13 شعبان 1431

السؤال

السلام عليكم:
أنا والحمد لله فتاة أعرف حدود الله متزوجة منذ 7 أشهر تعرفت عليه عن طريق التليفون بوساطة خالته وانبهرت بكلماته، ولكن المشكلة تعود منذ كتب الكتاب، لم يعجبني كثيراً مظهره لكني وافقت، المفاجأة التي لم أتوقعها أنه كان يكذب في كل شيء، طلبت منه الطلاق بعد 3 شهور، كان الناس وأمي تحديداً تقول سوف يتغير. دخلت في دوامة من المشاكل النفسية لا حدود لها, كان يأتي عندنا ويحاول أن يقنعني أنه زوجي ويحق له أن يمارس معي حق الزوج لكني رفضت، حاول أن يقنعني أن يمارس معي من الخلف رفضت وحاول إقناعي بكل وسيلة لكنني رفضت، ثم تزوجنا وأرغمني وأتاني وفعل ما رغب به، ذهبت لبيت أبي وطلبت منه الطلاق.. أنا الآن أكرهه أكثر من أي شيء وهو لا يود تطليقي...
المتألمة

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أختي السائلة الكريمة: أشكرك على ثقتك بالموقع، وعلى صراحتك في التعبير عن معاناتك.
ولا أحب أن تشعري بهذا الإحساس الأليم بالفشل أو الضعف أو الانهزام في مواجهة مشكلتك، بل أنت بحاجة إلى حكمة وعقل يخطط باتزان وهدوء ليصل إلى الحل المناسب والوجيه، وأنا بدوري سأقدم لك بعض النصائح والإرشادات عساها تساندك وتضع لك معالم مضيئة في طريقك، ولكنني قبل هذا أحب أن أنبهك لأخطاء وقعت فيها من غير أن تقصدي ذلك وهي كالتالي:
أولا معرفتك بخطيبك تمت بطريقة غير سليمة، لأن التعرف على الرجل الذي سيشاركك حياتك وسيكون يوما أبا لأولادك لا يتم في شهر وعبر وسيلة الهاتف، ولهذا كانت النتائج التي وصلت إليها، والارتسامات التي وضعتها حول شخص هذا الرجل الذي تقدم لخطبتك هي انبهارك وإعجابك بفكره وتصرفه الراقي معك، ثم بعد أن قابلته وحصل التواصل بينك وبينه مباشرة وعلى الرغم من أنه لم لم يعجبك كثيرا في مظهره وافقت على الزواج به، لان عاطفتك كانت مهيأة لقبوله كزوج، لأنك ارتبطت به قبل أن تحصل الرؤية والمقابلة الشرعية بشروطها وضوابطها التي حددها لنا ديننا الإسلامي، ولهذا كانت عندك خلفية جميلة وإيجابية لم تقدري أن تتحرري منها بعد تواصل شهر بينكما، وعلى أساس هذه الخلفية لم تكتشفي الصورة والشخصية الحقيقية لهذا الزوج، إلا بعد تعاملك معه مباشرة، وتواصلك معه كزوجة لا كخطيبة، في حين كان يجُدر بك أن تمنحي نفسك مدة زمنية كافية تختبري فيها موقفه، كما كان الواجب عليك أن تسألي عنه وعن سيرته وأحواله وتتحري عنه من من خلال المقربين منه، وفي محيط عمله وعن طريق جيرانه والثقات من أقاربه، كما كان عليك أن تستشيري من يتقدمك سنا وتجربة وعلما في مساعدتك، فينظر في أمره ويجلس معه ويحدثه ويختبره، ولو تكرر ذلك في فترات مختلفة ومناسبات شتى.
