2 جمادى الثانية 1431

السؤال

توفي زوجي إثر حادث مروري، انقلبت السيارة بنا وكنا في بداية العطلة وكنا نعتزم السفر لبلدنا في الإجازة وكان زوجي رحمه الله حنونا مع أولاده وكان زوجا حنونا رحمه الله كيف أتعامل مع أبنائي؟
الكبرى في ثانوية عامة هادئة وشخصيتها قيادية، الوسطى متمردة وتجيد الكلام كثيرة الأخطاء الشرعية والجدل في أول ثانوي، والولد في ثاني متوسط حنون لكن مستهتر لا يحس بالمسؤولية، الصغرى في بداية المراهقة.
من بعد الحادثة وأنا في الفراش نتيجة كسر في الساق، وتركيب جهاز فيه؛ إلا أنني - ولله الحمد – صابرة، أحاول الآن الحزم معهم بعد مرور فترة كافية من الوقت، وبعد بوادر تحسن في حالتي الصحية.. أخصم من مصروفهم، لا أدري ما الوسائل المعينة في تربيتهم؟ أرجو نصحي.

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

بداية أشكر فيك أيتها الحبيبة صبرك بعد مصيبتك وثباتك بعدها، ورغبتك في إكمال مسيرتك برغم الألم..
ثم دعيني أبشرك بما بشر الله به الصابرين، فصبر جميل، ولك الأجر مضاعفا من رب العالمين، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: من الآية155]، وقال تعالى: [إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: من الآية10].
أما بالنسبة لتحملك لمسؤولية تربية أولادك، وكيف تتعاملين معهم بعد وفاة والدهم رحمه الله، فهذه مهمة ليست بالسهلة ولا الهينة، خاصة وأن لكل واحد من أبنائك شخصية مستقلة وطبع مختلف، فلا تستطيعين أن تعامليهم كلهم بنفس الطريقة ولا أن تحاوريهم بنفس اللغة والمنطق، وعليه فنصيحتي لك هي أن تتبعي مجموعة من الخطوات:
الخطوة الأولى: حاولي خلال هذه الفترة أن تقتربي من أولادك أكثر من السابق، أحبيهم أكثر واجعليهم يرتبطون بك أكثر، ويشعرون بحبك ورعايتك واهتمامك بشؤونهم وبمصالحهم.
أشعريهم بأنك امرأة مسؤولة وأُم جديرة باحترامهم وتقديرهم، من خلال قوة شخصيتك، وصرامتك التي في محلها ورفقك الذي هو في محله..
أنت الآن اختلف وضعك عن السابق، صرت تتحملين مسؤولية الأم والأب معا، وهذا يحتاج منك بذل مجهود مضاعف، وصبر وتحد، لأجل أن تنتجي جيلاً طيب الأعراق تفخرين به.
أما عن الخطوة الثانية: فاجعلي أولادك يتحملون معك الإحساس بالمسؤولية عن اختياراتهم وقراراتهم، ينظمون معك شئون البيت ويديرون مسئولياته المختلفة بالتزام وأدب واحترام لكل فرد داخل هذه الأسرة ويفكرون في كل خطوة يخطونها وكل موقف يمرون به.
ثالثا: قربي المسافات بينهم ليحبوا بعضهم ويتحمل كل واحد منهم مسؤولية نفسه ومسؤوليته عن أخيه وأخته.
رابعا: رسخي بداخلهم عقيدة الإيمان، وقيم الأخلاق والفضيلة من خلال الصورة التي تقدمين بها نفسك إليهم..
أنت القدوة الآن لهم في كلمتك وفي تصرفك وفي قرارك، بل وفي اختيارك وفي كل شيء يصدر عنك..
أنت الآن المرآة التي يرون فيها كل شيء، فجاهدي على أن تكوني مرآة صادقة وصافية، حتى ما يلتقطوا صورة مشوهة يقلدونها.
خامسا: عوديهم على نشاطات واهتمامات تشغل تفكيرهم وتشحذ همتهم، وتعظم طموحهم، وتقوي عزيمتهم، وتشغل أوقاتهم بالنافع والصالح من المهارات والأعمال.
سادسا: اجعلي من بيتك خلية نحل، لا تكل ولا تمل من العمل، وهي تدر العسل.
سابعا: حافظي على صحتك وقوتك وعزيمتك وصبرك لأجل أن تصنعي بيتا لا تهده الرياح العابرة، ولا العواصف المارة..
تأكدي أنك ستنجحين لو صدقتِ مع الله وأخلصتِ النية، واعتبرتِ نفسك تتحملين رسالة هي من أشرف الرسالات، رسالة الأم المربية الصالحة.
وفقك الله لتربية أولادك التربية الصالحة، وجعلهم خير خلف لخير سلف.