10 صفر 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ لدي مشكلة أرجو أن تساعدوني على حلها.
ومشكلتى باختصار أنه: قبل 3 سنوات تحرش خال ابنتي (20 سنة)، (اخو زوجتى)، جنسيًا بابنتي، البالغة من العمر آنداك 8 سنوات، وكرر ذلك عدة مرات، ولخوف البنت لم تخبرنا إلا بعد المرة الخامسة!
أبلغت والده ووالدته وإخوته وأخواته بما جرى، واعترف هو أمامهم بما فعل، وطلبوا مني مسامحته، وعدم إبلاغ الشرطة، لكنهم لم يعاقبوه على ما فعل؛ ولو بكلمة توبيخ، مما اضطرني لأن أمتنع عن زيارتهم، وأمنع أبنائي عن زيارتهم، لكنني لم أمنع زوجتى عن الزيارة حتى لا أقطع رحمها، إلا أنها لا ترغب في زيارتهم منفردة، وتصر على اصطحاب أبنائها؛ لكنني أرفض.
فهل بهذا العمل أكون قد عصيت الله (عز وجل)، من حيث لا أعلم؟؛ وما هو الحل المناسب لهذه المشكلة؟، مع العلم بأن زوجتي لم تسامح أخاها على ما فعل بابنتها، وأنا لا أستطيع أن أراه بعيني، أو حتى أسمع اسمه؟.. أفيدونا؛ جزاكم الله خير الجزاء؟

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
لك كل الحق – أخي الحبيب- أن تغضب كل الغضب من هذا الشخص المريض، الذي لم يتق الله في طفلة لم تتجاوز الثامنة من عمرها، فضلا عن كونها من محارمه المؤبدات؛ فهو خالها، ولا يجوز له شرعًا الزواج منها، لأنها محرمة عليه، وبدلا من أن يكون أحرص الناس وأكثرهم محافظة على عرضها، فإذا به ينهشها دون أن يلقي بالا لشرع أو عرف أو خلق، فبئس الخال هو!
وعتابي عليكم (أنت وزوجك)؛ أنكم غفلتم لخمس مرات كاملة عن ابنتكم، وانشغلتم عنها، حتى تمكن هذا الشخص من التحرش بها، كل هذه المرات، وعتابي أيضًا عليكما أنكما لم تحذرا ابنتكما من مثل هذه الأمور، وتفهمانها ولو كانت صغيرة، أنها أنثى وأنه لا يجوز لأحد كائنًا من كان أن يلامس جسدها أو يرى عوراتها، عدا أمها، وتنبهانها إلى عدم الخوف إن حاول أحد ان يتحرش بها، وان عليها أن تصده وأن تسارع بإبلاغ أمها أو أبيها على الفور، وألا تخاف من تهديده أو تصمت لترغيبه، هذا ما تنقص أسرنا العربية والمسلمة، لا بد أن تقوم الأم بدور المثقف الجنسي لابنتها، فتنبهها وتحذرها وتصاحبها، وتطلب منها ألا تخفي عليها سرًا مهما كان أمره.
فلا شك أن آفة الأسر في جميع الدول العربية؛ هي الخجل من تعليم الأبناء والبنات الثقافة الجنسية في مرحلة مبكرة من عمرهم، بحجج واهية، تعدتها السنون، وتخطتها الدول والشعوب، ونقبل أن يتعلم أبناؤنا هذه الثقافة على يد زملائهم وزميلاتهن في المدارس والنوادي، دون أن ندرك حجم الخطر الذي يمكن أن يهددهم، وإن نظرة على نسب التحرش الجنسي وأخباره في كافة الدول العربية لتدق ناقوس الخطر، وإن المتابع لأخبار زنا المحارم في دولنا العربية ليبكي بدل الدموع دمًا على ما صار إليه حال أمة أشرف الخلق وأطهرهم محمد صلى الله عليه وسلم، في ظل انشغال حكوماتنا العربية بأمور أخرى وانشغالهم بها عن الأمن الاجتماعي الذي هو صميم المجتمع.