ولأن هذا لم يتحقق بهذه الصورة في حالتك، كانت المفاجأة والصدمة لديك بعد عقد قرانك بزوجك، فاكتشفت فيه عيوبا خُلقية، لم تكوني تتوقعين اتصافه بها، ومنها الكذب والخداع، والأسوأ من ذلك أنه لم يراع حرمة بيت أهلك، فكان يتردد لزيارتك عندهم ليمارس ما ادعى أنه حقه سرا، حتى قبل أن تنتقلي لبيت الزوجية، كما كانت صدمتك الثانية حين تكتشفين ممارسته لعادات شاذة ومحرمة، وهي رغبته بإتيان الزوجة من الخلف وهذا محرم شرعا، بل هي كبيرة عظيمة من الكبائر، ففي صحيح الجامع وفي رواية لأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن من فعل هذا فقال: (ملعون من أتى امرأة في دبرها)، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد). ونحن نعلم بأن هذا مما تأباه الفطر السليمة، ولهذا أبيت أنت بنفسك أن توافقي زوجك على هذا الفعل الحرام، ولكنه حاول أن يخدعك ويوهمك بأنه فعل حلال، وهنا لي وقفة فأقول إن كان فعله بالوصف الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم فهو حرام، فلا يجوز لك أن توافقيه عليه أو تسترضيه أو تبريه فيه، إلا في حالة ما إذا كان فعله بالوصف الذي أحله النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر أنه يجوز للزوج أن يأتي زوجته كيف شاء ما دام في موضع الولد، مصداقا لقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: من الآية223].
وهنا من حقه عليك أن ترضيه ولك في ذلك أجر وتحصين وعفاف لزوجك.
أنت الآن ترغبين بالطلاق منه لكرهك ونفورك منه، كما ترغبين بحل لمشكلتك ومعرفة حكم الشرع فيما ذكرته وحكيته، وهنا أنصحك بأن تتريثي وأن لا تستعجلي قرار الطلاق كما استعجلت سالفا قرار الزواج، امنحي نفسك وامنحيه فترة زمنية كافية ليتغير، وساعديه بدورك في أن يتغير وأن يتخلص من كثير من تصرفاته المحرمة، ساعديه في أن يصحح مساره، وأن يعود لفطرته السليمة، حاولي أن تكسبي زوجا جديدا بالحب لا بالكره، ولتكن عندك هذه الرغبة الأكيدة أن تنقذي إنسانا مسلما اخترته زوجا لك بدون أن يغصبك أحد على هذا الاختيار، ولأجل أن تكسبي فيه ثوابا وتغنمي معه أجورا مضاعفات، وأن تكملي مشوار حياتك معه بهدف طلب بالحلال وطاعة الله ورضاه، لتدخلا معا الجنة، فلعل الله ان يهديه بك فلا تيئسي وتقنطي، وتأكدي بأنك لن تخسري لو حاولت مرة ثانية وثالثة..، تحدثي معه بعلم لا بجهل، واعرضي عليه فتاوى العلماء الكبار والثقات في المسألة، وقدمي له الحجج والبراهين من أدلة ونصوص الشرع، فلعل تصرفه وفعله قائم على جهل بالدين وبحكم الشرع في المسألة، هذا لو كان حقا فعله على الوجه المحرم، وجاهدي على أن ترديه إلى الطريق المستقيم وترشديه بالعلم وبالحق وبالموعظة الحسنة، وبحكمتك البالغة وبعقلك الرزين،.. وكوني معه مثال الزوجة الصالحة الصابرة على زوجها في السراء والضراء، المساندة لزوجها في كل حالاته خيرها وشرها، وأنت في صبرك ومجاهدتك تأكدي بأنك تحصدين ثمارا طيبة، وتزرعين غراسا طيبة، ستجدينها أشجارا باسقات في الجنة.
فإن فشلت كل محاولاتك، ويئست من توبته وهدايته، وفشلت كل مساعيك الطيبة، أو وجدت على أن استمرارك معه يرغمك على فعل الحرام، وعلى ما يغضب الله تعالى، أو كرهت عشرته ونفرت من حياتك معه، وعفت وجودك بجانبه، هنا يكون الطلاق حلا أسلم وأرجح وأوجب، بل منجاة من النار.
أسأل الله تعالى أن يهدي زوجك ويرده للحق ردا جميلا، وأن يجمع بينكما بالحلال، يرزقنا جميعا الفقه في دينه والوقوف عند حدوده وتعظيم حرماته إنه سميع مجيب.