأيتام الذين يعانون اليوم ويلات الاحتلال بلا معين.

 

من هنا أقول إن الرغبة الأمريكية للدخول في الصفحة الجديدة بأسلوب جديد قديم بالأدوات نفسها التي تعاملت معها ولدت تصدعا في الفسطاط السياسي العامل مع الاحتلال وشطرته إلى مجموعتين، الأولى "دينية" وتحديدا تلك التي تنتظم وترتبط بمصالح إيران والتي أثبتت الدلائل والأحداث على استخدامهم من قبل إيران، والثانية علمانية استغلت مآسي سنوات الشحن الطائفي الذي آذى العراقيين لتطرح نفسها بديلا عن هؤلاء؛ فالأمر لأبناء العراق واحد وإن تبدلت الغلبة من وجه لآخر؛ فالكل بالتالي مرتبط بأجندة الاحتلال.

 

تصريحات بعض المسئولين في عراق اليوم إذا ما تم الإبقاء على بعض الأسماء المستبعدة فإنه سيتم المطالبة بالاستقلال الذاتي وأقصد تصريحات شلتاغ محافظ البصرة، هل أن ذلك تمهيدا لتقسيم العراق بعد الانتخابات؟

 

بالطبع إن ما يمارس اليوم على ساحة الأحداث العراقية يأخذ جانب التدافع الحقيقي، فالتهديد حقيقي كما إن القرارات المتخذة في مثل هذه الفترة تعد مفصلية لأنها تمثل لهم الوجود والعدم فلذلك تجدهم يدافعون عن مكتسبات العمل السياسي في ظل الاحتلال؛ فتصريحات شلتاغ محافظ البصرة وتصريحات وتطبيقات محافظ بغداد كلها تؤدي الغرض نفسه؛ فهم يخوضون حرب التدافع والصعود إلى السلطة وإن سكوت الاحتلال على مثل هذه الممارسات والتطبيقات يدل دلالة واضحة على أن هؤلاء على دراية تامة بالمخطط الأمريكي وخطة بايدن نائب الرئيس الأمريكي بالتحديد؛ فالإبقاء على المشاكل عالقة والتهديدات قائمة يخدم مشروع الاحتلال وان ذهب ضحية ذلك بعض الشخوص الذين انخرطوا في العملية السياسية تحت رعاية المحتل، لكن ليس بالضرورة أن يعقب التقسيم الانتخابات ولكن تحرص إدارة الاحتلال على إبقاء التهديد قائم من أجل الاحتفاظ بخيوط اللعبة.

 

إذن نخلص إلى القول بأن التهديدات بالتقسيم ما هي إلا حلقة من حلقات المشروع الاحتلالي، وأن دعوات الانفصال لا كما أشرتم في بداية السؤال على أنه استقلال لأن الاستقلال يعني وجود ظرف طارئ لابد من تجاوزه سواء بالطرق الدبلوماسية أو بالمقاومة كما تفعل كل الدول التي تتعرض للاحتلال، إن هذه الدعوات الانفصالية متناغمة مع طروحات المشروع الأمريكي وتتناغم مع تطلعات التمدد الإيراني، فالمعركة الانتخابية احتلالية الأبعاد وإقليمية التوجهات.

 

