توني بلير وجني الأرباح من وراء الحرب على العراق
4 ربيع الأول 1431
سارة الشمري

تصريحات رنانة كان يطلقها توني بلير وشركاؤه الأمريكان بأنهم لا يطمعون بنفط العراق، وأن النفط لم يكن هو السبب في الحرب على العراق وإنما أسلحة الدمار الشامل؛ فلا زلنا نتذكر تصريحات جورج بوش وتوني بلير بأن النفط لم يكن على الإطلاق جزءاً من قرار الذهاب للحرب وأن نفط العراق وموارده الطبيعية الأخرى هي «ميراث شعب العراق، الذي ينبغي استخدامه فقط لمصلحتهم»، وأن سبب الحرب هو (أكذوبة) امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وأنه يشكل خطر على سلام المنطقة والعالم.

 

والعالم أدرك وقتها حقيقة هذه الأكذوبة التي بدأت تنكشف يوما بعد آخر مع وجود الأدلة على أن وراء احتلال العراق دوافع ومغريات كثيرة منها النفط العراقي الذي سال له لعاب المحتلين، فالعراق هو المصدر الأساس للنفط الذي لا غنى عنه. فالبلد يمتلك 115 مليار برميل من احتياطي النفط ثاني أكبر احتياطي عالمي. ويتوقع الخبراء أن يكون المخزون الحقيقي للنفط في العراق أكبر من ذلك بكثير؛ فمنطقة الصحراء الغربية للعراق المحاذية للمملكة العربية السعودية و الأردن ما زال التنقيب عن النفط لم يصل إليها بعد، وحسب تقديرات المعهد الفرنسي للنفط ؛ فإن الأحواض الرسوبية لهذا الشريط يمكن أن تحتوي لوحدها على 200 مليار برميل من النفط الخام. وهناك معلومات متداولة لدى الأميركيين تتحدث عن أن المخزون العراقي من النفط يبلغ 400 مليار برميل؛ فالآبار العراقية لم يتم استثمار إلا القليل منها، ورغم اكتشاف 73 حقلا حتى الآن؛ فإن 24 حقلا فقط هي التي تنتج فعلا.

 

الشركات النفطية رغم الوضع الأمني الهش في العراق هرعت إلى العراق للفوز بالعقود النفطية والاستحواذ على الآبار العراقية كشركة إكسون موبيل الأميركية وهي من الشركات الأكبر في العالم، وشركة«توتال» الفرنسية، وشركة "ت.ن.ك.ب.ب." البريطانية-الروسية، وشركة النفط الوطنية الصينية، وشركة«بتروناس» الماليزية، وشركة «لوك أويل»البروسية، فالكثير من هذه الشركات جعلت من توني بلير وسيطا لها للحصول على عقود نفطية لمصلحتها في مقابل عمولة تدفع لتوني بلير نظير عمله هذا ووفقا لذلك زادت أرصدة بلير كما تقول بذلك صحيفة (ميل أون صندي) ووصلت إلى ثروة قُدّرت بنحو 14 مليون جنيه استرليني منذ استقالته من منصبه في يونيو 2007، هذا المبلغ الهائل أثار شكوك الكثير من البريطانيين ولذا تخضع هذه الثروة إلى التدقيق في الأشهر الأخيرة
فاليوم رئيس الوزراء البريطاني السابق يتقاضى مليون جنيه استرليني سنوياً بصفته مستشاراً للشركات النفطية لمهامه في تسهيل الفوز بتطوير حقل الزبير النفطي في محافظة البصرة جنوب العراق لصالح شركات نفطية تروم استثمار الحقول النفطية في العراق، وما ساعده في ذلك هو قانون الاستثمار في العراق والذي قامت شركات النفط الغربية على صياغة مشروع هذا القانون الذي بموجبه اكتسبت دورا قوياً في السيطرة على احتياطيات العراق النفطية الضخمة.

 

صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية نشرت تقريرا ذكرت فيه أن صندوق "مبادلة" الاستثماري الذي يعمل توني بلير فيه كمستشار براتب ضخم، هذا الصندوق دخل في ائتلاف "كونسورتيوم" مع شركات نفط غربية، ويضم ائتلاف "كونسورسيوم" سينوبك الصينية واوكسيدنتال الاميركية وكوغاز الكورية الجنوبية، وقد فازت هذه المجموعة بقيادة شركة "ايني" الايطالية بعقد تطوير حقل الزبير مقابل رفع الإنتاج من 195 ألف برميل يومياً إلى 1.13 مليون برميل بحلول العام 2016.
روث تانر الذي يرأس منظمة دولية ضد الحرب والفقر قال في تصريح له لصحيفة صاندي تايمز بقوله :بدلا من أن يحاسب بلير على أفعاله في احتلال العراق، صار ينتفع على حساب الشعب العراقي.