وأرى أن موقف المقاطعة الذي اتخذته أنت وأولادك لهذا الشخص هو أمر مطلوب، بل إنه أقل الإجراءات الواجب عليك اتخاذها، غير أني استميحك عذرًا أن أخالفك في قرار مقاطعة الأسرة بالكامل، والامتناع عن زيارتهم، ومنع أبنائك من زيارة جدهم وجدتهم، وأنصحك بالآتي:-
1- مقاطعة هذا الشاب المريض، فلا تسمح له بدخول بيتك، ولا الانفراد بأحد من أولادك، طالما بان لك أنه غير مؤتمن.
2- العودة لزيارة أهل زوجتك، لأنهم رحم لزوجك وأولادك، وأخص بالذكر والد ووالدة الزوجة، وأبناؤهم وبناتهم من غير هذا الذئب، والاكتفاء بالسنوات الثلاث التي مضت كرسالة اعتراض على سوء تربية هذا الولد الشاذ، وتعبير منك عن الغضب لما وقع في حقك وحق زوجك وبنتك.
3- الانتباه جيدًا لبناتك، وأبنائك الصغار، والمحافظة عليهم، ومتابعتهم، ومراقبتهم الدائمة، وسؤالهم عما حدث معهم في الشارع وفي المدرسة وفي (الباص) وفي النادي، فلا تغفلا عنهم أبدًَا، فإن الغفلة ذئب مفترس.
4- تعليم الأولاد بنينًا وبنات ما يحل وما يحرم، وما يجوز وما لا يجوز، وما يصح وما لا يصح، من السلوكيات والتصرفات، مع بيان المحارم من غيرهم، وتبيههم إلى اليقظة الدائمة، والحذر من الاحتكاك بالآخرين.
5- نشر الثقافة الجنسية من منظور إسلامي بين أولادنا وبناتنا، وتصيح مفاهيمهم الخاطئة حول الحياة الخاصة والجنسية، وقيام الأمهات بتفهيم البنات كيف تحافظ على بكارتها وطهارتها، وتعلمها معنى العادة الشهرية ومقدماتها وكيف تتعامل معها.
6- برر لأهل زوجتك سبب غضبك ومقاطعتك لزيارة بيتهم طوال هذه المدة، وأنه كان من الصعب عليك أن ترى هذا الشخص بعدما فعل، وأنك تقديرا لهم سامحته ولم تقم بإبلاغ الشرطة، لكنك عتبت عليهم لعدم قيامهم بمعاقبته وتوبيخه وتأنيبه، لكنك لم تقم أبدًا بحرمان زوجتك من زيارة أهلها، ولا يمكنك أن تفعل هذا لمخالفته شرع الله عز وجل، لكنك كنت غاضبًا مما وقع، وان تطيب خاطرهم ابتغاء وجه الله وبرًا بزوجتك.
7- أن تجلس مع زوجتك جلسة خاصة، تبين لها فيها أنك لم تحرمها من زيارة أهلها منفردة، ولكن خوفك على أولادك وبناتك هو الذي دفعك لاتخاذ مثل هذا القرار بالمقاطعة ومنع أولادك من الذهاب لمنزل جدهم تحسبًا لعدم مقابلتهم لهذا الشخص المريض، وأنك لا تمانع من عودة المياه لمجاريها شريطة ألا يذهب أبناؤك او بناتك منفر دين لبيت جدهم، وأن يكونا في صحبتك شخصيًا أو في صحبة أمهم التي وصفتها في رسالتك بقولك (مع العلم بأن زوجتي لم تسامح أخاها على ما فعل بابنتها).
8- أن تشترط على زوجتك أن تقاطع أخاها، هذا الذئب البشري، وألا تسمح له بالجلوس مع الأبناء أو البنات، وأن تتحين الفرصة المناسبة لزيارتهم في غيابه في سفر أو عمل، حتى لا تثير رؤيته تلك الذكرى السيئة التي لن تنساها ذاكرتك ولو بعد حين.
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يقي أمتنا من الفتن؛ ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ بناتنا وبنات المسلمين من الذئاب المتحرشين، وأن ينظف بيوت أمتنا العربية من الأمراض الاجتماعية التي بدات تتفشى مؤخرًا وفي المقدمة منها التحرش الجنسي وزنا المحارم.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.