هل ستقف أمريكا موقف المتفرج من تلاعب إيران بالنتائج والتدخل السافر في العملية الانتخابية منذ البداية أم أنها ستتقاسم المصالح مع إيران؟
قطعا إن أمريكا اليوم في موقف حرج جدا بعد هذه الترليونات التي أكلتها الحرب في العراق، وأثبتت الأحداث أنها لم تجن منها غير الفشل والتراجع، ويقابل ذلك تمدد إيراني، ولكن نظرة متفحصة لما جرى خلال سنوات الاحتلال السبعة يتضح أن هناك تناغما في اللعب بين أدوار اللاعب الاحتلالي واللاعب الإقليمي، وأن ما جرى في أفغانستان وما يجري في العراق يدل بشكل صريح وواضح على هذا التفاهم، لكن هذا لا يمنع من طموحات كل طرف على حساب طرف آخر؛ فالطرف الرئيس له رؤية في تقسيم الأدوار، والطرف الإقليمي له طموح أكبر من حقيقته؛ فلذلك نجد التدافع قائما ليس على أساس الإقصاء والانفراد وإنما على سبيل تقليم الأظافر ووضع محددات تلتزم بها أطراف هذه اللعبة؛ فلعبة تقاسم المصالح بين إيران وأمريكا واضح منذ أيام الاحتلال الأولى، فإيران أول من اعترف بما يسمى مجلس الحكم ودعمت العملية السياسية في ظل احتلال فهي تستخدم الازدواجية في التعامل بإظهار العداء لأمريكا وتدعم احتلال العراق بالاعتراف بشخوصه، وهي كذلك فعلت عندما دعمت المليشيات الطائفية لتقليل الضغط المقاوم للاحتلال ونتيجة لذلك تكون نتيجة هذه الخدمات تمدد إيراني برضا أمريكي، ولكي تكون الصورة واضحة وجلية أمام من يتابع الشأن العراقي نقول إن أمريكا تسعى إلى فرض رؤيتها عبر مجموعتها لمقابلة مجموعة الولاء المزدوج الإيراني والأمريكي، وستفرز الانتخابات القادمة حكومة يكون شكلها أمريكيا بطعم إيراني أو تكون إيرانية الولاء بوجود أمريكي.
ويمكن القول بأن التصور الأمريكي للقادم من الأيام إنشاء حكومة ائتلاف تتوزع فيها القوى بما لا يتيح لأي قوة التفرد بالسلطة لتتمكن الإدارة الأمريكية من إدارة الملف بما يتناسب مع رؤاها.

 

ماذا بعد الانتخابات؟ أقصد هل هناك بصيص من أمل في أن تكون هذه الانتخابات بوابة لحل مشاكل العراق؟

في تقديري أن الانتخابات لن تأتي بجديد، وأن المرحلة القادمة أخطر على أبناء العراق من أي فترة مضت؛ فاللعب اليوم بدا مكشوفا بواجهات معروفة، وإن أبرز معالم المشهد العراقي فيما يخص فسطاط العمل السياسي في ظل الاحتلال هو التشتت والتفرقة. أما عن كون الانتخابات تمثل بصيص أمل فهذا أمر بعيد عن الحقيقة، وهو محض خيال لمن لا يعرف حقيقة المشروع الأمريكي، فالاحتلال يسعى إلى تثبيت مشاكل مستدامة تربط العراق به وإيران تريد التمدد وفرض رؤيتها وسيطرتها على المنطقة بعد العراق، وبناء على ذلك فإن المشاكل في طريقها إلى التبلور والتثبيت أكثر من كونها في طريقها إلى الحل؛ فالحل الحقيقي هو برحيل المحتل فهو المشكلة الأساس لأبناء العراق وستنتهي بقية المشاكل الثانوية بعد رحيله.

 

بقي أن أقول إن مجمل الحديث دار في الأسئلة السابقة عن فسطاط العمل السياسي المتماشي مع الاحتلال والمروج لمشروعه أما فسطاط العمل السياسي المناهض للمحتل الذي اتخذ ثوابته من أبناء العراق فإنه يرفض مشروع الاحتلال وما نتج عنه، ويمكن إجمال جهده بمثلث العمل المناهض للاحتلال الذي تكاملت أضلاعه بالجهد الميداني والجهد السياسي والداعم لهما وهو الجهد الإعلامي.

 

ولا يفوتني أن أتوجه لموقع المسلم بالشكر الجزيل والامتنان لاهتمامه بقضايا الأمة ومنها قضية العراق إدارة ومنتسبين وأدعو الله لكم بالتوفيق والسداد في عملكم وفقكم الله.