 

صندوق" مبادلة " الذي يعمل بلير معه رفض التعليق على اتهام بلير بالاستفادة من النفط العراقي والعمل مع الشركات النفطية بالقول : نحن نبحث دائما عن فرص في الخارج ونتعامل مع الأشخاص الذين يمتلكون خبرة في مجال النفط والغاز.
والسؤال هل يمتلك بلير خبرة في مجال الاستثمار للغاز والنفط أم أن ذلك في مقابل تسهيل عمل تلك الشركات في احتكار النفط العراقي ومقابل لما قدمه بلير من خدمات للمحتل الأمريكي في سبيل احتلال العراق وخلق الأكاذيب لأجل تمرير قرارات الاحتلال ؟؟
ولعل هذه المبالغ التي حصل عليها بلير من تعاونه مع هذه الشركات ليست الوحيدة بل أن هناك مبالغ أخرى يحصل عليها بلير من عمله مع شركات أخرى وكان آخرها ما كشفت عنه صحيفة "ميل أون صندي"؛ فقد كشفت أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير تلقى نحو 90 ألف جنيه استرليني لزيارة شركة لإنتاج الميثانول في أذربيجان التي يملكها ثري أذري اسمه نظامي بيرييف ويبلغ من العمر 51 عاماً وقد أدار قسما من شركة (غاز بروم)أي شركة النفط الروسية، ثم أسس بعد ذلك شركته التي حصلت على عقود في سوريا وأذربيجان وإيران، وقد أشارت صحيفة ميل أون صندي إلى أن بلير "ألقى كلمة بعد حضوره مراسم التوقيع على قرض بين "إي زد ميكو" والبنك الأوروبي للأعمار والتنمية، أشاد فيها بخطط بيرييف لبناء مصنع جديد للميثانول.

 

ونسبت الصحيفة إلى شركة "إي زد ميكو" قولها إنها "تأمل أن يستمر بلير في الترويج لمصالحها حين يلقي كلمات في مختلف أنحاء العالم"، مشيرة إلى أن متحدثاً باسم مكتب بلير نفى أن تكون لرئيس الوزراء البريطاني السابق أية مصالح تجارية مع شركة "إي زد ميكو".
وتفند الأموال التي يحصل عليها بلير حيال هذه "الخدمة الشكلية" مزاعمه المصرة دائما على أن احتلال العراق لم يكن له علاقة إطلاقا بالثروة النفطية.
واتهم بلير بدعم مصالح شركات النفط الغربية مع غزو العراق عام 2003 ، ألا انه نفى هذه الاتهامات واصفاً إياها بـ "نظرية المؤامرة" واقترح أن توضع عائدات النفط العراقي في صندوق يدار من قبل الأمم المتحدة.
وبعد سنوات من غزو العراق خضع توني بلير لتقديم شهادته إلى لجنة التحقيق بشأن حرب العراق, خاصة وأنه قد أشار في بيانه أمام مجلس العموم (البرلمان) البريطاني في سبتمبر 2002، والذي أعلن فيه قبل ستة أشهر من اندلاع الحرب أن صدام حسين كان يطوّر أسلحة دمار شامل.

 

وقد أشارت صحيفة «ديلي ميل» إلى أن ظهور رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أمام لجنة التحقيق بشأن حرب العراق، كلّف دافعي الضرائب البريطانيين 250 ألف جنيه استرليني لتغطية فاتورة حمايته الأمنية.
وقالت الصحيفة إن آلاف المتظاهرين المناهضين للحرب تظاهروا في الشوارع المحيطة بمكان التحقيق وسط لندن احتجاجاً على قرار بلير المشاركة في غزو العراق عام 2003. وأضافت أن الشرطة البريطانية وضعت حواجز على الطرق وأقامت مناطق محظورة على المارة، ونشرت عناصر مسلحة وفرق مراقبة على أسطح العمارات القريبة من مركز الملكة إليزابيث الثانية للمؤتمرات في منطقة وستمنستر وسط لندن.

 

إن تكاليف هذه العمليات الأمنية تكلفت ما بين 150 ألف جنيه استرليني إلى ربع مليون جنيه استرليني اعتماداً على عدد الأشخاص الذين تظاهروا أثناء إدلاء بلير بشهادته أمام اللجنة المكونة من خمسة أعضاء برئاسة جون تشيلكوت بشأن قيامه بتضليل البرلمان حول أسباب إشراكه بريطانيا في غزو العراق في العام 2003.

 

ووصل الطلب على مشاهدة بلير أمام المحققين إلى درجة أجراء قرعة على تخصيص المقاعد العامة حيث خصصت ثلث الأماكن المتوفرة وعددها 60 مقعدا لعائلات الجنود الذين قتلوا في هذه الحرب.
وكان جون تشيلكوت الموظف البريطاني السابق الذي يترأس التحقيق قد قال حينها "هناك اهتمام كبير من جانب الجمهور الذي يريد أن يعرف كيفية الحصول على مقعد في هذه الجلسة على وجه الخصوص".
سننتظر بشغف ما ستصل إليه لجنة التحقيقات من الخفايا والحقائق من وراء الحرب على العراق وما حصده بلير من مكاسب شخصية من جراء ذلك وما لحق بالشعب البريطاني من خسائر من جراء مشاركته في الحرب على العراق.