22 رجب 1431

السؤال

أنا متزوجة منذ 5 سنوات واكتشفت أن زوجي من النوع الذي لا يحب الحركة أي أنه يكتفي بعمله الصباحي ثم يأتي إلى البيت وينام حتى 8 م ثم لا شيء..
هذه هي يومياتي.. أنا جامعية لم أجد عملاً، ولم يرزقني الله بعد أطفالاً بسبب مشكلة عند زوجي، إنني أموت كل يوم من الفراغ ماذا أفعل.. هل أتركه؟

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة: مشكلتك مشكلة الكثير من النساء، خاصة من درسن بالجامعات، وكانت عندهن أحلامهن الخاصة، فهناك من تحلم ان تتابع دراستها وتصير عندها وظيفة واستقلال مادي، وهناك من تحلم أن تتزوج برجل فيه مواصفات معينة وهكذا، وعندما تتغير طبيعة الحياة، أو نمط العيش، أو تفقد الأمل في تحقيق أحلامها، يبدأ يتسلل الملل واليأس والإحباط، فما الحل إذا؟
أولا: تعودي أختي الكريمة على هذا التغيير الذي طرأ على حياتك، واستقبليه بنفس راضية، حتى تقدري على أن تغيري حياتك للأفضل، لا تنظري لحياتك الحالية بعين السخط، ولا بنفس محبطة ومهمومة، فمثل هذا الإحساس هو الذي يقتلك، وهو الذي يدمر الخلايا النشطة داخل جهازك النفسي، وليس طبيعة حياتك الحالية، ولا طبيعة ومزاج زوجك.
ثانيا: زوجك له طبع يحب الراحة والهدوء والاسترخاء بعد العمل، هذه أشياء تسعده، ولكن تضايقك لأن من أحلامك ربما أن تجدي زوجا يشاركك الحديث، يخرج ويتنزه معك، أو ترغبين أن تقومي معه بأنشطة وهوايات ممتعة، كل هذا من حقك، ولكن لا يمكن أن تطلبي من زوج أن يتغير هكذا ويتخلص من عاداته، وأنت لم تقدمي له ما يحفزه على التغيير، أو ما يشعره بسعادة في أشياء مختلفة عما تعود على ممارسته، وهنا أسألك سؤالا مهما: هل فكرت في التخطيط لحياتك لتكون على مستوى يسعد زوجك ويسعدك؟ هل خططت لأنشطة تمارسينها داخل بيتك أو خارجه بمشورة مع زوجك؟ وهل تقدمين لزوجك ما يحتاجه منك وما يرغب فيه، ليشعر بأن حياته تستحق أن يعيش كل لحظة فيها بحيوية ونشاط؟
ثالثا: أنت جامعية ومثقفة وناضجة، لم تجدي عملا مناسبا لك حاليا، ليس مشكلة، لعل اختيار الله لك مثل هذه الحياة أفضل لك من النصب والتعب خارج البيت، ولعل الله حماك من كثير من الفتن تتعرض لها النرأة خارج البيت، وأغناك من فضله عن كل ذلك بحياة طيبة كريمة عفيفة مصونة بقرارك في بيتك، فأهِّلي نفسك لتكوني زوجة عندها من المقومات الجمالية التي لا أقصد بها مظهرك فقط ولكن جوهرك كذلك، حتى تملكي كسب مودة زوجك، واحترامه وتقديره وإعزازه لك، وحينها سيحقق ما ترغبين به بسهولة ويسرا.
رابعا: من أراد النجاح في عمله أو مع الناس أو في مشاريع أو مع الأسرة وداخل الحياة الزوجية.. يحتاج إلى أن يسعى لذلك، لأن النجاح ليس له قدمان يتحركان اتجاه الشخص إنما نحن من نصنع النجاح، ومن نتحرك بأقدامنا في الطريق الصحيح لتحقيقه، وأنا متأكدة أن كل ما تحتاجينه لتنجحي في حياتك هو أن تقوي عزيمتك وهمتك وإيمانك فقط
خامسا: من سوء التدبير ومن القرارات الخاطئة والسريعة، أن تضعي فكرة الطلاق أو الانفصال عن الزوج في أول قائمة الحلول، في حين ينبغي أن تضعي هذه الفكرة في المرتبة الأخيرة من القائمة، بعد أن تعدمي كل الحلول، وتستنفدي كل طاقاتك، وتفشل كل محاولاتك، وتستحيل حياتك، وتفقدي كل بارقة أمل، أو أن يتحول حبك واحترامك لزوجك لكره واحتقار... هنا يكون الطلاق رحمة وخلاصا، وفي حالتك أختي الكريمة لا أرى الطلاق حلا لمشكلتك، خاصة وأنك لم تشتكي من هذا الزوج لسوء معاملته، أو لضعف في دينه، أو لسوء خلقه، أو لفساد طبعه، أو لعجزه المادي أو المعنوي، كلما تشتكينه منه قلة نشاطه وحركته، وهذا حله في أن تساعدينه على أن يتغير، وتقفي بجانبه لا خلفه حتى يشعر بوجودك معه في كل اللحظات، ولا تكوني أنانية بل وازني بين تحقيق رغباتك وبين تحقيق رغباته، وتنازلي له من جانبك قبل أن تطلبي أن يتنازل لك من جانبه، وليكن تنازلك تنازل المحسنين، فيه كرم حاتمي، لأن جزاء العبد الكريم والمحسن من عند رب العالمين يوفى له ألأجر بغير حساب.
وختاما أنت صاحبة رسالة أسرية كما كنت صاحبة رسالة جامعية، إنجحي في أن توظفي دراستك وثقافتك وتخصصك داخل بيتك ومع زوجك، واملئي فراغك بأنشطة مختلفة ومفيدة لنفسك ولبيتك، وفكري كيف تصنعي من بيتك خلية نحل، فلو عجزت داخل بيتك أن تحققي التغيير، أو أن تختاري أهدافك، وتجاهدي لتحقيقها، فتلأكدي أنك لن تنجحي خارجا، حتى لو أتتك فرصة العمل، فكيف ستديرين هذا العمل عندما تواجهك مشاكل أو صعوبات، تذكري دائما أن التغيير يبدأ من الداخل مصداقا لقول الحق سبحانه:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وفي آية أخرى يقول سبحانه:(ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، يعني الأصل والجوهر في الحل يبدأ من صلاح النفس، واستقامتها على الحق، وسعيها للتغيير من الداخل حتى ينعكس آثاره على حال الخارج والظاهر، فللباطن نورا كلما أشرق أضاء بنوره صفحات الوجه، فيتحول كدر العيش إلى سعاد وسرور، فابدئي بمراجعة هذه النفس وتوثيق علاقتك بالله، حتى تشعري بالسكينة والراحة والأمان، وتمتلكي الطاقة التي تحتاجينها للصبر وللتحمل وللمجاهدة
فهذه المشاعر هبة يتفضل بها الله على عبيده وأوليائه ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
أسأل الله العلي القدير أن ييسر لك سبل النجاح والتوفيق في حياتك الزوجية، وأن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يعينك على التغيير والمجاهدة في حياتك الخاصة والعامة.